قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الجمعة، 22 يونيو 2012

للصوص وسراق قوت الشعب من التيارات (الإسلامية) : وبال القليل من المال الحرام في القرآن والسنة والفقه...


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
للصوص وسراق قوت الشعب من التيارات (الإسلامية) :
وبال القليل من المال الحرام في القرآن والسنة والفقه...
شبكة البصرة
د. ثامر براك الأنصاري
الخطايا في نظر الإسلام نوعان: كبائر وصغائر، أما الكبائر فيؤاخذ عليها مرتكبها، وأما الصغائر فتغتفر، شريطة الإقلاع عنها، وعدم تكرارها؛ لأنه "لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار"، لكن يستثنى من ذلك القليل من المال الحرام، فإنه يترتب عليه سوء العاقبة، ويستلزم أقسى العقوبات، والأدلة على ذلك كثيرة، نذكر جانبا منها للصوص وسراق قوت الشعب من التيارات (الإسلامية) في العناوين الآتية:
وبال القليل من المال الحرام في القرآن:
من الأدلة القرآنية بخصوص وبال القليل من المال الحرام في الكيل والميزان قول الله –عز وجل- :{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } [المطففين: 1 - 3]، و(المطففين) : جمع مطفف، من الطفيف، وهو الشيء القليل، وعليه فمعنى (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) : عذاب أو واد في جهنم للمقللين من المال الحرام، وقد توعد الله –تعالى- هؤلاء المقللين، في الآيات بعدها، فقال: {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 4 - 6].
التعليق:
إذا كان هذا الوعيد والتهديد الشديد لمن أخذ الطفيف من المال بغير وجه حق فما ظنك بمن سرق أو اغتصب أو اختلس أو انتهب القليل والكثير والكل، فلم يبق شيئا؟!

وبال القليل من المال الحرام في السنة:
ومن الأدلة من السنة على وبال القليل من المال الحرام:
حديث: «مَنِ اقتطع حَقَّ امرئٍ مسلم بيمينه، حرَّم الله عليه الجنة، وأوجب له النار»، قيل: وإن كان شيئاً يسيراً؟ قال: «وإن كان قضيباً من أراك»، والقضيب: عود السواك.
حديث: «من أخذ شبراً من الأرض بغير حقّ خُسِفَ به يوم القيامة إلى سبع أرضين».
حديث: لمَّا كان يومُ خيْبرَ أَقْبلَ نفَرٌ من المسلمين، فقالوا: فلانٌ شهيدٌ، وفلانٌ شهيدٌ، حتى مَرُّوا على رجُلٍ فقالوا: فلانٌ شهيدٌ، فقال رسولُ الإسلام : «كلاَّ، إنِّي رأيتُهُ في النارِ في بُرْدَةٍ غَلَّها -أو عَباءةٍ-». و (غَلَّها) : أخذها من الغنيمة قبل قسمتها من قبل الجهات المسؤولة.

التعليق: إذا كان الاستحواذ ظلما على عود سواك، أو شبر من الأرض، أو اخذ قطعة قماش لا يؤبه لها سببا لدخول النار والعذاب، فماذا يقال لمن سرق الإنسان والحيوان والجماد والنبات؟! وماذا يقال لمن أعان الأجنبي الدخيل على سرقة وطن وعقول وتاريخ وخيرات؟!
إن القانون الذي يجب أن ينقاد له كل مسؤول هو ما جاء في مثل هذا الحديث: أَخذ الحسن بنُ عليٍّ تَمرة من تَمر الصدقة، فجعلها في فِيهِ، فقال رسولُ الإسلام: «كِخْ، كِخْ، إِرْمِ بها؛ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا لا نأكل الصدقة؟».
و (كِخْ) : كلمة زجر للصبيان، وردع عما يلابسونه من الأفعال.
وفي رواية: أَنَّ رسولَ الإسلام قال: «إِنِّي لأنْقَلِبُ إِلى أهلي، فَأجِدُ التمرةَ ساقطة على فراشي، أَو في بيتي، فأرفعها لآكلَها، ثم أخشى أن تكون صدقة فأُلقيها».
وكانت الصدقات من الموارد الأساسية للدولة؛ ولأن رسول الإسلام هو المسؤول الأعلى فيها فقد حرم الله عليه وعلى أسرته الصدقة، وفي هذا التحريم والالتزام النبوي الواضح والصارم به دلالة أكيدة على ضرورة تجنب الحاكم وأقاربه المال العام.

وبال القليل من المال الحرام في الفقه
صان الإسلام المال، واحترم حق الأفراد في امتلاكه، وحَرَّم الاعتداء على هذا الحق، ولما كان السارق عضواً فاسداً في المجتمع شرع الإسلام بتر يمينه؛ عقاباً لهذه اليد على ظلمها وعدوانها، وردعاً لغيره عن اقتراف مثل هذه الجريمة، وصيانة لأموال الناس وحقوقهم.
ومن هذا المنطلق فقد أجمع الفقهاء على تحريم السرقة، وعلى وجوب قطع يد السارق في الجملة، واشترط الفقهاء أن يبلغ الشيء المسروق نصاباً، وهو ربع دينار فأكثر، أو ثلاثة دراهم فضة، أو عشرة دراهم فأكثر في قول بعضهم، أو ما يقابل أحدهما من النقود الأخرى، فلا قطع في أقل من ذلك؛ عملا بحديث: "لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعداً"، والدينار مثقال من الذهب، وهو يساوي حاليا أربعة غرامات وربع الغرام.

التعليق: إذا كانت يد الإنسان تبتر في غرام وشيء من الغرام من الذهب، أو قيمته فما بالك بمن يستحوذون على المال العام، ويحتكرون آبار النفط والغاز، ومناجم المعادن النفيسة، وما تدره الغلات الزراعية، والمنتوجات الصناعية، وغيرها، ويقومون بعمليات سطو مسلح على المصارف، ويستولون على رواتب الموظفين البسطاء، أو يشاطرونهم إياها، ويحرقون الوثائق والمستندات لكي لا يتركوا أية مبرزات جرمية تدينهم؟! ولو طبق فقه أو قانون الجنايات، وحد السرقة تحديدا لرأينا الكثرة الكاثرة من الطبقة السياسية، والجهاز الإداري في دولة مثل العراق مقطوعي الأيدي، أو يقضون محكومياتهم في السجون، أو يعاقبون بعقوبات مناسبة، ويعزلون من أعمالهم، ويفصلون من وظائفهم، رؤساء ومرؤوسين!!
إننا نعيش في زمان ومكان تنتشر فيه هنا وهناك أنواع مختلفة من المعاملات المحرمة: كالربا، والرشوة، والقمار، والاحتكار، والغش، والتدليس، والنصب والاحتيال، وتطفيف المكيال والميزان، والمتاجرة بالمحرمات كالخمر والمخدرات، والدجل والشعوذة، والاتجار بالبشر، والبغاء، وغيرها، وكذلك الجشع والطمع والحرص على جمع المال بشتى الطرق والوسائل المتاحة، بغض النظر عن كون مصادر الكسب تلك مشروعة أو غير مشروعة، وكأن الحلال والحرام من الكلمات التي غابت عن قواميسهم. لكن كل ذلك قليل، ولا يكاد يذكر إلى جانب تلك السلسلة من جبال الأموال الحرام المتجمعة بين أيدي عامة المسؤولين والموظفين، ولقد عم وطم، وبلغ الفساد في جسم الدولة العراقية وبنيتها إلى درجة التفسخ وانبعاث الرائحة النتنة، التي هي كالسموم القاتلة المهددة للحياة والأحياء في بيئة العراق، والمفارقة هي أن ذلك يتم على يد تنظيمات وشخصيات ترتدي عباءة الدين، والدين يلعنها، فهي سارقة مرتين: سرقت اسم الإسلام مرة، وسرقت المال العام والخاص مرة أخرى، فلا مناص من حراك شعبي لطردها، ومن ثم رفع عباءة الدين التي تتلفع بها، وتطهير بيئة العراق منها، فلعمر الله لئن لم يتم ذلك سريعا، وبمسؤولية عالية، وبعقل وحكمة وشجاعة لا متناهية لتخنقن تلك الريح الصفراء كل ذي كبد.
شبكة البصرة
الخميس 1 شعبان 1433 / 21 حزيران 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق