قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الجمعة، 23 ديسمبر 2011

بايدن في تركيا، لماذا ؟


بايدن في تركيا، لماذا ؟


الرئيس التركي مستقبلاً نائب الرئيس الأميركي في قصر جانكايا الرئاسي بأنقرة
خلال 100 ساعة أمضاها نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في تركيا، التقى الرئيس عبدالله غُل ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وعدداً من كبار المسؤولين.
وإذا كان الهدف الأساسي المبرمج مسبقاً للزيارة حضور مؤتمر اقتصادي عالمي في اسطنبول، فإن الظرف الإقليمي أضاف أبعاداً جديدة لزيارته.
العلاقات مع "اسرائيل"
ناقش بايدن، الذي لايعرف كداعم لمواقف تركيا، موضوع العلاقات التركية المتدهورة مع "اسرائيل" وأهمية تطبيعها، خلال لقائه غُل وأردوغان ورئيس البرلمان جميل تشيتشك، لكنه تلقى من الاتراك رداً مقتضباً مفاده "بإمكان التحدث مع الحكومة الإسرائيلية، وهم يعرفون ما يتوجب عليهم فعله".
وفي تركيا نجد من يرى انه بسبب الانزعاج "الاسرائيلي" من نتائج الانتخابات المصرية فإن أنقرة تعتقد أن واشنطن ستسعى لإقناع تل أبيب للتوصل إلى حل مقبول للأزمة مع تركيا.
ضمانات في شمال العراق
بخصوص حزب العمال الكردستاني نقل بايدن للاتراك ماأكده للمعنيين في بغداد وأربيل، بأنه لن يكون هناك حد لتعاون واشنطن وأنقرة لوقف "إرهاب" الكردستاني.
ويبدو ان بايدن قدَّم للقيادة التركية ضمانات بعدم حصول فراغ في شمال العراق، مع انسحاب القوات الأميركية من هذا البلد، وأن واشنطن ستقدم أقصى دعم للتصدي لحزب العمال الكردستاني، فواشنطن تدرك حساسية هذا الموضوع بالنسبة لتركيا.
لكن المفارقة ان اميركا التي احتلت جار تركيا الجنوبي لتسعة اعوام، لم تمنع أن يكون شمال العراق منطلقاً لهجمات دامية في الداخل التركي، من قبل ذات الحزب، الأمر الذي يعني ان تطمينات واشنطن ليست ذات جدوى في أنقرة.
حزمة ملفات
طالت زيارة بايدن لتركيا أكثر من المتوقع بسبب حساسية الظرف الإقليمي الذي تطلَّب زيارة أردوغان في منزله، لأن هناك حزمة ملفات كبيرة يجب استطلاع رأي اردوغان بشأنها وحسم الموقف التركي بصددها.
ويعتقد ان بايدن الذي جاء لأول مرة الى تركيا بصفته نائباً للرئيس الأميركي، بعد أن كان زارها سيناتوراً مرات عدة، حمل معه العديد من السيناريوهات والاقتراحات لمرحلة مابعد "الربيع العربي" وبأي اتجاه ستسير المنطقة.
بخصوص الملف الإيراني، يعتقد ان بايدن عرض أمام الأتراك ماستعوِّضه واشنطن لبلادهم عند التحاقها بنظام العقوبات الجديد المقرر ضد طهران، مؤكداً لهم ان أميركا دعمت، بشكل غير مباشر، الوساطة التركية البرازيلية السابقة مع طهران، الا أنه بعد فشل تلك المساعي لابد لأنقرة أن تتعاون مع واشنطن وتلتحق بنظام العقوبات.
كما شرح للمسؤولين الأتراك، ان ايران تعد لأزمة كبيرة في المنطقة سياسياً وعسكرياً وأمنياً بسبب تمسكها بنظام الرئيس بشار الأسد.
ونظرا لأهمية الموقف التركي في تنفيذ تلك العقوبات، فإن واشنطن لاتريد أن تتعرض إلى "صفعة" تركية جديدة على غرار موقفها الرافض لغزو العراق عام 2003.
في مقابل ذلك، يعتقد ان بايدن قدَّم وعوداً لتركيا بحسم ملف "الكردستاني" نهائياً، وباتخاذ موقف يحول دون إدانة أنقرة بخصوص ملف الأرمن وقضايا أخرى تقلق الداخل التركي، فضلا عن موضوع قبرص وتحقيق الاستقرار في شرق المتوسط، ومن المؤكد أن ثمة مساومات جرت وتجري بعيداً عن الأضواء.
أيضاً، حثَّ بايدن أنقرة على الإسراع في تطبيع العلاقات مع أرمينيا، ملوِّحاً بأن الإدارة الأمريكية يمكن أن تحول دون إدانة تركيا خلال المناقشة القادمة في الكونغرس فيما يتعلق بمزاعم الإبادة الجماعية للأرمن.
مسعى اللحظة الأخيرة
على الطرف المقابل لا اعتقد ان انقرة استجابت تماماً لرغبات ضيفها، إذ انني أتوقع أن تخطو بما يمكن ان يوصف بأنه "مسعى اللحظة الأخيرة" تجاه طهران، لإعطائها فرصة جديدة، حيث يتوقع ان تسفر الايام القادمة عن اتصال تركي ايراني عالي المستوى لمحاولة إقناع طهران بتغيير سياساتها في المنطقة بشكل عام، وفي ضوء نتائج ذلك التحرك ستحدد انقرة خطواتها المقبلة.
سوريا ولبنان
إضافة إلى ماتقدم، وبرغم مناقشته مسار الأزمة السورية، الا ان تركيز نائب الرئيس الأميركي في هذا الملف كان على مناقشة مرحلة مابعد الأسد.
وتشير معلومات إلى أن بايدن قدَّم وعداً لتركيا بأن بلاده لن تتخلى عن المصالح التركية داخل لبنان، في ضوء الأزمة السورية.
وحول سيناريوهات الموقف التركي المرتقبة بشأن سوريا في ضوء زيارة بايدن، فقد أعطت تركيا الأولوية للتعامل مع دمشق انسجاماً ومواقف الجامعة العربية، وإذا انتهجت الجامعة موقفا متشدداً أزاء دمشق، فإن أنقرة ستكون جزءاً من التصعيد.
انها إذن حزمة من الوعود، التي قد لاتجد عند كثير من الأتراك آذاناً مُصغية، فالتجربة التركية مريرة مع واشنطن، والذكريات السابقة تحمل كثيراً من السلبيات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق