قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الأحد، 17 يونيو 2012

هل نجحت المخابرات الأمريكية في تجنيد الشعب العربي برمته الجزء الرابع : أهم العوامل المؤثرة في صياغة التكوين الفكري والعقائدي للفرد والأمة : الواعز الديني


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
هل نجحت المخابرات الأمريكية في تجنيد الشعب العربي برمته
الجزء الرابع :
أهم العوامل المؤثرة في صياغة التكوين الفكري والعقائدي
للفرد والأمة : الواعز الديني
الحلقة الثالثة : الواعز الديني بين المشاكل والحلول
شبكة البصرة
الرفيق رأفت علي والمقاتل النسر
بسم الله الرحمن الرحيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا) النساء 71
صدق الله العظيم

تمهيد:
خصصنا هذا الجزء –الرابع- لدراسة الواعز الديني باعتباره احد اهم المؤثرات في حياة الفرد والأمة. وتناولنا في الحلقة الاولى مميزات وخصائص الواعز الديني أو بالأحرى مميزات وخصائص تأثير رجال الدين في المجتمع. حيث أوضحنا بان رجال الدين وبحكم ميدان عملهم ونشاطهم، وطالما لعب رجال الدين دور محوري وأساسي وفعال في الدين وفيما يتناوله، فان تأثير الدين في الفرد هو في الحقيقة تأثير علماء أو رجال الدين لا الدين ذاته. وبالتالي فان دراسة تأثير الواعز الديني في حياة الفرد هي في الحقيقة دراسة لتأثير رجال الدين ولنشاطهم هم لا للدين ولا لمواضيعه، أي أننا هنا لا نقيّم الدين "حشا الله ودينه" أنما نقيّم رجال الدين ونقيّم مستوى تفكيرهم واتجاهاتهم وما يمتازون به من مميزات وخصائص.

وبينا بان الواعز الديني او رجال الدين يمتازون بالعديدة من المميزات الهامة والخطرة، وأبرزها هي ميزة التداخل وميزة التباين وميزة التناقض وميزة التأثير المتضاعف.

وطالما اختلف علماء الدين ورجاله في فهمهم للدين ورؤيتهم وتفسيرهم له وفي قدراتهم الشخصية أيضا، وطالما اختلف الأفراد في درجة تأثرهم بالدين كلاً حسب واقعه المادي المعاش وحسب ثقافاته وتربيته وتنشئته وحسب جيناته الوراثية وحسب طريقة تفكيره وطبيعة شخصيته ودرجة وعيه واستيعابه وإدراكه للأمور والأحداث وللدين ذاته، فان الواعز الديني للأفراد والمجتمع سيختلف هو الآخر بين حين وآخر ومكان وآخر وظرف وآخر. وكنتيجة طبيعية وحتمية لهذا الواقع فقد نشئت وظهرت وتطورت وتعددت الطوائف والمذاهب والمدارس والطرق الدينية في العالم الإسلامي عموما والعربي خصوصا 1.

أما في الحلقة الثانية من هذا الجزء فكنا قد تناولنا دراسة نتائج تلك المميزات وأثارها وانعكاساتها على حياة الفرد والمجتمع، أي أننا تناولنا نتائج وأثار تداخل وتباين وتناقض تأثير رجال الدين المركب في حياة الفرد والأمة. فمحاولة رجال الدين وعلماءه لفهم واستيعاب قيم ومبادئ وعقيدة وأحكام الإسلام العظيم، والحث على تطبيقها على ارض الواقع بما يتناسب والتطور الحضاري للأمة، وبما لا يتقاطع وثوابت الإسلام، نقول فان تلك المحاولات قد أدت إلى نشوء عشرات المذاهب والمدارس والطرق والطوائف الدينية. ولكن وعلى الرغم من أن كل المذاهب والمدارس والطرق الدينية والطوائف انطلقت من فهم الإسلام العظيم، إلا أنها وبنفس الوقت فقد عانت كثيرا من الانقسامات والانشقاقات والاختلافات والتي وصلت في أحيان كثيرة إلى درجة الاختلاف والعداء والصراع الدموي، بل والخروج عن مضمون الإسلام العظيم نفسه.

اما في هذه الحلقة فسنتناول سلبيات ومشاكل تأثير الواعز الديني في حياة الفرد والأمة، او بالأحرى وحتى لا يفهم كلامنا هذا وحتى لا يحرف عن موضعه الصحيح، فان ما سنتناوله هنا هو سلبيات تأثير رجال الدين في حياة الفرد والمجتمع والأمة. وطالما عودنا قرائنا الكرام بعدم الاكتفاء بعرض وتحليل وتوضيح المشاكل فقط، فأننا في هذه الحلقة - وهي الثالثة والأخيرة من هذا الجزء – سوف نقدم وجهة نظرنا في كيفية معالجة سلبيات تأثير رجال الدين بحياة الفرد والأمة.

ولكن وبسبب دور وأهمية وخطورة تأثير رجال الدين في حياة الفرد والأمة، فأننا سنقدم اولا متطلبات دراسة وتحليل دور وتأثير رجال الدين، ثم سننتقل بعدها الى عرض موجز لسلبيات رجال الدين في الاونة الاخيرة، ثم سننهي حلقتنا هذه بكيفية علاج هذه المشكلة.كما نود أن ننبه أيضا على ضرورة إزالة حطام كل ما تهدم فكرا قبل المادة كخطوة أولى لإعادة بناء الإنسان والوطن والذي لن يتم هذه المرة بعد تسلمنا للسلطة أنما ينبغي علينا أن نبدأ به من هذه اللحظة بالذات، وهنا نكرر مرة أخرى فإذا كان الهجوم خير وسيلة للدفاع فانه أيضا خير وسيلة لإعادة البناء.

أولا/ متطلبات دراسة تأثير رجال الدين في المجتمع :
تتطلب دراسة وتحليل دور وتأثير رجال الدين في المجتمع توفر ثلاثة عوامل مهمة في الباحث بل في كل مسلم يسعى للوصول إلى الحقيقة والفوز برضا الله سبحانه وتعالى، ومتطلبات ذلك التجرد، ومعرفة أهل الأيمان، وأهل العلم في الإسلام.

1- التجرد من الخوف او التخلص من رهاب رجال الدين2 :
والمقصود به أن يتجاوز الباحث أي تردد أو خوف قد ينتابه وهو يدرس تأثير رجال الدين في المجتمع وبالأخص في القرن الأخير نتيجة هالة القدسية التي يولع هؤلاء الرجال بإحاطة أنفسهم بها. فقد يظن الباحث أن تقيّيم رجال الدين هو تقييّم للدين نفسه، وشتان بين رجال الدين وبين الله عز وجل وملائكته ورسله وكتبه.

وهنا قد يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم سؤال في غاية الأهمية فطالما فهم الدين بفهم العلماء لا بفهم الفرد العادي، فكيف يمكن لنا أن نقيّمهم ونقيّم عملهم ونتدخل في مجالهم.. كيف نحاججهم في أمور هم اعلم منا بها قد شاب شعرهم وهم يدرسوها، وكيف نفصل بين القران الكريم مثلا وبين من يشرحه ويفسره لنا..؟!

فالله عز وجل أمر عباده بان يسألوا أهل العلم تحديدا عن ما لا يعرفوه حيث قال سبحانه وتعالى (فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) النحل43، وقوله سبحانه وتعالى (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ امَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) المجادلة11، وقوله سبحانه وتعالى (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ فاطر 28.

كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن العلماء هم ورثة الأنبياء (مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِر) أخرجه الترمذي.

أن الإجابة على هذا التساؤل المهم تكمن في الحقيقة بتدبر نفس ما جاء في قوله سبحانه وتعالى وما جاء في الحديث الشريف، فالله سبحانه وتعالى قد حث عباده على سؤال أهل الذكر أي أهل الإيمان والعلم، فمن هم بالضبط..؟!

وفي الحقيقة فأن معرفة من هم المقصودين بأهل الذكر أي أهل الأيمان والعلم تتطلب هي الأخرى توفر شرط أخر من الشروط الواجب توفرها لدى الباحث عن دور وتأثير رجال الدين في المجتمع، إلا وهو شرط معرفة معنى الأيمان والمؤمن في الإسلام مثلما تتطلب أيضا معرفة من هم أهل العلم الثقاة.

2 – من هم أهل الذكر – أهل الإيمان في الأسلام:
لقد جاء وصف وتعريف الإيمان والمؤمن في العديد من الآيات القرآنية الكريمة وفي العديد من الأحاديث الشريفة، حيث قال سبحانه وتعالى (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) البقرة 285، وقوله سبحانه وتعالى (انَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ.الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ.أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) الانفال2-4، وقوله سبحانه وتعالى (الم. ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ. الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ. وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ. أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ) البقرة 1-5، وقوله سبحانه وتعالى (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) البقرة 117.

كما وضح رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الأيمان، حيث قَالَ (تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ : شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُعْطِيَ الْخُمُسَ مِنْ الْمَغْنَمِ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنِ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وقوله صلى الله عليه وسلم (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقَدَر خيره وشره) رواه مسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم (الأيمان بضع و سبعون شعبة فأفضلها قول لا إله الإ الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق و الحياء شعبة من الأيمان) مسلم، وقوله عليه الصلاة والسلام (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) رواه البخاري ومسلم.

فمن خلال تدبر ما جاء في القران الكريم وما جاء في الأحاديث الشريفة نستطيع تعريف المؤمن هو من صدقت وتطابقت نواياه وأقواله وأفعاله فيما بينها مع الإيمان إيمانا جازم تاما بما جاء به رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. فنحن هنا أذن أمام مسألة في غاية الأهمية والشمولية بل وقد يتعسر على البعض الإلمام بكافة وجوه معنى الإيمان والمؤمن وهو أيضا الأمر الذي كان محط خلاف ونقاش العديد من علماء الأمة الأجلاء رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته.

ولكن ومع ما أثار تعريف الإيمان من خلاف ونقاش، فأننا نرى بان انسب تعريف يتوافق مع مضمون وروح دراستنا هذه هو بتعريف الإيمان على انه قول وفعل ونية. فان كان الإيمان بالقول والفعل واضح وظاهر للعيان، فان الإيمان بالنية وهو الإيمان بالقلب والعقل والضمير وما يقع في داخل النفس البشرية، لن يكون واضحا وظاهرا ولن يتم إدراكه ومعرفته من قبل الآخرين فهو من أمور الغيب وان بدت وظهرت صفات الأيمان الأخرى على الأنسان كقراءة القران وأداء الصلاة والزكاة والحج.

وهنا نجد أنفسنا أمام تساؤل أخر مهم، فطالما كان الأيمان في النية أولا، فكيف سنعرف من يصدق ويخلص بنيته في الأيمان.. ولا يعلم ما في الصدور إلا هو سبحانه وتعالى..؟!!

أن معرفة المؤمن الصادق بنيته في الايمان، وهو المخلص لله عز وجل سرا وعلانية،تكمن في معرفة صفات الاخلاص والمخلص لله سبحانه وتعالى. فالإخلاص هو أساس قبول الأعمال وردها وعليه يتقرر مصير الانسان يوم الحساب فأما الى الجنة والفوز برضا الله جلى وعلا وأما الى جنهم وبئس المهاد. قال سبحانه وتعالى (إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا) النساء 146. وقوله سبحانه وتعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) البينة 5.

بل حتى ابليس اللعين قد استثنى عباد الله المخلصين من وعيده لبني ادم، قال سبحانه وتعالى (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْالْمُخْلَصِينَ) الحجر 39 - 40، وقال تعالى (فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُالْمُخْلَصِينَ) ص82-83.

كما ان معرفة المؤمن المخلص تكمن في معرفة نقيضه وبالتحديد في معرفة من يتظاهر بالإيمان رياءاً، وهو المنافق الذي قد وصفه رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلمبحديثه الشريف حيث قال (آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب، وإذا عاهد أخلف، وإذا خاصم فجر) وقال صلى الله عليه وسلم (آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)، وقال صلى الله عليه وسلم (أربعٌ من كنَّ فيه، كان منافقاً خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن، كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر وإذا عاهد غدر) كما قال صلى الله عليه وسلم (من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار).

ومعرفة من هم أهل الذكر أهل الأيمان والعلم تكمن ايضا في تدبر واستيعاب القران الكريم والأحاديث الشريفة مثلما تكمن أيضا في فهم روح وجوهر ومضمون الإسلام. أي وباختصار مفيد فان معرفة المؤمن المخلص ودلائل الأيمان والإخلاص تكمن في معرفة المنافق ودلائل النفاق، فالمؤمن هو من لم يكن منافقاً. فعلى المؤمن أن يتحلى بالأخلاق الفاضلة الكريمة حيث يقول رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) فحديث رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يبين لنا جملة حقائق هامة عن الإسلام الحنيف.

فقد اقترّن الإسلام بمكارم الأخلاق وهي حقيقة سنجدها في كل العبادات التي أمر بها الله عزوجل عباده المؤمنين. فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ومن فضائل الصيام إن يشعر الغني بحال الفقراء والمساكين من الذين لا يملكوا ثمن رغيف الخبز، والزكاة في جوهرها إن يعين المسلمين بعضهم بعضا ً، والحج يدّل من بين ما يدّل على خلق روح المودة والألفة بين المسلمين بهذا التجمع العظيم، والقرأن الكريم في كثير من آياته يبين لنا ترابط العبادة بالخلق القويم حتى إن الله عزوجل يُعلّم عباده المؤمنين كيفية دخول البيوت وأدب المخاطبة والكيل بالميزان بالعدل، فضلا عن العديد من الأحاديث النبوية التي تحث وتأمر المسلمين بحسن الخلق والتعامل الكريم حتى مع غير المسلمين. وسيرة رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم سيرة غنيّة بالقصص والعبّر والدروّس على كيفية التعامل مع المسلمين وغير المسلمين. بل إن عقيدة التوحيد نفسها تنطوي من بين ما تنطوي على الأمر بحُسن الخلق، فإقرار المرء بوحدانية الله عزوجل إنما هو حُسن خلق العبّد مع ربّه ؛ فمثلما يتوجب على المرء إن يثني على من يُحسن إليه ويشيد بمواقفه، فمن باب أولى إن يُحسن المرء خُلقه مع بارئه الذي انعم عليه بنعم لا عدّ لها ولا حصّر. ومن صور حُسن خَلق العبد مع ربه إن يقرّ بوحدانية الله عزوجل.

وبالتالي فان أهل الأيمان هم أهل التواضع والخلاق الحميدة الفاضلة ممن عهد عليهم صدق القول والفعل والثبات على الحق المخلص لله بما للكلمة من معنى. وبالتالي فان عالم الدين هو أول من ينبغي عليه أن يجمع هذه الخصال الحميدة فهو مرآة الأمة ورمزها وقدوة أبنائها. قال صلى الله عليه وسلم (من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لم يتعلمه إلا ليصيب به عرض من عرض الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة) وقال عليه الصلاة والسلام (من تعلم العلم ليماري به السفهاء أو ليباهي به العلماء أو ليصرف به وجوه الناس إليه فهو في النار)، قال صلى الله عليه وسلم (إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجه)، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه : سمِعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول (إنما الأعمالُ بالنيات، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرتُه إلى الله ورسوله، ومن كانت هِجرتُه لدنيا يصيبُها أو امرأةٍ ينكِحها فهِجرته إلى ما هاجَر إليه) رواه البخاري ومسلم. وعن عليّ رضي الله عنه وأرضاه (لا تهتمّوا لقِلّة العمل، واهتمّوا للقَبول).

ومادمنا قد تعرفنا على معنى المؤمن المخلص والإيمان والإخلاص في الإسلام وحددنا من هم أهل الأيمان فلا بد لنا الآن أن ننتقل للتعرف على الجزء الثاني من معنى أهل الذكر إلا وهو أهل العلم فمن هم أهل العلم في الأسلام..؟!!

3 - من هم أهل الذكر - أهل العلم في الأسلام :
أن معرفة أهل العلم في الإسلام تقتضي أولا وقبل كل شيء معرفة أصل ومصدر العلم في الأسلام، أو بمعنى أوضح : من أين يستمد العالم الديني علمه في الأسلام..؟!

أن أصل ومصدر العلم في الأسلام ينبع من القران الكريم وسنة نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حيث جاء في قوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) النساء 59. وقال سبحانه وتعالى (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِين) النحل 89، وقوله سبحانه وتعالى (وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَٱحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَاسِقُونَ. أَفَحُكْمَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) المائدة 49-50، وقوله سبحانه وتعالى (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) القمر17، وقوله سبحانه وتعالى (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) النساء80، وقوله سبحانه وتعالى (َقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(الأحزاب 21، وقوله سبحانه وتعالىقُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) ال عمران 32، وقوله سبحانه وتعالى (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى(النجم 3-4.

ولكن ومع هذا فقد منَّ الله عزوجل ورحم هذه الأمة.. امة الإسلام بان جعل للعلم الشرعي مصدرين يرتبطان كل حسب ميدانه، فالعلم الشرعي الذي يتعلق بأساس الدين وقوامه 3، قد جعله الله سبحانه وتعالى واضح بيّن محدد كعقيدة ثابتة للمسلم المؤمن الصادق، فلا اختلاف ولا تبدل ولا تغير في أحكام العقيدة، قال الله سبحانه وتعالى (هوَ الَّذي أَنزلَ عليكَ الكتابَ منهُ آياتٌ محكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكتَابِ وأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فأمَّا الَّذين في قُلُوبِهِم زَيغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشَابَهَ منهُ ابتِغَاءَ الفِتنَةِ وابتِغَاءَ تأويلِهِ وما يَعلَمُ تأويلَهُ إلاَّ الله والرَّاسِخونَ في العِلمِ يَقولونَ آمَنَّا به كُلٌّ من عند ربِّنا وما يَذَّكَّرُ إلاَّ أُولُوا الأَلبَاب) ال عمران 7.

أما العلم الشرعي الذي يتعلق بفروع الدين 4، فقد جعله الله عزوجل قابل للتأويل والتفسير والاجتهاد، متاحة لاجتهاد عباده المؤمنين التقاة أهل الصدق والعهد والوعد، فالاختلاف في الفروع ليس فيها مضرة أو خراب، بل منفعة وأعمار للأرض والحجر والزرع والبشر وللفكر والمادة، مواكبة للتطور والأحداث ومتطلبات الأمة كل حسب ظرفه وحاله وزمانه ومكانه. ومع هذا فالاجتهاد في فروع الدين له ثوابته وشروطه وله قواعد محكمة اتفق عليها علماء الأمة رحمه الله وأسكنهم فسيح جناته.

فأهل الذكر.. أهل العلم في الإسلام هم من ساروا واهتدوا وتدبروا وتذكروا كتاب الله القران الكريم وسنة نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا علما وأخلاقا وتعاملا. قال صلى الله عليه وسلم (إن أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلساً أحآسنكم اخلاقاً، وأن أبغضكم إليَّ َوأبعدكم مني منزلاً في الجنـّّة مساويكم أخلاقاً، الثرثارون، المتشدقون المُتفيهقون) رواه الترمذي. كما قال أبو الدرداء رضي الله عنه (كُن إحدى الأربعة - عالماً أو مُتعلماً أو مُستمعاً أو مُحباً للعلم، ولا تكن الخامسة فتهلك وهو الذي لا يعلم ولا يتعلم ولا يسمع ولا يُحب العلم).

وبهذا فنكون قد أتممنا توضيح اهم متطلبات دراسة تأثير رجال الدين في حياة الفرد والأمة،أي لابد على الباحث عن حقيقة هذا الامر المهم والحيوي والخطير ان يتجرد من الخوف او ما يمكن ان نسميه رهاب رجال الدين ثم عليه ايضا ان يتمتع بمعرفة من هم اهل الايمان ومن هم اهل العلم. وبدون هذا فلا يمكن ولا تصح دراسة تأثير رجال الدين في حياة الأمة، مهما كان واقع ومستوى رجل الدين ومهما كانت درجة تأثيره في المجتمع. أي وباختصار شديد جدا، فان من لا يعرف ولا يفهم ولا يعي ولا يدرك هذه المتطلبات فهو الجاهل بعينه وان كان ما يتناوله في دراسته من هو اجهل منه، فلا يمكن لجاهل ان يقيم جاهل اخر.

ثانيا/ سلبيات رجال الدين في الآونة الأخيرة :
لقد توسع علماء الأمة الإجلاء رحمهم الله بمصادر التشريع من اجل معالجة ما قد يستجد من مشاكل وقضايا ومواقف وأحداث، خاصة مع تطور حياة الفرد والمجتمع بعد وفاة رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. فبالإضافة إلى القران الكريم وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد توسع علماء الأمة الكرام بمصادر التشريع حتى شملت الإجماع و القياس وقد يضاف أليها أحيانا العرف السائد والاستحسان وإتباع آل بيت النبي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم. فهذه هي مصدر أي فتوى دينية يفتي بها عالم الدين أو أي قرار يقضي به بين الناس أو أي رائي في مسالة دينية أو دنيوية سياسية أو اجتماعية اقتصادية أو ثقافية، يعطي فيها عالم الدين رائيه لأتباعه خاصة وللمجتمع عموما.

وعلى هذا الأساس فقد خولت الأمة أمور دينها ودنياها لعلمائها المخلصين المجاهدين الذين حملوا رسالة العرب الخالدة الخاتمة ونشروا الدعوة الإسلامية لباقي أمم وشعوب الأرض.

أما اليوم وبعد أن راح رجال الدين يدفعون بالأخوة والأشقاء إلى الفتنة والاقتتال وإهدار دماء الأبرياء وسرقة ثروات الأمة واستباحة حرماتها، وبعد أن راحوا يستنجدون بالناتو والأمم المتحدة ومجلس الأمن والجامعة العربية، وبعد أن حملوا دبابات وطائرات العدو الكافر على ظهورهم ورؤوسهم، وبعد أن أعانوا الكافر على سحق أبناءنا وشبابنا وشيوخنا ونساءنا وأطفالنا ومدننا وقرانا ومصانعنا وولاة أمورنا وجيوشنا، فأننا اليوم ندعو عموم المسلمين إلى ضرورة أعادة النظر بمصادر التشريع الاسلامي، والعودة إلى ما نسميه بأصول الدين لتكون هي ذاتها أصول التشريع. فلابد أن تسحب الأمة ثقتها منهم ولابد أن تحاسبهم على انتهاكاتهم وخروقاتهم للإسلام العظيم قبل أن تحاسبهم على ما اقترفوه من جرائم بشعة بحقها قد نابوا عن الكافر باقترافها. ولابد للأمة من العودة إلى أصل ومصدر العلم في الإسلام، إلى كتاب الله القران الكريم وسنة نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم استنادا إلى قوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) النساء 59.

فسبب دعوتنا لتقليص مصادر التشريع، هو ذات السبب الذي دعى علماء امتنا الأجلاء رحمهم الله إلى التوسع في مصادر التشريع. أي وبمعنى أوضح فان سبب تقليصنا لمصادر التشريع هو من اجل النهوض بواقع الأمة المادي والمعنوي والروحي والثقافي ورفع المستوى الفكري لأبنائها وإيقاف التدهور الخطير الذي أصاب البنى التحتية للمجتمع الاسلامي حيث لم يعد هناك فاصل واضح وثابت يفصل الحق عن الباطل، فاختلط الأمر على الأمة حتى أمسى الحق باطل والباطل حق، بل وذبح أهل الدين والحق باسم نصرت الدين والحق. فاخترقت عقول أبناء ورجال الأمة وتكوينهم الفكري والعقائدي، وسقطوا في فخاخ الأوغاد والصعاليك ممن يشتروا بآيات الله ثمنا قليلا بخسا والعياذ بالله منهم. اؤلئك اللذين قد جعلوا من القياس والإجماع كمصدري من مصادر الشريعة الإسلامية حجة في نشر فتنهم وحث الناس على أهوائهم وغاياتهم الدنيوية.

أن من نعم الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين أن جعل لهم نبيا كريما وأغناهم بسيرته المطهرة، فرسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وهو قدوتنا ورمز امتنا ما كان ليحرم أحدا من إجابة حتى لمن لم يؤمن به ويقر بشهادة الإسلام العظيم. بل أن لم يكن الجواب حاضر عنده صلى الله عليه وسلم فكان يطلب من السأل وقتا حتى يبينها الله عزوجل له. فسيرة نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم مليئة بالشواهد والأحداث على الجدالات التي شهدتها حياة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. فكم من إعرابي قد حاجج رسول الله صلى الله عليه وسلم..؟! وكم من كافرا اهتدى على إجابته وحسن أخلاقه ومعاملته..؟!!

فيامن تدعون لأنفسكم العلم والإيمان.. أجيبوا عن أسئلتنا واستفساراتنا، وبينوا لنا مثلا، كيف كفرتم ملايين المسلمين وأخرجتموهم من الملة واستحليتم دمائهم وأموالهم وأعراضهم وحرمتموهم حتى من الدفن في مقابر المسلمين..؟!! كيف فعلتم هذا كله ورسولنا الكريم محمد صلى الله عليه لم يقتل ولم يكفر أحدا من المسلمين..؟!!! فأين انتم من حديث رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه أم ياترى أنكم قد أحببتم الكفر لأنفسكم فوددتم أن يكفر الجميع..؟!! فالعياذ بالله منكم ومن كافر جحود.

وياادعياء العلم الرباني كما تصفون أنفسكم.. كيف سمحتم لأنفسكم أن تخالفوا وتناقضوا آيات محكمات بيانات واضحات لا لبس فيها ولا تشكيك قد أمر الله سبحانه وتعالى عباده المسلمين أن يمتنعوا وينتهوا عن موالاة اليهود والنصارى حينما يكونان هذان الاثنين متحالفان، أيها المُتفيهقون أين انتم من كلام الله عزوجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنّه منهم إن الله لا يهدي القوم) المائدة51.

نحن ندينكم من أفواهكم.. من أقوالكم انتم أنفسكم.. من أفعالكم وحججكم.. من زادكم ومالكم.. من أرشيفكم وصوركم وعزائمكم في بلاط الحكام والسلاطين أولياء حلف اليهود والنصارى.. لا أكثر ولا اقل..؟!!

جزاء المفتي بالباطل والمستفتي الغافل :
لقد حذر رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم رجال الدين من الإفتاء بغير دليل وعلم، حيث قال صلى الله عليه وسلم (من أفتى بفتياً غير ثبت، كان إثمه على مَن أفتاه، ومن أشار على أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه)، كما قال رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم (من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا)، فاهذين الحديثين ينطويان على ملاحظة في غاية الأهمية ينبغي على كل فرد مسلم وبالأخص إن كان عالم دين أو حاكم أو قائد أو مسؤول أن يتوقف عندها مليا، وينتبه لنفسه وفكره وفعله جيدا حتى لا يقع عليه إثم عمله أو فكره وإثم من يعمل بعمله أو فكره من بعده إلى يوم القيامة.

وهنا قد يبدو للبعض بأن حديثيّ رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لا يشيران إلى وقوع أي أثم على المستفتي أو السأل الذي يقع ضحية فتوى باطلة أو سنة سيئة، بل أن الإثم يقع على المفتي وعالم الدين، فهنا يتوجب على هذا السأل أو المستفتي أن يتدبر ويتذكر حديث رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم (مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهٌ في أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ) صحيح مسلم.

فلو تدبرنا جيدا الحديث الشريف لوجدنا أن رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يقصد بان لكل نبي أصحاب وحواريون يتبعونه أتباعا سليما، ثم يقول صلى الله عليه وسلم (ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ) أي تأتي من بعد صحابة وحواري كل نبي (خُلُوفٌ) أي مجاميع من الناس ومن رجال الدين قد خلفوا وأعقبوا سابقيهم، وهنا قد يفسر البعض كلمة(خُلُوفٌ) على أنها فقط مجاميع من عامة الناس ولكن وطالما كان الحديث يتكلم عن أصحاب وحواري كل نبي فالأولى بكلمة (خُلُوفٌ) أن تشمل رجال الدين الذين يحاولوا أن يتظاهروا بالاقتداء بصحابة وحواريي الأنبياء فعلماء الدين الصادقين هو ورثة الأنبياء وصحابته وحواريوه. فقد قال صلى الله عليه وسلم (من سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما صنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض، حتى الحيتان في الماء! وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر) فبتدبر هذان الحديثان الشريفان يتبين لنا ان كلمة (خُلُوفٌ) لا تعني عامة الناس انما رجال الدين قبل غيرهم. مع ضرورة الانتباه الى الحديث الثاني يخص علماء الدين المخلصين وليس رجال الدين وتجاره.

ولأن (خُلُوفٌ) جاءت هنا بضم الخاء واللام فان مجاميع الناس ورجال الدين لم يخلفوا ويعقبوا سابقيهم فحسب بل وقد انحرفوا عن نهج من سبقها أيضا، كقوله سبحانه وتعالى (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) مريم 59. فمن الضروري أن ننتبه إلى صيغة المضارع في الحديث الشريف حيث قال صلى الله عليه وسلم (ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ) ولم يقل (خلفت) إيحاءً باستمرار الانحراف عن المنهج الصحيح أي منهج النبي وصحبه وحواريوه، فانحراف الناس ورجال الدين هنا سيتكرر وسيصيب مجاميع عديدة منهم وليس مجموعة واحدة فقط وسيزداد الانحراف كلما تباعد زمن الأصحاب الأخيار عن زمن هؤلاء (الخلف) الذين يقولون ما لا يفعلون.

كما أن رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه يشير في حديثه الشريف إلى ضرورة ووجوب جهاد وقتال اؤلئك الـ (خُلُوفٌ) المنافقين الذين يقولون ما لا يفعلون. فمن لا يقاتلهم ولا يجاهدهم بيده أو بلسانه أو حتى بقلبه فليس من الإيمان قدر حبة خردل كما يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم...!!!

وبالتالي فان وقعت الخيانة والآثم على المفتي الذي يفتي بالباطل والكذب، فان ما سيقع على السأل ما هو اكبر من ذلك، ففضلا عن إلحاق الضرر به فرسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يوضح لنا وبشكل جلي بان من لا يجاهد اؤلئك الـ (خُلُوفٌ) فلن يكون في إيمانه قدر حبة خردل.

كما جاء في القران الكريم ما يعزز أحاديث رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم سالفة الذكر، حيث قال سبحانه وتعالى (قَالَ ٱدْخُلُواْ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ مِّن ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ فِي ٱلنَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ ٱلنَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ) الأعراف 38-39، وقوله سبحانه وتعالى (وَإِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَآل عمران187، فلا ينفع بعض الناس استغفالهم من بعضهم الأخر وكلهم في نار جهنم وبئس المهاد، مثلما سيساق إلى جنهم من كتم علم الحق واظهر الباطل لمصلحته ومنفعته الفردية فبئس ما اشتروا.

فهنا يتضح لنا وبشكل جلي لا لبس فيه أن مقولة البعض والتي لاقت رواجا كبيرا في السنوات الأخيرة والتي تنص على (ضعها في رقبة عالم واخرج منها سالملا تنطوي على أي فهم حقيقي للإسلام العظيم مثلما تمثل خرقا فاضحا لإيمان المرء ذاته. فلا ينفع المرء يوم الحساب استغفاله أو غفلته عن أمور دينه ودنياه بل سيذوق عذاب نار جنهم جزاء ذلك. فلن يدخل المرء الجنة بكسله وغباءه واستغفاله بل بعلمه وعمله وصدقه وجديته.. بوعيه وإدراكه ومدى استيعابه للإسلام العظيم وتطبيقه لمبادئه وقيمه وثوابته وتعاليمه العظيمة.

ما هو الحل :
والآن وبعد ان تمكنا بعون الله جلى وعلا من عرض وتوضيح اهم ما يتعلق بالعامل الديني كأهم مؤثر في صياغة التكوين الفكري والعقائدي للفرد، وكأحد اهم المؤثرات الحيوية في حياة الفرد والمجتمع والأمة. وبعد ان توضحت مميزات وخصائص الواعز الديني أو مميزات وخصائص تأثير رجال الدين في المجتمع وتأثيراتها وانعكاساتها على حياة الفرد والمجتمع، مع ما تطرقنا اليه من ظروف وأسباب نشأة المذاهب والمدارس والطرق الدينية ومصادر الاحكام والفتاوى او ما تسمى بمصادر التشريع الاسلامي وأخيرا مع ما تناولناه عن متطلبات دراسة رجال الدين وبعد ان وضحنا وباختصار مفيد اهم سلبيات رجال الدين وخاصة في السنوات الاخيرة فلابد لنا من توفير الإجابة التامة والوافية عن اهم سؤال يطرح في هذا الجزء إلا وهو.. ما الحل..؟! وما هو المطلوب منا فعله اليوم..؟!

وللإجابة عن هذا السؤال المهم والحيوي نقول ان حل هذه المشكلة ومعالجتها معالجة تامة تتطلب ما يأتي :
1- العودة إلى أصول الدين:
أن ما نتحدث عليه هنا هو أصل ومصدر العلم في الإسلام أو ما يمكن أن نسميه اختصارا بـ((أصول الدين))، وليس عن أصول التشريع التي سبق وحددها علماء ورجال الدين بالقرآن والسنّة النبوية وإجماع علماء الشريعة والقياس على أمور معلومة مسبقًا والعرف السائد والاستحسان وغير ذلك.

فطاعة الله تكون بالتدبر في كتابه الكريم والاتعاظ به والتذكر له وأما طاعة رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فتكون باقتداء المسلم بأقوال وأفعال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والذي ختم الله سبحانه وتعالى به الإسلام العظيم وأتمه على يده صلى الله عليه وسلم، حيث قال سبحانه وتعالى وعلى لسان رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة 3، فحلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة والزيادة على ما أتمه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كالنقصان.

والصحابة وال البيت الأطهار وبقية السلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين، ورغم مكانتهم وعظمة أيمانهم وولاءهم وصدقهم وإخلاصهم، كانوا هم أنفسهم يقتدون برسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ويتبعونه قولا وفعلا لأنه هو من أتم الدين لهم. ولهذا فان كنا نريد الاقتداء بهم رضي الله عنهم أجمعين، فعلينا أولا أن نقتدي بما اقتدوا هم أنفسهم به إلا وهو الاقتداء بالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. فمثلما كانت السنة النبوية المطهرة كأصل ومصدر للعلم في الإسلام عند الصحابة وال البيت الأطهار وعند بقية السلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين فلابد لها أن تكون أيضا كأصل ومصدر للعلم في أسلامنا نحن اليوم.

2- ضرورة العلم ومكانته في الإسلام :
لقد جاء ذكر مكانة العلم وأهميته في العديد من الايات الكريمة والأحاديث الشريفة حيث جاء في القران الكريم قوله سبحانه وتعالى (وقُلْ رَبِّ زِدْني عِلماً) طه 114، وقوله سبحانه (يرْفعِ اللهُ الذينَ آمَنُوا مِنكمْ والذينَ أوتوا العلْمَ دَرجات) المجادلة 11، وقوله عزوجل (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) الزمر 9، وقوله جلى وعلا (اِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) فاطر 28.

كما جاء ذكر العلم في العديد من احاديث رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم (الناس رجلان، عالم أو متعلم، ولا خير فيمن سواهما) وقوله صلى الله عليه وسلم (من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة) وقوله صلى الله عليه وسلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) وقوله صلى الله عليه وسلم (ما من خارج خرج من بيته في طلب العلم، إلا وضعت له الملائكة أجنحتها، رضًا بما يصنع) وقوله صلى الله عليه وسلم (من خرج في طلب العلمكان في سبيل الله حتى يرجع) وقوله صلى الله عليه وسلم (اطلب العلم من المهد إلى اللحد)وقوله صلى الله عليه وسلم (اطلب العلم ولو كان في الصين). ناهيك عن العديد من الاحداث المهم التي تبين لنا مكانة العلم وضرورته كما هو الحال بعد معركة بدر حيث طلب رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه من أسرى المشركين ممن يعرف القراءة والكتابة ان يعلم عشرة مسلمين حتى يطلق سراحه.

فيتوجب على كل من يريد حسن دينه ودنياه، ونيل رضا الله سبحانه وتعالى، طلب العلم والمعرفة.. طلب الحق وإتباع أهله.. أهل العلم.. علماء الأمة الصادقين. اؤلئك الرجال العظام الذي مدوا ونشروا رسالة الإسلام العظيم من الأندلس حتى الصين، اؤلئك الرجال الذين كانوا سبب دخول جزء من أهل الصين للإسلام العظيم بلا حرب وبلا قتال، بل بأخلاقهم الحميدة المفضالة التي سكنت قلوب الناس هناك حتى قبل يشهدوا بشهادة الإسلام العظيم، فلا إيمان بلا أخلاق ولا علم بدونها أيضا. اؤلئك العظام الذين نشروا نور العلم والتوحيد والزهد والإحسان والفضيلة لباقي شعوب الأرض. وجعلوا من بغداد والكوفة والبصرة والمدينة المنورة ومكة المكرمة قبلة للدارسين والعالمين والمؤمنين من شتى بقاع الأرض. لا من رجال قد عاثوا فسادا وإفسادا في الأرض.. وأي ارض.. في قلب ارض محمد صلى الله عليهم وسلم وفي ارض آل بيته وصحابته الأطهار رضي الله عنهم ورضوا عنه.

فان لم يفعلوا ويسعوا لنيل العلم والمعرفة وإتباع الحق، فأين هم أذن من القران الكريم ومن احاديث الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. فلم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاشاه أن يقول اطلب العلم ولو كان عند ابن باز أو سيد قطب زاده أو الشعراوي أو القرضاوي أو سلمان العودة أو عائض القرني أو العريفي او عمرو خالد أو سليم العوا او راشد الغنوشي أو احمد الكبيسي او السيستاني أو الخامنئي أو الخميني او المهاجر اومجتبى الشيرازي وسواهم، ولم يقل صلى الله عليه وسلم وحاشاه أن يقول اطلب العلم لو كان أمامك في التلفاز وأنت مستلقي..!!! 5

كما لم يحدد نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من هم الذين عليهم واجب وتكليف طلب العلم وما هو جنسهم أو لونهم أو أصلهم، بل شمل حديثه الشريف كافة المسلمين بلا أي استثناء. مثلما لم يحدد صلى الله عليه وسلم أي فئة عمرية يتوجب عليها طلب العلم، بل أن المسلم مطالب بطلب العلم والسعي نحوه من المهد إلى اللحد. ولم يحدد صلى الله عليه وسلم عن أي علم يُطلب، فكل ما يندرج ضمن العلم على المسلم أن يسعى له ويتحمل مشقته.

أن باستطاعة الكثيرين منا اليوم أن يستثمروا شبكة الانترنت للوصول إلى ألاف الكتب والمصادر العلمية الدينية والدنيوية، فيتعلموا منها وينهلوا ما يسعفهم ويجيبهم على أسئلتهم واستفساراتهم. بل بات من اليسير على جزء كبير من أبناء امتنا وبدل أن يقضوا ساعات طويلة فيما تسمى بغرف الدردشة والبالتوك والفيسبوك وتويتر وسكاي بي وسواها مما تسمى بمواقع التواصل الاجتماعي والتي هدرت وما تزال تهدر ملايين الساعات سنويا من عمر أبناء الأمة على مجرد قضاء وقت أو كسب متعة زائلة، نقول لو وجهّت تلك الجهود لنيل فائدة حقيقة ومتعة دائمة.. إلى طلب العلم والمعرفة أو على اقل تقدير لزيادة ثقافة الفرد واطلاعه على تاريخ الأمة وتراثها وتراث علماءها الأجلاء، فكم ستستفاد الأمة وسيستفاد أبناءها هم أنفسهم..؟! والى أي مدى ستتقلص فرص الأعداء وأهل الباطل والظلال ممن يدعون زورا وبهتانا بالإسلام العظيم في اختراق عقول وقلوب أبناء الأمة وبناتها..؟! والى أي مدى ستتقلص فجوة التخلف الاجتماعي والعلمي والديني والحضاري..؟! ذلك التخلف الذي بات احد أهم أمراض مجتمعاتنا اليوم...!!!

أما من يكتم علم الحق عن الناس ويحرمهم منه، فلينتظر عقاب الله الشديد، قال سبحانه وتعالى (وَإِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَآل عمران187.

فمن لا يستطيع تحمل أجور طلب العلم، فعليه أن لا يشارك أولئك الرجال في نشر فتنهم وماسيهم على باقي أخوته وأخواته وليتذكر جيدا قول الرسول صلى الله عليه وسلم (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا، وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِن الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ). وليعي وليدرك تماما بان الله سبحانه وتعالى لن يعاقبه على عمل الخير وأعمال الخير واضحة وبينة لا تحتاج لفتوى ولا لعلم واسع شاق، بينما عقاب الله سبحانه وتعالى واقع لا محال لفاعل السوء والفحشاء والمنكر وناشر الفتن والمحرض على القتل والكذب والتضليل. فعلى المرء أن يراجع نفسه مليا عند الإقدام على أي فعل أو قول ذو تأثير جماعي خاصة لو كان هناك احتمال في أن يؤدي فعله أو قوله إلى إلحاق الأذى بالآخرين وبغض النظر عن درجة الأذى وعن عدد المتضررين، قال سبحانه وتعالى (من قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) المائدة32، وقوله تعالى (وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَالبقرة 190.

ولنتذكر جيدا وليتذكر الجميع قوله سبحانه وتعالى (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا) الأحزاب 10-12، فأن للجنة والفوز برضا الله عز وجل ثمن لا يقدر إلا المُخلص لله سبحانه وتعالى على تسديد قيمته، قال سبحانه وتعالى (إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا) النساء 146. وقوله سبحانه وتعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) البينة 5. أما الغافل أو المتغافل أو الكسلان أو المتكاسل عن طلب العلم ومعرفة الحق وأتباع أهله، فلينتظر السقوط بين يدي إبليس اللعين وإغواءه الموعود، فالمخلص لله عز وجل هو طالب العلم المُتبع للحق وأهله.

3- كيف نجاهد أئمة الباطل والضلال :
قبل أن ندخل في مضمون حديثنا هذا عن كيفية جهاد أهل الباطل والضلال أدعياء العلم في الإسلام، يتوجب علينا أولا وقبل كل شئ أن نسعى إلى منع تكرار الكارثة التي لحقت بنا وبأمتنا وبديننا وبسمعتنا التي أضحت بفضل أئمة الباطل والضلال مدعاة للسخرية ومثار للخجل بين الأمم والشعوب فقد استبيحت امتنا من بعض أبنائها ففعلوا بها ما لم يستطع أن يفعله عدوها الكافر.

فالمطلوب منا أذن ليس توفير طرق معالجة هذه الكارثة فحسب بل ومنع تكرار حدوثها وهنا تكمن الضرورة..!!! ضرورة معالجة واقع الأمة المأساوي ومنع أسباب تكراره مرة أخرى فالأمة لا تحتمل كارثة ثانية أبدا.

وأول خطوة نحو معالجة هذه الكارثة ومنع تكرارها تكمن في نشر الوعي بين أبناء امتنا، ونقصد بالوعي هنا ليس مجرد الاعتراف بوجود كارثة خطيرة على الأمة فحسب، بل ينبغي أن يكون الفرد العربي واعيا دينيا ملما بأمور دينه هو بنفسه حتى لا تنطلي عليه حيل وأكاذيب الأوغاد والصعاليك وان ارتدوا ثياب الدين ولبسوا لباس الإيمان والتقوى. وحتى يضمن حياة دنيا ناجحة تؤهله للفوز برضا الله عزوجل وبالحياة العليا المجيدة.

ولكن فمادام حال الأمة مزري إلى درجة يتعذر على أبنائها الحصول على هذه الدرجة من الوعي والإدراك الديني السليم، فالمهمة مؤقتا تقع على عاتق الطليعة، فلا علاج ولا حل لهذه الكارثة ما لم تكن طليعة الأمة بمستوى الحدث.. بمستوى فهم ووعي وإدراك عقائدي وجديد قادر على فهم واستيعاب وإدراك اسباب الكارثة وطرق معالجتها ومنع تكرار حدوثها. ولهذا فقد نبهنا وفي كل مقدمة من مقدمات دراستنا هذه على ضرورة إزالة حطام كل ما تهدم فكرا قبل المادة كخطوة أولى لإعادة بناء الإنسان والوطن والذي لن يتم هذه المرة بعد تسلمنا للسلطة أنما ينبغي علينا أن نبدأ به من هذه اللحظة بالذات.

وحتى نكون أكثر وضوحا وأيسر فهما للقارئ الكريم، فان ما نقصد بـ((مستوى فهم ووعي وإدراك عقائدي وجديد قادر على فهم واستيعاب وإدراك اسباب الكارثة وطرق معالجتها ومنع تكرار حدوثها)) وحتى نصل إلى هذا المستوى المفترض، فعلينا أولا أن نعيد النظر في فهمنا للدين وفي تقيّيمنا لعلمائه ورجاله ولمهامهم. فالحديث عن النظريات الفلسفية والسياسية البعيدة عن الدين وقضاياه - وسواء كان سببه ضعف الإيمان والالتزام الديني او ضعف الثقافة الدينية والثقة بالنفس على الدخول في هذا المجال الحيوي والمهم للأمة، أو سواء كان سببه ميول بعض الكتاب والمفكرين القوميين للابتعاد مما قد يثير حفيظة الاسلامويين تجاههم - نقول فان ذلك الوقت قد انتهى وان ذلك الحديث قد اصبح باليا ممزقاً.

فلابد أن يستعيد مفكري العروبة روحها من ايدي اعداءها.. اعداء العروبة والإسلام العظيم، ولابد للمفكر والمناضل القومي ان يسترد حقه واستحقاقه ويتمسك بزمام دينه.. رسالة الامة الخالدة الخاتمة. فالتاريخ يشهد دائما وعلى طول الخط ان القوميين العرب قد سطروا اروع ملاحم الجهاد والنضال والكفاح ضد اعداء الامة.. اعداء الدين. والمنجزات التي حققها كفاح القوميين في مصر ومن ثم في العراق وفي ليبيا بل وحتى في سوريا واليمن والجزائر، اوسمة عز ومجد وشرف على صدر كل مناضل ومجاهد قومي عروبي اصيل.

نعم نستحق نحن القوميين العرب استحقاقا نابع من واقع ملموس اثبتنا فيه جدارتنا لان نمتشق راية الاسلام من جديد فيحتضن جسد الامة روحها، فتعود امتنا لدورها الرائد الذي كلفها الله عز وجل وشرفها به.. تعود لحمل ونشر رسالتها الخالدة الخاتمة.. رسالة الاسلام العظيم.

وعندما تصل الحركة القومية ومفكريها ومناضليها ومجاهديها إلى هذا المستوى من الفهم والوعي والإدراك العقائدي الجديد، فسنكون قد نجحنا بالوصول إلى نصف طريق معالجة المأزق المأساوي الذي تمر به الأمة، فكما يقال فان فهم السؤال هو نصف الجواب، وبغير هذا فلن نتمكن من معالجة حال الأمة المتردي الخطير.

ولا بد أن يكون الدواء من جنس الداء، لابد أن نواجه أدعياء العلم من تجار الدين بأهل العلم من علماء الحق والشريعة. فلا يعقل أن ننحي هؤلاء المنافقين ممن يدعون بعلوم الدين ونحن عاجزين على الإتيان بعلماء دين صادقين. لابد أن نوفر البديل عنهم ونقدمه لعامة الناس، فان كان وضع امتنا لا يتحمل مزيدا من الانتظار حتى نبني جيل جديد من علماء الدين الصادقين فبالإمكان أن نبحث عن ممن يصلح لهذه المهمة ونستعيض بهم ولو مؤقتا حتى وان اختلفوا معنا في ثانويات الامور وهوامشها. ولكن ينبغي علينا وبنفس الوقت أن نتذكر دوما وان نعمل بكامل طاقتنا وهمتنا نحو بناء جيل جديد من الدعاة وعلماء الدين.. أهل الحق والوعد والعهد والصدق.

ولابد أن يكون للقوميين العرب، دعاة وعلماء دين اصلاء يوجهون أبناء الأمة نحو طريق الخير والصلاح.. نحو عزها ومجدها وحمل رسالتها الخالدة الخاتمة.. نحو مرضاة الله سبحانه وتعالى في الدنيا قبل الآخرة اولا وقبل كل شئ.

وحينما يكون القوميين العرب بهذا المستوى العقائدي وحينما نعثر على من يصلح لهذه المهمة مؤقتا وحينما نوفر كافة مستلزمات بناء جيل جديد من الدعاة وعلماء الدين، نقول حينما نوفر هذه الشروط الثلاثة فسنكون قادرين بعون الله سبحانه وتعالى على العودة إلى أصول الدين العظيم فنسحب ثقة الأمة من أدعياء الدين، اؤلئك الذين ثبت عليهم تورطهم وانتهاكهم وخروقهم لمبادئ وقيم وتعاليم الإسلام العظيم، اؤلئك الذين استغلوا سلطة القياس والإجماع والاجتهاد وسخروها للتلاعب بمصير وعقول وعواطف المسلمين وخداع الأمة وتضليلها.

الهوامش :
1- نخص العرب في مسالة ظهور المذاهب وتعددها لكون العرب هم أهل اللغة التي نزل فيها القران الكريم وكونهم هم الأمة التي أنجبت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وال بيته وصحابته الأطهار رضي الله عنهم أجمعين، فالعرب هم الاكثر فهما واستيعابا للغتهم ولمعانيها وقواعدها، هذه اللغة الثرية الواسعة المعاني والألفاظ والحركات. وان كان بعض علماء اللغة من غير العرب إلا ان هذا لا ينفي حقيقة ان احد اهم اسباب ظهور وتعدد المذاهب والمدارس والطرق الدينية يعود لاختلاف معاني الألفاظ العربية واختلاف قراءات علماء الدين لبعض ايات القران الكريم. وهذا ما يفسر لنا سبب كون جل المذاهب والمدارس والطرق الدينية قد شهدتها الساحة العربية وبالأخص العراقية، حيث تمتع العراق ولاسيما في عهد الخلافة العباسية بدور حيوي مهم حتى اصبحت بغداد عاصمة للدولة الاسلامية العظمية والتي امتدت من الصين حتى الاندلس، فكانت قبلة للدارسين والباحثين وعلماء اللغة والفقه والشريعة ومختلف العلوم والمعارف.

2- رُهاب، وهي كلمة تستخدم في علوم النفس، وتعني : خوف عميق مستمرّ على غير أساس من واقع الخطر أو التهديد من موقف ما أو شيء معيّن، ويرى السُّلوكيون أن هذه المخاوف نتيجة لسلسلة من الارتباطات بين كثير من المؤثِّرات السَّلبيَّة. فمثلا رُهاب الاحتجاز : يعني الخوف من الوجود في الأماكن المغلقة أو الضَّيّقة.

3- أن العلم الشرعي الذي يتعلق بأساس الدين وقوامه هو العلم الذي يتناول دراسة الأحكام العقائدية والتهذيبية، كالإيمان بالله سبحانه وتعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره والصلوات الخمس وصيام رمضان الكريم وحج البيت الحرام والزكاة وتحريم الخمر والميسرة والربا والاستعانة بالكافر على المسلم وموالاة الكفار وموالاة اليهود والنصارى إن كان بعضهم أولياء وحلفاء بعض، والكذب والنفاق والغش والخداع والفتنة وسواها من الأحكام العقائدية والتهذيبية.

4- أما العلم الشرعي الذي يتعلق بفروع الدين أو علم الفقه الإسلامي فهو العلم الذي يتناول دراسة الأحكام العملية أي التي تتعلق بعمل الإنسان أو بفعله. كأحكام العبادات والمعاملات والسياسة الشرعية وأحكام الأسرة.

5- بات واضحا وجليا لكل من يعقل حجم مؤامرة من يدعون أنفسهم علماء دين بل حتى تسميتهم برجال الدين قد أصبحوا هؤلاء دونها فهم دون العلماء ودون الرجال ودون الدين، هم دعاة كفر وضلالة وبدع ليس فيهم حتى من يخجل حياءاً ومروءة ونخوة من مستوى الرذيلة والانحطاط الاخلاقي الذي وصلوه ومن تضارب أقوالهم ليس مع أفعالهم إنما مع أقوالهم أيضا رغم ولعهم هذه الأيام بالستديوهات والقنوات الفضائية ومقاطع الفيديو والتي هم خير من يعرفون بان كلامهم كله مسجل وموثق وبالصوت والصورة والنقل المباشر وأحيانا بالعاجل أيضا إلا انه وعلى ما يبدو فان حماقاتهم الأخيرة قد أنستهم حماقاتهم الأولى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بغداد الجهاد
15/4/2012
شبكة البصرة
الجمعة 25 رجب 1433 / 15 حزيران 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق