قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الاثنين، 30 يوليو 2012

صلاح المختار : ناجي علوش مصباح ينير في دياجير الظلام


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ناجي علوش مصباح ينير في دياجير الظلام
شبكة البصرة
صلاح المختار
لم اكن اعرفه شخصيا ولكنني كنت اعرفه من كتاباته ككاتب ومناضل عربي كبير، وفي مطلع عام 1971  اخبرني الاستاذ نجاح عبدالرحمن، ابن صاحب مكتبة النهضة في بغداد وصديق الدراسة، بان الاستاذ ناجي علوش سأله من هو ابو اوراس؟ وكنت في ايلول عام 1969 قد نشرت دراسة طويلة، في مجلة (دراسات عربية) التي كانت تصدر في بيروت بذلك الاسم، تحت عنوان (العسكريون والثورة) تناولت فيها التجربة المرة للبعث مع العسكريين بعد ردة تشرين 1963، وكانت في الواقع تحلل دور العسكريين في الاحزاب الثورية، بشكل عام وفي البعث بشكل خاص، وكان نجاح يعرف ان ابو اوراس هو، انا فقال له ان ابو اوراس صلاح المختار، ولم يكن الاستاذ ناجي يعرفني وقتها ولكنه استنادا الى ما قراه لي طلب من نجاح تنظيم لقاء بيننا عند زيارته لبغداد وكان يزورها بين فترة واخرى. والتقينا انا والاستاذ ناجي وبسرعة تطورت علاقتنا وتعمقت خصوصا لانه كان يمثل الخط الرافض للاستسلام في صفوف الثورة الفلسطينية، وكنت ادعم، كما انا الان ولم اتغير رغم مرور العقود، خط رفض المساومة ومواصلة الكفاح المسلح بصفته الطريق الامثل لتحرير فلسطين.
وبمرور الزمن وتوالي اللقاءات بيني وبين الاستاذ ناجي صارت علاقتنا صداقة قوية ورفقة نضال، واكتشفت صفاته النبيلة وتكوينه القومي العربي التقدمي، وكان التحاقه مبكرا بصفوف الثورة الفلسطينية في منظمة فتح واحتلاله مركزا قياديا بارزا فيها طوال سنوات النضال اضافة نوعية لتلك الحركة التاريخية التي كان لها شرف تفجير الثورة الفلسطينية.
وخلال علاقتنا وعبر عقود طويلة ادركت ان المناضل علوش يتعرض لحملات تشويه حتى من اقرب الناس اليه، وكانت صدمتي ان احد قادة الثورة الفلسطينية الذي عرفني عليه الاستاذ ناجي وامتدحه امامي كثيرا اول من طعن بناجي علوش امامي!!! وقتها صدمت وقلت له ولكن الاستاذ ناجي هو من عرفني عليك وهو من امتدحك فكيف تقول عنه ذلك الكلام؟ وادركت ان دافع الهجوم على الاستاذ ناجي هو الغيرة والحسد من مواصفاته القيادية النادرة ليس الا. كان ذلك الكلام في ذروة طغيان الهوية القومية والوطنية وغياب اي مؤشر للنزعات الطائفية بل كانت موضة التمركس والمزايدات اليسارية طاغية، وكان ذلك الشخص يدعي انه من اليسار الفتحاوي ويتهم المرحوم ياسر عرفات باليمينية وبالعمالة! لم اخبر الاستاذ ناجي بتلك المحادثة الا بعد ان افترقا تنظيميا فابتسم رحمه الله ورفض الطعن بمن هاجمه بدون وجه حق.
ومرت السنين وتحولنا نحن الى حركة تحرر وطني بعد غزو العراق، وحينما اتيحت لي فرصة زيارة عمان كان من بين اول رغباتي زيارة الاستاذ ناجي، خصوصا وانني عرفت انه اصيب بجلطة شلته، وبالفعل اتصلت بابنه الدكتور ابراهيم واتفقنا على موعد وزرته ولم اكد اراه حتى اعتصر قلبي الالم الشديد، فتلك القامة الشامخة والبسمة الدائمة تحولتا الى جسد مشلول وابتسامة يبذل جهدا كبيرا كي يرسمها لي حبا و تقديرا لانه كان يعرف انني من بين ابرز داعمي المقاومة العراقية. فذلك بالنسبة له انجاز كبير وتحقيق لاحلامه، فقد كان يحلم ان يكون البعث حركة تحرر تحمل السلاح لتحرير الوطن ولكن شاءت الاقدار ان لا يحصل ذلك الا بعد احتلال العراق، فكان سرور الاستاذ ناجي بدور البعث الفعال والحاسم في المقاومة العراقية مصدر تفاول وتعويض عما وصلت اليه الثورة الفلسطينية من تراجعات بسبب تيار الاستسلام والتطبيع، وكان يتكلم بتدفق لا تسمح به حالته الصحية حول شروط نجاح المقاومة العراقية وكان يقدم تجاربه كثائر كبير لي للاستفادة منها في الثورة العراقية المسلحة وكنت انصت اليه باحترام ومحبة كبيرين.
ناجي علوش استراح من الم المرض الذي حد من قدرته على الكتابة وهو المفكر والمناضل وفي ظرف كان الاخطر منذ غزو فلسطين، وكان ورغم مرضه يصر على الكتابة والنشر وكانت كتاباته مختصرة وعميقة لانه لا يستطيع الكتابة المطولة. وكانت كتاباته حتى وهو يتحدث عن المقاومة العراقية تصب في نفس النهر الاصيل (ثورة حتى النصر)، وبلا مساومات او تراجعات.
ما يجعلني ممتلئا بذكريات عطرة عن هذا المناضل الكبير الطهري الالتزام هو ان اخر كلماته التي قالها لي كانت عن المقاومة العراقية واهميتها ودورها في تحقيق انتصار الامة العربية، فمات وهو عراقي الخيار وكان العراق بالنسبة له هو المقاومة المسلحة التي توقع انها ستعيد اشعال الثورة الفلسطينية بانتصارها على الاحتلال الامريكي الداعم الرئيس للكيان الصهيوني.
عهدا للمناضل ناجي علوش بان الثورة العراقية المسلحة ستكون القداحة التي ستعيد اشعال الثورة الفلسطينية كما كنت تريد وترغب.
29/7/2012
شبكة البصرة
الاحد 10 رمضان 1433 / 29 تموز 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق