قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الثلاثاء، 14 أكتوبر 2014

د. غازي حسين : الشرق الأوسط الجديد.. مصطلح صهيوني استعماري النشأة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الشرق الأوسط الجديد.. مصطلح صهيوني استعماري النشأة
شبكة البصرة
د. غازي حسين
نظراً لأهمية فلسطين التاريخية، والدينية، وموقعها الاستراتيجي الهام، وقربها من أوروبا، ونظراً للثروات الطبيعية الهائلة في الوطن العربي، والأطماع الأوروبية بها، وعداء الغرب للعروبة والإسلام، قرر الاستعمار البريطاني إقامة إسرائيل في فلسطين، (قلب الوطن العربي)كنقطة ارتكاز، وانطلاق للتحكم بالمنطقة العربية، وثرواتها، والعمل على تجزئتها، والمحافظة على تخلفها، والحيلولة دون وحدتها، وتطورها، ونهب ثرواتها. وكان تيودور هرتسل، مؤسس الحركة الصهيونية عام 1897، أول من طالب «بإقامة كومنولث شرق أوسطي، يكون فيه لإسرائيل شأن قيادي فاعل، ودور اقتصادي قائد، وتكون المركز لجلب الاستثمارات، والبحث العلمي، والخبرة الفنية، وبالتالي تحل أوروبا المسألة اليهودية على حساب فلسطين العربية، ويتخلص الأوروبيون من اليهود في أوروبا، ويكونون، في الوقت نفسه، حصناً لأوروبا في الشرق العربي الإسلامي، معادياً لشعوب المنطقة، وحليفاً استراتيجياً للدول الغربية، للدفاع عن مصالحها المعادية لحقوق، ومصالح المنطقة.
لقد أبرز ضابط البحرية البريطاني الفرد ماهان مصطلح الشرق الأوسط في كتاب نشره عام 1903، وصدر في عام 1907 تقرير كامبل بنرمان، وزير المستعمرات البريطاني، والذي وضعه مؤتمر عقدته مجموعة من علماء التاريخ، والسياسة، والاقتصاد، بمشاركة عدد من السياسيين الأوروبيين، وتناول الوضع في الوطن العربي، وجاء فيه: «يكمن الخطر على الغرب في البحر الأبيض المتوسط، لكونه همزة وصل بين الشرق، والغرب، ويعيش في شواطئه الجنوبية، والشرقية شعب واحد تتوافر له وحدة التاريخ، واللغة، والجغرافيا، فضلاً عن نزعاته الثورية، وثرواته الطبيعية، وأكد التقرير أنه ستحل في الامبراطوريات الأوروبية الضربة القاضية، إذا انتشر التعليم، والثقافة في المنطقة، لذلك يجب منع تحقيق وحدته، وتقدمه عن طريق:
أولاً: إقامة حاجز بشري غريب، وقوي مانع، يفصل بلدان المشرق عن بلدان المغرب العربي، وإقامة قوة قريبة من قناة السويس، عدوة لشعب المنطقة، وصديقة للدول الأوروبية.
ثانياً: العمل على تفتيت الوطن العربي إلى دول، وكيانات طائفية، ومذهبية، وعرقية متعددة.
وبدأت الصهيونية العالمية تعمل على إقامة إسرائيل في فلسطين العربية، وتعمم مصطلح الشرق الأوسط بديلاً للوطن العربي، والشعب الواحد، والأمة الواحدة، نظراً لموقعه الاستراتيجي الهام، وثرواته الطبيعية الهائلة، وفي طليعتها النفط، والغاز.
واحتل الوطن العربي مكانة هامة في التنافس الاستعماري بين بريطانيا، وفرنسا، كما ظهر في لندن عام 1909 كتاب بعنوان: «مشاكل الشرق الأوسط» لمؤلفه هاملتون، وضّح فيه أهمية المنطقة لأوروبا والعالم، وطالب بضرورة السيطرة عليها، وأعلنت بريطانيا عام 1911 عن تشكيل إدارة خاصة للشرق الأوسط، تشرف على شؤون فلسطين، وشرق الأردن، والعراق.
كانت برلين آنذاك مقر الحركة الصهيونية، وكانت اللغة الألمانية هي اللغة الرسمية في المؤتمرات الصهيونية، وتعهدت الصهيونية بخدمة المصالح الألمانية في الشرق إذا تعهدت ألمانيا بدعم الهجرة اليهودية لدى حليفتها تركيا، ولكن ألمانيا لم تستطع تحقيق ذلك بسبب رفض الخليفة العثماني للهجرة اليهودية، فانتقلت الحركة الصهيونية من برلين إلى لندن، وارتمت كلية في أحضان الاستعمار البريطاني.
فصلت بريطانيا، وفرنسا في اتفاقية سايكس- بيكو الاستعمارية عام 1916 جنوب سورية، أي فلسطين عن الوطن الأم سورية، تمهيداً لإقامة كيان يهودي فيها، وأصدرت بريطانيا وعد بلفور عام 1917، واقترح الإرهابي فلاديمير جابوتنسكي، (الأب الروحي لمناحيم بيغن، وشامير، وشارون، ونتنياهو) عام 1922 مشروعاً لإقامة سوق شرق أوسطية، ووضع مؤتمر بلتمور الصهيوني في نيويورك عام 1942 الحجر الأساسي لإقامة نظام الشرق الأوسط، حيث أقر: «إقامة قيادة يهودية للشرق الأوسط بأكمله في ميدان التنمية، والسيطرة الاقتصادية».
غرس يهود بريطانيا، والولايات المتحدة فكرة نظام الشرق الأوسط في صلب السياستين البريطانية، والأمريكية إبان الحرب العالمية الثانية، وعُقد اجتماع في 18 تشرين الثاني 1943 من ممثلين عن وزارتي الخارجية الأمريكية، والبريطانية في لندن، ووضعوا المخططات لبلدان الشرق الأوسط بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لنهب ثروات المنطقة، والهيمنة عليها، ومنع وحدتها، وتطورها.
وساعدت جرائم ألمانيا النازية ضد اليهود غير الصهاينة، وتعاون الصهيونية مع النازية، واستغلال الصهيونية، والدول الاستعمارية لأسطورة المحرقة، إلى قيام إسرائيل في أيار 1948، وتحقيق المخططات الصهيونية، والاستعمارية، وارتماء الحركة الصهيونية كلية في أحضان الاستعمار الأمريكي.
أصبحت إسرائيل أداة عسكرية في يد الدول الاستعمارية: فرنسا، وبريطانيا، والولايات المتحدة، والصهيونية العالمية، للحيلولة دون وحدة العرب، وتطورهم، والسيطرة عليهم، وتدمير منجزاتهم بالحروب العدوانية، ونهب ثرواتهم.
اقترح بن غوريون، «مؤسس إسرائيل»، على الرئيس الأمريكي ايزنهاور عام 1958 إقامة سد منيع ضد التيار القومي العربي، وللوقوف أمام التوسع السوفييتي من أمريكا، وإسرائيل، وتركيا، وإيران، والحبشة، وجرى طرح عدة مشاريع، منها حلف السنتو، وحلف بغداد، ومشروع جونسون، ومبدأ ايزنهاور لتصفية قضية فلسطين، والهيمنة على المنطقة.
أشعلت إسرائيل عام 1956، بالاشتراك مع بريطانيا، وفرنسا الاستعماريتين، حرب السويس العدوانية، ثم أشعلت عام 1967 حرب حزيران العدوانية بالتفاهم، والتنسيق الكاملين مع الولايات المتحدة، وترفض حتى اليوم تنفيذ قرارات مجلس الأمن.
نظمت إسرائيل عقد المؤتمرات الثلاثة للمليونيرية اليهود في 1967و 1968و 1969 لإحكام سيطرتها الاقتصادية على البلدان العربية، واستغلالها تحت ذريعة الأرض مقابل السلام.
وتأسست في إسرائيل عام 1968 جمعية «السلام في الشرق الأوسط»، مهمتها وضع الخطط، والبرامج، والمشاريع لفرض هيمنة إسرائيل الاقتصادية على البلدان العربية، وحددت نوعية الصناعات، والإنتاج لكل بلد عربي من بلدان المشرق، وطرح حزب العمل الإسرائيلي إقامة اتحاد اقتصادي إسرائيلي- فلسطيني- أردني، على غرار اتحاد البنيلوكس بين بلجيكا، وهولندا، ولوكسمبورغ، وطرحت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، العمالية منها، والليكودية، إقامة مشاريع للتعاون الاقتصادي، على أساس شرق أوسطي، وليس على أساس عربي، كي تكون المركز، والقائد للمنطقة، وتقضي على الوحدة الاقتصادية العربية، وعلى الأمن القومي العربي، وتقيم شراكة أمنية مع آل سعود، وثاني، والملك الهاشمي للحفاظ على أمن إسرائيل، وأمن المستعمرين اليهود في القدس المحتلة.
وبمعنى آخر تبنت إسرائيل الفكرة التي نادى بها هرتسل حول إقامة نظام الشرق الأوسط، وقرار مؤتمر بلتمور الصهيوني بجعل إسرائيل المركز، والقائد للنظام الجديد، وظهر ذلك بجلاء في المفاوضات متعددة الأطراف التي انبثقت عن مؤتمر مدريد في المفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية، واتفاقات اوسلو، وقرارات مؤتمر هرتسليا، ومشروع كيري لتصفية قضية فلسطين.
ووضع شيمون بيرس، سفاح قانا، وأبو مفاعل ديمونا الذري في كتابه الذي ظهر بعد توقيع اتفاق الإذعان في اوسلو في نهاية عام 1933 تحت عنوان: «الشرق الأوسط الجديد»، تصوراته للنظام الجديد في المنطقة من شقين: اقتصادي، وأمني، ودمج الاقتصادي بالأمني عبر تشابك المصالح لإقامة «إسرائيل العظمى الاقتصادية»، من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد، وإثارة النعرات الطائفية، والمذهبية، والعرقية لتفتيت البلدان العربية، والقضاء على الأمن القومي العربي، وتوجيه الجهاد إلى سورية لإضعافها، وتصفية قضية فلسطين.
إن نظام الشرق الأوسط الجديد الذي طرحه الرئيس بوش، ووزيرة خارجيته رايس، في خضم حرب الإبادة، والتدمير، وسياسة الأرض المحروقة الأمريكية، والإسرائيلية على لبنان في تموز 2006، مصطلح صهيوني- استعماري النشأة، والأصل، والتخطيط، لخدمة أهداف الصهيونية، والامبريالية، وجاء من أوروبا، والولايات المتحدة، فهو خارجي، وغريب عن المنطقة، ويخدم مصالح القوى التي وضعته على حساب مصالح، وأهداف شعوب المنطقة، ويقضي على تحقيق الوحدة العربية، ويهدف إلى تغيير هوية المنطقة العربية الإسلامية، وأمركتها، وصهينتها، ونهب ثرواتها، ومحاربة العروبة، والإسلام، وتصفية قضية فلسطين، وتفتيت الدول العربية والإسلامية على أسس طائفية، ومذهبية، وعرقية، ومحاولة تدمير أكبر ثلاثة جيوش عربية في سورية، ومصر، والعراق، وإعادة تركيب المنطقة لإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد.
07-10-2014
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق