قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الجمعة، 5 سبتمبر 2014

عزيز العصا : سميح القاسم.. غادرتنا في الزمن الصعب

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سميح القاسم.. غادرتنا في الزمن الصعب
شبكة البصرة
عزيز العصا
عذراً فقيدنا.. إننا نعتصر ألماً لفراقك؛ سياسياً، قائداً، شاعراً، أديباً.. وفي كل ذلك كنت ثائراً في وجه الطغاة والمستعمرين عبر سني عمرك.
عذراً فقيدنا.. ها أنت تغادرنا، ونحن نغرق في أوحال، تعيد مركبنا إلى بؤرة العواصف القاتلة:
تغادرنا، وغزة لم تعد تبيع الورد، ولن تزهر ياسميناً بعد اليوم؛ فقد ارتوت بأشلاءٍ تبحث عن الحرية والانفلات من القيد الذي (حزّ) المعصم لحد القطع..
تغادرنا، والأمة لم تعد تجيد الشجب ولا الاستنكار؛ لأنه حرامٌ عليهم فعل ذلك.. و"إسرائيل"؛ ذلك الكيان الذي قارعت ظلمه منذ نعومة أظفارك إلى أن غادرت، كعادته، ليس له إلٌّ ولا ذمة..
تغادرنا، وأمريكا (ومن معها، ومن في فلكها؛ من غرب وشرق) تكشر عن (فيتو) جاهزٍ لأي إدانة لمن قضى على الرضاعة وطفلها، وعلى العكازة وكهلها، وعلى الأم وجنينها؛ لأنعلاقتهم بمن فعل ذلك من رأس المشروع الاستعماري في المنطقة (إسرائيل) لا تقوم على الأخلاق، ولا على مدى الالتزام بقواعد حقوق الإنسان؛ وإنما تقوم على مصالحهم التي لها الأولوية القصوى على حقوق الأطفال والمرأة وكبار السن، وعلى حقوق بني البشر في المأكل، والمشرب، والعبادة.
عذراً فقيدنا.. ها أنت تغادرنا، وليس لنا عزاء فيك إلا منك.. فقد تركت فينا ما إن حفظناه وتدبرنا معانيه، واتبعناه نهجاً في المواجهة مع الاحتلال والمحتلين، لن نفقد البوصلة، فأنت القائل في الأرض والالتصاق بها:
ولدت ومهدك أرض الديانات،
مهد الديانات أرضك،
مهدك. لحدك

وأنت القائل في العزة، والكرامة الوطنية، وفي زيتوننا رمز وجودنا التاريخي، ورمز صمودنا في وجه نوائب الدهر وغدر الغادرين:
منتصبَ القامةِ أمشي مرفوع الهامة أمشي
في كفي قصفة زيتونٍ وعلى كتفي نعشي

سلام عليك فقيدنا.. ونحن نرتعش أمام الموت ومهابته.. لك علينا وعلى الأجيال القادمة؛ من أبناء شعبنا ومن أحرار العالم، أن تبقى خالداً في نفوسنا، رمزاً للحرية والتحدي، وسنبقى، بما ورثناه عنك، من قولٍ أو فعلٍ: شعراً، ونثراً، ونصوصاً مسرحية، وهتافات في وجه الطغاة، وغناءً للوطن والحرية، وحِكَماً ومثلاً عليا..
سميح القاسم.. سلام عليك وأنت الرقم الصعب، تغادرنا في الزمن الصعب.. فما أصعب فراقك أيها العربي-الفلسطيني وأنت تغادرنا؛ قابضاً على جمر فلسطين الحرة الأبية، وعلى الرامة وهي تتكئ على جبل حيدر الشاهد على عروبة هذه الأرض إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. نم قرير العين واهنأ؛ فشعبك ومحبيك يحتضنون إرثك الفكري، كما تحتضن الأم وليدها..
فلسطين، بيت لحم، العبيدية، 19/8/2014م
aziz.alassa@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق