قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الجمعة، 20 مارس 2015

سليماني والعبادي.. من يصدر الأوامر ومن ينفذها؟

سليماني والعبادي.. من يصدر الأوامر ومن ينفذها؟

نزار السامرائي

في الثاني من الشهر الجاري أطلق رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بصفته قائدا عاما للقوات المسلحة من مقر قيادة عمليات سامراء عملية عسكرية كبرى، غاب عنها وزير الدفاع خالد العبيدي، "لتحرير محافظة صلاح الدين" ووقف إلى جانبه في لقطات مفعمة بوهم القوة وغرور النصر، طواويس ميليشيا "الحشد الشعبي".

 

وتحدث العبادي جريا على سنة سلفه الراحل بقوة الضغط الأميركي الإيراني "نوري المالكي"، بلغة الواثق من تحقيق أسرع انتصار في المحافظة وخاصة في مدينة تكريت، التي وضعها هو وبعض رموز العملية السياسية الخائبة في قفص الاتهام وهيئوا حيثيات الحكم بإعدامها، بسبب ما أسموه بمسؤولية عشائرها عما حصل لمجندي الحشد الشعبي في قاعدة القوة الجوية التي أبدل المحتلون الأميركيون اسمها إلى "قاعدة سبايكر" بعد سويعات من وقوع الحادث حتى قبل أن يتم تشكيل لجنة بالتحقيق في ملابسات الحادث.

وبعد يوم واحد من ظهور العبادي في سامراء أي في الثالث من الشهر الجاري أيضا، ظهر حاكم العراق الفعلي "الجنرال قاسم سليماني" في قاعدة "سبايكر" وهو يصدر أوامر الحركة لميليشيا الحشد الطائفي "لفتح" تكريت، في عملية استعراضية كان القصد منها إهانة مقصودة لتضحيات العراقيين في حرب الثماني سنوات، ولكن السؤال الأهم الذي يطرحه العراقيون بمرارة والدهشة تعقد ألسنتهم - وإن كان هذا الزمن العراقي الرديء لم يعد يسمح لأية دهشة أن تطل برأسها على أي وجه أو محيّا-(لماذا يحرص الإيرانيون وتابعوهم في المنطقة الخضراء ومجالس المحافظات على التلويح باسم سليماني وإظهار صوره تارة وهو يرقص وتارة وهو يقرأ الخرائط العسكرية، مرة في آمرلي ومرة في جلولاء والسعدية والمقدادية وثالثة في جرف الصخر ورابعة في قاعدة سبايكر)، وكأن صور سليماني كافيه لإثارة الرعب في قلوب سكان المدن الموضوعة على لائحة الاستباحة فتنهار من تلقاء نفسها من دون قتال.

وقال خبراء اللحظة الملتبسة العسكريون منهم والسياسيون في المنطقة الخضراء أو المجندون في الفضائيات التي تروج للمشروع الإيراني أو تلك التي لا ترى فيه ضيرا، لإعطاء جرعات المعنويات لميليشيا الحشد والمشتراة بالمال العام، إن معركة تكريت ستحسم في غضون ساعات وإنها ستكون "مفتاح النصر" في الموصل.

ولكن سكان المدن التي وضعت على لائحة الإبادة والإزالة من خارطة الجغرافيا الطبيعية والسكانية، وبعد أن رأوا رأي العين ما حصل للمدن التي اجتاحتها قطعان ميليشيا الحشد الطائفي وأعملت فيها القتل والحرق والتدمير والتهجير، بادروا لصيانة أعراضهم من الانتهاك ودماء أطفالهم ونسائهم وشيوخهم من أن تسفك كما تنحر الخراف، ومنعا لممتلكاتهم من التدمير، عاهدوا أنفسهم والعراقيين كافة ألا يسمحوا لقاسم سليماني وقطعانه أن يدنسوا أرضهم أبدا.

ولهذا مضت الساعات التي حددها قاسم سليماني وهادي العامري وأبو مهدي المهندس لاقتحام تكريت، وبعدها مرت الأيام والأسابيع، ولكن تكريت ظلت عصية على قاسم سليماني ومن كان يقف وراء إرساله إلى تكريت لرمزيتها الخاصة، ومن ظن أن اسم سليماني لوحده كفيل بإلحاق الهزيمة النفسية كمقدمة للهزيمة العسكرية في أية جبهة، ولما وجد سليماني أن قواته عاجزة عن التقدم خطوة واحدة، استعاد إحدى صفحات حرب الثماني سنوات عندما كانت القيادات الميدانية تدفع بموجات الكتل البشرية نحو أهداف لها بريق إعلامي ولا قيمة عسكرية حقيقية لها، فكانت تلك الموجات البشرية تباد الواحدة تلو الأخر، فأمر بتطبيقها في جبهة تكريت لأن لتكريت مكانة في ضمير الكراهية الإيرانية، وتكرر ما حصل في الحرب العراقية الإيرانية مرة أخرى وتحولت تكريت إلى مقبرة لأحلام خامنئي الإمبراطورية الفارسية الجديدة، وهكذا فقد سليماني مجده الزائف فقده في تكريت بالذات التي تحولت إلى أسطورة للصمود.

في هذه الظروف خرج حيدر العبادي من جلده فخرجت عنه تصريحات متكررة ومنفعلة فضحت إطار الموضوعية الذي حاول إلباس نفسه به، رفض فيها إطلاق اسم "الميليشيات" على الحشد الشعبي الذي تم اختراعه بعد أحداث الموصل في 9 حزيران 2014، بفتوى علي السيستاني تحت لافتة حماية مراقد الشيعة المقدسة وخاصة في سامراءمن أية أخطار تتهددها نتيجة تمدد تنظيم الدولة الإسلامية وسيطرته على أكثر من ثلث مساحة العراق، ولاحظ مراقبون أن السيستاني أكد هو أو من أصدر الفتوى الملصقة باسمه، أن القوات الحكومية المكلفة بواجب الدفاع عن الوطن والمواطن، كانت تعاني من فساد غير مسبوق، على الرغم من أن عدد أفرادها المثبتين في السجلات الرسمية لوزارتي الدفاع والداخلية وصل إلى أكثر من مليون ونصف المليون عنصر، ويستنزفون أكثر من ربع الميزانية الحكومية، على الرغم من أن ما يزيد على ثلاثة أرباع الأرقام المثبتة في السجلات هي أرقام وهمية لا وجود لها على الأرض، وإنما استنزاف مالي يذهب إلى جيوب القادة العسكريين ومكتب القائد العام للقوات المسلحة، وفي أول مواجهة حقيقية تركوا سلاحهم ومعسكراتهم وفروا هم وقادتهم إلى أربيل وما جاورها، وهو ما دفع حيدر العبادي إلى تبني فكرة فضح من أسماهم بالجنود الفضائيين، ولكنه حنث في تعهده وتوقف في بداية الطريق بعد أن كشف أكثر من 50 ألفا من أسماء العسكريين الوهميين، ويبدو أن العبادي خضع لضغوط مراكز القوى في التحالف الشيعي وخاصة حزب الدعوة الحاكم، سترا لما بقي من ماء وجه يخرج به المتنفذون في الطبقة الحاكمة الفاسدةوصدربهاقانونيحولهاإلىمؤسسةرسميةوجيشموازٍ،واللافتأناسمالحشدالشعبيهوالترجمةالعربيةلكلمة "البسيجالفارسية".

فما هي دوافع العبادي لهذا التبني الفاضح لميليشيا الحشد الشعبي؟ ولماذا يصر على اعتبارها جزء من القوات المسلحة مع أنه يعرف أنها قوة غوغائية منفلتة؟ وهل هو قادر فعلا على تحريك هذه الميليشيات عندما يريد ووقفها إذا رأى؟ أم أن تصريحاته ليست أكثر من اعتراف العاجز عن تغيير المسارات المرسومة من أطراف لا طاقة له في التأثير في قراراتها ولهذا يذهب إلى إطلاق وصف لا وجود له إلا في الأخيلة الملوثة والمريضة والتي تأخذها العزة بالعجز فتنسحب إلى نفي الواقع عن طريق الزعم بأن هذا الواقع هو من صنعها ومن بنات أفكارها، وليس مفروضا بقوة قاهرة لم تعد مبهمة بعد أن أطلت إيران الرسمية برأسها كاملا من دون تزويق وراحت تتبجح بخضوع أجزاء كثيرة من خارطة الشرق الأوسط لإرادتها، وأن المزيد ما زال يتداعى كقطع الدومينو أمام وضوح أهدافها ووجود إرادة لتنفيذه. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق