كل الذين يغردون في سرب نظام الملالي في طهران سوف يكيلون الشتائم لي ولغيري من الذين ينقدون سياسة ايران ازاء العرب، وكم كنا ننشد ان لا تكون ايران جارا مزعجا او جارا سيئا ومؤذيا للعرب، لان العرب هم الذين ادخلوا الاسلام الى عبدة النار واخرجوهم من الظلمات الى النور، ويبدو ان هذا الفعل اغاظ الفرس لان العرب بزعمهم متهمون "بالبداوة" فهم الذين كسروا امبراطوريتهم وادخلوهم في الاسلام عنوة، وقد حان الوقت المناسب لكي يثأروا من العرب ويستعيدوا مجد امبراطوريتهم الصفوية التوسعية. وقد زاد في تحقيق حلمهم نظام "ولاية الفقيه" الذي يأمر بطاعة (نائب الامام الغائب) المنتظر الذي سيظهر ليملئ الارض عدلا كما يعتقدون.
لقد اظهر نظام الملالي عداءا اعلاميا للولايات المتحدة ودخل معها في صراعات معروفة النتائج سلفا كان ابرزها احتجاز الرهائن الامريكيين في السفارة الامريكية في طهران لاكثر من عام، اضافة الى التصعيد العسكري واجراء المناورات البرية والبحرية وابراز العضلات، وفي الخفاء كانت اللقاءات بين الجانبين مستمرة، والتنسيق بينهما على احسن وجه في السر والعلن ومن وراء ستار، والتفاهم ظل ايجابيا بينهما حول تقاسم الادوار في المنطقة.
فنظام الملالي سهل مهمة الولايات الامريكية في احتلال كل من افغانستان والعراق، وقد سهلت مهمة اعوانها من الاحزاب العراقية الموالية لنظام ولاية الفقيه في دخول الاراضي العراقية اثناء الغزو الامريكي للعراق عام 2003، وهي التي دربت عناصر هذه القوات لكي تقوم بالدور الذي يريده نظام ولاية الفقيه، بالانتقام من النظام الوطني ومن افراد الجيش العراقي وخاصة الطيارين الذين جرعوا خميني " كأس السم " عام 1988، وسكتنظام الملالي على سياسة بول بريمر التقسيمية وفق المنهج الطائفي الذي قاد العراق الى الاقتتال الطائفي، وذهب ضحيته الوف القتلى والمعوقين وملايين المهجرين. وكل ذلك ليسهل على ايران بسط سيطرتها على العراق، او على الاقل بسط سيطرتها على المحافظات الجنوبية ذات المذهب الواحد مع ايران. ومن خلال هذه السيطرة تتمدد باتجاه دول الخليج العربي، وبالذات الكويت والبحرين والامارات والسعودية.
لقد اساء نظام الملالي كثيرا الى الشعب العراقي، فقد تجاوز الحدود وسيطر على ابار النفط العراقية، وقطع مياه الانهار الايرانية حتى لا تصب في شط العرب وبالتالي لا يصلح للملاحة. ولم يكتف هذا النظام بذلك بل فيض المياه العادمة على الاراضي العراقية وعلى الاهوار لافساد البيئة في العراق، وفي الجانب الاقتصادي سيطر الايرانيون على التجارة في العراق، وصار التعامل التجاري بالعملة الايرانية (التومان)، كما عمل النظام على تهريب الدولارات بالطائرات من العراق الى ايران عبر مطار النجف، بهدف افلاس الدولة العراقية، وكل ذلك يتم تحت انظار الحكومة العميلة لطهران وواشنطن. ان الهدف بات واضحا هو افقار ابناء الشعب العراقي، وجعلهم يتعاملون مع ايران وحكومتهم العميلة طواعية.
نفاق نظام الملالي :
عندما هبت الجماهير العربية ضد الانظمة المتسلطة وطالبت بالاصلاحات السياسية والاقتصادية، وقف نظام الملالي ايران موقفا مزدوجا، ونظر للانتفاضات العربية بمكيالين، فتارة يؤيد الانتفاضة في مصر وتونس والبحرين ضد الانظمة الحاكمة فيها، ومن جانب اخر يؤيد الانظمة في سوريه العراق ضد انتفاضة الشعب فيهما. هذا الموقف الذي يكيل بمكيالين وتلك النظرة المزدوجة تؤشر النوايا والتوجهات الطائفية والتوسعية لنظام الملالي ازاء الاقطار العربية.
اننا لا ندافع عن الانظمة المتسلطة، بل نطالبها بمنح الشعب حقوقه التي نادت بها رسالات السماء والحقوق المدنية الخاصة بالانسان وكرامته وحقة بالرأي والتعبير والمشاركة السياسية وفق الدستور الذي يحكم اي قطر. ولكن الامن الوطني والسلامة الوطنية والسيادة والاستقلال مبادئ اساسية لا يمكن التنازل عنها او التهاون بالدفاع عنها تحت يافطة الديمقراطية.
اطماع في البحرين :
من حق شعب البحرين ان ينال حقه في الحرية والراي والمشاركة السياسية عندما تكون اللحمة الوطنية قادرة على افشال المخططات الخارجية الطامعة في الارض وخارقة للسيادة الوطنية.
قد يقول قائل ان الاسطول الامريكي الخامس يرابط في مياه البحرين منذ زمن طويل وهو الذي يحمي النظام في البحرين من اي اعتداء، هذا قد يكون صحيحا في الزمن الماضي، ولكن التجربة ومسيرة الادارات الامريكية مع حلفاءها او مع عملائها تثبت ان هذه الادارة لا تراعى هؤلاء الحلفاء الا اذا اقتضت مصالحها ذلك، وهي مستعدة للتنازل عن حمايتهم اذا انتهت تلك المصالح، كما حصل في ايران ذاتها عندما تنازلت عن الشاه، وعندما تنازلت عن ماركوس في الفلبين، وعن زين العابدين في تونس وعن حسني مبارك في مصر وعن علي عبدالله صالح في اليمن. الولايات المتحدة لا تسمح باحتلال البحرين عسكريا، ولكنها لن تقف مع نظام البحرين اذا حصل اصلاح سياسي يتهاون في منح الديمقراطية على حساب مسألة الامن الوطني والسيادة الوطنية.
ان النظام في البحرين كما هو الحال في باقي دول الخليج العربي التي فتحت ابوابها منذ سبعينات القرن الماضي امام الجنسيات الاجنبية وخاصة الايرانيين الذين قدموا للعمل فيها، ومن ثم منحهم جنسية بلدان الخليج، وهؤلاء يحملون الجنسية البحرينية والقطرية والاماراتية والكويتية، ولكن ولائهم القومي الطائفي ظل لايران، ويرتبطون معها مذهبيا، واليوم يرتبطون معها من خلال وزارة (اطلاعات) المخابرات الايرانية وقوات القدس التي يقودها قاسم سلماني الذي من المحتمل ان يترشح للانتخابات الرئأسية المقبلة في ايران، فهذه القوات اخترقت العديد من الدول ونفذت عمليات ارهابية ضد مواطنيها او ضد مصالحها، وصارت هذه القوات مشهورة في اعمال الارهاب المنظم، وتصريحات قاسم سلماني بشأن العراق وجنوب لبنان تؤشر مقدار نفوذ هذه القوات في هذه الدول. والمؤشرات الامنية في البحرين تؤكد ضلوع قوات القدس في النسيج البحريني المنتمي لايران قوميا ومذهبيا، بحيث صارت هذه العناصر تعلن عن نواياها الانقسامية بدون وجل، وتطالب باسقاط النظام رغم ما قدمه من مقترحات للاصلاح السياسي، ولكن هذه العناصر تتناغم مع التوجهات الصادرة من طهران المنادية بالحاق البحرين بايران.
المعارضة البحرينية من كلا الطائفتين لها الحق في المناداة بالاصلاح السياسي، ولكن لابد من توفر النية الصادقة للحفاظ على الامن الوطني وعلى الهوية الوطنية العربية. ومن المؤلم ان بعض فصائل المعارضة البحرينية وجدت في فكرة الوحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي، كأنها كارثة، وقد تناغمت مع تصريحات عدد من المسؤلين الايرانيين الرافضة لفكرة الوحدة. ماذا قال المسؤلون الايرانيون؟.
· علي لارجاني رئيس مجلس الشورى الايراني قال "البحرين ليس لقمة سائغة يمكن ابتلاعها بسهولة" واعتبر فكرة الاتحاد بين البحرين ودول مجلس التعاون بانها "سلوك" بدوي "ستكون له نتائج وتداعيات سيئة في الظروف الحالية".
· اما النائب حسين علي شهرباري فقال "البحرين هي المحافظة الرابعة عشرة لايران، ومن المفروض ان يحدث امر ما في البحرين، وهي من حق ايران وليس السعودية." وطالب بضم البحرين الى ايران، وكأنه يدعو اعوانه بسرعة التحرك لاسقاط النظام في البحرين والحاقه بايران.
· علي لارجاني الذي يمثل الشعوب الايرانية يغازل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني فقد صرح قبل ايام من اجراء المباحثات مع الترويكة الاوروبية بشأن المفاعلات النووية قائلا " ايران لاتعادي اسرائيل، وان المفاعلات الايرانية لا تشكل تهديدا للامن الاسرائيلي ".
واذا كانت المفاعلات الايرانية لا تشكل اي تهديد لامن الكيان الصهيوني، فانها ستشكل تهديدا للبداوة التي يصف لارجاني بها العرب، اليس هذا هو الحقد الفارسي على العرب؟ اليست تلك هي الاطماع الايرانية في اراضي العرب؟ اليس هو الحقد على كل عربي ساهم في اخماد شعلة النار الفارسية؟.
من حق البحرين ان تحتج على مثل هذه التصريحات الاستفزازية من قبل المسؤلين في طهران، ومن حق السعودية ان تطالب نظام طهران بالكف عن التدخل في شؤون دول الخليج العربي. ولكن الواجب يقتضي التقدم خطوات جادة نحو الوحدة الخليجية سياسيا وعسكريا واقتصاديا، ولا يجوز التباطؤ ريثما تقع كارثة اخرى وتحتل ايران بلدا عربيا جديدا بعد ان احتلت العراق وصار منطلقا امامها للزحف على دول الخليج الاخرى.
الوحدة الخليجية ضرورة :
صحيح ان الوحدة هو شعار القوميين وخاصة حزب البعث العربي الاشتراكي، ولكن الوحدة مطلب الامم التي تنشد العزة الوطنية والسيادة والاستقلال الناجز، وهذه الوحدة قاومها الغرب من زون طويل، ونتذكر الوثيقة التي صدرت في بريطانيا 1905ـ1907 التي عرفت بوثيقة (بالمرستون)، جاء فيها بشأن الشرق الاوسط كنصيحة للحكومة البريطانية " علينا ان لا ندع افكارا شيطانية كالتي راودت محمد علي باشا، وحتى لاتتحقق مثل هذه الافكار علينا زرع حاجز بشري بين المشرق العربي ومغربه ". المقصود بالافكار الشيطانية هي عزم محمد علي توحيد وادي النيل مع بلاد الشام 1930ـ1940. اما الحاجز البشري فهو زرع الكيان الصهيوني في فلسطين، وكانت البداية دحر جيوش ابراهيم باشا من بلاد الشام، وابرام اتاقية (سايكس ـ بيكو) 1916، واصدار وعد بلفور 1917، وتسهيل هجرة اليهود من بلدان العالم الى فلسطين، حتى وقعت الكارثة باعلان دولة الصهاينة عام 1948.
ان من يقف ضد وحدة العرب فهو عدو للعرب كلهم، لان هدف الوحدة من اهم اهداف الامة العربية، ففي وحدتهم ضمانة لاستقرار امن المنطقة وسند للامن والسلام في العالم ايضا. كما ان الوحد تؤمن للعرب حياة حرة كريمة، ويتلاشى الفقر والجهل والبطالة. كما ان تصرفات المسؤلين الايرانيين وتصريحاتهم الاستفزازية ضد العرب تزيد من شحنة العداء ضد ايران، في حين ان المنطق هو ان تسود علاقات ودية بين الدول المتجاوره لضمان الامن والاستقرار.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق