قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الاثنين، 27 أكتوبر 2014

صوت من الجزائر : يبهرون أبصارنا بأضوائهم الخادعة ويعطلون عقولنا بفيروساتهم المُفسِدة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يبهرون أبصارنا بأضوائهم الخادعة و يعطلون عقولنا بفيروساتهم المُفسِدة
شبكة البصرة
صوت من الجزائر
كتب صحفي يوما ما على صفحة جريدة النيويورك تايمز يقص أنه رأى شخصا يبحث على جانب الطريق عن شئ يكون قد ضاع منه. فسأله ذلك الصحفي:"عن ماذا يبحث؟"، فأجابه أنه قد "ضاع منه شئ على الجانب المقابل من الطريق"، فسأله الصحفي مرة أخرى متعجبا، "و لما تبحث عنه إذا في هذا المكان، لما لا تبحث عنه في الجانب المقابل حيث ضاع منك؟" فرد عليه ذلك الشخص:"توجد الإنارة هنا في هذا الجانب، و لا توجد هناك".
قد يبدو لك للوهلة الأولى أن هذا الشخص ربما يكون غبيا أو مختلا عقليا، و لكن الحقيقة أنه ما أكثرنا ننتهج مثل هذا السلوك عندما يمكُر بنا أذكياء الناس و دُهاتهم. إننا لا نرى بأعيننا إلا تحت نور الضوء و كذلك نبصر بعقولنا، و لكن ضوء بصيرة العقل من نوع خاص. و كما أنه يوجد ضوء الشمس الطبيعي ويوجد الضوء الذي يصنعه الإنسان، فإن لبصيرة العقل أيضا ضوء يصنعه الإنسان و قد أضحت عقولنا كثيرا ما تبحث عن الحقائق تحت نور الضوء الذي يصنعه و يسطّعه الإنسان.
لم يعد في مقدور حكومات أقطارنا أن تراقب القدر الهائل من سيول المعلومات التي تصب في عقولنا و عقول أبنائنا، و كما في بطاقات التحكم الموصولة بالأجهزة و الآلات حيث عُوِض عمل كثير من المكونات ببرامج هي عبارة عن شكل من المعلومات، فإن من بين هذه المعلومات التي أصبحت تصل إلى ذاكرة عقولنا ما هو على شكل برامج للتحكم في نمط تفكيرنا فتقرر بالنتيجة أفعالنا، سلوكنا، مواقفنا و ردود أفعالنا. لقد أصبح بمقدورالغرب ملأ عقولنا بالأفكار التي تخدم أهدافه. إنه ضوؤهم المصنع المسطّع الذي في كل مرة يسلط علينا يبهر أبصارنا ويحجب عنا رؤية الحقيقة. إنه سلاح من نتاج الثورة المعلوماتية.
و من الأمثلة الدالة على ما أقول، أنهم مؤخرا سلّطوا علينا أضواءهم المصنعة السّاطعة فرأت عقولنا، و حتى لخيبتها أبصارنا، أمريكا و حلفاؤها يحاربون الأرهاب و داعش فوق أرضنا، لا ناقة لهم و لا جمل من وراء ذلك إلا حبا فينا و حبا في الإنسانية، و هم لأجل ذلك يقتلوننا و يقتلون أبناءنا و يدمرون أوطاننا. و لو بفعل فاعل انقطع ذلك الضوء لرأينا أنه في حقيقة الأمر هناك الصراع الأبدي بين بني البشر، صراع الأقوياء في هذا العالم لأجل الإستحواذ و الإستلاء على خيرات الأرض وإشباع غريزة الإنسان المتوحشة في التملك و التنعم. جبابرة الأرض من أمريكا و أوربا و روسيا و الصهاينة يريدون أن يستولوا على أرضنا، كل منهم يريد أن يكون له نصيب بعد أن يتعاونوا على اجتثاث دولنا و إفناء شعبنا أو سبي من أمكنهم سبيه ممن يضع رأسه في الأرض كالنعام. و لرأينا أيضا من بين حلفاء أمريكا، و قد انكشفت خدعة عداء أمريكا لإيران، إيران الصفوية التي تحاول أن تسترجع أمجاد حضارتها و أن تجد لها مكانا بين الأقوياء و لكن هيهات و قد غاب ربما عن إدراكها أنها لا تمتلك القوة لذلك، بحكم الضعف الذي ينخر فيها جراء حكم ولاية الفقيه، فصارت تتوهم النصر هنا و هناك. إن قامت بدور ما في هذه الخطة فلأنها مجرد أداة طيعة لا تملك أن تخرج عن الطاعة، وقد يرموا لها بعظم جرّاء الإجرام الذي تقوم به في حقنا إن نجحت خطتهم، و لكن هيهات لن ينقطع ركب قوافل فرسان الأمة كما أعلمنا التاريخ.
إذا كانت ثورة شعب على الظلم و النهب و الفساد و التقتيل الطائفي و العرقي الذي تقترفه إيران عن طريق ميليشياتها و عملائها في العراق تنعت بالإرهاب، كما ينعت الفعل المقاوم أيضا في فلسطين المغتصبة اليوم، فقريبا سينعت كل مواطن عربي صالح يحب وطنه و يعاكس أهداف و طموحات هذا الحلف الغاشم الذي يريد أن يغتصب بلادنا، سينعت هذا الوطني بأنه إرهابي و كذلك سينعت كل تنظيم حزبي و قد يطلب اجتثاثه و اقتلاعه أيضا. فما تنظيم حزب البعث الذي تكالب عليه العدو و الأخ لإجتثاثه إلا جَمعٌ لأمثال هذا المواطن المحب لوطنه بعيدا عن كل المزايدات. هذه لغة الجبابرة على هذا الكوكب، لغة فرعون قديما و من سار و يسير نهجه اليوم، و كذالك سيكون مصيرهم، هؤلاء الظلمة المفسدون في الأرض، كما كان مصير فرعون و أتباعه. قال جلَ و علا "و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين" و قال "... و لن تجد لسنة الله تحويلا". و رغم أن الباطل و الظلم و الجور أصبح اليوم يُلَبَّس بالحرية و التقدمية و الديمقراطية ليخطف أبصارنا التي ألفت أن تمتد إلى حيث الضوء الساطع و البهرجة، فقد قال تعالى "...إن الباطل كان زهوقا".
أسأل، لماذا كل هذه الأطماع في وطننا العربي مع غض النظر عن كل أصقاع المعمورة؟ لماذا لا يكون للأقوياء أطماع مثلا في أمريكا االلاتينية فيشكل حلف و تخلق منظمة على سيرة القاعدة أو داعش عندنا؟
عندنا مثل جزائري يقول "الأرض بناسها"، بمعنى أنه عندما تذكر المكان فأذكر أناسه، فهم الذين يعمرونه و هم الذين يحمونه و بِقوتهم و عِزّتهم مِنعته و حُرمته. أعداؤنا اليوم يتداعون علينا كما تتداعى الأكلة على قصعتها ليس لأنه في فطرتنا الجبن و الإستسلام، و لكن لأننا استسلمنا يوما إلى الراحة و غيبنا عقولنا فخدرتنا متع الدنيا بينما أعداؤنا كانوا يعملون و يستغلون غفلتنا في التخطيط للقضاء علينا، فلقد أصبحت أرضنا محل أطماعهم. لقد أعدوا لنا ما استطاعوا من القوة و من هذه القوة قدرتهم على تكبيلنا ووضع القيود في عقولنا خاصة مؤخرا مع تطور وسائل الإعلام و الإتصال حيث سهل الوصول إلى عقول البشر. "تحكموا في المعلومة فتحكموا في العالم" كما تقول الحكمة.
و كذلك دأبت أنظمة حكمنا على صنع إعلام مدجن، متحكم فيه، يحمي عروشها و يمكنها من التحكم في شعبها، فاحتكارها للحكم على حساب حرية مواطنيها. ولذلك تخلى هذا الإعلام عن مهمته في إشعاع النور الذي يسمح برؤية الحقيقة و بدل ذلك أصبح يعمل على الكذب التضليل حتى توهم بعضهم أن ذلك التضليل هو خوفا على مواطنيهم من نور الحقيقة أن يؤذي عيونهم. فعم الكذب و راجت تجارته و كبُر قدْر و جاه تجاره، و قدِم عليهم فرعون العصر فأعلنوا له ولاءهم. و أهل الكذب ملة واحدة، ولاؤهم لفرعون الذي يتوعدهم بأشد العقاب إن روّجوا للصدق. فأصبح حكامنا اليوم فراعنة صغار على شعبهم رغم أن فرعون قد لا يحب أن يشرك به.
ربما يكون الإعلام العربي الموجه قد ساهم في تضليل الناس بعدم تغطيته للمجازر التي كان ضحيتها أبناءنا و إخوتنا في العراق على أيدي ميليشيات إيران المجرمة، و بسهوه عن أحداث المقاومة العراقية الباسلة للإحتلال الأمريكي الشرس و التي انطلقت منذ عام 2003 و المستمرة إلى الساعة، إلا أن أكبر خلل و عيب هو في نخبة و طليعة الأمة و أقول الأمة و ليس العراق. الطلائع و النخب هي التي تصنع الرأي العام و هي التي تتصارع من أجل قيادة شعوبها، هي التي تخطط و هي التي تستشعر الخطر عندما يحدق بأممها. منضوماتنا التعليمية، و بوحي من أعدائنا، أصبحت تصنع أفرادا متنكرين لأمتهم منقطعين عن تراثها، أفرادا تائهين يختصرون وجودهم في روح حيوانات ناطقة بغير لغتها، معطلة الذكاء، فاقدة للذاكرة. أين هي نخبنا من مسؤوليتها تجاه أجيالنا.
المعركة يجب أن تبدأ مع عدونا من ساحة أخطر اعتداء وقع علينا. يجب أن نتصارع معهم من أجل تحرير حيز ذاكرة عقولنا و غربلة محتوى أفكارها. هناك فيروسات اخترقت أفكارنا كما تخترق فيروسات البرمجيات نظام تشغيل الحاسوب. و حتى تكون هناك مناعة و حصانة لن يجدي نفعا مضاد الفيروسات كما على لغة الحاسوب، أي الإستمرار في تقفي أثر الفيروس بينما هم يبدعوا و يكثروا في صنع الفيروسات، بل بفكر يَشْغَل و يُشَغِل عقولنا لا تجد معه الفيروسات منفذا، ثم حراسة هذا الفكر ليبقى مواكبا لروح العصر و مانعا لكل محاولات اختراقه. فنكون قد بنينا منظومة فكرية متحررة نقدية تنهل من التراث، غير متنكرة لأصلها تدفعنا لنصنع حاضرا و مستقبلا أفضل و أسمى، لنا و لأجيالنا القادمة. في انتظار هذا الإنجاز ربما يجب الإشتغال بِعَجل على رصد أخطر الفيروسات التي تعبث فسادا و خرابا في أفكارنا و القضاء عليها.
من بين هذه الفيروسات على سبيل المثال فيروس فكرة "القومية تعاكس الإسلام" و الحق أن "القومية تعاكس التجزئة و التفتت" و ليس الإسلام. القومية تعني التوحد و القوة، و الإسلام وحدَ العرب نواة الأمة الإسلامية. فالعروبة و الإسلام كالجسد و الروح، أعطيا كائنا رساليا يتحرك بهدي السماء، يحارب و يقاوم الشر الذي يصدر من الجِنة و الناس. أما عن دورنا نحن عرب هذا الزمان، فعلى أي روح نختار أن نكون؟ أن نكون على روح عمر و أبوبكر و علي رضي الله عنهم و غيرهم من خيرة أبناء العروبة و الإسلام، أم نكون على روح عرب ما قبل الإسلام قبائل مشتتة متناحرة، أم نكون على روح و صورة تركة الرجل المريض عندما وقعت اتفاقية سايكس بيكو.
حركات المقاومة على امتداد وطننا العربي الكبير أعطت لنا و للإنسانية أمثلة ناصعة عن أناس إختاروا الأفضل. عمر المختار، الأمير عبد القادر، فاطمة نسومر، عميروش، العربي بن مهيدي، صدام حسين، رحمة الله عليهم أجمعين، و غيرهم كثير جدا ممن حملوا روح البطولة و الإستشهاد، اشتروا الموت و الحياة معا، شهداء الأمة على أنها وفت لرسالتها فكانوا على نهج رسولها محمد صلى الله عليه و سلم كما كان أصحابه و أشياعه رضي الله عنهم و أرضاهم على نهجه. لقد أتم الله بهم نوره و يا حظ من أتم و يتم الله به نوره.
بقي على طلائع الأمة و نخبتها اليوم أن تستشعر مسؤوليتها التاريخية العظمى. عليها أن تنتزع قيادة جماهير شعبنا من أيدي سفهاء الأمة و عليها أن تستحق القيادة بالتضحية و الوفاء لروح الأمة و تاريخها، بربط الإتصال بروح الأمة في تاريخها المجيد. نحن اليوم نعيش مرحلة الخطر التي يتوجب فيها على كل من يقر بانتمائه لهذه الأمة أن تكون له يد في دحر هذا العدوان الذي نتعرض له اليوم. علينا بتوحيد جهودنا و نضالنا إذا أردنا أن يكون لفعلنا أثر، نفسهم أعداؤنا و هم يستهدفون القضاء على روحنا، على وجودنا. و ليكن شعارنا أبدا "نحن لا نستسلم، ننتصر أو نموت" كما قالها عمر المختار يوما، وما أكثر هذه الروح بين أبناء أمتنا شبابا و كهولا، و لأننا مؤمنون فمومتنا دون استسلام أو رِدّة انتصار أيضا.
لذلك، نحن لا نستسلم ننتصر أو ننتصر.
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق