هل غادر جنودكم العراق مرفوعي الرأس أم مهزومين مندحرين.!.. مهزلة كلمة الرئيس الأميركي باراك أوباما أمام حشد من قدامى المقاتلين في ولاية نيفادا مؤخراً.! - وقائع وشواهد
تندرج كلمة الرئيس الأميركي باراك أوباما أمام حشد من قدامى المقاتلين في ولاية نيفادا مؤخرا في إطار حملته الانتخابية؛ لأن تأكيده على أن جنود بلاده غادروا العراق مرفوعي الرأس تاركين للعراقين فرصة لتحديد مستقبلهم يجانب الحقيقة ويغفل النتائج الكارثية التي خلفها الاحتلال بعد هزيمته في العراق،!!
وهذا الإغفال المتعمد للحقائق على الأرض حاول أوباما القفز عليه بسبب انشغاله في معمعان الاستعداد للانتخابات الأميركية وأولويتها في الوقت الحاضر.
إن الحديث عن أن الجنود الأميركان غادروا العراق وهم مرفوعو الرأس تفنده الحقائق على الأرض التي تشير إلى أن جنود الاحتلال غادروا العراق مضطرين ومهزومين من فرط ما ارتكبوا بحق العراقيين من جرائم وحماقات بفعل مقاومتهم الشجاعة للاحتلال ومشروعه الذي لم يجلب لهم لا الأمن ولا الديمقراطية الموعودة.
فالانسحاب الأميركي من العراق لم يكن مسؤولا كما وصفه أوباما، وإنما كان اضطرارا بفعل ارتفاع وتيرة الرفض الشعبي لوجوده وما يشكله من انتهاك للسيادة والاستقلال الوطني. وعن أي فرصة يتحدث عنها أوباما عندما يقول إننا تركنا للعراقيين فرصة لتحديد مستقبلهم؟
فمستقبل العراق بعد احتلاله وتدميره غير واضح المعالم رغم مرور نحو عقد على غزوه، والسبب يكمن بالأهداف الحقيقية للاحتلال الذي استهدف العراق شعبا وأرضا وهوية، وتحول العراق بسبب ذلك إلى بلد منكوب ومسلوب الإرادة وغير قادر على النهوض مجددا بعد أن أدخلوا الطائفية إلى الحياة السياسية التي عطلت عوامل الوحدة والتأخي والنهوض لدى العراقيين.
إذًا الفرصة التي منحت للعراقيين بعد الانسحاب الأميركي هي شبه معدومة؛ لأن عوامل تكوينها واستثمارها على الأرض مسدودة الأفق، والدليل إخفاق الطبقة السياسية التي أنتجها الاحتلال ما زالت غير متجانسة وعاجزة عن التوافق فيما بينها على أسس الشراكة وبناء الوطن، والسبب يعود إلى أن نظام المحاصصة الطائفية التي كرسها الاحتلال في العراق الجديد التي لا تستند إلى مشروع بناء دولة المواطنة، وإنما إلى دولة الطوائف والأحزاب.
فتحول العراق بفعل الفرصة التي منحها المحتلون له إلى ساحة للصراع بين ساسته، وبسبب هذا الصراع هدرت أموال العراقيين وتوقفت عملية البناء، وتراجعت فرص البحث عن حلول حقيقية تخرج العراق من مآزقه وأزماته، فبقي العراق أسير هذه التداعيات وهي بالأحوال كافة كانت فرصة ضائعة أدخلت العراق في أتون صراعات ما زال يعاني منها رغم مرور عقد على احتلاله.
وإذا عدنا إلى توصيف الرئيس الأميركي لخاتمة مهمة جنوده في العراق ومغادرتهم مرفوعي الرأس فنقول إنهم ليسوا كذلك، فالمضطر والمهزوم يغادر الميدان مكسورا مذعورا ومدحورا، وهذا كان حال جنود الاحتلال جراء خسائرهم بالأرواح والمعدات والأموال طلية السنوات التي سبقت انسحابهم من العراق.
فمن غير المناسب الحديث عن كارثة حلت بالعراقيين بقرار الحرب الذي اتخذته إدارة بوش الابن بهذه الطريقة التي تستفز مشاعر العراقيين، وكان الأجدر بالإدارة الأميركية أن تبحث عن أسباب الغزو ونتائجه الكارثية، سواء أكان لأميركا أو للعراق؛ لأن احتلال العراق سيبقى نقطة سوداء في تاريخ الولايات المتحدة وعارا يلاحق صناع قرار احتلال العراق، ما يستدعي اتخاذ قرار شجاع بالاعتذار للشعب العراقي عن جريمة الاحتلال، والإقرار بمبدأ التعويض وإحالة من شجع وخطط ونفذ الغزو إلى العدالة بعد أن تكشفت المزاعم الباطلة التي استند إليها صناع قرار الحرب على العراق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق