قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الخميس، 22 ديسمبر 2011

توجان فيصل: أول حرائق مصر الحديثة بدأت بعد أقل من عام لرحيل ( والأرجح اغتيال ) الزعيم العربي الخالد , جمال عبد الناصر..


توجان فيصل: أول حرائق مصر الحديثة بدأت بعد أقل من عام لرحيل ( والأرجح اغتيال ) الزعيم العربي الخالد , جمال عبد الناصر..
21/12/2011


من الذين يحرقون مصر؟
 توجان فيصل*هنا

مصر لم تكن يوما مجرد دولة في عداد الدول والدويلات . فمصر أحد أهم مراكز الحضارة عالميا ومنذ بدء التاريخ , ولها دور تاريخي مفصلي في مكانة ومصير الأمة العربية منذ الفتح العربي الإسلامي , ولا نجافي الحقيقة إن قلنا إن الله أعز العرب والمسلمين بمصر . وكل من يحاول المساس بأي جزء من تراث ومكونات مصر عبر تاريخها كله , يسعى لتقزيمها وتقزيم الأمة العربية .. ومثله من يحاول سلخ مصر عن العالم العربي الإسلامي , فهو يلغي دور مصر "العالمي " لما يقارب الألفية ونصف الألفية , ويجعل تاريخها مجرد "حواديت" عن أشياء كانت . ولافت أن عبقرية أحد أبرز المنحازين لذلك "التمصير" قد غلبته في أكثر من موقع من مسلسله التاريخي " ليالي الحلمية " , وبخاصة شخصية العمدة الذي كان نائبا في البرلمان, ثم أمضى بقية حياته يكرر قصص ذلك البرلمان بمقولته الشهيرة " أم إيه .. ".

مؤشرات بروزالحضارات وسقوطها وانتقال مراكزها لم تكن يوما عسكرية بقدر ما كانت ثقافية . وبداية الحضارات التي لم تندثر ارتبطت باختراع الكتابة فيها . ويؤرخ لبداية الحضارة الغربية الحديثة بسقوط القسطنطينية ,ولكن ليس للفعل العسكري الذي أسقطها بل للفعل الثقافي الذي تمثل في تهريب محتويات مكتباتها وهجرة العديد من علمائها لأوروبا .

وحضارة البطالمة في مصر , والتي آخر فراعنتها كليوباترا , لم تقم نتيجة فتح الإسكندر المكدوني لمصر , بل قامت على إنشائه الإسكندرية عاصمة حضارية , بما فيها مكتبتها التي أصبحت اول وأهم منارة علم في العالم القديم . وكبلد حضاري , مصر قادرة على امتصاص الحضارات الوافدة وإحداث تزاوج معها يغنيها . وقد توطن بطليموس الأول في مصربعد سقوط امبراطورية الإسكندر , وتمصّر وصولا لقبوله ديانة الفراعنة , وشرع في بناء مكتبة الإسكندرية . وحرق المكتبة الأول والثاني كانا حادثتي حرب غير مقصودتين .. أما الحرق الثالث فيجري القفز على حقائقه التاريخية , في محاولة البعض الحجر على قراءة التاريخ وليس فقط النصوص الدينية , وصولا لتقديس سياسيين بما يقارب "تنبيتهم" وتكفير من يتعامل معهم كساسة من البشر .. في تمهيد غير بريء للتعامل مع كل ساسة تيار بعينه كأنبياء منزهين , ضاربين عرض الحائط ما يجلبه تنزيه الأقدمين قبل المعاصرين على الإسلام الذي أعلى العقل , وبالتالي نتاجه , فوق كل قيمة وصولا لمنع الإكراه على الدين .. وما يجلبه على نبيه العظيم الذي نصح بطلب العلم أيا كان مصدره , واعتق أسرى قاتلوه مقابل تعليم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة .

لن نتوقف هنا عند حرائق جرت قبل قرون , لأننا واثقون ان مراجعة عاقلة لتاريخ مصر والعالم العربي الإسلامي- المسيحي آتية بعد اكتمال ثورات ربيعه , لإرساء قواعد نهضته الحديثة التي أجهضت في مهدها قبل قرن . ولكن لا مناص من التوقف عند الحرائق المستجدة لمعالم مصر الحضارية ولإرثها الذي لا يمكن تعويضه .. فأول الحريق شرارة , والشرارة بدأت مع بداية الانحطاط السياسي في مصر والسعي لتقزيمها بزعم أن " مصر أولا " .. وهوالشعار الذي عندما نقل للأردن في بداية الألفية الجديدة , واجهه الشعب الأردني العروبي , بنكتة سياسية في غاية الذكاء, تقول إنه عند قدوم الجيش الأمريكي للمنطقة لاحتلال العراق , احتج الأردنيون بقولهم " الأردن أولا ".

أول حرائق مصر الحديثة بدأت بعد أقل من عام لرحيل ( والأرجح اغتيال ) الزعيم العربي الخالد , جمال عبد الناصر , إذ تم حرق متعمد لدار الأوبرا .. تلته سلاسل حرق لكتب وتكفير واغتيال لمفكرين بسوية فرج فودة ونصر حامد أبو زيد ونجيب محفوظ .. فيما فرعون مصر يسوق نفسه ورجالات الحكم في مصر, في قافلة سبايا طوعية للقدس المحتلة ( كليوباترا قاتلت بضراوة ثم انتحرت في أوج لتجني هكذا مصير ) , تكرس عرش بيغن وتتلقى إهاناته في خطاب رده على خطاب مذلة السادات .. وفي عهد مبارك جرى حرق متعمد آخر لمبنى مجلس الشورى الأثري العريق في تاريخ مصر, وتنامت استهدافات الآثار الفرعونية .

والان يجري حرق متعمد لمئتي عام من تاريخ مصر بإلقاء قنابل المولوتوف على المجمع العلمي المصري . ويقال لنا إن من أشعل الحريق اشتعلت به النيران وأن شباب الثورة " احتضنوه وأنقذوه" !! وتنشر صور آخرين يحتفلون بذلك الحرق لتراث مصر .. ولا من يحاسب, رغم كثرة الحديث عن مخاوف من البلطجية والمندسين لصالح " الثورة المضادة"!!!
   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق