قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الاثنين، 27 يوليو 2015

صلاح المختار : الطائفية تدحر بالوطنية وليس بالطائفية المضادة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الطائفية تدحر بالوطنية وليس بالطائفية المضادة
شبكة البصرة
صلاح المختار
قبل ان ننتقد نوضح : الامة لا تريد المزيد من التجارب فقد قال (اينشتاين) ان تجربة المجرب غباء، وكل تاريخ البشرية خصوصا تاريخنا العربي يؤكد بان الطائفية من المستحيل ان تهزم برد طائفي على الاطلاق حتى لو لم يكن هناك عامل تغذية خارجي لها فكيف عندما يكون اكثر من طرف خارجي يتولى تغذية الطائفية لتكون اداة تقسيم الاقطار العربية وتقاسمها؟ نقر بان الاضطهاد الطائفي المتطرف في العراق وسوريا وصل مرحلة خطيرة جدا ولم يعد الناس يحتملونه لبشاعة الجرائم التي ترتكب ظاهريا بدافع طائفي، ولكن عمليا محركها قومي فارسي من جهة واستعماري امريكي صهيوني من جهة ثانية.
وهذا الاقرار يلزمنا واكثر مما مضى ان نؤكد على ان الصراع في العراق ليس طائفيا في جوهره وانما هو صراع تحرري وطني وقومي، وسنناضل بكل طاقاتنا خصوصا العسكرية لمنع تحويله الى فتنة طائفية، اما الصراع الطائفي الشكلي فهو بين القوى التابعة لامريكا واسرائيل الشرقية شيعية وسنية الهوية من اجل اشعال الفتن الطائفية وحرق العراق بها واجهاض حركته التحررية الوطنية، والشعب العراقي بكتلته الاعظم حافظ على لحمته الوطنية وتجاوز مرحلة شقها.
ولكن متى تحررت الشعوب من الظلم بالعواطف وبالثأرات فقط؟ يعلمنا التاريخ وبالذات تاريخ الحروب بان من يخوضها بدافع عاطفي وانفعالي يخسرها مهما فعل لان العقل واهم امكانياته التخطيط الهادي المبني على رؤية واضحة لكافة مكونات الصراع يغيب وتهيمن العفوية والارتجال وهما ابرز عوامل تبديد قوى الامم. اليس هذا هو احد اسباب هزائمنا في حروبنا مع اسرائيل الغربية؟ واليس التخطيط والعقلانية هما سبب انتصارنا على الفرس في القادسية الثانية وهي اشرس واطول حرب تعرض لها العرب؟
ورغم اننا وضحنا مرارا ان الحل الطائفي عراقيا وعربيا فخ منصوب لنا جميعا من قبل الصهيونية الامريكية وحليفها الاساس اسرائيل الشرقية الا البعض مع الاسف يستسلم لنداء طائفي تشحنه مرارات الجرائم التي نراها يوميا في العراق، فعاطفة البشر تجاه القتل البطئ المصحوب بتعذيب غير مألوف كحرق الناس احياء او سحلهم حتى الموت يثير في الانسان اعمق مشاعر الغضب ويدفعه للقيام باي عمل انتقامي سريع قبل ان تخمد العواطف.
ولكن هل هذا هو المطلوب لوضع حد للاضطهاد الطائفي البشع؟ لكي نرى بوضوح معنى ونتائج الرد الطائفي على جرائم طائفية من الضروري تذكر ما يلي:
1- هل نسينا ان اهم عماد لخطة الاحتلال وكوارثه المفجعة كان المحاصصات الطائفية والعرقية؟ اذا لم نكن قد نسينا فانها جرت البعض جرا الى مواقف كانت لاتمر عليه حتى في الكوابيس ومنها قبول الحل الطائفي المتمثل اساسا باقامة تحالف على اسس طائفية للرد على التجمعات الطائفية التابعة لاسرائيل الشرقية. نذكر وربما تنفع الذكري بان الخطط لتي وضعت في امريكا ومنذ ما سمي (قانون تحرير العراق) في عام 1998 تبنت الحل الفدرالي القائم ليس على المناطقية كما في امريكا مثلا بل على الطائفية والعرقية ولهذا فدستور الاحتلال كان عبارة عن تنفيذ حرفي لتلك الخطط.
والفدرالية الطائفية العنصرية ليست نهاية المطاف فهي مجرد غطاء للتقسيم بعد اعداد المناخ المناسب وللوصول الى ذلك جعلت الفدرالية مجرد اسم لانها كانت في الواقع العملي كونفدرالية. فما الذي تغير وجعل البعض يقبل الان بما رفضه طوال سنوات الاحتلال وهو الاقليم السني؟ لقد رفضنا كل كيان يؤسس على طائفة وعرق بل رفضنا ونرفض بثبات كل كيان يتعارض مع الكيان الوطني العراقي الواحد، ومهما كانت التبريرات المقدمة لاقناع الناس، وطبعا لمنطقة كردستان العراق وضع خاص ضمن العراق الواحد.

2- من يمسك بالقوى المقررة لما يجري ويحدد طرق استخدامها؟ دعاة الاقليم السني؟ طبعا كلا فهم اضعف من ان يؤثروا في مجرى الصراع الطائفي لان من اشعله ويديمه بقرار ستراتيجي يمسك بحيوط اللعبة الطائفية، والعجز يشمل كافة الاقطار العربية التي قد تتورط في قبول حل طائفي لازمة العراق لانها هي الاخرى تعيش حالات تحدي داخلية وخارجية وكيانها الوطني مهدد بالتقسيم وطبقا لذلك فان الحل الطائفي في العراق سيكون مقدمة لابد منها للحل الطائفي في السعودية ودول الخليج العربي وسوريا ولبنان ومصر وتلحق بقية الاقطار العربية. واذا كانت الانظمة العربية تريد النجاة من محرقة الطائفية فعليها اولا وقبل كل شيء التخلي عن الغطاء الطائفي واعتماد الاطار الوطني القطري والقومي العربي فقط في اي حل تريده.

3- وحتى لو افترضنا ان هناك من لديه القوة لاقامة الاقليم السني بدعم عربي الواجب يقتضي القول وبلا تردد بان هؤلاء يسيرون باقدامهم نحو تقسيم العراق وليس حماية سنته، فالطرف الاخر المدعوم من الاسرائيليتين وامريكا سيكون مستعدا للقتال وبشراسة ضد المعسكر الطائفي لسبب بسيط وبديهي وهو انه سيكون امام معسكر يشهر عداءه على اسس طائفية وهذا هو اكمال لعملية التصفيق والتي لا تتم بيد واحدة ابدا.
وعندما تصفق الطائفية فان جوهر ما تحتاجه اسرائيل الشرقية لزج قوات ايرانية اكثر واكبر في العراق تحت غطاء القضاء على فتنة طائفية رغم انها هي من اشعلها سيصبح حتميا والاخطر ان وضع هذا المخطط من قبل الصهيونية الامريكية ودعم الدور الفارسي في تنفيذها سوف يجعل الموقف الامريكي اكثر دعما لاسرائيل الشرقية ونغولها ليس في العراق فقط بل في كل الاقطار العربية وسنرى امريكا تقود عملية محاربة (الارهاب السني) وادانة التعدي على دستور (العراق المحرر) التي بداتها منذ سنوات. اما اذا وعدت امريكا نظاما عربيا او فئات عربية بغير ذلك فهو تضليل اشتهرت به المخابرات الامريكية.

4- بقيام اقليم سني سوف تكتمل شروط عملية تقسيم العراق وكما ان من رفضوا فكرة الاقليم السني في السنوات السابقة تراجعوا وقبلوها تحت تبرير تعرض السنة للابادة فان الضغط القادم على الاقليم السني والذي سيكون اقوى بكثير سوف يكون مبررا لقبول تقسيم العراق خصوصا وان العناصر والكتل الانشط في هذا المشروع لا تؤمن بالوطنية اصلا وتعدها (من رجس الشيطان) وستوفر غطاء ايديولوجيا دينيا لتقسيم العراق.

5- عندما تقوم حرب طائفية فهناك خياران اما ابادة الطرف الاخر او الاستسلام له ولا حل ثالث، والخطة تقتضي ان يقوم اقليم سني ويقابله اقليم شيعي وكل منهما يرفض الاخر بتطرف ولهذا فان العلاقة بينهما ستكون علاقات حرب ابدية لن تنتهي الا بتدمير احدهما، فهل يجهل دعاة الاقليم السني تلك النتيجة؟

في ضوء ماتقدم نقول مكررين موقفنا القومي والوطني الثابت وغير القابل للتغيير باننا نرفض عقائديا الحل الطائفي لاننا قوميون عرب، ونرفض الحل الطائفي ستراتيجيا لاننا نعرف من مهندسه ولمن يخدم وما هي الخطوة التالية له، ونرفض الحل الطائفي سياسيا لانه ليس اكثر من لعبة الموت التدريجي للجميع.
اما بخصوص زج اسم البعث في كل مشروع يطرح من هذه الجهة او تلك فنقول للجميع بلا تردد وبثبات المؤمن الان واكثر من اي موقت مضى ان البعث وباعتراف دولي واقليمي وعربي، اخذ يتكشف تدريجيا، هو احد القوى الثلاثة الاساسية التي تتصارع في العراق وهي امريكا واسرائيل الشرقية والبعث العظيم، فالبعث بجماهيره الغفيرة ومقاتليه في كافة جبهات الحرب والسياسة والاعلام هو القوة الاساسية التي تستطيع منع تقرير مصير العراق من قبل الطرفين الاخرين وحدهما.
وهذه الحقيقة اعترفت بها القوى الاساسية في العالم وفي مقدمتها امريكا بعد ان جربت الاجتثاث والذي استشهد بسببه اكثر من 160 الف بعثي ومع ذلك وبعد 12 عاما على الغزو فان امريكا تصارح اصدقاءها ومنافسيها بانه لاحل في العراق من دون البعث، اما اسرائيل الشرقية فهي الاخرى حاولت وتحاول زج البعث في عمل عراقي عام لانها تعرف بان البعث قادر على احباط كل مخطط يهدد هوية العراق ووحدته الاقليمية.
ونتيجة لهذا الاعتراف العام بدور البعث الحاسم تحاول قوى دولية واقليمة وعربية وعراقية التقرب منه واستخدام اسمه ولو شكليا لدعم مشاريع يرفضها بشدة. اذن علينا الان ان نؤكد وهذا القول ليس تحديا ولا ادانة لاحد بان البعث لم ولن يكون طرفا في اي مشروع طائفي وسيواصل نضاله المسلح والسلمي من اجل اكمال مسيرة تحرير العراق.
Almukhtar44@gmail.com
24-7-2015
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق