قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

السبت، 12 مارس 2016

م قاسم حمو - الجزائر : هذا ما جنت جامعة الدول العربية بعد شرعتها التدخل العسكري للنيتو في ليبيا

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
هذا ما جنت جامعة الدول العربية بعد شرعتها التدخل العسكري للنيتو في ليبيا
شبكة البصرة
بقلم قاسم حمو - الجزائر
لقد وقف المواطن العربي مشدوها لما سمع بقرار جامعة الدول العربية الذي من خلاله شرعنت تدخل دول الحلف الأطسي عسكريا في ليبيا تحت ذريعة "حماية الشعب الليبي من نظام القذافي"..
فرغم أن المواطن العربي يدرك ومنذ سابق العهد أن هذه الجامعة أسست من أجل لم شمل أقطار الأمة العربية وجمع كلمتها في اتجاه يضمن صون مصالحها ووحدة أقطارها وشعوبها وحمايتها من مخاطر وتهديدات الغزو الأجنبي وحفظ ما تزخر به من ثروات من أطماع ومخاطر النهب الأجنبي.. وكذا المساهمة في ترسيخ مبادئ القانون والمجتمع الدولي وبالتالي المساهمة في رفع والدفاع عن القيم الحضارية الإنسانية التي تقوم على العيش في كنف السلم والأمن والإخاء واحترام حقوق الإنسان وجميع المعاهدات والمواثيق والقوانين الدولية...
لكن ويا للأسف الشديد فقد تحولت هذه الجامعة إلى شؤم حقيقي على الوحدة وسيادة الأقطار وعلى الأهداف التي أسست لأجلها، ذلك أنها لعبت أدوار فعّالة وكانت لها مكانة مرموقة في الاتجاه المعاكس لهذه الأهداف فتحولت إلى الراعي الرسمي لصون مصالح القوى الاستعمارية..، فقممها المتعاقبة لم ترتق ولو مرة واحدة – بالإجماع – في إصدار قرار لصالح الأمة، فهي التي ساهمت وشرعنت من قبل العدوان الأمريكي الصليبي على العراق؟ ثم نفذت، وبشكل مباشر، الحصار الجائر الذي ضرب عليه بعد هذا العدوان ولمدة 12 سنة..؟ ثم ألم تسكت، والسكوت علامة الرضا، عن الجرائم الشنيعة التي ارتكبتها وترتكبها إيران فيه بعد احتلاله..؟

أما عن القضية الفلسطينية – قضية العرب وجامعتهم المركزية - فحدث ولا حرج، إن هذه الجامعة لم تبارك إلا المشاريع الاستسلامية الرامية إلى بيع القضية والتخلي عنها وشرعنة الاحتلال، ألم تساهم في ترسيم اتفاقية أوسلو التي كرست الاحتلال وكبلت فلسطين ووضعتها في يد المحتلين؟ من خلال شيطنة أية مقاومة ضد الاحتلال وإن وجدت فتسمى "إرهابا".
قد يقول قائل أن تدخل الناتو كان لحماية الشعب الليبي من غطرسة القذافي.. متى كانت حماية الشعوب تتم بالقتل والدمار والتهجير، بالتسليح وزرع وإذكاء ثقافة الاصطفاف والاقتتال الطائفي.. وجعل البلد منطقة مشتعلة تعشش وتفرخ وتدرب فيها المجاميع الإرهابية ثم تسوق إلى دول الجوار وباقي المجتمعات، أين هي سبل الحماية الآمنة والحلول السلمية؟ إذن هي مظاهر الفوضى الخلاقة التي أسس لها الناتو لتقسيم الشعب الليبي، ثم أدخل التنظيمات الارهابية ليعيث فسادا في الأرض من خلال إطالة عمر الاقتتال ويدب الضعف وتذبل القيم ويصفر الوطن في عين الليبي وتكبر المصالح والأنانيات وتصبح القبيلة أو المنطقة هي الفضاء الذي يفرض نفسه لدى هذه المجموعة أو تلك..
ولما ضعف الجميع واستغول الإرهاب الذي غذاه وقواه الناتو وأمده بكل ما احتاجه من قوة مادية وإعلامية ها هو الآن يشحذ صواريخه ويجهز قواه العسكرية للتدخل في ليبيا من جديد لكن هذه المرة تحت مسمى "محاربة الإرهاب"، إن هذا التدخل الجديد الذي يهيئ له إعلاميا ولوجستيا هو لإتمام الشق الثاني وهو الأساسي من المشروع الرهيب المخطط له والذي لم يستكمل ولم ينجز وهو التقسيم - تقسيم ليبيا – جغرافيا وقبليا، وكذا الدفع بالجماعات الارهابية إلى دول الجوار كالجزائر وتونس اللتان لحد الآن لا زالتا تحافظان على استقرارهما ووحدتهما وهما في أتم الاستعداد الأمني لمواجهة أي محاولة "تسلل" لهذه الجماعات داخل أراضيها..،

إذن هذه المرحلة هي مرحلة إغراق كل من الجزائر وتونس في وحل الإرهاب والفوضى وكذا استكمال تقسيم ليبيا قبليا وذلك من خلال :
أولا : رعاية استمرار اللاتفاهم بين الفصائل الليبية وإن حدث التقارب فليكن تحت مشروع المحاصصة المناطقية والسايسية، حتى يضمن هذا المشروع اللااستقرار ويسهل على القوى المعادية إشعال نار الفتنة متى شاءت..
ثانيا : استبعاد أي مشروع وطني ينمي المجتمع الليبي ويدفع به إلى التطور والوحدة والاستقرار.
ثالثا : ضمان سيطرة القوى المعادية وتسهيل وشرعنة استغلال ثروات البلد.
رابعا : إيجاد نموذج التفتيت في منطقة المغرب العربي والعمل على تعميمه على بلدانها.
خامسا : ضخ الإرهاب المكون والمدرب في ليبيا نحو الجزائر وتونس مع العمل على إجهاد قوى الجيش والأمن الجزائري على وجه الخصوص لإنهاك قدراتها وهي المرابطة على الحدود الشرقية والجنوبية للبلد كل هذه المدة حتى تستنزف وتخور قواها ثم في نهاية المطاف سهولة إخضاع هذا البلد القارة الذي يتوفر على مخزون كبير متنوع ومتميز من الثروة البشرية والمادية كالمحروقات والمعادن، وتعتبر الجزائر العمق الاستراتيجي للقوى الغربية الاستعمارية خاصة فرنسا، وإخضاع الجزائر – لا قدر الله – هو إخضاع والسيطرة على باقي دول الساحل والعمق الإفريقي.
إذن على بلدان المغرب العربي أن تقرأ جيدا ما يحدث في المشرق من تفتيت للأوطان وإهدار للمخزون البشري والحضاري والمادي مع كثرة الأطماع حتى من بعض الدول الإقليمية التي تعتبر قريبة من العرب "روحيا"، إلا أن مشاريعها تتطابق وتتناسق مع المشاريع الصليبية الصهيونية التي تستهدف الأمة العربية والقضاء على هويتها وإعادة رسم وتشكيل ذهنية المجتمع الغربي بما يتعارض والمصلحة المصيرية للأمة، وعلى هذه الأقطار أن تعيد حساباتها في علاقاتها التي تربطها ببعضها البعض والتي يغلب عليها طابع التنافس والصراعات الهامشية وأن تعمل على تمتين الجبهة الداخلية وترشيد التنمية وتقويتها وخاصة البشرية منها، وتمتين الحصانة الوطنية بمحاربة الآفات الاجتماعية والفساد المتفشي والميوعة والخمول واللاجدية والذهنيات المناطقية والقبلية... هذه الآفات التي تعتبر معبراً استراتيجيا للمشاريع الأجنبية.. كما يقول الشاعر المرحوم محمود درويش : العدو لم يدخل من حدودنا.. وإنما دخل من المنافذ التي فينا.
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق