قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الأحد، 29 أبريل 2012

توجان فيصل: سجون العالم العربي لا ترقى بسوية ما توفره محاكم دولية عدا ما اخترعه الأردن لإقامة رموز الفساد مكافأة لهم..

توجان فيصل: سجون العالم العربي لا ترقى بسوية ما توفره محاكم دولية عدا ما اخترعه الأردن لإقامة رموز الفساد مكافأة لهم..25/04/2012
ما رواء العقوبة.. العدالة
توجان فيصل /  كاتبة أردنية
لمن لا يعلم، كنت من الداعين الأوائل لتشكيل محكمة جنايات دولية تحاكم الحكام وقادة الفصائل المتقاتلة في العالم كله على جرائمهم.. وحتما لا زلت أؤمن بالمحكمة وأؤيدها وأسعى لتطوير نظامها، ولكن ضرورات تتعلق بذات موضوع "العدالة" توجب وقفة عند تدخلات تلك المحكمة بشأن الحكام الذين يتوالى سقوطهم بفعل ثورات الربيع العربي.

فتدخل تلك المحكمة لحينه لا يمكن قبوله باعتباره تأييدا لعدالة تتساوى فيها فرص الجميع، وتوائم بين الجريمة والعقاب. والمحكمة الدولية أنشأت تحديدا لتمكين الشعوب من الحصول على تلك العدالة، وليس الحكام المتجبرين. ومع ذلك نجدها توقفت في تطبيقاتها عند جزئيات غير مقنعة، كأن تشترط أن ترقى جرائم النظام المعني للإبادة الجماعية، أو أن يكون التعذيب يجري بذات الحجم، رغم وفرة الأدلة على تكرار تلك الجرائم.

والشرط الثاني أن لا يكون قضاء الدولة التي تقترف فيها تلك الجرائم مؤهلا للنظر في الدعاوى المقامة على مرتكبيها بحياد. وهذا الشرط متوفر في كامل العالم العربي، حيث المحاكم العسكرية والاستثنائية تحاكم مدنيين وتصدر أحكاما معدة مسبقا لا تقبل أية دولة تحترم القانون تطبيقها. ومن هنا عدم قبول الدول المتقدمة طلبات تسليم مطلوبين أو حتى محكومين لتلك المحاكم، بل إن مجرمين مدانين في محاكم تلك الدول يجري رفض تسليمهم لدولهم العربية، خوفا من تعرضهم للتعذيب أو لكون ظروف السجن الذي سيقضون فيه عقوباتهم ترقى لتعذيب يومي. وحتى القضاء النظامي (المدني) في الدول العربية طاله فساد وإفساد صريحين يمكن إثباته بسهولة وبوثائق دامغة تثبت سقوط أهليته.

كما اشترط لنظر قضية في محكمة الجنايات الدولية تقدم دولة موقعة على نظام المحكمة بدعوى،أو قرار المدعي العام للمحكمة تحريك دعوى. وفي حين علّقت فرص تقديم دعاوى عدة ضد إسرائيل بزعم أن دولة عربية موقعة لم تتقدم بتلك الدعوى، لم يجر تفعيل دور مدعي عام المحكمة في تحريك أية دعوى على نظام عربي سوى في حالة السودان، وتوقف التلويح بالدعوى ضد البشير عند انفصال جنوب السودان. ولكن مدعي عام المحكمة لويس مورينو أوكامبو، بعد طول مطالبة لليبيا لتسليمها القذافي وأسرته، جاء لليبيا بنفسه للاطمئنان على أن ظروف اعتقال ومحاكمة سيف الإسلام القذافي بسوية ما توفره تلك المحاكم الدولية.
أوكامبو يعرف، بحكم تجربته في وطنه الأرجنتين مع السجون السرية وغير السرية، أن سجون العالم العربي كلها لا ترقى لتلك السوية، باستثناء ما اخترعه الأردن لإقامة رموز الفساد في مكافأة لهم، وفي اقتسام ريع الفساد معهم بدل إقامة فارهة لم يرق لتصورها خيال المواطن الأردني المفقر.. ولكن أوكامبو لم يبد لحينه أي قلق على عشرات ألوف المعتقلين السياسيين في العالم العربي، والتي بدأت "جثث" بعضهم تتكشف.
وبالمقابل، لا زالت في الأذهان مهزلة المحاكمة الدولية لبينوشيه الملقب بـ"عدو الكتاب والمفكرين" في أمريكا اللاتينية كلها، حيث سمحت له بريطانيا بمغادرتها دون محاكمة بزعم عدم قدرته الصحية على المثول أمام القضاء. فحمل للطائرة على كرسي عجل، لينزل منها في مطار البرازيل على قدميه نشطا ضاحكا على "الإنسانية" كلها التي ارتكب بحقها أبشع الجرائم.
وباقتباس من مؤلفات أوكامبو، نقول له أننا في معركة "الدفاع عن النفس في مواجهة الفساد" الذي هو انتهاك لكل حقوق الإنسان، ولتسهيل وحماية الفساد تحديدا تجري فظائع القتل والتعذيب. ونقول أننا لا نريد أن نفقد "قوة المحاكمة"، فنضطر "لتفسير الدكتاتورية لأطفالنا".. والأهم أننا نريد "ما وراء العقوبة"، وهو "العدالة". والعدالة لا تتحقق إلا بقصاص من نفس نوع الجرم. فبداية منطق العدالة البدهي كانت "العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم". لتأتي القاعدة المسيحية فتقول "بالكيل الذي تكيلون به يكال لكم"، وتؤسس بذلك لمبدأ الردع.. وهو ذات المبدأ الذي عززه الإسلام بقوله تعالى "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب".
الثورات، كالطفرات في الطبيعة، تلزم بقوانينها التي قد لا تتواءم مع قوانين الدول المستقرة. ففي الدول التي استقرت على مبادئ المحاسبية لا تلزم ثورات.. الثورات طفرات لاستعادة العدالة المغيبة، ولهذا تلزمها محاكمها الخاصة، أو نقع في عمليات ضحك على الذقون كما في قصة بينوشيه.
   




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق