بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
هل حقاً يريدون حل الأزمة في اليمن!!؟؟
|
شبكة البصرة
|
عبد الواحد هواش*
|
كثيراً ما يُخيلُ للمتابعين للشأن اليمني ومعاناته خلال العامين الماضيين،إن المتولين شأن أزمته من إقليميين ودوليين - وفي مقدمتهم مراكز القوى المتصارعة من أبنائه - يعملون بتناغم مدروس على إدارة الأزمة في اليمن وإدامتها، ولا يعملون على حلها والخروج من ويلاتها المدمرة للحياة في هذا البلد المستباح!؟، ويُجزمُ البعض إن هؤلاء يتعمدون ذلك تكسُباً على قاعدة (مصائبُ قوم عند قوم فوائدُ!!)،فما دامت الأزمات والحروب تُدِرُ أموالاً وميزانيات بالمليارات، تتدفق على ساحاتها وأمرائها ومُشعليها ووسطاؤها ومبعوثيها ورُعاتها من كل حَدَبٍ وصَوب،فليذهب البلد والشعب المسحوق إلى الجحيم!!؟؟.
كثيرةٌ هي الشواهدُ والدلائلُ التي تُثَبتُ مثل هذه الهواجس لدى الناس، ليس أهمها مئات الملايين من الدولارات التي تتدفق من دول أفليمية ودولية على ساحات الاعتصامات وعلى شيوخ الحرب ومراكز قوى الإرهاب، ولا الهبات والمساعدات الدولية التي تصرف لبعض الصحف و(منظمات المجتمع المدني) وبعض أمناء الأحزاب،ولكن أيضاً الميزانيات المهولة التي تُخصص لمكاتب الوسطاء والرعاة والممثلين، والتي لا تبقى كما هو معروف إلا في ظل بقاء الأزمات والحروب وروائح القتلى والموتى جوعاً وكمداً من شعوب وأمم الأرض!؟..)،ً عن عدم الجدية في تنفيذ المبادرة وآليتها التنفيذية المزمنة،والعمل على إدارة الأزمة وليس إيجاد الحلول لها، فقد عايشنا وشهدنا مواقف وتصرفات وحالات يشيب لهولها الرضيع، (أقلها الصمت على أحزاب موقعة على ألاتفاقية ومُشتركة في حكومة الوفاق وهي تجتزئ محافظات بأكملها وتديرها خارج إطار الدولة الشرعية ومؤسساتها،بعد أن استولت على أسلحة ومعسكرات الجيش والأمن فيها!)، ويكفي هنا أن نورد الحالات الخمس التالية فقط لجعل مثل هذه الشكوك مشروعة وواقعية :
الحالة الأولى:
كان مطلبي اعتماد النظام الديمقراطي والتعددية السياسية والحزباسمها، الشروط الأساسية في اتفاقية إعادة تحقيق الوحدة المباركة، وكانت كل قوى التجديد والتحديث التي دفعت الكثير من أرواح مناضليها ومن دمائهم وأعمارهم التي أهدرت في السجون وأقبية التعذيب والمطاردات والتشرد والتغريب، كانت مستبشرة خيراً بهذه النقلة النوعية، التي ستنقل العهد الجمهوري ومسيرة ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين من مرحلة الشمولية وهيمنة مراكز القوى القبلية – العشائرية على مقاليد الحكم، إلى مرحلة الشرعية الدستورية والتعددية الديمقراطية، على طريق إقامة الدولة المدنية المؤسسية دولة النظام والقانون، ولكن وبدلاً من أن تتعظ هذه الأحزاب من تجاربها ومعاناتها المُرًة خلال سني الثورة من عسف قوى التخلف ومراكز النفوذ التقليدية، وتستفيد من المكسب العظيم الذي حققته باعتماد الديمقراطية التعددية الحزبية نظاماً لحكم دولة الوحدة، وبالتالي البحث فيما يجمعها (كقوى تحديث)على قاعدة الحد الممكن لحماية هذا المكسب التاريخي، ووضع حد لحكم القبيلة والشروع في بناء الدولة المدنية الحديثة، ذهبت - للأسف الشديد - تستجرُ ماضي صراعاتها الدموية، وأيقظ قادتها في أنفسهم وأتباعهم من جديد غول الأحقاد الأيديولوجية، التي َنخرت علاقاتهم في الماضي،وانشغلوا في سباقٍ غبي مُفجع على شراء الولاءآت القبلية - التقليدية، والارتداد إلى الدائرة العشائرية - القبلية للاستقواء بمليشياتها على غيرهم من الأحزاب!!؟.. بل وتسليم مراكز القوى العشائرية زمام قيادة أحزابهم والتحدث باسمها، متناسين إنهم بعملٍ كهذا كانوا يغتالون الحاضر والمستقبل، وكانوا يحفرُون قبورهم وقبور أحزابهم بأيديهم.. وفعلاوالعدو.ق هذه الأحزاب وقياداتها بعد هذا الخريف، إلا وهي مسلوبة الإرادة والفعل لصالح أطرٍ هلامية، تقودها مراكز القوى التقليدية، ومحكومة من جديد بناموس وقوة العشيرة وسطوة مليشياتها، ولم تُفِق إلا وقد أضاعت على نفسها وعلى البلد - عن سبق إصرار ومعرفة - فرصة تاريخية لا تعوض لنقل البلد إلى آفاقٍ جديدة متقدمة.. بل وقادت الوطن إلى واقع ألارتهان البخس للأجنبي كما نشهدُ ونلمس!!، ومع الندم الذي نلمسه اليوم من بعض قوى التحديث والتجديد،هل تستطيع أن تلتقط اللحظة وتعيد رسم تحالفاتها بما يجعلها قادرة على فرض مشروعها الوطني الوحدوي المتمثل بالدولة المدنية - دولة النظام والقانون والمؤسسات الدستورية - باعتقادي إن الوقت لا يزال فيه متسع، وإن تصحيح المسار ممكن ومتاح،وإن فعلت فستدخل هذه الأحزاب التاريخ من أوسع أبوابه،وستفرض الحل الذي ستسانده الجماهير وسينصاع له القريب والبعيد.. الصديق والعدو.
الحالة الثانية :
بغض النظر عن دور القوى الإقليمية والدولية في إشعال (الأزمة اليمنية)وعن استمرارها حتى اليوم في دورها المعهود، وعن كل نواياها الحالية والمستقبلية تجاه اليمن، وعن كل مبادراتهم وقراراتهم ولوائحهم ولِجانهم ومندوبيهم ومؤتمراتهم، التي - من فيض حُبهم لليمن - تفضلوا بها عليه،بنية تحويله إلى (واحة ديمقراطية)كما هي لديهم!!؟، تجسيداً للحديث النبوي الشريف القائل (لا يؤمنُ أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه!)، أقول : بغض النظر عن كل ذلك، فإن كل هذا (الهُلُم)بدوله العظمى منها والمجهرية، الديمقراطية منها والقرن أوسطية، وعلى الإمكانيات الكونية المهولة لهذه الدول (مالاً وبترولاً وقوة أمنية واستخباراتية وعسكرية ونفوذ دولي وإقليمي..ألخ)، فإن هذه الدول لم تستطع خلال حولين كاملين وحتى اليوم، من تحديد وتسمية (أطراف الأزمة)التي يزعمون السعي لِحَلًها!!؟، مع العلم إن الموقعين على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المُزَمًنَة معروفين ومُحَددين!!؟، صحيح إن المبادرة وآليتها نصًت على ضرورة أن تتحاور القوى الموقعة على المبادرة مع القوى التي تخلًفت ورفضت التوقيع، لإقناعها بالمشاركة في تنفيذ ما تضمنته المبادرة،ومن ثمً إشراكها في الحوار الوطني العام، لكن هذا النص عنى وقصد تحديداً (القوى الحزبية القائمة التي لم تشارك في التوقيع)، كـ(الحوثيين، ورابطة أبناء اليمن، والحراك الجنوبي السلمي - الذي لا تقوده قيادات وكوادر الحزب الاشتراكي اليمني حتى يحددوا موقف واضح من حزبهم -وغيرهم من الأحزاب التي نشأت حديثاً!!)، وليس مع القيادات العسكرية المنشقة المعروف انتماءها الحزبي، والتي يفترض أن تخضع تسوياتها لرئيس الجمهورية المنتخب وللقانون العسكري وقرارات توحيد القوات المسلحة بعيداً عن طاولة الحوار الحزبي، ولامع منظمات المجتمع المدني التابعة للأحزاب التي تقاسمت دولة (المبادرة)، ولا مع من يسمون بشباب الساحات التابعين أصلاً للأحزاب التي وقعت على المبادرة وآليتها!!، ولامع مراكز القوى العشائرية ومن يسمون أنفسهم (بالمؤتمرات الوطنية)، لأن جميعهم بالأصل منتمين لأحزاب بعينها هي التي كانت تحكم قبل الأزمة، واختلفت وتصارعت على السلطة!!، وهي التي وقعت على المبادرة وآليتها!؟، لذلك يتساءل الكثيرون وبغرابة عن السبب الذي يدفع (بالأوصياء علينا وعلى المبادرة) وفي مقدمتهم (بن عمر والزياني والسفير الأمريكي على وجه الخصوص)، للتحاور مع الحزب الواحد من خلال (خمس نسخ) فأكثر(شباب الحزب وعسكر الحزب ومشايخ الحزب ونساء الحزب ونقابات الحزب.. لا بل وفروعه في المحافظات والنواحي!؟)، ويعدون كل فئة منها بمقاعد على طاولة الحوار!؟، فيما يتجاهلون أحزاباً قائمة معترف بها ولها تاريخها النضالي الطويل والمشهود له،دون أن يلتفتوا إليها أو يعيرونها أي اعتبار!؟، والواقع إن هذا المنحى الخطير والغير مسؤول يُجهض النظام ألتعددي - الحزبي - الذي اخترناه، وسيقود البلاد إلى فراغ حقيقي وفوضى عارمة،وإن عُقد مؤتمرللحوارعلى هذه الشاكلة فسنجد إن (حزبين فقط وربما نصف الحزب) هم الذين سيتحاورون على الطاولة من بين أكثر من ثلاثين حزباً قائماً ومعترفاً به في الساحة!؟، وهكذا سَيُسَلًم البلد برعاية دولية وإقليمية بطبقٍ من ذهب لمراكز القوى التقليدية، وبالتالي لن يرى هذا البلد على المدى المنظور على الأقل الدولة المدنية الديمقراطية التي حلم بها طويلاً.. بما يعني إعادة الأوضاع في اليمن إلى المربع الأول!!والإرهابية،عى لتحقيقه القوى التقليدية والانفصالية والإرهابية، فهل يريد (الأوصياء والرعاة) ذلك!؟.
الحالة الثالثة:
بعد التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية،كان الأمل يحذونا بأن تتفق الأحزاب على تشكيل (حكومة تكنوقراط)،من عناصر مُجْمَع عليها ومعروفة بالعقلانية والاتزان،وبعيدة عن التعصب الحزبي حتى وإن كانت منتمية، حتى لا تنتقل حُمى الصراع الدموي أثناء الأزمة إلى أروقة الوزارات، وحتى لا تلتهي الحكومة في صراعاتها البينية وتنسى مهماتها في تضميد الجراح كحكومة وفاق كما هو حاصل اليوم،فتزيد الجراح عمقاً، والأحقاد تأجيجاً، والفرقة اتساعاً!؟، لكنهم - للأسف - أرادوها (قسمة وتقاسم)كما كانت على الدوام بين ذات الأحزاب التي اصطرعت على السلطة وتسببت بالأزمة!؟، والمضحك - المُبكي هنا، إن هذه الحكومة التي ليس لها من الوفاق إلا اسمها (بشقيها)، تُمارس دور الحكم والمعارضة في نفس الوقت أمام سمع وبصر الرعاة والأوصياء!!، وتصاب بالدهشة والاستغراب -كمراقب- عندما ترى رئيس وأعضاء الحكومة التي ألزمتهم المبادرة التي وقعوا عليها أن تكون باكورة أعمالهم (الاتفاق على برنامج عمل محدد لإخراج البلد من أزمته) والتي من أولى مهامها المُلحة ألتهدئة وتقريب وجهات النظر صوب الوفاق وتجسير العلاقة بين الأحزاب التي وقعت على المبادرة..ألخ، عندما تراهم يحرضون على الثورة ورفض الطرف الآخر (الشريك في الحكومة!؟) والتحريض عليه وإقصاء أعضائه وكوادره من وظائفهم..ألخ!، ومع كل هذا مصممين على مُسمى (حكومة الوفاق وطني!!؟)، والأكثر مرارة تصميم وقول (الأوصياء والرعاة) أنهم على الطريق الصحيح، وليس هناك ما يدعو للنظر بجدية وحزم لمثل هذه الخروقات!!؟؟.
الحالة الرابعة :
المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية نصت على إن مسألة توحيد وهيكلة القوات المسلحة والأمن يتولاها الأخ رئيس الجمهورية المنتخب، والمهمة هنا منوطة به حصراً، وليس هناك أي نصٍ يمنح اللجنة العسكرية المكلفة بمراقبة وفرض الأمن والاستقرار أي دورٍ لها في مهمة (هيكلة القوات المسلحة والأمن)، وقد روعي هذا الأمر في المبادرة لعدة اعتبارات أهمها : إن اللجنة العسكرية التي تقرر تشكيلها لفرض الأمن والاستقرار سيتحتم تشكيلها - كما حدث فعلاً - من أطراف الأزمة حتى يكون كل طرف مسؤول عن التزام جماعته بما يتوصلون إليه، بينما (الهيكلة بحاجة إلى عناصر أكاديمية مستقلة وغير حزبية وربما خبرات غير يمنية)حتى تبعد المؤسستين العسكرية والأمنية عن الولاءآت والإنتماءآت الحزبية والمناطقية والطائفية..ألخ،وعن خطورة نقل النزاعات والصراعات الحزبية إلى أطرها وتشكيلاتها، ولذلك حُصرت مهمة (الهيكلة) برئيس الجمهورية لا غير ومن يراه هو أهل لهذه المهمة، فمن يا تُرى حشر (اللجنة العسكرية لتثبيت الأمن والاستقرار وإنهاء المظاهر المسلحة - وهذه هي مهمتها الوحيدة -) بمسألة الهيكلة!؟،وما الحكمة من ذلك إلا إذا كان الهدف تطويل الأزمة وجر البلد إلى الاقتتال والتشظي!؟..ألأكثر غرابة إننا رأينا هذه اللجنة (ومهمتها فنية ومحصورة بإنهاء المظاهر المسلحة وفرض الأمن)، تتدخل في الأمور السياسية والاقتصادية إلى جانب محاولة فرض وصايتها على وزارتي الدفاع والأمن!!؟، ورأيناها فعلاً تُزاحم رئيس الجمهورية ورئاسة الوزراء ووزارتي الدفاع والداخلية في تقديم الاعتذارات للحكومة الأمريكية وسفارتها،وشجب الهجوم عليها وكأنها مؤسسة سياسية مخولة للتحدث باسم الدولة اليمنية أو القوات المسلحة اليمنية!!؟، مع العلم أنها مجرد لجنة عسكرية فنية تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية، أليس هذا غريباً!؟،والأغرب منه سكوت (الأوصياء والرعاة) على مثل هذه التجاوزات المثيرة للمشاكل!؟.. فهل ما يجري فعلاً يصبُ في مجرى حل الأزمة أم إدارتها لتبقى مصدر تكسب على حساب أمن واستقلال اليمن ووحدته وسلامه الاجتماعي وتقدمه!؟.
الحالة الخامسة:
هي عبارة عن تصريحات وبيانات مضحكة – مبكية لا تتوقف،صادرة عن (اللجنة التنسيقية العليا للحوار الوطني) تُثير الغضب والسخرية وتشعرك في نفس الوقت كم هؤلاء الناس يستغفلون مواطنيهم ولا يضعون أي اعتبار لمشاعرهم ومصالح البلد في أمنه واستقراره وسلامه الاجتماعي للدمار!!، مُلخص تلك التصريحات والبيانات والمناشدات تقول (إن اللجنة تُهيب بكل الأطراف الالتزام بالتهدئة ونشر ثقافة الوئام والتصالح!!!؟؟)، مع العلم إن هذه اللجنة مُشكلة أصلاً من أمناء أحزاب الأزمة ومراكز قواها أو ممثليهم!؟، وبإمكانهم إصدار تعميمات وتوجيهات داخلية ومباشرة لتشكيلاتهم لتكون أوامرهم منفذة خلال ساعات وفي كل أرجاء الجمهورية،- ابتداء من الساحات إلى التحصينات العسكرية في الشوارع، إلى اقتطاع المحافظات والاستيلاء على المعسكرات إلى ضرب الكهرباء وأنابيب النفط والغاز..الخ -، لكنهم أرادوها مجرد مطالبات إعلامية للاستهلاك السياسي في إطار محاولة تلميع أنفسهم وخداع الناس!!؟، أليس هذا مثيراً للاستغراب والاشمئزاز معاً!؟.
7/10/2012م
عمان- الأردن.
*الرفيق عبدالواحد هواش مناضل بعثي يمني وهو نائب امين سر قيادة قطر اليمن للبعث
|
شبكة البصرة
|
الاثنين 22 ذو القعدة 1433 / 8 تشرين الاول 2012
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
الثلاثاء، 9 أكتوبر 2012
عبد الواحد هواش: هل حقاً يريدون حل الأزمة في اليمن!!؟؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق