سايمون تيسدال- "الغارديان
فكرة أن حرب العراق قد انتهت فكرة جذابة لكنها مضللة بشكل كبير.
فباراك أوباما، الذي زار الجنود في ولاية فورت براغ، سينثر التراب على تابوت المعركة التي لم يدعمها أبدا.
جنود الولايات المتحدة الذين بقوا سيعودون إلى الديار في العيد المجيد، شاكرين بأنهم لم يُعادوا محمولين إلى جانب 4500 ونيف قتيل أميركي.
مضى وقت طويل على رحيل القوات البريطانية وغيرها من قوات التحالف - أو بالأحرى استسلامها. وفقا للحقائق، فإن الشاهد الذي يشير إلى هذا الحظ السيئ الكارثي سيكتب عليه في حينها: "العراق، 2003 - 2011. أرقد في سلام".
لكن فيما يتنفس الأميركيون الصعداء، يكون الواقع العراقي مختلفا بشكل جذري. في بغداد، والبصرة، في الرمادي والموصل، وفي طهران، والرياض، ودمشق، وتل أبيب، وسوف يصبح العمل غير المنجز بعد، والكثير منه خطير جدا ويعود تاريخه إلى حقبة صدام حسين، بؤرة الاهتمام بشكل واضح عندما تبدأ جماعات من الجنود الأميركيين المنسحبين بالاختفاء.
إن انسحاب الولايات المتحدة، في الوقت الذي يرحب به بشكل كبير، هو أمر يزعزع الاستقرار بشكل خاص. فهو ليس النهاية، إنه أكثر من خروج الإمبراطورية البريطانية من مستعمراتها الأفريقية. بدلا من ذلك، فهي تشير إلى بداية، أو شرارة، لمرحلة مقبلة من الصراع. ويدرك حكام إيران هذه الحقيقة التاريخية جيدا. وهم ينظرون إلى الأمور منذ ذلك الوقت، كما يعتقد العديد من المحللين الإقليميين، أن طهران، وليس واشنطن، من "ربحت" الحرب في العراق.
تظهر نقاط الاشتعال ما بعد الاحتلال بما في ذلك الانقسام السياسي المزمن والضعف الاقتصادي في بغداد، والقدرات المشكوك فيها لإعادة العراق بناء الجيش وقوات الشرطة وسط التهديدات الأمنية المستمرة، والهيمنة الشيعية الجديدة وإرتفاع حدة التوترات مع السنة المهيمنين في السابق، والإعلان الكردستاني الفعلي أحادي الجانب بالاستقلال، والنزاعات الصعبة على الأراضي والنفط وعائدات الغاز، والعودة المحتملة للقاعدة في بلاد الرافدين. كل تلك القضايا كانت قد أوجدها، أو فاقمها قرار جورج بوش الأبن بالاجتياح. وقد استمر باستغلالها جميعها بشكل وحشي إيران الشيعية، عدو العراق التاريخي والآن هي جارته المرعبة والمتغطرسة.
تمتد المجسات الإيرانية إلى قلب المؤسسة السياسة العراقية، ابتداء من رئيس الوزراء، نوري المالكي، الذي كان في السابق منفي محمي على الأرض الإيرانية ومدافع عن العلاقات الأخوية الحميمة.
وتتمثل المصالح الإيرانية بأمانة في البرلمان بأبتاع الزعيم الشيعي المتشدد مقتدى الصدر، وفي الشوارع بمليشيا جيش المهدي التابع له.
تفكر إيران بتشغيل مئات إن لم يكن آلاف من العاملين داخل العراق، ويمتد من دبلوماسيون حقيقيون إلى جواسيس ومحرضون. مصلحتها، على عكس مصلحة واشنطن، أن تُبقي العراق ضعيفا، ومعتمدا على الأخرين ومُنقاد. والإنجاز الذي تسعى لتحقيقه، بمساعدة كبيرة من الولايات المتحدة، هو إزالة العراق كعائق أو منافس محتمل لاندفاعها نحو منزلة القوة العظمى الإقليمية.
في اجتماعه في البيت الأبيض مع أوباما مؤخرا، أخذ المالكي عهدا على نفسه بإعادة بناء السيادة العراقية وأشار إلى المصلحة من الاستمرار في بيع الأسلحة الأميركية والتعاون العسكري العسكري. وفي تعليقات استهدفت إيران بشكل واضح، قال أن العراق قد يستمر بالسياسة الخارجية "التي لا تتدخل في شؤون الآخرين ولا تسمح للآخرين بالتدخل في شؤونه الخاصة".
لكنه كان المالكي نفسه الذي، وبتشجيع من طهران، من أحبط خطط الولايات المتحدة بالاحتفاظ بالقواعد العسكرية في العراق بعد عام 2011.
وهو المالكي نفسه الذي يقود الآن بلد قواته الأمنية البالغة 700 ألف شخص غير قادرة، وفقا لتقديرات الولايات المتحدة، على الدفاع عنه ضد أعداء خارجيين، بخاصة إيران لكن أيضا تركيا وسوريا الذي لا يمكن التنبؤ بها بشكل متزايد.
الأعمال غير المنجزة لحرب العراق تمتد إلى ما بعد حدودها الوطنية. فالعديد من تقديراتها الخاطئة الكارثية ونتائجها السلبية تستمر تردد صداها حول العالم. فإصرار إدارة بوش الذي لا يعتمد على حقيقة واضحة بأن صدام تآمر مع القاعدة، أو حتى مع هجمات 11 أيلول، قد قوض بشكل خطير كل ما قد تملك "الحرب على الإرهاب" من شرعية. وبإيجاد العراق الخارج عن القانون، سمح بوش للقاعدة بوضع موطئ قدم الذي كان صدام يرفضه دائما.
وكان لادعاءات الولايات المتحدة الزائفة عن أسلحة صدام للدمار الشامل التأثير القاسي ذاته على جهود مكافحة نشر الأسلحة النووية. عندما تشجب واشنطن نشاطات إيران النووية، تستقبل كلماتها بشكوك غير مبررة في العديد من الأوساط.
وتقويض حرب العراق لقضية حقوق الإنسان والعدالة الكونية كان له أيضا تأثير دائم. وكان التعذيب في أبو غريب وإيذاء السجناء قد هشم المصداقية الإميركية في هذا الموضوع، على الأقل لفترة من الزمن. فهو يضع المعيار المزدوج الفظيع الذي شجع معادي الديمقراطية في كل مكان، من فلاديمير بوتن الروسي إلى بشار الأسد السوري.
تستمر حرب العراق، بالإنابة، في مسارح أخرى - على سبيل المثال، بالطريقة التي يعزز فيها حكومات الخليج بقيادة سنية علاقاتهم مع واشنطن يتعارض مع ما يروه بأنه تحالف ناشئ يسيطر عليه الشيعة يطوق العراق، وإيران وسوريا. تستمر الحرب من أجل تركيا، أيضا. كانت أنقرة في العام 2003 رفضت السماح لجنود الولايات المتحدة المجتاحين عبور أراضيها. منذ نقطة التحول تلك، ابتعدت تركيا بنفسها بشكل متزايد عن السياسة الغربية والإسرائيلية، وبشكل وجيه حول إيران وفلسطين.
وكانت القوات التركية تقوم وبشكل معتاد اجتياح شمال العراق لملاحقة المليشيات الكردية. ومع رحيل الأميركيين، قد تتصاعد مثل تلك المواجهات.
كانت حرب العراق التي كلفت 700 مليار دولار، والتي تأتي إلى جانب حرب أفغانستان والأزمة المالية، وعلى نحو حاسم قد نقلت ميزان القوة والأفضلية من الولايات المتحدة إلى الصين. وقامت بصدع الاتحاد الأوروبي، موجدة انقسامات التي أصبحت مواقف دائمة، كما رأينا في الرفض الألماني على النمط العراقي بدعم حملة الناتو على ليبيا. لكن الأكثر إيذاء من هذا كله، ربما، هو أن إرث الحرب اللاذع يستمر في إتلاف الإيمان بديمقراطية الغرب.
عندما أعد كل من بوش وواجهته الثرثارة، توني بلير، لمسألة الحرب، قاما بتصنيع الحقيقة مرارا، وفي بعد الأحيان كذبا بشكل كامل. وبتضليل الثقة العامة، قاما بإيذاء لا حصر له للعرف الديمقراطي الغربي الذي يعد بأنه نموذجا لبقية العالم.
هذا الضرر لم يتم إصلاحه. ولم يتم الاعتراف الكامل بالخطأ. ولم يتم تقديم الاعتذارات. وهذا سبب آخر لماذا لم تنته حرب العراق ولماذا، بالنسبة للأجيال التي تعيش الآن، من الممكن ألا تنته أبدا.
فكرة أن حرب العراق قد انتهت فكرة جذابة لكنها مضللة بشكل كبير.
فباراك أوباما، الذي زار الجنود في ولاية فورت براغ، سينثر التراب على تابوت المعركة التي لم يدعمها أبدا.
جنود الولايات المتحدة الذين بقوا سيعودون إلى الديار في العيد المجيد، شاكرين بأنهم لم يُعادوا محمولين إلى جانب 4500 ونيف قتيل أميركي.
مضى وقت طويل على رحيل القوات البريطانية وغيرها من قوات التحالف - أو بالأحرى استسلامها. وفقا للحقائق، فإن الشاهد الذي يشير إلى هذا الحظ السيئ الكارثي سيكتب عليه في حينها: "العراق، 2003 - 2011. أرقد في سلام".
لكن فيما يتنفس الأميركيون الصعداء، يكون الواقع العراقي مختلفا بشكل جذري. في بغداد، والبصرة، في الرمادي والموصل، وفي طهران، والرياض، ودمشق، وتل أبيب، وسوف يصبح العمل غير المنجز بعد، والكثير منه خطير جدا ويعود تاريخه إلى حقبة صدام حسين، بؤرة الاهتمام بشكل واضح عندما تبدأ جماعات من الجنود الأميركيين المنسحبين بالاختفاء.
إن انسحاب الولايات المتحدة، في الوقت الذي يرحب به بشكل كبير، هو أمر يزعزع الاستقرار بشكل خاص. فهو ليس النهاية، إنه أكثر من خروج الإمبراطورية البريطانية من مستعمراتها الأفريقية. بدلا من ذلك، فهي تشير إلى بداية، أو شرارة، لمرحلة مقبلة من الصراع. ويدرك حكام إيران هذه الحقيقة التاريخية جيدا. وهم ينظرون إلى الأمور منذ ذلك الوقت، كما يعتقد العديد من المحللين الإقليميين، أن طهران، وليس واشنطن، من "ربحت" الحرب في العراق.
تظهر نقاط الاشتعال ما بعد الاحتلال بما في ذلك الانقسام السياسي المزمن والضعف الاقتصادي في بغداد، والقدرات المشكوك فيها لإعادة العراق بناء الجيش وقوات الشرطة وسط التهديدات الأمنية المستمرة، والهيمنة الشيعية الجديدة وإرتفاع حدة التوترات مع السنة المهيمنين في السابق، والإعلان الكردستاني الفعلي أحادي الجانب بالاستقلال، والنزاعات الصعبة على الأراضي والنفط وعائدات الغاز، والعودة المحتملة للقاعدة في بلاد الرافدين. كل تلك القضايا كانت قد أوجدها، أو فاقمها قرار جورج بوش الأبن بالاجتياح. وقد استمر باستغلالها جميعها بشكل وحشي إيران الشيعية، عدو العراق التاريخي والآن هي جارته المرعبة والمتغطرسة.
تمتد المجسات الإيرانية إلى قلب المؤسسة السياسة العراقية، ابتداء من رئيس الوزراء، نوري المالكي، الذي كان في السابق منفي محمي على الأرض الإيرانية ومدافع عن العلاقات الأخوية الحميمة.
وتتمثل المصالح الإيرانية بأمانة في البرلمان بأبتاع الزعيم الشيعي المتشدد مقتدى الصدر، وفي الشوارع بمليشيا جيش المهدي التابع له.
تفكر إيران بتشغيل مئات إن لم يكن آلاف من العاملين داخل العراق، ويمتد من دبلوماسيون حقيقيون إلى جواسيس ومحرضون. مصلحتها، على عكس مصلحة واشنطن، أن تُبقي العراق ضعيفا، ومعتمدا على الأخرين ومُنقاد. والإنجاز الذي تسعى لتحقيقه، بمساعدة كبيرة من الولايات المتحدة، هو إزالة العراق كعائق أو منافس محتمل لاندفاعها نحو منزلة القوة العظمى الإقليمية.
في اجتماعه في البيت الأبيض مع أوباما مؤخرا، أخذ المالكي عهدا على نفسه بإعادة بناء السيادة العراقية وأشار إلى المصلحة من الاستمرار في بيع الأسلحة الأميركية والتعاون العسكري العسكري. وفي تعليقات استهدفت إيران بشكل واضح، قال أن العراق قد يستمر بالسياسة الخارجية "التي لا تتدخل في شؤون الآخرين ولا تسمح للآخرين بالتدخل في شؤونه الخاصة".
لكنه كان المالكي نفسه الذي، وبتشجيع من طهران، من أحبط خطط الولايات المتحدة بالاحتفاظ بالقواعد العسكرية في العراق بعد عام 2011.
وهو المالكي نفسه الذي يقود الآن بلد قواته الأمنية البالغة 700 ألف شخص غير قادرة، وفقا لتقديرات الولايات المتحدة، على الدفاع عنه ضد أعداء خارجيين، بخاصة إيران لكن أيضا تركيا وسوريا الذي لا يمكن التنبؤ بها بشكل متزايد.
الأعمال غير المنجزة لحرب العراق تمتد إلى ما بعد حدودها الوطنية. فالعديد من تقديراتها الخاطئة الكارثية ونتائجها السلبية تستمر تردد صداها حول العالم. فإصرار إدارة بوش الذي لا يعتمد على حقيقة واضحة بأن صدام تآمر مع القاعدة، أو حتى مع هجمات 11 أيلول، قد قوض بشكل خطير كل ما قد تملك "الحرب على الإرهاب" من شرعية. وبإيجاد العراق الخارج عن القانون، سمح بوش للقاعدة بوضع موطئ قدم الذي كان صدام يرفضه دائما.
وكان لادعاءات الولايات المتحدة الزائفة عن أسلحة صدام للدمار الشامل التأثير القاسي ذاته على جهود مكافحة نشر الأسلحة النووية. عندما تشجب واشنطن نشاطات إيران النووية، تستقبل كلماتها بشكوك غير مبررة في العديد من الأوساط.
وتقويض حرب العراق لقضية حقوق الإنسان والعدالة الكونية كان له أيضا تأثير دائم. وكان التعذيب في أبو غريب وإيذاء السجناء قد هشم المصداقية الإميركية في هذا الموضوع، على الأقل لفترة من الزمن. فهو يضع المعيار المزدوج الفظيع الذي شجع معادي الديمقراطية في كل مكان، من فلاديمير بوتن الروسي إلى بشار الأسد السوري.
تستمر حرب العراق، بالإنابة، في مسارح أخرى - على سبيل المثال، بالطريقة التي يعزز فيها حكومات الخليج بقيادة سنية علاقاتهم مع واشنطن يتعارض مع ما يروه بأنه تحالف ناشئ يسيطر عليه الشيعة يطوق العراق، وإيران وسوريا. تستمر الحرب من أجل تركيا، أيضا. كانت أنقرة في العام 2003 رفضت السماح لجنود الولايات المتحدة المجتاحين عبور أراضيها. منذ نقطة التحول تلك، ابتعدت تركيا بنفسها بشكل متزايد عن السياسة الغربية والإسرائيلية، وبشكل وجيه حول إيران وفلسطين.
وكانت القوات التركية تقوم وبشكل معتاد اجتياح شمال العراق لملاحقة المليشيات الكردية. ومع رحيل الأميركيين، قد تتصاعد مثل تلك المواجهات.
كانت حرب العراق التي كلفت 700 مليار دولار، والتي تأتي إلى جانب حرب أفغانستان والأزمة المالية، وعلى نحو حاسم قد نقلت ميزان القوة والأفضلية من الولايات المتحدة إلى الصين. وقامت بصدع الاتحاد الأوروبي، موجدة انقسامات التي أصبحت مواقف دائمة، كما رأينا في الرفض الألماني على النمط العراقي بدعم حملة الناتو على ليبيا. لكن الأكثر إيذاء من هذا كله، ربما، هو أن إرث الحرب اللاذع يستمر في إتلاف الإيمان بديمقراطية الغرب.
عندما أعد كل من بوش وواجهته الثرثارة، توني بلير، لمسألة الحرب، قاما بتصنيع الحقيقة مرارا، وفي بعد الأحيان كذبا بشكل كامل. وبتضليل الثقة العامة، قاما بإيذاء لا حصر له للعرف الديمقراطي الغربي الذي يعد بأنه نموذجا لبقية العالم.
هذا الضرر لم يتم إصلاحه. ولم يتم الاعتراف الكامل بالخطأ. ولم يتم تقديم الاعتذارات. وهذا سبب آخر لماذا لم تنته حرب العراق ولماذا، بالنسبة للأجيال التي تعيش الآن، من الممكن ألا تنته أبدا.
المصدر: منتديات كتاب المقاومة العراقية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق