قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الجمعة، 10 مايو 2013

ربيع الثورة في العراق وسورية وفخ الصدام المذهبي.. بعد تحول هذين البلدين الى مراكز لخطوط دفاع للمد الفارسي في صراعاته الإقليمية.! - تحليل

ربيع الثورة في العراق وسورية وفخ الصدام المذهبي.. بعد تحول هذين البلدين الى مراكز لخطوط دفاع للمد الفارسي في صراعاته الإقليمية.! - تحليل

المرابط العراقي
poster17
لم يكن حراك العراقيين السلمي في الرمادي والموصل والحويجة بمعزل عن باقي حــــراكات الثورات العربية، من حيث طبيعة مطالب الاحتــــجاجات في الحرية، ووضوح سلميتها منذ البداية، حيث أثبتت هذه المطالب المشروعة انها دعوات وطنية ضد الطائفية، واكدت نهج حكومة نوري المالكي في التفرقة المذهبية، وعدم المساواة بين العراقيين، على الرغم من أن الشعب العراقي بكافة أطيافه يرفض الطائفية.
فتجربة العراق تتقارب الى حد كبير مع تجارب اخواتها في الدول المجاورة، حيث تقاسمت دول المنطقة العربية والإسلامية ردود فعل اجتماعية وطبقية ضد الأنظمة الدكتاتورية والقمعية، حيث تحاول الدكتاتوريات المتسلطة على رقاب الشعوب البقاء على كرسي الحكم ومن ثم التحكم في ثروات ومقدرات البلاد.
وقد يكون التشابه في تجربة العراق وسورية من حيث تطابق استراتيجية هذه الأنظمة في التصدي لهذه الثورات، في اعتمادها على مساندة عسكرية وسياسية إقليمية ذات طابع مذهبي كالتي نراها مع إيران، تضمن لها البقاء وكسب الوقت في اطار حلف طائفي يكفل ديمومة الحاكم وحاشيته، وتحت غطاء التشيع والوفاء للعقيدة، وبمسميات تجعل من مناطق وأوطان أمة العرب حدودا جديدة لهلال شيعي يرسم للإمبراطورية الفارسية خارطة واسعة للمناورات الجيوستراتيجية وعلى حساب مصالح ووحدة المجتمعات العربية والإسلامية في العراق وسورية ولبنان.
ومن حقنا أن نسأل عن أسباب هذا التدخل الاقليمي المذهبي ودوره الخطير في كبت ارادة هذه الشعوب الثائرة ضد هذه الأنظمة الدكتاتورية، وبالتالي ما هو دور إيران والدول الإقليمية الأخرى في تغيير مسار الثورات وتجريدها من أهدافها الحقيقية عن طريق خلق صراع شيعي ـ سني هدفه سحب طاقة ثورات الربيع العربي الوطنية ومن ثم جعلها أداة حرب داخلية لتقسيم المجتمعات الواحدة؟

وهنا لابد من التقيد بالموضوعية في شرح الأمور وتفصيلاتها عن طريق مقارنة سريعة في طبيعة بداية مسار الثورة السورية والعراقية، وتشابه طبيعة بدايتهما السلمية. فثورة الشعب السوري والعراقي التي حاولت إيران و'النظامان' في بغداد ودمشق اخمادها وإعطائها صبغة طائفية، هي ثورة سلمية جماهيرية وطنية تطالب بالحرية والعدل والمساواة، ولم يكن لها أي علاقة بالعامل المذهبي شأنها شأن ثورات الربيع العربي الأخرى. وان أول من حاول تجريدها من اصالتها الوطنية هما النظامان السوري والعراقي، عن طريق ربط ما يحدث في العراق وثورة الشعب السوري على انه مؤامرة مذهبية اقليمية تهدف الى تغليب طائفة على أخرى.
وبهذا ومن أجل البقاء في السلطة لم يجد حكام العراق في تفسير وضعهم المذهبي المصطنع في بناء الدولة العراقية، وبما اقترفته أيديهم لاحقا من جرائم وحشية في الأنبار والموصل والحويجة، الا وصف الحراك العراقي' بالطائفي الإقليمي' من أجل ستر عورتهم المذهبية، التي سمحت لهم بحكم البلاد.
وبمعنى آخر فإن حكومة نوري المالكي تـــرى وتقرأ في ثورة العراقيين على إنها امتداد لثورة اقليمية مذهبية سنية هدفها الإطاحة بنظام الأسد ونظام حزب الدعوة وليست ثورة شعبية وطنية ضد الدكتاتورية والفساد ومن أجل الحرية مثلها مثل ثورات الربيع العربي.
وهنا لابد من التذكير ان  نوري المالكي هو أحد أهم الافرازات الطائفية لعراق ما بعد 2003، حيث لم يتم اختياره لهذا المنصب نتيجة لنضاله الوطني، ومقاومته للاحتلال الأمريكي، ورفضه للنفوذ الإيراني، بل بالعكس فقد تم منحه منصب ما يسمى 'برئيس وزراء العراق' انطلاقا من كونه أحد عناصر المحاصصة الطائفية التي قدمها النظام الإيراني لحكم العراق. وهنا لابد من التأكيد على الدور الكبير الذي ساهمت به المذهبية السياسية والولاء لإيران في وصول نوري المالكي لهذا المنصب، الذي اعترف به هو شخصيا في عبارته الشهيرة أنا 'شيعي أولا وعراقي ثانيا'.
وهنا لابد من الإشارة الى الدور المبهم للولايات المتحدة في هذه المعادلة عن طريق وضع نظام طائفي تابع لإيران، بعد تدمير الدولة العراقية في 2003، وإتاحتها للجمهورية الإسلامية للتخلص من الجدار العراقي الفاصل، وبالتالي تأثير إيران على العراق، لتجعل منه مركز اتصال متميز للتقرب من حليفها في سورية ومن حزب الله في لبنان.
من هذا المنظور لم يعد خافيا أن المسؤولية الكبرى في تزايد العنف والتفرقة الطائفية في سورية والعراق تقع على إيران، بعد تحول هذين البلدين الى مراكز لخطوط دفاع للمد الفارسي في صراعاته الإقليمية. ان ما يحدث في العراق وسورية من صراع مذهبي وتنكيل بالآخر هو خارج نطاق الارادة الشعبية المسالمة للشعبين السوري والعراقي. فهي ـ ايران – التي تحرض حكومة نوري المالكي على التفرقة، وهي التي تدفع ببشار الأسد الى الحرب الطائفية، تماشيا مع استراتيجيتها الإقليمية وبغطاء مذهبي يجعل من العرب الشيعة والسنة وقودا لها. فليقتل من يقتل ولكن تبقى الأولوية هي المصلحة القومية لإيران.
من هذا المنطق، قد تنهي تداعيات مجزرة الحويجة على كل ما تبقى من آمال في استمرارية التظاهر السلمي الديمقراطي، وكذلك قد تكون بداية فترة جديدة من أعمال التطرف والانتقام المذهبي، مما قد ينذر بتحول جذري في طبيعة قواعد الثورة العراقية واحتمالات التخندق في حرب اقليمية، وتحت تأثير خارجي وبعبارة أخرى، العمل على إنهاء نفوذ ايران في المنطقة لصالح نفوذ تركيا والدول العربية السنية. وبهذا يكون العراق، كما الحال في سورية، المسرح الثاني من حرب اقليمية دموية بين العراقيين.!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق