لماذا تسعي القوي النفطية والعسكرية لمواجهة مع إيران؟
بقلم فيديريكو مايور ثاراغوثا*/وكالة إنتر بريس سيرفس
برشلونة، أسبانيا, أبريل (آي بي إس) - الآن وتعتبر الحرب في العراق “منتهية”، يقفز علي مسرح الأحداث العالمية هدف آخر لإسرائيل ألا وهو مهاجمة إيران بذريعة أنها قد ربما تكون تعمل على صنع أسلحة نووية، وذلك على الرغم من أن دول أخري كباكستان والصين و الهند تحوز أسلحة ذرية بالفعل.
فالواقع أن المنتجين الرئيسيين للأسلحة والنفط -وكلاهما جوهري لممارسة "القوة العظمي" في العالم- يسعون الآن لمواجهة مع إيران تماما كما سبق وأن فعلوا قبل سنوات مع العراق، وذلك من خلال اللجوء إلى الأكاذيب والحجج الزائفة.
وليس من قبيل الصدفة أن يكون إحتياطي النفط في إيران بنفس قدر إحتياطي المملكة العربية السعودية … وربما أكبر.
وبالنظر إلى أن إسرائيل لا تحتاج إلى التحدث مع وزارة الدفاع الامريكية لإقناع القيادة العسكرية الأمريكية -فهي تتواجد بالفعل داخل وزارة الدفاع الامريكية- فمن دواعي القلق هو أن يتكرر ما حدث في عام 2003: طوفان من الأنباء حول نوايا إيران "الخبيثة" كما كان الحال بالنسبة للعراق، يليه إتخاذ قرار القيام بعمل عسكري... من دون الحصول على إذن من مجلس الأمن. بيد أن الأمور لن تسير في عام 2012 بالطريقة التي تمت بها في عام 2003 حين تم غمس العالم كله، سلبيا، في مناخ الخوف والصمت.
فاليوم يمكن للبشرية العمل جنبا إلي جنب لوضع حد فوري لمثل هذه التجاوزات غير المقبولة علي الإطلاق، وكل ما يترتب عليها من تداعيات لم تنشر حتي الآن، بما في ذلك عدد القتلى والمشوهين والمشردين.
لقد برهنت مجموعة الثمانية ومجموعة العشرين (أغنى دول العالم)، وبما فيه الكفاية، عن عدم كفاءتها في إدارة الشؤون العالمية، بما في ذلك إدارة الشؤون الاقتصادية.
ومن صم، فالمطلوب الآن هو إعادة تشكيل الأمم المتحدة على وجه السرعة. ففي وسع التعددية وحدها تجنب النزاعات المسلحة وتنظيم الأسلحة النووية علي الفور تمهيدا لإلغائها نهائيا، وذلك من خلال الحوار والتفاهم.
لا ينبغي أن تعيش البشرية تحت التهديد النووي الذي يمثل دعوة للموت جراء التقاعس عن العمل ووصمة العار الجماعية. هذه -وليست تقلبات سوق الأسهم- هي المشكلة الحقيقية التي نواجهها والتي تؤثر علي البشرية جمعاء وتشكل تحديا ملموسا وعاجلا.
هذا ومن الموكد أن أي أزمة منهجية تتطلب تغييرا في النظام من خلال نقل السلطة والمبادرة إلي المجتمع وتكييف العمل السياسي علي مبادئ الديمقراطية وليس حسب مقتضيات الأسواق، سواء كانت محلية أو عالمية .
بهذه الطريقة يمكننا تحقيق الغاية الملحة العاجلة لإعادة تأسيس الأمم المتحدة بغية ضمان سلطتها المعنوية وتوفير مؤسسات قادرة على الجمع بين كافة دول العالم دون استثناء أو إقصاء.
فلقد أصبح من المحتم أن تفسح الدوافع المهيمنة على حكم العالم من خلال مجموعة من 7 أو 8 أو 20 بلدا، المجال لتعاون متعدد الأطراف وذلك إستجابة للسخط العالمي الذي يوشك أن يجعل صوته مسموعا عاليا أكثرا فأكثر.
أما عن كيفية إعادة هيكلة كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن، فيجب إضافة مجلس أمن إجتماعي وإقتصادي ومجلس أمن بيئي، إلي جانب مجلس الأمن الحالي، وذلك من أجل توفير الهياكل الدولية الملائمة.
فبعد التدخل غير المقبول وغير الأخلاقي في العراق، ينبغي أن تعارض القوة المدنية العالمية الآن وبشدة مثل هذه المغامرات، لا سيما تلك التي تستهدف إيران سواء لأسباب جيو- إستراتيجية (بإيعاز من اسرائيل) أو لإحتياطيات إيران النفطية الهائلة.
الحل الوحيد لمواجهة المشاكل المحتملة التي قد تنجم عن إيران أو اليمن أو سوريا -وأيضا ليبيا من قبل- هو وساطة الأمم المتحدة بإعتبارها المحاور الوحيد الذي يحظى بدعم العالم كله.
هل توقف العالم أمام الأعداد المروعة لضحايا التدخل في العراق؟ أو عدد النازحين البالغ 5 مليونا ناهيك عن الآلاف والآلاف من البشر لذين قتلوا أو شوهوا؟ هل نظرنا في الطريقة التي يجري بها إستغلال حقول النفط في العراق في الوقت الراهن؟ شعوب العالم لم تعد تتحمل هذا النوع من الأعمال الوحشية.
فممن الواضح أن الجمهوريين في الولايات المتحدة -وهم الذين لا يزالوا يمارسون نفوذا هائلا في توجيه الدفة السياسية الأمريكية- إنما يضاعفون منذ الثمانينات جهودهم الهادفة لهدم الامم المتحدة.
فقد تخلوا عن منظمة اليونسكو في عام 1984، ثم توافقوا من أجل غزو العراق. ثم حاولوا مرة أخرى شل حركة اليونسكو من خلال عدم سداد المستحقات الأمريكية، لمجرد أن جمعيتها العمومية وافقت علي قبول عضوية الدولة الفلسطينية.
والآن نراهم يبذلون جهدا عنيدا لتفعيل مجموعة الثمانية ومجموعة العشرين وغيرها، في حين يديرون ظهورهم للتعاون المتعدد الأطراف. لكن هذا سيساهم في إحتضار هذا النظام الذي هو حالة إنهيار كامل بالفعل. *فيديريكو مايور ثاراغوثا، المدير العام السابق لمنظمة اليونسكو، ورئيس مؤسسة ثقافة السلام، ورئيس وكالة إنتر بريس سيرفس.(آي بي إس / 2012)
بقلم فيديريكو مايور ثاراغوثا*/وكالة إنتر بريس سيرفس
فيديريكو مايور ثاراغوثا، المدير العام السابق لمنظمة اليونسكو، ورئيس مؤسسة ثقافة السلام، ورئيس وكالة إنتر بريس سيرفس. |
برشلونة، أسبانيا, أبريل (آي بي إس) - الآن وتعتبر الحرب في العراق “منتهية”، يقفز علي مسرح الأحداث العالمية هدف آخر لإسرائيل ألا وهو مهاجمة إيران بذريعة أنها قد ربما تكون تعمل على صنع أسلحة نووية، وذلك على الرغم من أن دول أخري كباكستان والصين و الهند تحوز أسلحة ذرية بالفعل.
فالواقع أن المنتجين الرئيسيين للأسلحة والنفط -وكلاهما جوهري لممارسة "القوة العظمي" في العالم- يسعون الآن لمواجهة مع إيران تماما كما سبق وأن فعلوا قبل سنوات مع العراق، وذلك من خلال اللجوء إلى الأكاذيب والحجج الزائفة.
وليس من قبيل الصدفة أن يكون إحتياطي النفط في إيران بنفس قدر إحتياطي المملكة العربية السعودية … وربما أكبر.
وبالنظر إلى أن إسرائيل لا تحتاج إلى التحدث مع وزارة الدفاع الامريكية لإقناع القيادة العسكرية الأمريكية -فهي تتواجد بالفعل داخل وزارة الدفاع الامريكية- فمن دواعي القلق هو أن يتكرر ما حدث في عام 2003: طوفان من الأنباء حول نوايا إيران "الخبيثة" كما كان الحال بالنسبة للعراق، يليه إتخاذ قرار القيام بعمل عسكري... من دون الحصول على إذن من مجلس الأمن. بيد أن الأمور لن تسير في عام 2012 بالطريقة التي تمت بها في عام 2003 حين تم غمس العالم كله، سلبيا، في مناخ الخوف والصمت.
فاليوم يمكن للبشرية العمل جنبا إلي جنب لوضع حد فوري لمثل هذه التجاوزات غير المقبولة علي الإطلاق، وكل ما يترتب عليها من تداعيات لم تنشر حتي الآن، بما في ذلك عدد القتلى والمشوهين والمشردين.
لقد برهنت مجموعة الثمانية ومجموعة العشرين (أغنى دول العالم)، وبما فيه الكفاية، عن عدم كفاءتها في إدارة الشؤون العالمية، بما في ذلك إدارة الشؤون الاقتصادية.
ومن صم، فالمطلوب الآن هو إعادة تشكيل الأمم المتحدة على وجه السرعة. ففي وسع التعددية وحدها تجنب النزاعات المسلحة وتنظيم الأسلحة النووية علي الفور تمهيدا لإلغائها نهائيا، وذلك من خلال الحوار والتفاهم.
لا ينبغي أن تعيش البشرية تحت التهديد النووي الذي يمثل دعوة للموت جراء التقاعس عن العمل ووصمة العار الجماعية. هذه -وليست تقلبات سوق الأسهم- هي المشكلة الحقيقية التي نواجهها والتي تؤثر علي البشرية جمعاء وتشكل تحديا ملموسا وعاجلا.
هذا ومن الموكد أن أي أزمة منهجية تتطلب تغييرا في النظام من خلال نقل السلطة والمبادرة إلي المجتمع وتكييف العمل السياسي علي مبادئ الديمقراطية وليس حسب مقتضيات الأسواق، سواء كانت محلية أو عالمية .
بهذه الطريقة يمكننا تحقيق الغاية الملحة العاجلة لإعادة تأسيس الأمم المتحدة بغية ضمان سلطتها المعنوية وتوفير مؤسسات قادرة على الجمع بين كافة دول العالم دون استثناء أو إقصاء.
فلقد أصبح من المحتم أن تفسح الدوافع المهيمنة على حكم العالم من خلال مجموعة من 7 أو 8 أو 20 بلدا، المجال لتعاون متعدد الأطراف وذلك إستجابة للسخط العالمي الذي يوشك أن يجعل صوته مسموعا عاليا أكثرا فأكثر.
أما عن كيفية إعادة هيكلة كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن، فيجب إضافة مجلس أمن إجتماعي وإقتصادي ومجلس أمن بيئي، إلي جانب مجلس الأمن الحالي، وذلك من أجل توفير الهياكل الدولية الملائمة.
فبعد التدخل غير المقبول وغير الأخلاقي في العراق، ينبغي أن تعارض القوة المدنية العالمية الآن وبشدة مثل هذه المغامرات، لا سيما تلك التي تستهدف إيران سواء لأسباب جيو- إستراتيجية (بإيعاز من اسرائيل) أو لإحتياطيات إيران النفطية الهائلة.
الحل الوحيد لمواجهة المشاكل المحتملة التي قد تنجم عن إيران أو اليمن أو سوريا -وأيضا ليبيا من قبل- هو وساطة الأمم المتحدة بإعتبارها المحاور الوحيد الذي يحظى بدعم العالم كله.
هل توقف العالم أمام الأعداد المروعة لضحايا التدخل في العراق؟ أو عدد النازحين البالغ 5 مليونا ناهيك عن الآلاف والآلاف من البشر لذين قتلوا أو شوهوا؟ هل نظرنا في الطريقة التي يجري بها إستغلال حقول النفط في العراق في الوقت الراهن؟ شعوب العالم لم تعد تتحمل هذا النوع من الأعمال الوحشية.
فممن الواضح أن الجمهوريين في الولايات المتحدة -وهم الذين لا يزالوا يمارسون نفوذا هائلا في توجيه الدفة السياسية الأمريكية- إنما يضاعفون منذ الثمانينات جهودهم الهادفة لهدم الامم المتحدة.
فقد تخلوا عن منظمة اليونسكو في عام 1984، ثم توافقوا من أجل غزو العراق. ثم حاولوا مرة أخرى شل حركة اليونسكو من خلال عدم سداد المستحقات الأمريكية، لمجرد أن جمعيتها العمومية وافقت علي قبول عضوية الدولة الفلسطينية.
والآن نراهم يبذلون جهدا عنيدا لتفعيل مجموعة الثمانية ومجموعة العشرين وغيرها، في حين يديرون ظهورهم للتعاون المتعدد الأطراف. لكن هذا سيساهم في إحتضار هذا النظام الذي هو حالة إنهيار كامل بالفعل. *فيديريكو مايور ثاراغوثا، المدير العام السابق لمنظمة اليونسكو، ورئيس مؤسسة ثقافة السلام، ورئيس وكالة إنتر بريس سيرفس.(آي بي إس / 2012)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق