بعد 10 سنوات، الأميركيون مستعدون للمصالحة!
بعد 10 سنوات على غزو أفغانستان واحتلالها، يخرج نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن، ليقول للعالم ان حركة طالبان ليست عدوة لبلاده، وانها لاتشكل خطراً على مصالحها.
ويمضي ليؤكد ان الأميركيين ماضون في عملية مصالحة مع هذه الحركة، وأنهم، الأميركيون، مستعدون للتعايش مع أفغانستان تحكمها طالبان.
فماذا يعني هذا؟
إن اعلان نائب الرئيس الأميركي هذا، يعني ببساطة، وفضلاً عن الاستهتار المفضوح بأرواح آلاف الأميركيين الذي قضوا في مغامرة الغزو المجنونة هذه، والمستمرة، والاستهانة بمئات مليارات الدولارات التي تم إهدارها بين جبال ووديان هذا البلد، يعني أن حركة طالبان هزمت أميركا، وانها على وشك إلحاق هزيمة استراتيجية بها وبمشروعها الاستعماري بأسلحة بسيطة جداً وبمعدات لاتكاد تذكر.
ان حقائق الموقف على الأرض في أفغانستان تؤكد ان طالبان، وهي حركة وليست دولة، تسيطر فعلياً على أكثر من 60% من إجمالي الأراضي الأفغانية، بل ان العاصمة كابل، نفسها، ليست بمنأى عن هجمات طالبان، التي تطاردها قوات أميركا والناتو (إيساف) وإن نزف جنود قوات العدوان مستمر بوتيرة متصاعدة لافتة للأنظار.
خارطة أفغانستان توضح ان 80 % من أراضيها تدور فيها عمليات شديدة وأن 17 % تدور فيها عمليات متوسطة، وأن 3 % فقط تدور فيها عمليات خفيفة |
لقد نشرت طالبان عملياتها المكثّفة على مساحة 80% من الأراضي الأفغانية وتمكنت من استهداف خطوط الإمداد الرئيسية لقوات الايساف لاسيما من جهة باكستان، واستطاعت:
· وضع قوات التحالف الدولي في موقف دفاعي، أي عكس الخطّة التي من المفترض أن يقوم بها والتي تقتضي الهجوم حتى القضاء على طالبان.
· تهميش القوّات الحكومية وفرض سيطرة الحركة على مناطق واسعة من البلاد جنوب وشرق أفغانستان.
· تأمين ملجأ آمن لها في باكستان يتم الانطلاق منها من جديد لشن هجمات واستعادة الزخم.
· فتح جبهات جديدة في الشمال تعمل على استنزاف قوات التحالف.
إن تحليل مايجري يجب أن يضع في الاعتبار النقاط التالية:
• بدأت الحرب على حكومة طالبان عام 2001، أي أنها استمرت حتى الآن أكثر من 10 سنوات، ووصل عدد القوات الأمريكية والأطلسية هناك إلى حوالي 120 ألف جندي، وأن الجندي الواحد يكلف الخزانة الأمريكية حوالي مليون دولار سنوياً، وأنه حسب تقديرات كبار الجنرالات فإن الأمر لن يتغير حتى لو زادت القوات إلى الضعف، وأن نزيف الخسائر سيستمر بل يزيد مع زيادة عدد القوات، وأن طالبان أظهرت قدراً هائلاً من الكفاءة والمرونة والقدرة على الصمود وإنزال الضربات القوية بقوات الحلفاء هناك.
• إن أفغانستان تفتقر إلى الموانئ والبنية التحتية والطرق المعبَّدة، وهو ما يجعل الأمر شديد الصعوبة، وأن تزويد القوات هناك بالوقود والسلاح والطعام يتم عن طريق باكستان، وهذه الطرق البديلة تتعرض لعمليات فدائية من مقاتلين تابعين لطالبان باكستان أو طالبان أفغانستان تعمل في الأرضي الباكستانية، وهو ما يزيد الأمر صعوبة.
• إن الإنفاق العسكري على الحرب في أفغانستان وحدها وصل مع بداية عام 2011م إلى حوالي 443 مليار دولار حسب الأرقام الرسمية، وتصل إلى حوالي 2.5 تريليون دولار في تقديرات مكاتب المحاسبة، مع الأخذ في الاعتبار أن الاقتصاد الأمريكي يعاني من أزمات ضخمة، كما أن الرأسمالية العالمية تعاني من خلل بينوي خطير لا يمكن حلُّه على المدى القريب أو المتوسط، وأن الحكومة الأمريكية باتت تقترض لتمويل الحرب هناك، وأن التكاليف المتوقَّعه سنوياً حوالي 120 مليار دولار.
• إنه تم قتل حوالي 1522 جندي أمريكي في أفغانستان ناهيك عن خسائر الحلفاء، وأن هؤلاء الحلفاء مثل الألمان والإنجليز والكنديين لم يعودو قادرين على الاستمرار في تلك الحرب المكلفة. أما الحديث عن المصابين فهم بالآلاف وتصل بعض التقديرات بهم إلى حوالي 50 ألف مصاب، وهذا معناه أن هؤلاء سوف ينفقون على العلاج لعشرات السنين، وهو ثمن باهظ على الخزانة الأمريكية.
• إن أحد مكاتب الميزانية في الكونغرس يقدر عدد المعدات التي تم إعطابها في كلٍّ من العراق وأفغانستان إلى حوالي 26 ألف معدَّة بين المركبات السريعة (همفي)، و 66 ألف مركبة تكتيكية متوسطة، و 15200 مركبة تكتيكية ثقيلة.
........
إنه ببساطة منطق الأشياء، ولاتغرنَّكم الكلمات والعبارات الفضفاضة التي لامعنى لها، التي زيَّن بها بايدن حديثه، فما هي الا رتوش لزوم خداع الشعب الأميركي المضلل أصلاً من قبل سياسييه الكذابين، أمثال المتصهين السيد بايدن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق