· اللقاءات الرسمية العربية لن توقف المطالبات الإيرانية الوقحة بضم البحرين · إيران بحديثها الملتبس عن مستقبل الملاحة في هرمز أرادت اللعب على النهايات السائبة
|
الصوره من مدونة كل الصور |
· دول غربية كبرى هددت إيران بلغة تفهمها عندما عدّت إغلاق مضيق هرمز إعلان حرب · إيران خصصت 120 مليار دولار للتغلغل في الدول الإسلامية عن طريق البعثات التبشيرية · إذا راهنت إيران على ما تمتلك من قوة صاروخية أو دعم روسي فهي في غاية السذاجة · للعرب دور محوري بتطبيق العقوبات على إيران عبر وقف التبادلات التجارية
دخل قرار حظر استيراد النفط الإيراني، من جانب الاتحاد الأوربي، حيز التنفيذ في الأول من تموز/يوليو الجاري، وهو واحد من القرارات التي تم فرضها بالتقسيط، من أجل تحقيق هدفين في وقت واحد، الأول ترتيب أوضاع السوق النفطية على نحو لا يدخلها في أزمة فورية، قد تؤثر تأثيرا مباشرا على إمدادات النفط الخام من مراكز انتاجه الرئيسة في العالم، أي منطقة الخليج العربي، وهو ما كان سيرفع الاسعار إلى مستويات لا تتحملها اقتصادات كثير من دول العالم، التي تعاني أصلا من أزمات متراكبة ومتراكمة، لم تنفع معها عمليات الانقاذ العاجلة التي قدمت لها من بيوت المال الدولية الكبرى كالبنك الدولي، أو من التكتلات السياسية كالاتحاد الأوربي، وبعد أن اتخذت خطوات عملية لضمان تدفق النفط عبر مضيق هرمز أو بتجاوزه إلى ممرات أخرى، كما فعلت المملكة العربية السعودية بإعادة تشغيل خط النفط العراقي الممتد إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر، أو كما فعلت دولة الإمارات العربية المتحدة، حينما افتتحت خطا يؤمن صادرات يومية تقرب من مليون برميل عبر ميناء الفجيرة، على البحر العربي، ومع ذلك فإن إيران في حديثها الملتبس حول مستقبل الملاحة في مضيق هرمز، أرادت ممارسة سياستها المفضلة في اللعب على النهايات السائبة، وصولا في كل تواجهها إلى حافة الهاوية، ومتى ما واجهت مواقف حازمة، تراجعت إلى ساحة الحلول الذرائعية التي تعكس جوهر تفكير الزعامة الحاكمة في طهران. مسؤولون إيرانيون كبار دينيون وسياسيون وعسكريون قالوا، إن القرار الجديد يعني (إعلان الحرب)، ودعي مجلس الشورى الإيراني لإجتماع خاص للرد على القرار الأوربي، وأقر المجلس على عجل وبأغلبية الثلثين، مشروع قانون بإغلاق مضيق هرمز، وتبدو الزعامة الدينية الإيرانية في غاية الارتباك، لأنها لم تجرؤ حتى الآن إلى اتخاذ موقف عملي قاطع ردا على القرار الأوربي وهو من صلاحياتها الحصرية، فهي من جهة تعلن على لسان بعض المسؤولين غير المتخصصين في الشؤون المالية، أن الاقتصاد الإيراني لن يتأثر بالعقوبات، على حين يعتبره آخرون بمثابة إعلان حرب، لكن رئيس الأركان المشتركة قال إن بلاده لن تغلق المضيق إلا إذا تعرضت لأخطار جدية، وهكذا تدخل إيران العالم في دائرة العتمة مرة أخرى، بهدف إثارة الهلع وإيصاله لحدوده القصوى لدى الدول المستهلكة الكبرى للنفط، من جانب آخر قالت دول غربية كبرى إن إغلاق مضيق هرمز هو إعلان حرب أيضا، ويبدو أن هذا التهديد هو الوحيد الذي صيغ بلغة تفهمها إيران.
إغلاق المضيق مسؤولية من كان لافتا أن الولي الفقيه تخلى عن واحدة من أهم صلاحياته، لمجلس الشورى، ولو أن الأمر لا يعدو عن كونه لعبة تكررها إيران كلما شعرت بالاختناق أو العزلة الدولية، فقضية إعلان الحرب أو إقرار اتفاقيات السلام، من صلاحيات الولي الفقيه بموجب الدستور الإيراني، ويقع ضمن ذلك إغلاق المضيق، الذي يعتبره الغرب إعلان حالة الحرب، خامنئي لم يكن بحاجة إلى هذه المناورة ولكنه أراد أن يوحي بأن هناك مؤسسات ديمقراطية فعالة، وأن الشعب موحد وراء قيادته في هذه المعركة كما كان الأمر في المعارك السابقة، غير أن المهم في هذه اللعبة أن اليمين المحافظ الحاكم، والمنقسم على نفسه أراد إفتعال مواجهة خارجية حتى وإن جرت على نشرات الأخبار في الفضائيات والمواقع الألكترونية ووكالات الأنباء، من أجل توحيد جبهة الداخل أمام خطر خارجي؟ إن خامنئي هو الذي أمر مجلس الشورى أن يجتمع، وهو الذي صمم نتيجة التصويت، ولو أنه كان يمتلك الإرادة السياسية التي تدعمها القوة المادية، لقرر فورا إغلاق المضيق دون الحاجة لأخذ رأي أحد مهما علا شأنه، فالولي الفقيه هو الحاكم بأمره ويحكم حكما مستمدا من نظرية تفويض إلهي جديدة وهي أسوأ من شقيقتها الأوربية بمراحل. إن مضيق هرمز كممر ملاحي دولي لم يتعرض وضعه القانوني لا في الماضي ولا في الحاضر، إلى اشكالات أو تساؤلات تجعله عرضة لتحكم طرف واحد أيا كان مركزه القانوني أو السياسي أو طول الاطلالة اليابسة التي يمتلكها على مياهه، فذلك لا يمنحه حقا إضافيا للتحكم فيه، وهذا ما يمنع عنه صفة قناة ملاحية إيرانية داخلية، ومن المعروف أن أيا من الدول العربية في منطقة الخليج العربي، لم تطرح موقفا يمكن، أن يفسر على أنه تهديد لحرية الملاحة فيه. إن الممرات الملاحية الطبيعية بما فيها الوطنية التي تقع ضفتاها في بلد واحد، كما هو الحال في مضائق البسفور والدردنيل، والصناعية مثل قناة السويس وقناة بنما، لها قوانينها الخاصة، والاتفاقيات الدولية التي تنظم حقوق المالكين والمنتفعين منها بما يؤمّن حركة الملاحة التجارية الدولية وحتى لحركة الأساطيل الحربية، وأن هذه الاتفاقيات لا تسمح للدول المالكة لها بأن تتصرف بموجب قوانينها الداخلية في عرقلة حركة الملاحة فيها، إلا في حال أن من حق الدول المالكة أن تمنع قطعا بحرية حربية تعود لبلد في حالة حرب مع البلد المالك للمر المائي من حق المرور، وقد أدى التنازع بين الدول حول أي من القوانين الواجبة التطبيق في الماضي، إلى وقوع حروب كانت المنطقة العربية ساحة لاثنتين منها، وهما حرب 1956 و1967، وكلاهما تتعلق بحرية المرور في الممرات الملاحية في قناة السويس ومضائق تيران، على الرغم من أن قناة السويس تخترق أراض مصرية لا جدال على عائديتها لها منذ القدم، من البحر المتوسط شمالا إلى البحر الأحمر جنوبا، كما شهدت بنما أحداثا مماثلة بسبب عدم تقدير القيمة الملاحية لقناتها بالنسبة لدول العالم وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية. أما الممرات والمضائق الدولية والتي تقع على جانب منها دول عربية، مثل مضيق جبل طارق ومضيق باب المندب، وهي تشبه في وضعها القانوني وضع مضيق هرمز، فلم تشهد أية تهديدات لحرية الملاحة الدولية فيها على الرغم من أن مقترباتها لم تكن آمنة بصورة مطلقة، فهل بادرت اسبانيا للتهديد بإغلاق المضيق الذي يقع جنوبها، أو فعلت المغرب على الرغم من وجود نزاعات، متعددة المحاور بين المملكة المغربية بسبب استمرار الاحتلال الإسباني لمدينتي سبتة ومليلية والجزر الجعفرية، وبين إسبانيا وبريطانيا بسبب إصرار الأخيرة على الاحتفاظ بمستعمرة جبل طارق، فهي محكومة بالاتفاقيات الدولية الملزمة لجميع الأطراف. فهل تستطيع إيران عمليا أن تغلق المضيق؟ وأهم من هذا هل خططت إيران حقا للدخول في مغامرة بهذا الحجم؟ إن كانت فعلت فمعنى ذلك أن الأمر خضع لدراسات مستفيضة ومعمقة، من جانب الزعامة الإيرانية الدينية ومجلس الأمن الوطني ومراكز الدراسات المحلية، مع تعاط منفتح على التيارات الخارجية، إقليميا ودوليا، فليس في الأمر سباق للزوارق السريعة على مياه الخليج العربي، وليس مزحة سياسية ثقيلة مثل احتجاز الدبلوماسيين الأمريكيين كرهائن في سفارة بلادهم في طهران بأمر مباشر من الخميني، ومن المؤكد أن حساباتها هذه إن كانت واقعية وموضوعية، ستدفع بها بعيدا عن مياه الخليج العربي بكاملها وليس مياه المضيق، لأنها تعرف أنها تعطي للعالم فرصة الخطوة التالية، أما إذا راهنت على ما تمتلك من قوة صاروخية أو دعم روسي، فإنها في غاية السذاجة والبلاهة. فلماذا تصر إيران على التلويح بإغلاق المضيق كلما شعرت أن مماطلتها للعالم لم يعد جائزا استمرارها، إذا كانت تعي عواقبه الكارثية عليها؟ إيران وعلى الرغم من كل رسائل التطمين للداخل المأزوم، تعرف ماذا سيلحق باقتصادها في حال تم الالتزام الدقيق بآليات العقوبات الجديدة، ولهذا تريد عبر لغة التهديد بصوت عال للمجتمع الدولي، الذي يمتلك حساسية عالية تجاه أي تهديد لخطوط إمدادات النفط الدولية، رفع أسعار النفط الخام في الأسواق الدولية إلى مستويات تتناسب مع غاطس القلق من المجهول، كي تحافظ على نسبة مدخولاتها، حتى عندما تصدّر كميات أقل من نفطها الخام، مع أنها تستطيع الالتفاف على العقوبات الدولية بصفقات رخيصة، تقدم إغراءً عاليا للبحارة المغامرين والباحثين عن الثراء السريع، ولديها شواطئ طويلة على الخليج العربي والبحر العربي، مما يجعل من إحكام الحظر محفوفا بشكوك كبيرة. إن للعرب دورا محوريا في تطبيق العقوبات الاقتصادية على إيران، يتمثل في وقف التبادلات التجارية وقطع الصلاة المصرفية ومنع شركات التأمين من التحايل على القرارات الدولية.
البحر الأحمر منطقة توتر جديدة بعد وصول الإسلاميين في مصر إلى الحكم، من المرجح أن تشهد العلاقات المصرية الإيرانية شيئا من الانفراج التدريجي، لأن جدول الأولويات في اهتمامات الزعامة المصرية الجديدة، وكذلك إلحاح الزعامة الإيرانية على التقارب مع القاهرة لأسباب لا تخفى على المراقب، ستعيد ترتيب الأوراق الإقليمية، وتنتقل قوى من خانة الأصدقاء إلى خانة الأعداء أو على الأقل لا تحظى بصفة الصداقة المتينة، وتتراجع مكانتها في ذهن النظام الجديد، وهنا يمكن أن تبرز إلى الواجهة كل من إسرائيل والولايات المتحدة، وهذا أمر يحظى بتأييد داخلي وعربي واسع النطاق، على حين ستنتقل قوى أخرى من صفوف الأعداء لتصبح دولا صديقة، وهنا ترشح التوقعات إيران لتحتل هذا الموقع، مع كل ما سترتب عليه من فتح متدرج لأبواب مصر لفتن مخطط لها من جانب الزعامات الدينية الباحثة لها عن أدوار خارجية لتعزيز مكانتها في صراع السلطة والنفوذ في الداخل، وربما سيكون أخطر قرار ستقدم عليه مصر هو فتح قناة السويس لقطع الأسطول الحربي الإيراني للتنقل إلى شرقي المتوسط حيث ستجد لها تسهيلات بحرية مضمونة، ويفقد البحر الأحمر خاصيته كبحيرة عربية ظلت بمنأى عن الصراعات والنزاعات الإقليمية والدولية، ومن باب التوزان في الحشد فإن دولا بحرية أخرى ستندفع في حشد مضاد. ومما يعزز هذه القراءة، أن الإسلاميين في السودان على وشك القفز إلى الحكم، نتيجة إصرار قواها على الدخول في نزاع حاسم مع نظام الرئيس حسن عمر البشير، والمضي في ذلك الخيار حتى النهاية، من الجانب الآخر لا يمتلك الرئيس خيرات واسعة لمعالجة أزمات سياسية واقتصادية مزمنة وكافية لتأجيج المشاعر، وعلى الرغم من أنه المعارضة هي من أسهمت في إضعاف نظام الحكم، في كل القضايا التي تسجلها كإخفاقات في سجله السياسي، وخاصة في قضية انفصال الجنوب، وما تزال تلعب دورا ملتويا في إقليم دار فور، هذا ليس معناه أن نظام البشير كان صفحة نظيفة أو إيجابية خالصة على الدوام فقد افتعل كثيرا من المعارك الجانبية واستبدل تحالفاته أكثر من مرة من دون أن يعطي مبررا مقنعا، وفي ضوء الوضع السياسي الهلامي، فمن المتوقع وصول صادق المهدي أو حسن الترابي إلى الحكم لتبدأ دورة من إنعدام الوزن لا أحد يعرف متى تنتهي. لا يوحي سجل الصادق المهدي بكثير من الثبات على موقف مبدئي لا على الصعيد الوطني ولا على الصعيد القومي، فهو طالب سلطة بالمقام الأول، ومن أجل ذلك فهو على استعداد لإقامة تحالفات مع قوى متصادمة فيما بينها، ويستذكر المراقبون، زيارة المهدي حينما كان رئيسا لوزراء السودان هو وزوجته السيدة سارة الفاضل لطهران، خلال الحرب العراقية الإيرانية، وإلقائهما خطبا سياسية لم يتمكنا من إخفاء تعاطفهما مع إيران في تلك الحرب، ولم يحاولا إظهار الحياد على الأقل، على الرغم من أن ميثاق الجامعة العربية يرفض الاصطفاف مع بلد غير عربي إذا نشب نزاع بينه وبين بلد عربي، أما الترابي فمواقفه ليست خافية في تأييد إيران بمناسبة أو من دونها، مع أن إيران طرحت نفسها داعمة لنظام الرئيس البشير في مواجهة الجنوب، وعلينا ألا نصاب بالدهشة إذا ما عرفنا أن طهران تتبع سياسة دعم الأضداد في أي مكان في العالم انتظارا لحصاد المكاسب المضاعفة. وإذا ما أضيف الساحل السوداني بما يقدمه من تسهيلات محتملة للبحرية الإيرانية مع ما سيحصل عليه في مصر، فإن ذلك سيجعل من إيران شريكا في البحر الأحمر ويمنحها نفوذا تقليديا ومتعاظما لقواتها البحرية، وستحكم الطوق على المملكة العربية السعودية، وستوصل الأسلحة لخلاياها المنتشرة في اليمن والمناطق الأخرى بصورة علنية ونوعيات حديثة وكميات كبيرة.
ما هو المشروع المضاد قطعا المواقف السياسية وحدها لا تمثل الرسالة المثالية التي تفهمها إيران، كذلك اللقاءات الرسمية العربية وبصرف النظر عن مستواها، لن توقف المطالبات الوقحة بضم البحرين إلى ممتلكات الولي الفقيه، ولن تجعل إيران تنسحب من الجزر العربية الثلاث التابعة للإمارات العربية، إيران تنظر إلى العرب أنهم أمة شعر وحماسة في أسواقه المعروفة، ولكنها في التطبيقات أمة ملولة فاقدة للصبر، ولكن إيران تعرّف نفسها، كأمة تصنع السجادة الواحدة في عشرين عاما لتبهر بها الأجيال اللاحقة لمئات السنين على نوعية الصبر وجودة الصنع، خطط إيران طويلة الأمد وتلتقي عندها الخديعة بالتهديد بالقوة واستخدامها اذا اقتضت الضرورة. فإذا كانت إيران تنظر إلى العرب بهذه الصورة، وتنظر إلى نفسها بالصورة المضادة، فكيف ينظر العرب إلى أنفسهم، وكيف ينظرون إليها؟ وهل يكفي مجرد تكوين تصورات من طرف إلى طرف آخر حتى لو كانت ذات أبعاد استراتيجية، أم أن المطلوب الانتقال إلى خطط عملية لإجبار إيران على معرفة حقيقة قوتها على الأرض، وأنها تمتلك خواصر رخوة وقابلة للإختراق، أكثر بكثير مما تتصور. نحن أزاء حالة من الاستقواء الطائش من قبل إيران بدول المنطقة من دون استثناء، واستخفافها بالمواثيق والقوانين الدولية، مما يتطلب ردعا مضادا، اعتمادا على النفس والامكانات الكبيرة التي تستطيع الأمة العربية حشدها لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، تعرف فيه أن الضرر الذي يمكن أن تلحقه بالغير، لن يكون أكبر من الضرر الذي سيصبها، ويمكن افتراض خطة شاملة في جوانبها السياسية والاقتصادية والعسكرية. إن إيران وعلى الرغم من الضغوط الاقتصادية التي تتعرض لها، فإنها أعدت مشروع الإمبراطورية الفارسية الجديدة تحت لافتة ولاية الفقيه، لتمنح المشروع قوة دفع ديني مشحون بعاطفة في أعلى درجاتها مع تعطيل كامل للوعي على المستويين الشخصي والجمعي، وخصصت له مبلغا قدره 120 مليار دولار، وتتضمن صفحات تنفيذه التغلغل في الدول الإسلامية عن طريق البعثات التبشيرية، مع تخصيص الأموال الطائلة لهذا الغرض مع المطبوعات ووسائل الإيضاح التي تتناسب مع كل مجتمع من المجتمعات، وكذلك قبول البعثات من الطلبة من مختلف الجنسيات للدراسة المجانية في الحوزات العلمية أو في الجامعات الإيرانية وتحت إشراف مكتب الولي الفقيه، وتتضمن خطة الانتشار، التحرك على المجتمعات الفقيرة وتنشط فيها بتقديم الأموال والمساعدات العينية، التي تظن أنها كفيلة بزرع مستعمرات ذات الولاء المزدوج والذي يبدأ خطه البياني بترجيح الولاء لإيران على حساب الوطن الأصلي. وضعت إيران في واحدة من صفحات مشروعها هذا، أنها على استعداد للدخول في معركة حقيقية في حال تعرض المشروع للتهديد، ومع أنها تعرف أن مشروعها هذا عدواني وتوسعي، فإنها تجيز لنفسها مواجهة المتضررين منه بكل الوسائل. إن مواجهة تداعيات الوضع الاقتصادي المتخلف في مصر والسودان واليمن والمغرب وعدم توفر المصادر الطبيعية في الأردن، تتطلب جهدا عربيا منسقا من أجل قطع الطريق على إيران من العبث بالأمن القومي العربي، وتحويل الوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية إلى ساحة صراعات دموية وحروب محلية كجزء من خطة تهجين الوطن العربي، وليست الخطة فقط من أجل التصدي الناجح للمشروع الإيراني فقط، وإنما من أجل القضاء على واحد من أهم أسباب استباحة الإرادة العربية، فنحن نتذكر ما تركه خروج مصر عن الإجماع العربي من تداعيات خطيرة على الأمن القومي العربي، حينها حاول الرئيس المصري الأسبق أنور السادات تفسير مواقفه المتسمة بالإخراج المسرحي الردئ، عندما اندفع في سياسة عزل مصر عن محيطها العربي مفضلا الانخراط في تحالف مع إسرائيل، يحمل العداء لشعب مصر والدول العربية من دون استثناء، فزعم بأن مصر دفعت ثمنا باهضا من فرص نموها الاقتصادي، وفقر سكانها بسبب دورها العربي، على الرغم من أن مصر كموقف وطني لا صلة له بدين أبنائها ولا بالقومية التي ينتمون إليها، مستدفهة بامتياز بالمشروع الصهيوني الذي يرفع شعار حدود إسرائيل من النيل إلى الفرات، والآن وبعد بعد مرور أكثر ثلاثة عقود على زيارة السادات لتل أبيب، ألا يحق للمراقب أن يتساءل، ما هي نسبة النمو السنوي التي استطاعت مصر تحقيقها؟ وهل أن مديونية مصر تقلصت في عهد السادات وخلفه حسني مبارك عما كانت عليه حتى يوم رحيل الرئيس جمال عبد الناصر، أم تضاعفت عدة مرات؟ إن حزام الفتن السياسية الذي يراد تطويق الوطن العربي به، اعتمادا على تنوع ديني ومذهبي وعرقي، وتمايز طبقي صارخ، سواء في داخل كل بلد عربي أو ما تستشعره بعض الأقطار العربية المحدودة الموارد مقارنة مع غيرها، يشكل المسرح المناسب تماما لتفريغ كل شحنات الكراهية التي تحملها أطراف أخرى طامعة بالوطن العربي أرضا وثروة وموقعا، وهذا لوحده يمثل الدافع الاستراتيجي للنهوض ببرنامج قومي متكامل، تلتقي فيه القدرات المالية والاقتصادية، بالطاقات البشرية والعمق الاستراتيجي، وهذه عوامل صعود الأمم اعتمادا على النفس بالدرجة الأولى، وعلى الخبرة التكنولوجية المستوردة والقابلة للتوطين بالدرجة الثانية، وقبل كل هذا لا بد من وجود الإرادة السياسية القادة على القفز فوق صغائر الأمور، والتي تثار في الطريق مع كل محاولة جادة للخروج بمشروع قومي يتناسب مع مستجدات القران الواحد والعشرين. بعد كل هذا من حق كل المراقبين أن يتساءلوا عن أسباب اصرار الأعمى التي تبديه ولاية الفقيه على التمسك بالبرنامج النووي واستعداد الزعامة الدينية على تحميل الشعب الإيراني كل هذه الضغوط الدولية سياسيا واقتصاديا، وتجويع الإيرانيين على نحو غير مسبوق، هل يمكن أن يبقي أي احتمال لسلمية ذلك البرنامج؟ أم أن المشروع النووي هو البارجة التي تحمل كل طموحات إيران لتتحول إلى النواة المطلوبة لإمبراطورية فارس الجديدة؟ الوطن البحرينية 15/7/2012 |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق