قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الجمعة، 20 أبريل 2012

"الليبرالية الجديدة" واعادة هيكلة الانظمة العربية


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
"الليبرالية الجديدة" واعادة هيكلة الانظمة العربية
شبكة البصرة
الاستاذ : احمد علي - تونس
"الليبرالية الجديدة" ايديولوجية اقتصادية راسمالية ظهرت في الولايات المتحدة وبريطانيا تدعو الى تحول الدولة من كيان مستقل بذاته يستند الى كل المقومات المتعارف عليها في القواميس السياسية الى مؤسسة مندمجة في نظام العولمة تعتمد السلطة فيها نظام  "الكوفيرنانس"الـ governance وهو نظام يقوم على الجمع بين الرقابة من أعلى (الدولة) والرقابة من أسفل (منظمات المجتمع المدني). وهو ما تريد الراسمالية تعميمه الان في البلاد العربية عن طريق ما يسمى ب(الربيع العربي)الذي يمثل في حقيقته عملية اعادة هيكلة للمؤسسات والانظمة السياسية العربية ومحاولات الدمقرطة وتحرير الاقتصاد وهو بالتالي عملية تاسيس لأنماط "الكوفيرنانس" في المنطقة العربية وخلق ارضية سياسية واجتماعية واقتصادية لبناء هذا النظام الجديد. فعملية ممارسة السلطة بالمعنى الشامل للكلمة في 'الليبرالية الجديدة " لا تهم الحكومة التي تتألف من مؤسسات وقوى سياسية فاعلة تمارس السلطة فقط، بل تشمل أيضا عناصر خارج السلطة تنتمي إلى القطاع الخاص والمجتمع المدني. وبذلك يكون "الكوفيرنانس" تركيبة سياسية معقدة، تقوم على آليات ومؤسسات فاعلة في الدولة وسوق ومحيط اجتماعي متداخل معها، تحكمها الشفافية والمسؤولية والفعالية والمشاركة العامة وحكم القانون. وهو ما يفسر الحرص الشديد والتدخل القوي لمراكز النفوذ العالمي في رسم المبادئ الاساسية والتوجهات الكبري للانظمة الجديدة في المنطقة العربية منذ بداية عمليات التغيير ولم تقتصر عملية اعادة الهيكلة على الانظمة والقوانين فقط وانما شملت الافكار و المفاهيم السياسية حيث يتم الان تغيير حتى المبادئ والافكار والمفاهيم التي قام عليها الفكر والعمل السياسي في المراحل السابقة  و ايجاد مفاهيم جديدة ترسخ مبادئ " الليبرالية الجديدة" حيث يتم استبدال مفهوم حقوق الشعوب بمفهوم حقوق الانسان ومفهوم الجماهير الكادحة بمفهوم المجتمع المدني ومفهوم الصراع الطبقي بمفهوم صراع الحضارات ومفهوم الايديولوجيا بمفهوم الثقافة ومفهوم المقاومة بمفهوم الارهاب ومفهوم الاستقلال الاقتصادي بمفهوم الاندماج في اقتصاد السوق ومفهوم الدولة بمفهوم  "الكوفيرنانس" او " الحوكمة الرشيدة " ومفهوم القضاء على الاستغلال بمفهوم التقليص من الفقر...........الخ والمشكلة في اعتقادي لاتكمن في تغيير المفاهيم وتعميم استخدامها في الخطاب السياسي ولدى الراي العام بقدر ما تكمن في مدى تعبير تلك المفاهيم والافكار على الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي الذي تعيشه شعوب المنطقة التي مازالت تناضل من اجل شعارات غير قابلة للاستبدال والتغيير ومازالت تبحث في داخلها عن القوى السياسية القادرة عن تبني شعاراتها وتحويلها الى برامج اقتصادية واجتماعية وثقافية وطنية تعيد للشعب كرامته ليساهم بروح وطنية عالية في اعادة بناء وطنه والمحافظة على ثرواته و سيادته واستقلاله والتخلص من التبعية التي فرضتها عليه الراسمالية القديمة وتريد "الليبرالية الجديدة" ان تابدها.
ويبقى السؤال مطروح ماهي علاقة " الليبرالية الجديدة باعادة الهيكلة للانظمة السياسية التي بدات ولازالت في المنطقة الى حد الان؟ ولنقرب الصورة من السادة القراء ونربط بين الوقائع نعرض عليكم المعلومات التالية والتي وردت في تقرير ندوة "الحكم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ومكافحة الفقر" التي عقدتها الإيسكوا (اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة) بالقاهرة ما بين 11-13 نوفمبر 2011 ومقابلة اجرتها جريدة الشروق مع خبير اقتصادي في 22/01/2011
http://www.alchourouk.com

مقطفات من تقرير الإيسكوا (كشفت "ويلث إكس"، المتخصصة في المعلومات والتفاصيل المختلفة عن أثرياء العالم وتوزيع الثروة في أنحاء العالم، في تقريرها لعام 2011 عن أكبر أثرياء العالم وثرواتهم في القارات الخمس، أن منطقة الشرق الأوسط تضم 4490 ثرياً، (27.3 في المئة منهم سعوديون) فيما تضم أميركا الشمالية 62960 ثرياً، في حين يوجد في أوروبا 54325 ثرياً.وبحسب التقرير، فإن إجمالي الثروة التي يملكها أثرى أثرياء العالم تبلغ وفق تقديراتها للعام الحالي 25 تريليون دولار، يملكها 185795 ثرياً في العالم، يتركز غالبيتهم في أميركا.وجاءت الإمارات في المركز الثاني بنادي الأثرياء، بـ775 ثرياً يملكون 116 مليار دولار، ثم الكويت في المركز الثالث بـ720 ثرياً يملكون 112 مليار دولار، تلاها أثرياء إسرائيل البالغ عددهم 315 ثرياً بثروة قدرها 68 مليار دولار، ثم قطر بـ290 ثرياً بثروة قيمتها 45 مليار دولار، أعقبها سورية بوجود 225 ثرياً يملكون 23 مليار دولار، ثم العراق بـ150 ثرياً يحوزون 13 مليار دولار، وعُمان بوجود 140 ثرياً يملكون 18 مليار دولار. وقال تقرير الشركة السنغافورية الذي يرصد الأفراد شديدي الثراء حول العالم، إن بقية دول منطقة الشرق الأوسط يوجد بها 635 ثرياً تبلغ ثرواتهم 73 مليار دولار، معتبراً أن قطر ومصر تمثلان "بقعاً ساخنة" وقابلة لنمو الثروات الفردية.وأضاف: "من المتوقع أن تشهد قطر في العقد المقبل (2011 – 2020) أسرع معدلات النمو، في ما يتعلق بعدد الأثرياء ومجمل الثروات. ومع بناء المزيد من الطرق والمطارات وملاعب كرة القدم والفنادق، ستستفيد الشركات القطرية، ما ينتج منه المزيد من الأثرياء، إضافة إلى الحاليين".وأكد التقرير أن دول الخليج تمثل قوى اقتصادية كبيرة، جذبت الكثير من البنوك الخاصة، وشركات إدارة الثروات، معتبراً أن ثروات هؤلاء الأفراد لن تتأثر بالأزمة الاقتصادية.)
مقطف من مقابلة اجرتها جريدة الشروق مع خبير اقتصادي في 22/01/2011  (خروج عائلات بن علي والطرابلسي والماطري وغيرها من الدورة الاقتصادية سيعطي نفسا جديدا وسينمي روح المبادرة التي غابت في الكثير من الأحيان عن رجال الأعمال والمستثمرين نتيجة الاحتكار والمحسوبية والتهديدات والسوق السوداء الموجودة.إن هروب العائلات المشار إليها سيعطي دفعا جديدا للاقتصاد التونسي، كما أن تخلص رجال الأعمال من الهيمنة التي كانت مفروضة عليهم من الحزب الحاكم سابقا والتهديدات التي كانت مسلطة عليهم بالجباية في حال عدم مساهمتهم في تمويل الحملات الانتخابية والاحتفالات الفولكلورية (7 نوفمبر وغيرها(…فالمطلوب اليوم من رجال الأعمال الوطنيين والمخلصين عدم العزوف والتخلص من كل المعوقات والتهديدات فالأرضية مهيأة لهم للانطلاق بنفس جديد.)
اذا التحولات السياسية التي عاشتها وتعيشها منطقة الشرق الاوسط لم تكن تتويجا لصراع سياسي بلغ مرحلة النضج والتغيير الثوري للمجتمع والاقتصاد يبدأ بتحرير الثروة واعادة وينتهي باعادة توزيعها بالعدل وانما هي حالة احتقان اجتماعي واقتصادي اصبحت تعيشها الطبقات الكادحة ورجال الاعمال والمستثمرين غير المقربين من السلطة على حد سواء فنزلت كل هذه الفيئات الى الشارع مطالبة بتغيير الراس النظام دون ان تدرك ان النفوذ المالي للطبقة الراسمالية التي استغلت السلطة لتنمية ثرواتها قد تجاوز المجال الوطني الى المجال الاقليمي والعالمي وان شرط الانتماء الى نادي الراسماليين الكبار والذي يضم مثلما هو مبين اعلاه عائلات تملك من المال مايعادل ميزانيات دول في العالم الثالث قد تحقق لهذه الطبقة وبالتالي فهي لم تعد في حاجة الى السلطة ومكبلاتها والتي قد تتناقض مع مصالحها في المستقبل. اذا القراءة الموضوعية للتحولات التي تعيشها المنطقة تستوجب وضعها في سياقها التاريخي لتقييمها تقييما واقعيا يبدأ يقر بان هذه التحولات هي بكل تجلياتها الان وكما ستتوضح اكثر فيي المستقبل عبارة عن عمليات اعادة الهيكلة الشاملة تقودها " الليبرالية الجديدة " بل وتتدخل فيها الى حد التحكم في نتائجها رسم مساراتها وتحديد توجهاتها تحت شعارات التي تقنعت بها سابقا ومازالت الى حد الان وهي شعارات حقوق الانسان والديمقراطية والمجتمع المدني والحوكمة الرشيدة وهي كلها شعارات نخبوية لايمكن ان تغير شيئا في ظل الانقسام السياسي والحيرة وغياب أي مشروع وطني وقومي للمستقبل. إن "الليبرالية الجديدة" كما القديمة على السواء ليست مشروعا للمستقبل، بل هي دوما "مشروع الحاضر". ومن المؤكد أن الاحزاب التي تولت السلطة بعد تغيير الانظمة السابقة سيجدون انفسهم ولوحدهم في ورطة تركة الازمات المؤجلة لتلك الانظمة  محاطون بشبكة هائلة من اجهزة الرقابة تبدأ بالمنظمات العالمية وما يتبعها من مؤسسات مالية وحقوقية والانتخابات النزاهة والشفافية وتنتهي بمنظمات المجتمع المدني لمراقبة الاحزاب الحاكمة التي تخلت تحت اغراءات السلطة او لاسباب اخرى نجهلها عن المشروع الوطني لاعادة بناء مؤسسات الدولة والمجتمع و قبلت بالانخراط سياسيا وأخلاقيا في مذهب المنفعة(.(pragmatism وهو اهم مبدأ تقوم عليه "الليبرالية الجديدة" ومصالح اثرياء العالم ومنهم من كان في الحكم بتونس قبل 14/01/2011 والذين قد يستعيدون نفوذهم  في أي لحظة بقرر فيها نادي الاثرياء ذلك خاصة وان كل الحكومات الجديدة مؤقتة وهي تحت رحمة النفوذ الراسمالي اقليميا وعالميا.
شبكة البصرة
الخميس 27 جماد الاول 1433 / 19 نيسان 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق