قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الأحد، 15 أبريل 2012

قراءَة في الآلية المزمنة.. ونوايا أطراف الصراع


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قراءَة في الآلية المزمنة.. ونوايا أطراف الصراع
شبكة البصرة
عبد الواحد هواش*
لم يكن هناك خلافاً كبيراً ومفصلياً بين أجنحة الحكم المتصارعة على بنود المبادرة الخليجية، التي تقدمت بها دول مجلس التعاون الخليجي للخروج من الأزمة اليمنية التي سببتها هذه الأجنحة، لأن كل ما ورد تقريباً – ببنودها العشرة – كان قد تضمنته المبادرات العديدة التي أطلقها الأخ المشير/علي عبد الله صالح أثناء الأزمة، كما وردت أيضاً – وبصيغٍ متقدمة جداً عن ما ورد بالمبادرة - في معظم محاضر حوارات أطراف الصراع، كقضايا وخطوات مُتفق وموقعٌ عليها من قبلهم، إلا أن الثقة المفقودة بين هذه الأجنحة - ربما لطول " العشرة التي عَمقَت معرفتهم ببعض إلى الحد الذي أصبح كلٍ منهم يحفظ دواخل الآخر ونواياهُ عن ظهر قلب " -، لم تمكنهم من تنفيذ ما كانوا يتفقون عليه!!، ولكن الخلاف الجوهري الذي استغرق وقتاً في حوارات اللجنة الوزارية الخليجية مع أطراف الأزمة، كان يتمحور تحديداً حول افتقار المبادرة الخليجية لعاملين أساسيين مهمين :
أولهما: الآلية المُزَمنة التي تُحددُ خطوات وفترات تنفيذ بُنود المبادرة، حتى لا تُترك الأزمة مَفتوحة على كل الاحتمالات، وحتى لا تَتحَكمُ بها زوابع الخلافات المستحكمة التي كانت قد بلغت أوجها، وتخطت كل محظور ومُحرم لِتُحرقُ الأخضر واليابس.
وثانيهما : أن تَكون خَطَوات انتقال السلطة المُتفق عليها الواردةُ في المبادرة، مَحْكُومةٌ بضوابط الدستور والقوانين النافذة، ومن خلال صناديق الاقتراع، وذلك تفادياً لإدخال البلد في مستنقع الفوضى والاحتراب والتفتت، وحرصاً على أن تكون كل خطوات تنفيذ المبادرة، في إطار المكسب الديمقراطي – ألتعددي الذي اختاره الشعب، والذي يُعتبر من أهم وأغلى ثمار ومكاسب إعادة تحقيق الوحدة المباركة.
لذلك.. جاءت الآلية المزمنة لتعيد صياغة " المبادرة " وفقاً لهذه الأسس والخيارات الديمقراطية، ولتَحْسم توصيف طبيعة ما جرى ويجري في اليمن كـ(أزمة سياسية)، كما جاء بالبند (3) من الأحكام العامة في الآلية التنفيذية وليس شيءٍ آخر، ولِتُحَدد تواريخ ثابتة وملزمة لإنجاز خطوات المبادرة، الواحدة بعد الأخرى، دون تقديمٍ أو تأخير، وبدون القفز على أيٍ منها، لأن (أي تقديم أو تأخير في موعد تنفيذ أي بند من بنود هذه الآلية سيؤدي إلى تقديم أو تأخير في المواعيد اللاحقة لتنفيذ بقية البنود) كما جاء بالبند (4) من الآلية المزمنة.
هذه الضوابط والأسس التي تضمنتها الآلية، والتي استدعت (تعديل المبادرة بما يتوافق مع بنودها ومضمونها) كما جاء بالفقرة (1) من الآلية التنفيذية (المرحلة الأولى)، والتي اقترن واُشترِطَ التوقيع عليها بالتزامن مع التوقيع على المبادرة - كما حدث بمدينة الرياض بتاريخ 23نوفمبر 2011م -، وجدنا أن بنودها المتعلقة بتقاسم السلطة بين أطراف الأزمة كـ(تشكيل حكومة الوفاق الحزبي، ومنحها ثقة مجلس النواب، وإقرار الحصانة من الملاحقات القانونية، والانتخابات الرئاسية المبكرة، وتشكيل اللجنة العسكرية، وصراع وقرارات الإقصاء والتعيينات الوظيفية في الوزارات والمرافق الحكومية..الخ)، وجدنا إنها نُفذت بأسرع مما كان الناس يتوقعون، وبفترات تَسْبق بأشهرٍ تواريخ استحقاق بعضها المُحَددة بالآلية المزمنة!!؟، فيما رأينا العكس تماماً في مجالات تنفيذ بقية البنود المتعلقة(بأمن وأمان المواطن ومعيشته، وبالتنمية وإعادة ألإعمار، وباستقرار اليمن وسيادته والحفاظ على وحدته الوطنية، وإيقاف الحملات الإعلامية، والحوار مع الشباب، وإنهاء عسكرة المدن.. الخ!!؟).. بما عزز قناعات الغالبية العظمى من شعبنا، بأن هذه الأطراف المتناحرة ليست جادة بتطبيق المبادرة وآليتها التنفيذية المزمنة، وليست معنية مطلقاً بمعاناة المواطن ومصالح الوطن، ولم يكن همها من كل ما ارتكبته وخلفته من مآسي وجراح وفرقة ودمار، سوى الاستئثار بالسلطة فحسب، وإن على أشلاء الوطن وجماجم ودماء ومستقبل أبنائه!!؟.
لسنا هنا نتجنى على أحد.. ولكننا نورد الحقائق التي يراها ويلمسها الشعب ويكابدُ ويلاتها.. ولتأكيد هذه الوقائع بعيداً عن حديث العموميات، دعونا- بالتواريخ والوقائع والاستحقاقات الثابتة، الواردة في المبادرة وآليتها التنفيذية - نناقش الأمر بتجرد وبكل موضوعية :
أولاً : مدى التزام أطراف الصراع بالتواريخ المحددة في بنود المبادرة وآليتها التنفيذية المُزمنة، في القضايا المتعلقة بتقاسم السلطة :
نصت الآلية التنفيذية المُزمنة في البند (2) منها على أن (تُشكل حكومة الوفاق الوطني بالمناصفة خلال أسبوعين من تاريخ التوقيع على المبادرة).. وفعلاً، كان التوقيع على الاتفاقية وآليتها التنفيذية المزمنة في مدينة الرياض بتاريخ (23نوفمبر2011م)، وشُكلت الحكومة بتاريخ (7ديسمبر2011م)، أي قبل نهاية الفترة المحددة بيومٍ واحد!؟.
ونصت أيضاً في البند (6) منها على (تشكيل اللجنة العسكرية والأمنية) وفعلاً صدر قرار تشكيلها قبل تشكيل الحكومة بثلاثة أيام (بتاريخ 4ديسمبر2011م!!).. ولأنه بندٌ مهم وأساسي في إنهاء الأزمة، وتأمين المدن، ووقف التمترس العسكري، وعودة الأمور إلى طبيعتها، بقيت هذه اللجنة مشلولة حتى اليوم، ما عدى قيامها بجولات مسرحية – إعلامية في شوارع العاصمة، لم تحدث شيء ملموس على الأرض!!؟.
كما نصت الآلية التنفيذية المزمنة في البند (2) على أن (تُقدم الحكومة برنامجها إلى مجلس النواب خلال عشرة أيام من أداء اليمين الدستورية..)، وتم أداء اليمين الدستورية بتاريخ (10ديسمبر2011م)،فيما قُدم البرنامج الوزاري بتاريخ 24ديسمبر2011م)،وسبب التأخر لأربعة أيام كان بفعل العطلة الأسبوعية (خميس وجمعة) ولعدم تمكن الحكومة من استكمال البرنامج فقط!!.
ونصت الآلية أيضاً في البند (2) على وجوب أن (تنال الحكومة ثقة المجلس النيابي خلال خمسة أيام من تاريخ تقديم برنامجها إلى المجلس).. وقُدم البرنامج – كما هو أعلاه – بتاري24ديسمبر2011م،، ونالت الحكومة الثقة بتاريخ 28ديسمبر2011م، أي قبل نهاية الفترة المحددة بالآلية التنفيذية بيومٍ واحد!.
في البند (4) من الآلية المزمنة نصت على (إجراء انتخابات رئاسية مبكرة خلال فترة أقصاها (90)يوماً من تاريخ حصول الحكومة على ثقة مجلس النواب)..ووفقاً لما سبق نالت الحكومة ثقة المجلس النيابي  بتاريخ 28ديسمبر2011م، وجرت الانتخابات الرئاسية المبكرة بتاريخ (21فبراير2012م)، أي قبل الفترة المحددة بالآلية بثلاثين يوماً!.
ثانياً : المهام والبنود الجوهرية المتعلقة بمصالح الناس والوطن، التي قفزت حكومة الوفاق الحزبي عليها، وتعثرت في تنفيذ بعضها، وحولت بعضها الثالث إلى ساحة صراع ومناكفة!!؟:
نصت المادة (5) من الأحكام العامة الواردة في الآلية التنفيذية المزمنة على أن (تلتزم الأطراف الموقعة على هذه الآلية بإيقاف الحملات الإعلامية المتبادلة فور التوقيع عليها وتوجيه الإعلام نحو التركيز على ما ورد في هذه الآلية)... هذا البند لم يُلتزم به على الإطلاق حتى يومنا هذا، وهو السبب الرئيسي في بقاء الأجواء مشحونة وقابلة للانفجار في أية لحظة، ناهيكم عن ما يُسببه من قلق ورعب للمواطنين وتعطيل لأعمالهم وتجميد للحياة في البلد على كافة الأصعدة وفي كل المجالات!!.
نصت المادة (3) من الآلية التنفيذية المزمنة على أن (تُشكِل الحكومة لجنة مشتركة لوضع وثيقة تحدد آلية عمل الحكومة واتخاذ قراراتها)... هذه المادة المهمة جداً في وضع ضوابط متفق عليها، تحكم عمل وزارة التوافق، وتحتوي خلافاتها المحتملة، وتنظم آلية اتخاذ قراراتها، كان يفترض أن تكون أول قرارات وإجراءات الحكومة، ولكنها لم تُشكل حتى اللحظة، وتُركَت الاجتهادات الانتقامية وعمليات الإقصاء والاستبعاد من الوظائف، والتعيينات العشوائية، تأخذ كامل طريقها في الوزارات المختلفة، الأمر الذي ضاعف من توتر الأجواء، وعطل العمل في أكثر من وزارة ومرفق، وتحولت الوزارات والمصالح الحكومية إلى ساحات لتصفية الحسابات بين قوى وأحزاب الصراع!!. وبغياب هذه اللجنة اُنتُهِكَ مبدأ " التوافق " الذي شُكِلت بضوئه الوزارة بالمناصفة، وضُربَ عرضُ الحائط بالمادة (9) من مواد الآلية التنفيذية المزمنة (المرحلة الأولى)، التي نصت على أن (تكون القرارات في مجلس الوزراء توافقية خلال المرحلتين الأولى والثانية، وإذا تعذر التوافق يقوم رئيس الوزراء بعرض الموضوع على نائب رئيس الجمهورية (الرئيس المنتخب) ويكون قراره نافذاً).. وبالتالي بقي الصراع والتخندق كما هو عليه، ويفتح كل يومٍ جرح غائر جديد في جسم الوطن!!؟.
من مهام اللجنة العسكرية - التي شُكِلت هي الأخرى من كل مراكز القوى الحزبية والقبلية المتصارعة -، وفقاً للمادة (6) من الآلية التنفيذية المزمنة (المرحلة الأولى) هي (إنهاء الانقسام في المؤسسة العسكرية، ومساعدة الحكومة على إزالة التوتر العسكري والأمني، وجميع المظاهر المسلحة والتحصينات والخنادق ونقاط التفتيش المستحدثة في العاصمة صنعاء وغيرها من المدن ومدة ذلك ثلاثون يوماً).. بمعنى إن هذه اللجنة لها مهام محددة جداً كما هو أعلاه، ليس لها أي علاقة تُذكر بمسألة (هيكلة القوات المسلحة والأمن) التي هي من مسؤؤلية فخامة رئيس الجمهورية حصراً، طبقاً للمادة(5) من الآلية التنفيذية المزمنة – الرحلة الثانية -، وكما هو معلوم فإن اللجنة العسكرية شُكِلت بتاريخ (4ديسمبر2011م)، أي قبل أكثر من أربعة أشهر، وهي إلى اليوم - على أهمية ومحورية مهمتها للخروج من الأزمة، ورغم أن مهمتها محددة بثلاثين يوماً فقط من تاريخ تشكيلها، لم تستطع تحرير الجامعة من المسلحين المحتلين لها في وسط العاصمة صنعاء!!؟، ولم تستطع إزالة الأسوار والخنادق الإسمنتية المنصوبة على طول الشارع الدائري في قلب العاصمة!!، ولم تتمكن من تأمين الخط الرئيسي بين العاصمة والمطار!!، وتَرَكَت – للأسف الشديد - مدينة تعز – العاصمة الثقافية لليمن - تُعربِد فيها عصابات النهب والقتل والإجرام والتخريب بكل أريحية واطمئنان!!؟، وأكثر من ثمان محافظات خارج سيطرة الدولة!!؟، بينما تتوجه اللجنة العسكرية ولجانها إلى أرحب وبني حشيش ونهم، للتفاوض مع القبائل لفتح الطرق المقطوعة خارج العاصمة وإيقاف التقطع!!؟.. ذلك لأن إخضاع لجنة بهذه الأهمية، وبهذه المسؤؤلية التي يتوقف عليها مصيرُ بلدٍ ومستقبل شعب (للتقاسم والمحاصصة) بين مراكز قوى متناحرة ومتهافتة على السلطة، وترى نفسها فوق القانون والبلد ومصالحه، لا يُمكِنُ إلاً أن تقود البلد إلى مصيرٍ مجهولٍ في أفضل الاحتمالات!!.. وهذا للأسف ما نراهُ ونلمسهُ ونتوقعهُ إذا لم يُتَدَاركُ الأمر، ويتولى فخامة رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئاسة لجنة بديلة يُشكِلُها بمعزل عن أطراف الصراع، تقوم بهذه المهمة المحورية للخروج من الأزمة.. وهذا ما ينسجم ويتوافق مع المادة (5) من مواد الآلية التنفيذية المزمنة (المرحلة الثانية)، والتي نصت على أن (يقوم رئس الجمهورية خلال المرحلة الثانية بإعادة تنظيم وهيكلة القوات المسلحة وقوات الأمن على أسس وطنية ومهنية).. وهي مهمة يُفترضُ إنجازها خلال المرحلة الثانية، ولكنها غير مُزَمنة أو مشروطة بتاريخ مُحَدد.
عدى ما تضمنته مجموعة مواد (الأحكام العامة) من الآلية التنفيذية المزمنة، من تحميل حكومة " الوفاق الوطني " خلال المرحلة الانتقالية، مسؤؤلية العمل على إيلاءِ الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين اهتماماً مُضاعفاً، ومعالجة أوضاع التعليم والصحة ومكافحة الفقر والبطالة ووضع حدٍ للفساد...الخ، وهي المسائل التي لا يمكن رؤية نتائجها بهذه السرعة وبدون دعم حقيقي من المانحين.. فإن المادة (2) من هذا الباب أكدت على أن (تعمل الحكومة على مكافحة التطرف وإشاعة ثقافة الحوار والتعايش وتزكية قيم الحرية وحقوق الإنسان ورفض كافة أشكال الإرهاب والعنف والإقصاء والتعصب واستبعاد الآخر والعمل على بناء مجتمع تسوده الحرية والعدالة والمساواة)... هذه المهام التي تُعتبر من الشروط والموجبات الضرورية لإزالة مُسببات الصراع، والتي من شأنها تهدئة الخواطر وتصفية النفوس وإعادة الثقة بين أطراف الصراع، وفتح صفحة جديدة تُعبرُ عن مرحلة وفاقية جادة.. أقول هذه المهام لا تحتاجُ لتنفيذها سوى صدق التعامل وصفاء المشاعر وجدية التعاون لتنفيذ المبادرة وآليتها التنفيذية المُزَمنة.. هذه المادة على أهميتها وضرورتها للخروج من الأزمة، ولخلق أجواء وظروف ملائمة وصحية لمرحلة الحوار المنتظرة، تعمل قوى الصراع – للأسف الشديد – منذ التوقيع على المبادرة وحتى اليوم عكسها تماماً!!؟، فكيف لنا الخروج من الأزمة.. وكيف يمكن لقوى أن تجلس إلى طاولة حوار بينما لا تزال أصابعها مشدودة إلى الزناد ضد بعضها؟؟؟.
وللإجابة على السؤال أعلاه، نعودُ لنؤكد للمرة ألألف ما قلناه وكررناه في بياناتنا ومقابلاتنا ومقالاتنا الصحفية، من إن سياسة " التقاسم والمحاصصة " ليست من الديمقراطية في شيء.. وأن هذه السياسة هي التي جَلبَت لنا كل هذه الويلات منذُ أن تقاسم حزبان – باسم الديمقراطية- السلطة والحكم بعد إعادة تحقيق الوحدة، ثمً قُسِمَت على ثلاثة أحزاب بعد انتخابات العام 1993م، ومنذُ ذلك التاريخ وهذه القوى المتصارعة والمتقاتلة اليوم، هي التي كانت ولازالت تحكم وتتحكم بالبلد من داخل أروقة مؤسسات السلطة ومن خارجها!؟، وهي ذاتها التي تقاتلت اليوم على مغانم السلطة، وأدخلتنا في هذه الأزمة الطاحنة التي أكلت الأخضر واليابس!!.
لقد أفرز ذلك التقاسم المشؤؤم (مراكز قوى متخلفة) تدثرت بالحزبية، وأقصت كل قوى التحديث والدولة المدنية، وفصلت الدستور والقوانين على مقاس تحالفاتها!!، وتوزعت فيما بينها وزارات مؤسسات وسفارات الدولة ومرافقها، ومناصب هياكلها الإدارية من مستوى (مدير عام فما فوق!!؟)، وهيمنت شركاتها الخاصة على مفاصل التجارة الداخلية والخارجية للبلد، وتوزعت فيما بينها بوابات الاستثمار الوطني والإقليمي والدولي، حتى أصبح المحسوبين على مراكز القوى هذه، من الحراسات والوسطاء والمُنتفعين والأولاد والأقارب – ناهيكم عن رموزها وقياداتها وكوادرها -مُحصنين من أية مُسائلة، وفوق القانون و الدستور!!، وسلطات ونفوذ الواحد منهم – اجتماعياً وداخل مؤسسات الدولة – أكبر وأمضى من سلطات ونفوذ رئيس مجلس الوزراء، الذي يَعتبرونه مُجرد موظف لديهم!!؟؟.. لذلك رأينا عُمق الشرخ والتصدع الذي حدث في بنيان الجهاز الإداري للدولة.. وكيف أن الوزارات والمؤسسات، بما في ذلك السفارات والقطاع التجاري والمؤسسات الدينية.. جميعها انشقت وتوزعت بين خندقي الصراع بمجرد تفجر الموقف بين الطرفين!!؟.. وحالة كهذه يستحيل أن تُحققها (مُعارضة) تناضل من خارج السلطة فحسب!؟.
هذه هي (مراكز قوى السلطة) التي جَمعَتْ ووحدت زعاماتها في فترة ما منافع (تقاسم السلطة والنفوذ)، عندما كان خيرُ البلد يكفي نهمهم ألاً محدود، وكانت أوضاع الوطن الاقتصادية تتحمل فسادهم وعبثهم بمقدراته، وفَرًقَهُم نهم المصالح والاستئثار بالسلطة والنفوذ والمغانم، عندما قلت موارد البلد، بسبب ما عكسته على بلادنا الأزمات الاقتصادية الدولية، وتوقف المعونات والقروض!؟.. فلا وظائف الجهاز الإداري أصبحت قادرة على استيعاب الحصص المُقررة لهذه القوى المتنفذة سنوياً.. ولا ميزانية الدولة غَدت قادرة على رصد وتخصيص المزيد من (المُخصصات) لها وللجيل الجديد من أبناء رموزها!؟، ولا المشاريع الاستثمارية للدولة أصبحت كافية لإرساء مناقصاتها على شركات أبناء وأقارب رموز هذه القوى التي تكاثرت كالفطر في البلد!!؟.. من هنا نشأت الأزمة في يمننا، وتفجرت الأوضاع على النحو الذي رأينا.. وبذكاء سياسي ملحوظ، وُظِفَت هذه الأزمة لخدمة تحركٍ مرسوم ومخططٍ له في عموم الوطن العربي، من قبل فصيلٍ سياسية معلوم، في مُحاولة لإلحاقها بما سُمي (بالربيع العربي)، الذي جُيرت نتائجه - كما رأينا في أكثر من قطرٍ عربي - وبمساندة الدول الكبرى -، لصالح هذا الفصيل السياسي المذكور ومُخططه في الوصولِ إلى السلطة والحكم في كل الأقطار العربية!!؟.
وفي الأخير نودُ أن نؤكدَ للجميع، ونُحذر - من منطلق المسؤؤلية الوطنية - إن التقاسم الذي نرى سيقود البلد إلى مهاوي المجهول.. وإن نقل هذا التقاسم الحزبي والفئوي إلى المؤسستين العسكرية والأمنية، سيفتحُ بوابات جهنم على اليمن وشعبه وسلامه واستقراره ووحدته.. وأن القفز فوق كل الموانع والمعوقات التي خلًفتها الأزمة، وعدم تنظيف الجروح المتقيحة في جسم العلاقات الوطنية البينية، التي حرصت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المُزمنة على تطبيبها وتجفيف منابع (فيروساتها)، للوصول بأمان وبتعاون الجميع إلى مؤتمر الحوار الوطني الشامل، من شأن كل ذلك إفشال المبادرة ككل، والعودة بالأوضاع إلى المربع الأول للأزمة، إذا لم يكن أسوأ بكثير!!، وهذا ما تُخططُ له بعض الجهات، من خلال الضغوط المستمرة والقوية، لحرق المراحل بالقفز إلى (طاولة الحوار الوطني)، قبل تنفيذ خطوات مهمة ومفصلية وضرورية لإنجاح الحوار، نصت عليها المبادرة وآليتها التنفيذية، وذكرنا معظمها أعلاه!!.. فلا يمكن أن نستبشر خيراً من حوارٍ تدخله أطرافه وأصابع كل منها على الزناد ضد الآخر!!، ولا يمكن لحوارٍ أن ينجح والعاصمة مُقَسمة بين مراكز القوى، وفي ظل الانفلات الأمني والتقطع والتخريب الذي يعم كل محافظات الجمهورية.. وفي ظل بقاء أكثر من ثمان محافظات خارج سيطرة الدولة!!؟.. وأقولُ (للمستعجلين)، إن الوصول متأخرين عن الموعد.. أفضلُ من أن لا نصل أبداً.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
*الرفيق عبدالواحد هواش مناضل بعثي يمني وهو نائب امين سر قيادة قطر اليمن للبعث
شبكة البصرة
السبت 22 جماد الاول 1433 / 14 نيسان 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق