قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الأربعاء، 25 مارس 2015

السيد زهره : أمريكا والحوثيون.. الملفات السرية (3) الانقلاب الطائفي الحوثي في الإستراتيجية الأمريكية

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أمريكا والحوثيون.. الملفات السرية (3)
الانقلاب الطائفي الحوثي في الإستراتيجية الأمريكية
شبكة البصرة
بقلم : السيد زهره
* امريكا تريد اليمن قاعدة اخرة لابتزاز وتهديد السعودية ودول مجلس التعاون
* محلل أمريكي يسأل في ذهول : هل اوباما شيعي؟!
* الدول العربية يجب ان تضع حدا للتمرد الحوثي في اسرع وقت
* امريكا تكرر في اليمن نفس سيناريو ما تفعله في العراق
* خبير : اوباما يتحمل مسئولية اساسية عن تدمير اليمن

في المقالين السابقين، ناقشنا علاقة امريكا بالمتمردين الحوثيين في اليمن، وأوضحنا عددا من الحقائق تتعلق بهذا الموقف هي:
1 – انه رغم كل جرائم الحرب التي ارتكبها الحوثيون، فان امريكا صمتت تماما عن عمد عن هذه الجرائم وتسترت عليها، ولم تصدر عنها كلمة ادانة او انتقاد واحدة، بل واصدرت تعليماتها لمنظمات حقوق الانسان بالصمت عن هذه الجرائم.
2 – ان امريكا وعلى امتداد اشهر، وربما سنوات، اقامت علاقات سرية منتظمة مع الحوثيين، وتعاونت اجهزة المخابرات الأمريكية معهم، بما يعنيه ذلك من علم امريكي مسبق بكل خطط الحوثيين وموافقتها بداهة عليها ومباركة لها.
3 – أن امريكا تواطأت مع ايران فيما تفعله في اليمن عبر المتمردين الحوثيين، ووصل الأمر الى حد لم يجرؤ أي احد على الذهاب اليه، وهو انكارالمسئولين الأمريكيين لخضوع الحوثيين لايران وأجندتها.
ماذا يعني كل هذا؟
يعني ببساطة شديدة اننا ازاء موقف امريكي واضح لا لبس فيه بدعم الحوثيين وتمردهم ومشروعهم، الذي هو مشروع ايران في اليمن.
قد يقول البعض، ولكن مسئولين امريكيين اعلنوا مؤخرا انهم يدعمون الشرعية والرئيس اليمني في اليمن. لكن الحقيقة ان هذا الاعلان هو مجرد ذر للرماد في العيون ولا يعبر عن حقيقة الموقف الأمريكي.
كل ما في الأمر ان المسئولين الأمريكيين حين وجدوا ان السعودية ودول مجلس التعاون بدات تتخذ موقفا حازما في مواجهة الحوثيين وما يجري في اليمن، ارادوا استرضاءهم بمثل هذه التصريحات.
ولم يكن غريبا على ضوء ما ذكرناه ان نجد محللين أمريكيين يعتبرون ان امريكا تتحمل مسئولية مباشرة عما يجري في اليمن.
عموما السؤال الذي يجب ان نطرحه في النهاية هو، كيف نقرأ هذا الموقف الأمريكي؟.. كيف نفهم أهدافه ودوافعه؟.. كيف نضعه في اطار الاستراتيجة الأمريكية في المنطقة العربية عموما؟
***

مسئولية امريكا
كما ذكرت لم يكن غريبا ان محللين امريكيين يحملون الإدارة الأمريكية جانبا اساسيا مما آل اليه حال اليمن. واثاروا هنا نقاطا عدة.
على سبيل المثال، تشارلز شميتز، الخبير في المعهد الأمريكي للدراسات اليمنية، كتب في نوفمبر 2014 تقريرا بعنوان "صعود الحوثيين وارث اوباما في اليمن". كتب يقول:" ان صعود الحوثيين كان بالأمس نتاجا مباشرا لفشل شريك امريكا في اليمن على عبدالله صالح في الحكم. صالح استخدم الدعم العسكري الأمريكي لتعزيز نفوذ ابنه احمد وعمق الانقسام في اليمن. والأمر الثاني، انه في الفترة الانتقالية بعد سقوط صالح ركز المجتمع الدولي على الحوار الوطني على حساب الاهتمام بالوضع المتدهور على الأرض. والحركة الحوثية استغلت هذه الظروف لفرض سيطرتها، وفشلت حكومة هادي فشلا ذريعا".
ويعتبر هذا الخبير ان النجاح الوحيد الذي حققته استراتيجية اوباما في اليمن هو عدم اقدام تنظيم القاعدة فرع اليمن على شن هجمات على الأراضي الامريكية. لكن في رأي الباحث ان هذا النجاح كان على حساب المساهمة في تدمير اليمن.
حتى سفيرة امريكا السابقة في اليمن بارباره يودين، ومديرة معهد دراسة الدبلوماسية في جامعة جورجتاون حاليا، وجهت انتقادات حادة الى استراتيجية اوباما واعتبرتها مسئولة عما جرى. قالت ان استراتيجية اوباما بتركيزها فقط على محاربة ارهاب القاعدة وتجاهلها لقضايا الحكم والاقتصاد والتنمية والاستقرار الداخل في اليمن، ساهمت في تدهور الأوضاع لتصل الى ما وصلت اليه.
في مواجهة مثل هذه الانتقادات التي تحمل الإدارة الأمريكية قدرا كبيرا من المسئولية عما جرى في اليمن، وفي مواجهة الانتقادات للتواطؤ مع الحوثيين وايران، لدى المسئولين الأمريكيين تبريرات يقدمونها.
وهذه التبريرات تدور حول تيرير اساسي واحد هو ان تنظيم القاعدة هو العدو الأكبر لأمريكا، وان كل ما يهم امريكا هو استمرار الحرب ضده، وان الحوثيين هم اعداء للقاعدة وبالتالي ليس هناك مبرر لاتخاذ موقف امريكي معاد لهم.
مثلا، بعد سقوط صنعاء بيد الحوثيين، قال ما يكل فيكرز، وكيل وزارة الدفاع لشئون المخابرات، ان سيطرة الحوثيين في اليمن تنمو وتتصاعد عبر الأشهر الماضية، ولكنهم مع هذا لم يتدخلوا في العمليات الأمريكية ضد تنظيم القاعدة.
هو يريد ان يقول انه طالما بمقدورنا محاربة تنظيم القاعدة، فليس مهما ان يسيطر الحوثيون على صنعاء او يرتكبوا أي جرائم.
بالطبع، هذه التبريرات يقدمها المسئولون الأمريكيون للاستهلاك العام كما سنرى بعد قليل.
عدد قليل من المحللين الأمريكيين انبروا لترويج المنطق الأمريكي والدفاع عن انحيازهم للحوثيين.
على سبيل المثال، اصدر معهد امريكان انتربرايز تقريرا، كتب فيه تشارلز شميتز الاستاذ في جامعة كوسون يقول: " الحوثيون ليسوا حزب الله. لهم جذور محلية عميقة في اليمن تعود الى آلاف السنين.. وفي العام الماضي، اصبحوا القوة العسكرية المسيطرة في اليمن، ولا شك ان هذا كان نتاجا للدعم الايراني ليس من خلال السلاح، ولكن من خلال التمويل. هل يعني هذا التمويل الايراني انهم وكلاء لايران؟.. لا أظن هذا".
في نفس اتجاه الدفاع عن موقف الإدارة الأمريكية، نقل التقرير ايضا عن كريستوفر سيفنز خبير العلاقات الدولية قوله : " بدلا من ادانة الحوثيين، يجب ان نعمل معهم شكل وثيق من اجل تشكيل حكومة مستقرة لمحاربة العدو المشترك. لعل هذا هو الوقت المناسب للتحرك وتقديم المساعدة لهم لتحقيق مزيد من المكاسب على الأرض. ففي النهاية، هزيمة القاعدة يجب ان تتم من جانب شعوب الشرق الأوسط نفسها"
مثل هذه التبريرات التي تقدمها الإدارة الأمريكية وبعض المحللين المؤيدين لموقفها لم تقنع غالبية المحللين والمراقبين الأمريكيين المنصفين على نحو ما شرحت سابقا.
وفي نفس هذا الاتجاه، كتب محلل أمريكي هو جوزيف كاردوسي في الأول من فبراير الماضي عن لغز دعم اوباما للحوثيين على الرغم من علاقاتهم بايران وتبعيتهم لها ولأجندتها في اليمن وفي المنطقة.
كتنب يقول في نهاية تحليله:" من المثير التفكير في ان اوباما يقوم بدعم قوة مثل الحوثيين تعتزم اقامة نظام شيعي تابع لايران على اعتاب السعودية السنية. ليس هذا بالتأكيد هو افضل طريق لاقرار السلام والاستقرار في الشرق الأوسط".
هذا المحلل الأمريكي لم يجد أي مبرر معقول لموقف اوباما هذا، ولهذا كتب التالي في ذهول:" ربما لأوباما خطط اخرى لهذا التحالف الاستنراتيجي مع ايران.. ما الذي تظنه انت عزيزي القاريء.. انني استغرب ما اذا كان اوباما هو نفسه شيعي".
***

نفس السيناريو
نفس الأهداف
اذن، على ضوء كل ما ذكرناه، عودة الى السؤال : كيف نفهم بالضبط موقف الإدارة الأمريكية من الحوثيين ومما يجري في اليمن؟.. كيف نضع هذا الموقف في اطار الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة بصفة عامة؟
للإجابة عن التساؤل، يجب ان نتوقف عند عدة امور محددة كشف عنها الموقف الأمريكي.

أولا: نلاحظ ان الموقف الأمريكي من الحوثيين ومن التطورات في اليمن على النحو الذي شرحناه، هو بالضبط تكرار لنفس سيناريو ما فعلته وتفعله امريكا في العراق.
امريكا في العراق اطلقت العنان لايران كي تجتاح العراق وتحتله فعليا.
وامريكا في العراق صمتت تماما عن المليشيات الصفوية المدعومة من الحكومة العراقية وعن كل ما اارتكبته وما زالت ترتكبه من جرائم طائفية
وأمريكا في العراق لم تكتف بهذا، بل تحالفت فعليا، على نحو ما كتبت مرارا، مع ايران ومع المليشيات الصفوية في العراق.
امريكا فعلت هذا وهي تعلم تماما ان مواقفها وسياستها هذه ليس لها من نتيجة الا اشعال الصراع الطائفي الدموي في العراق، وسوى تقسيمه في نهاية المطاف على اسس طائفية. وهذا هو ما تريده بالضبط للعراق والعراقيين.
امريكا تفعل نفس الشيء وتكرر نفس السيناريو بحذافيره في اليمن.
فكما رأينا، امريكا ايدت عمليا المتمردين الطائفيين الحوثيين وهي تعلم تماما حقيقة مشروعهم وحقيقة نواياهم، وان من شان تمردهم الطائفي ان يغرق اليمن في الفوضى الطائفية ويمزقه تماما.
وكما رأينا، فان امريكا وكما فعلت في العراق تواطأت مع ايران وتسترت على ما تفعله في اليمن.
ثانيا : وعلينا ان نتوقف مطولا امام التواطؤ الأمريكي مع ايران في اليمن وما يعنيه ذلك وما يكشف عنه.
امريكا تعلم تمام العلم ان ما تفعله ايران في اليمن ودعمها اللامحدود للمتمردين الحوثيين هو جزء من استراتيجية ايرانية معلنه ومعروفة طائفية وتوسعية تهدف الى محاولة فرض الهيمنة الايرانية على مقدرات المنطقة.
وامريكا تعلم تمام العلم طبيعة الدور الارهابي الذي تلعبه ايران في اليمن وفي الدول العربية الأخرى مباشرة وعبر القوى العميلة لها في المنطقة.
الإدراة الأمريكية بحوزتها المعلومات التفصيلية حول طبيعة الدور الايراني وحول حقيقة اهداف ايران الطائفية والتوسعية.
وامريكا تعلم تماما ان هذا الذي تفعله ايران في اليمن وفي الدول العربية الاخرى يمثل تهديدا داهما لأمن واستقرار الدول العربية ولوحدة شعوبها.
ومعنى ان تتواطأ امريكا مع ايران في اليمن على الرغم من علمها بكل هذا، انها بداهة تقر بهذا الدور الطائفي التدميري الذي تلعبه ايران في المنطقة، وتعتبر انه يتوافق مع الأهداف العامة لاستراتيجيتها في المنطقة العربية.
ثالثا : ومن اخطر الجوانب المتعلقة بفهم الموقف الأمريكي من الحوثيين وتطورات اليمن، ما تعلمه امريكا عن تأثير ما يجري في اليمن على السعودية وكل دول مجلس التعاون الخليجي.
المسألة هنا ان امريكا تعلم تمام العلم ان هذا التمرد الحوثي الارهابي في اليمن، وهذا الدور التخريبي الذي تلعبه ايران في اليمن يمثل تهديا كبيرا للسعودية ودول مجلس التعاون.
امريكا تعلم تماما ان ما يجري في اليمن على هذا النحو يمثل تهديا لأمن كل دول مجلس التعاون واستقرارها وسلام مجتمعاتها، ويهدد باشعال الفتن الطائفية في المنطقة.
وهذا بالضبط هو ما تريده امريكا، وهو ما لاحظه كثير من المحللين الأمريكيين واشاروا اليه باستغراب على نحو ما عرضنا.
واصلا، الموقف الخليجي العربي مما يجري في اليمن هو موقف معروف ومعلن واماريكا تعلمه تماما.
الذي نريد ان نقوله هنا ان اصرار امريكا على دعم الحوثيين والصمت عما يجري في اليمن على هذا النحو، هو موقف مقصود تماما من الإدارة الأمريكية، وهو موقف موجه عن عمد الى السعودية ودول مجلس التعاون.
بعبارة اوضح، امريكا بموقفها في اليمن وباعطائها الاشارات الصريحة بدعمها للتمرد الحوثي والدور الاجرامي الايراني، تريد لما يحدث في اليمن ان يكون عامل ابتزاز اضافي للسعودية ولدول مجلس التعاون، وعامل تهدد لها.
ليس هذا بالأمر الغريب على امريكا وسياساتها.
ينبغي الا ننسى هنا ابدا ان هذا الهدف كان احد الأهداف الكبرى للموقف الذي اتخذته امريكا من احداث البحرين.
نعني ان امريكا حين وقفت بجانب القوى الطائفية الانقلابية في البحرين ودعمتها، وتصورت في لحظة غباء استراتيجي ان انقلابهم من الممكن ان ينجح، تصورت ان البحرين ستكون مقدمة لانتقال نفس السيناريو الى السعودية وباقي دول مجلس التعاون.
اذن، السعودية ودول مجلس التعاون مستهدفون من امريكا بموقفها مما يجري في اليمن.
***

قبل فوات الأوان
ما الذي يمكن ان نصل اليه من كل ما سبق؟
ما هو موقع الحوثيين وتمردهم الطائفي من الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة العربية؟
كل ما ذكرناه يقود الى نتيجة واضحة وضوح الشمس.
امريكا تريد من اليمن ان يصبح حلقة اخرى من حلقات مخططها الكبير في المنطقة العربية.
نعلم تماما الآن ابعاد هذا المخطط. نعلم انه يقوم اساسا على اثارة الفوضى والصراعات الطائفية الدموية في الدول العربية، كمقدمة اساسية لتحقيق الهدف الأكبر باعادة رسم خريطة المنطقة وتمزيقها الى دويلات على اسس طائفية، والقضاء في النهاية على الأمة العربية.
ولهذا، يكاد المرء يجزم انه مع تمرد الحوثيين الطائفيين، ومع انقلابهم وما يهدد به من صراع دموي ومن تقسيم لليمن، فان المسئولين في اجهزة المخابرات الأمريكية وفي مراكز صنع السياسة واتخاذ القرار، كانوا يجلسون في مكاتبهم يفركون ايديهم بهجة وفرحا، ويتبادلون التهاني والأنخاب، ولسان حالهم هو : هذا نجاح جديد.. هذا بلد عربي آخر يغرق في الفوضى الطائفية وعلى حافة التقسيم.
نقول كل هذا لنلفت النظر بداهة الى الأهمية الحاسمة اليوم للموقف العربي وللتحرك العربي ازاء ما يجري في اليمن.
والأمر هنا واضح تماما.
الدول العربية كلها، وليس فقط دول مجلس التعاون الخليجي، يجب ان تتحرك فورا ومن دون أي تأخير، وتحسم في اسرع وقت ممكن، وبأي سبيل كان، الوضع في اليمن، وتضع حدا لهذا التمرد الحوثي الطائفي.
الدول العربية يجب ان تفعل هذا قبل فوات الأوان، وقبل ان يسقط اليمن في الصراع الطائفي الدموي وتتقسم، وتغرق معه المنطقة كلها.
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق