قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الخميس، 16 أكتوبر 2014

ما علاقة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بالصراع في أوكرانيا؟

ما علاقة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بالصراع في أوكرانيا؟
بقلم فريدريك موسو*/وكالة إنتر بريس سيرفس


Credit: Dobrych (Flickr)/CC-BY-SA-2.0, via Wikimedia Commons

أوكلاند، الولايات المتحدة, أغسطس (آي بي إس) - يلعب التمويل الدولي دورا هاما في الصراع الحالي في أوكرانيا علي الرغم من غياب هذا الدور عن عناوين وسائل الإعلام عن الأحداث الجارية.
ففي أواخر عام 2013، تصاعدت حدة الصراع بين الأوكرانيين المؤيدين للاتحاد الأوروبي والأوكرانيين الموالين لروسيا حتي بلغت مستويات عنيفة، مما أدى إلى رحيل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش في فبراير عام 2014 وأجج نيران أكبر مواجهة بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة.
من العوامل الرئيسية التي تداخلت في الأزمة والتي أدت إلى إنطلاق احتجاجات دامية، كان إقصاء يانوكوفيتش من منصبه بسبب رفضه لاتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي التي كان من شأنها أن تفتح أبواب التجارة وتزيد من تكامل أوكرانيا مع هذه الكتلة الأوروبية.
هذه الإتفاقية كانت مربوطة بقرض بمبلغ 17 مليار دولار من صندوق النقد الدولي. ولكن بدلا من ذلك، اختار يانوكوفيتش حزمة مساعدات روسية بقيمة 15 مليار دولار بالإضافة إلى خصم بنسبة 33 في المئة على الغاز الطبيعي الروسي.
ثم تغيرت العلاقة مع المؤسسات المالية الدولية بسرعة في ظل الحكومة المؤيدة للاتحاد الاوروبي التي تشكلت في نهاية فبراير 2014 والتي قبلت حزمة مالية من صندوق النقد الدولي بملايين الدولارات في مايو 2014.
وهنا، عند إعلانه عن برنامج مساعدات بقيمة 3.5 مليار دولار يوم 22 مايو، أشاد رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم بالسلطات الأوكرانية لوضع برنامج شامل للإصلاحات والتزامها بتنفيذه بدعم من مجموعة البنك الدولي.
لكنه لم يذكر الشروط الليبرالية الجديدة التي فرضها البنك الدولي لإقراض المال ومن بينها أن تحد الحكومة من سلطتها الذاتية عن طريق إزالة القيود التي تعيق المنافسة والحد من رقابة الدولة علي الأنشطة الاقتصادية.
هذا الاندفاع لتقديم حزم مساعدات جديدة إلى البلاد تحت الحكومة الجديدة، والذي يتماشى مع أجندة الليبرالية الجديدة، كان يعتبر بمثابة مكافأة من المؤسستين (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي).
بيد أن الواقع هو أن المنافسة بين الشرق والغرب عبر أوكرانيا تنصب علي السيطرة على الموارد الطبيعية، بما في ذلك اليورانيوم والمعادن الأخرى، وكذلك القضايا الجيوسياسية مثل عضوية أوكرانيا في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو).
كذلك فتشكل الرهانات حول القطاع الزراعي الواسع النطاق في أوكرانيا -وهي ثالث أكبر مصدر للذرة وخامس أكبر مصدر للقمح في العالم- تشكل عاملا حاسما جري تجاهله. فبحقولها الوافرة من التربة السوداء الخصبة التي تسمح بحجم عالي من الإنتاج، تعد أوكرانيا سلة الغذاء لاوروبا.
في العقد الماضي، اتسمت القطاع الزراعي بالتركيز المتزايد علي الإنتاج في إطار الحيازات الزراعية الكبيرة جدا التي تستخدم نظم الزراعة المكثفة واسعة النطاق.
ليس من المستغرب إذن، تواجد الشركات الأجنبية هذا في القطاع الزراعي وحجم الحيازات الزراعية، وكلاهما ينمو بسرعة، بأكثر من 1.6 مليون هكتار لحساب الشركات الأجنبية للأغراض الزراعية في السنوات الأخيرة.
والآن الهدف هو وضع السياسات التي تفيد الشركات الغربية. ففي حين أن أوكرانيا لا تسمح باستخدام الكائنات المعدلة وراثيا في الزراعة، تتضمن المادة 404 من اتفاقية الاتحاد الأوروبي، والتي تتعلق بالزراعة، شرطا لم يلتفت إليه أحد عموما: أن يعاون الطرفان على توسيع نطاق استخدام التكنولوجيات الحيوية.
والان، نظرا للتناحر من أجل الموارد في أوكرانيا، وتدفق المستثمرين الأجانب في قطاع الزراعة، يصبح السؤال المهم هو ما إذا كانت نتائج البرنامج سوف تفيد أوكرانيا ومزارعيها من خلال تأمين حقوق ممتلكاتهم، أما أنها سوف تمهد الطريق أمام الشركات للحصول بسهولة أكبر علي الملكية والأراضي.
وهكذا، من خلال تشجيع الإصلاحات مثل تحرير أسواق البذور والأسمدة، يجبرون القطاع الزراعي في أوكرانيا علي الإنفتاح علي مصراعيه أمام الشركات الأجنبية مثل "مونسانتو" و "دوبون".
كذلك فيبدو أن أنشطة البنك الدولي وبرامج القروض والإصلاح في أوكرانيا تعمل نحو توسع الحيازات الصناعية الكبيرة في الزراعة الأوكرانية المملوكة لجهات أجنبية.
هذا وفي خضم الاضطرابات الحالية، يضغط كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الآن لمزيد من الإصلاحات لتحسين مناخ الأعمال وزيادة الاستثمار الخاص.
وفي شهر مارس عام 2014، رحب رئيس الوزراء المؤقت السابق، أرنسينيج ياتسينيوك، بالإصلاحات الهيكلية الصارمة والمؤلمة كجزء من حزمة قروض البنك الدولي بقدر 17 مليار دولار، نافيا الحاجة إلى التفاوض بشأن أي شرط من الشروط.
إصلاحات التقشف هذه التي يفرضها صندوق النقد الدولي تؤثر على السياسات النقدية وسعر الصرف والقطاع المالي والسياسات المالية، وقطاع الطاقة، والحكم، ومناخ الأعمال. كما أن القرض هو أيضا شرط مسبق للإفراج عن المزيد من الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
فإذا اعتمدت بشكل كامل، قد تؤدي هذه الإصلاحات إلى زيادات كبيرة في أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية، وزيادة بنسبة47-66 في المئة في معدلات ضريبة الدخل الشخصي، وزيادة بنسبة 50 في المئة في فواتير الغاز. ويخشي أن تأتي هذه التدابير بتأثير إجتماعي مدمر يؤدى إلى انهيار مستوى المعيشة وزيادة كبيرة في الفقر.
وعلى الرغم من أن أوكرانيا بدأت في تنفيذ الإصلاحات المواتية لقطاع الاعمال في عهد الرئيس يانوكوفيتش من خلال مشروع "مناخ الخدمات الاستثمارية وتبسيط إجراءات التجارة ونقل الملكية في أوكرانيا"، لم تتبلور طموحه في تقييد البلاد بمعايير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، في مجالات أخرى من السياسات والولاء لروسيا، مما أدي في النهاية إلى إبعاده من منصبه.
وهكذا، بعد تنصيب حكومة موالية للغرب، تم التعجيل بتنفيذ عملية التكيف الهيكلي التي تقودها المؤسسات الدولية جنبا إلى جنب مع زيادة في الاستثمار الأجنبي، بغية تحقيق المزيد من التوسع في مجال الاستحواذ واسع النطاق على الأراضي الزراعية من قبل الشركات الأجنبية والمزيد من نفوذها على الزراعة في البلاد.
تفيد تجربة برامج التكيف الهيكلي في جميع أنحاء العالم النامي ان ذلك سيزيد من السيطرة الأجنبية على الاقتصاد الأوكراني، فضلا عن زيادة الفقر وعدم المساواة.
وهكذا يصبح من غير الواضح كيف سيؤدي تأهب القوى الغربية لفرض عقوبات على روسيا لما تعتبره تجاوزات في أوكرانيا، وكذلك هذا البرامج والشروط التي فرضها البنك الدولي... كيف سيؤدي إلي تحسين مستويات معيشة الأوكرانيين وبناء مستقبل اقتصادي مستدام.

* فريدريك موسو، الإدارة السياسية بمعهد أوكلاند، والمؤلف المشارك لتقرير "السير على الجانب الغربي: البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في صراع أوكرانيا" Walking on the West Side: the World Bank and the IMF in the Ukraine Conflict.(آي بي إس / 2014)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق