قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الثلاثاء، 15 يوليو 2014

تحالفات الثورات والحروب: حتمية ام اختيارية..!.. ايهما اخطر ممارسات ما سمي بـ(داعش) ام زوال وفناء وتقسيم العراق وتشريد الملايين المتبقية من العراقيين في مختلف القارات ! - نظرة تمهيدية في خطاب عزة ابراهيم

بقلم: صلاح المختار    المرابط العراقي
يكتفونه ويلقونه في النهر ويقولون له اسبح لتنقذ نفسك
حكمة
في عام 2005 على ما اتذكر اجرت مجلة امريكية مقابلة معي حول المقاومة العراقية سألتني فيها هل تتعاونون مع القاعدة؟ فاجبت حرفيا بما يلي : (نحن نتعاون مع كل بندقية توجه ضد الاحتلال الامريكي) في اليوم التالي خرجت الكثير من الاجهزة الاعلامية الغربية تقول بان (البعث يتعاون مع القاعدة في العراق)، وكان رد الفعل المشار اليه يبدو كأنه اكتشاف خطير يحدث لاول مرة وان القاعدة لم يتعاون معها احد قبل تنسيق البعثيين معها! هل هذا رد فعل طبيعي؟

اليوم وبعد ان القى الرفيق المجاهد عزة ابراهيم خطابة التاريخي واشاد فيه بكل بندقية تقاتل الاحتلال الايراني للعراق وذكر القاعدة والدولة الاسلامية من بين اخرين حياهم واشاد بدورهم الجهادي نتوقع مرة اخرى ان تثار نفس الاسئلة التي طرحتها المجلة الامريكية في عام 2005، ولذلك لابد من تسليط الضوء على هذه القضية البالغة الاهمية.
1 – هناك انطباع زرعته الاجهزة الغربية خصوصا الامريكية بان القاعدة وداعش كيانان لابد من تجنبهما وعدم التعاون معهما تحت اي ظرف ولاي سبب. اليس هذا ما يروجه الاعلام الغربي ويردده الاعلام العربي؟ نعم هذا هو الواقع اذن دعونا نحلل هذه الظاهرة لنرى هل صحيح ان القاعدة وداعش لا يتعاون معهما احد وان خطاب القائد المجاهد عزة ابراهيم هو اعتراف بتدشين حالة غير مسبوقة؟
أ – عندما ارادت امريكا تقسيم الاتحاد السوفيتي بجره الى ما اسماه بريجنسكي وقتها، وكان مستشارا للامن القومي الامريكي، ب (فيتنام سوفيتية) دعمت امريكا القاعدة بالمال والسلاح والمعلومات الاستخبارية من اجل الحاق الهزيمة بالسوفيين. واخر من اعترف بذلك هيلاري كلنتون قبل ايام. اذن امريكا عملت مع القاعدة على الاقل في افغانستان ولم يكن سجل التعاون مع القاعدة خاليا.
ب – في سوريا لم يعد سرا ان امريكا تدعم مباشرة او بواسطة انظمة عربية تنظيمات منها داعش والقاعدة. دققوا في سنوات الانتفاضة السورية ستجدون ان التعاون الامريكي مع التنظيمات الاسلامية في سوريا كان احد اهم اركان ما يجري في سوريا. طبعا اللعبة الامريكية في سوريا هي دعم الجميع (النظام والمعارضة بكافة مكوناتها) من اجل تقسيم سوريا وتدمير الجميع.
ج – عندما ضربت امريكا القاعدة في افغانستان هرب قادتها الى ايران واستقروا هناك، وهذه حقيقة معروفة اشار اليها ابو بكر البغدادي، امير تنظيم الدولة الاسلامية، في رسالة وجهها الى ايمن الظواهري قبل اقل من شهر وانتقد فيها علنا عدم مهاجمة القاعدة لايران ابدا في اشارة واضحة الى انه ثمرة التعاون الايراني مع القاعدة.
اذا اكتفينا بهذه الامثلة وهي حقائق معروفة وموثقة وغيرها كثير علينا طرح سؤال منطقي وهو : هل التعاون الامريكي والعربي الرسمي والايراني مع هذه التنظيمات حلال عليهم وحرام علينا؟ هنا نصل الى واقعة ثابتة وهي ان كل من امريكا وايران وانظمة عربية تعاونت وتتعاون مع القاعدة وداعش من اجل تحقيق اهداف محددة. ووفقا لهذه الحقيقة فان التنسيق في العراق من قبل الثوار مع تنظيم الدولة الاسلامية ليس حالة بكر وغير مسبوقة بل هي امتداد لتعاونات سابقة مع اطراف مختلفة.
لهذا لابد ممن طرح السؤال التالي : اذا كانت اطراف عديدة دولية وعربية تعاونت مع القاعدة وداعش ما السر اذن في هذه الحملات الشعواء التي تهدف الى جعل التعاون او التنسيق مع تنظيم الدولة الاسلامية والقاعدة كانه كفر يرتكب لاول مرة وان من يقوم به يرتكب ام وابو المعاصي كلها؟ سنجيب على السؤال بعد قليل.
2 – كل الثورات والحروب الاقليمية والعالمية شهدت تحالفت بين اضداد لا تلتقي في الحالات العادية وهذه ظاهرة تاريخية ومعاصرة معروفة ولذلك عدت احدى اهم بديهيات الحروب والثورات. فمثلا تعاون تشرتشل رئيس الوزراء البريطاني مع عدوه اللدود ستالين من اجل القضاء على عدو اخطر عليهما وهو هتلر. وهذا التعاون قامت به امريكا التي قبلت هي وبريطانيا بتشكيل قيادة ثلاثية للحرب تتالف من ستالين وتشرتشل والرئيس الامريكي. اذن الغرب اي امريكا وبريطانيا تعاون مع ستالين اخطر اعداءهما حتى ظهور هتلر ونسيا مؤقتا التناقضات العدائية بينهما من اجل الانتصار على الخطر الاكبر.
3 – في الصين اندلعت ثورة بقيادة ماوتسي تونغ القائد الشيوعي ضد جان كاي شيك رئيس الدولة الصينية وقتها وقتل في مذابح مروعة مئات الالاف من الطرفين وليس عشرات الالاف، ولكن حينما احتلت اليابان الصين اوقف ماو وجان حربهما وتحالفا ضد اليابان لانهما ادركا بان تواصل حربهما مع حصول الغزو الياباني يعني نتيجة واحدة وهي تسهيل الغزو الياباني ونجاحه، فأجلا حربهما وخاضا بصورة مشتركة الحرب ضد الغزو الياباني.
هذه الامثلة تكفي لحسم الامر بخصوص مشروعية التحالفات اثناء الحروب والثورات وتؤكد بان ذلك من الامور الطبيعية في الحاضر وفي التاريخ. لذلك نعود الى السؤال الذي طرحناه وهو : لماذا تريد امريكا تحريم التعاون بين عراقيين مختلفين فكريا وسياسية ولكنهم يلتقون عند قاسم مشترك وهو القضاء على الغزو الايراني؟
أ – اول واهم سبب هو ايهام الثوار وعامة الناس بان التعاون بين المتناقضين يجب ان لا يحصل ابدا لان العداء بين جماعتين اهم من العداء مع الغزاة. ولتحقيق هذا الهدف يصور الاعلام كأن التعاون بين الثوار وتنظيم الدولة الاسلامية عمل بكر لم يحصل من قبل لا في العراق ولا في غيره! لهذا حصلت عملية ابتزاز نفسي يستخدم لمنع كل تعاون او تنسيق بين من يريدون تحرير العراق. ووقع في هذا الابتزاز الكثير من الساسة والكتاب لدرجة ان مجرد التفكير بالتعاون يبعث الخوف في النفوس وهذا بالضبط هو ما تريده امريكا ومن معها وايران ومن معها.
ب- ان عدم التعاون بين كل الثوار حملة بنادق تحرير العراق من ايران يفضي الى نتيجة واحدة وهي هزيمة الثورة، فبما ان اعداء الثورة كثر واقوياء جدا وهم امريكا ومعها الغرب وايران والصهيونية، فان عدم التعاون سيبقي الميزان مائلا لصالح اعداء الثورة ومن ثم لا يتحرر العراق. فمعزوفة رفض داعش بالطريقة الاعلامية الغربية ليست سوى عملية ردع مسبق لاي تفكير بالوصول الى صيغ تضمن تحرير العراق.
ج – وعدم التعاون او التنسيق بين الثوار يفضي الى نتيجة اخطر وهي ابقاء الابواب كلها مفتوحة لحرب دموية بين الثوار انفسهم، فبما ان هناك تناقضات بين فصائلهم فان عدم التعاون المباشر يساعد على زيادة التناقضات وسوء الفهم حدة خصوصا وان المخابرات التابعة للاعداء شديدة التأثير وقادرة على افتعال احداث تستخدم لاشعال القتال بين فصائل الثورة. من هنا فان وجود تنسيق مهما كانت طبيعته بين الفصائل يضمن قطع الطريق على الفتن الداخلية بين الثوار والتي تصنعها المخابرات المعادية.
4 – ما قيمة تحرير العراق؟ هنا نصل لبيت القصيد واهم ما في الموضع كله، فتحرير العراق ليس عملية تحرير عادية بل انقاذ شامل للشعب العراقي من اخطر الكوارث التي حلت به في تاريخه القديم والحديث والتي تهدد وجود كبشر بالزوال الابدي، فهي حرب وجود وليست حرب حدود او ايديولوجيات او مصالح مادية عادية، لهذا لا توجد امكانية لمقارنه ما فعله الغزاة الفرس والامريكيين بما فعله التتار حيث ان مجازر التتار تبدو الان بسيطة بما حصل ويحصل للعراق على يد امريكا وايران.
ان شعبنا ضحية اكبر الكوارث يعرف جيدا حجم ونوعية كوارثه الان واهمها تلك التي تهدد وجوده كبشر وهويته المعرضة للتقسيم والتدمير المنظم لكافة مظاهر وجواهر العراق الذي نعرفه، لهذا فالعراقي يقبل خسائر محدودة لتجنب كوارث الابادة الشاملة والتقسيم الكامل وزوال الهوية.
من هنا فان العراق الان امام خيارين لاثالث لهما : فاما الفناء وتقسيم العراق وتشريد الملايين المتبقية من العراقيين في مختلف قارات العالم، او الانتصار على العدو المشترك (امريكا وايران واسرائيل) لكي يبقى العراق حتى ولو بوجود اخطاء وخطايا كثيرة، فاستمرار وجود العراق مع اخطاء وخطايا بالتاكيد افضل من زواله تماما لان المستقبل كفيل بتصحيح الاخطاء ومعالجة الخطايا مادام العراق موجودا ومحافظا على هويته القومية والوطنية، اما اذا زال وتقسم فان اي اصلاح يصبح مستحيلا. اولا يجب ضمان الوجود وبعدها يمكن ضمان او تحسين شروط الوجود.
نؤكد بان العراق الان في مفترق طرق فامريكا اعلنت انها ستقسمه عبر مشاريع رسمية اخرها مشروع بايدن عام 2007 وعين نائبا للرئيس لتطبيقه وما يجري منذ تسليم العراق الى ايران من تدمير ممنهج للعراق شعبا ووطنا وارضا وثروات يؤكد ذلك، فلا تلتفتوا للتصريحات الامريكية الرسمية فهي لغو فارغ لخداع الضحية ومنعه من المبادرة لانقاذ نفسه ووطنه.
ان الواجب الوطني والقومي والديني والاخلاقي والانساني لكل عراقي هو منع تحقيق هذا المخطط الخطير جدا عبر تشكيل جبهات قتال متحدة مهما اختلفت اطرافها. هذا ما فعله تشرتشل وستالين وهتلر وماو تسي تونغ وكافة ثوار العالم. فهي ليست بدعة عراقية كي نتررد ام نخجل. وقديما قالت العرب (انا واخي على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب) وهذا القول ليس اعتباطا بل هو ثمرة تجارب متراكمة.
ليس العراق فقط هو المهدد بل الامة العربية كلها فقط انظروا لسوريا واليمن والبحرين ولبنان وليبيا وغيرها سترون ان الغرب والصهوينية اتفقا مع ايران الصفوية على انهاء الوجود العربي والهوية العربية وتدمير الاسلام الحقيقي واستبداله باسلام صفوي مشوه.
لذلك فان السؤال الذي يطرح على كل عراقي الان هو : ايهما اخطر ممارسات ما سمي بـ(داعش) ام زوال العراق واكمال عملية تهجير شعبه؟ يقينا كل اليقين انه مهما قيل عن تنظيم الدولة الاسلامية فانه اولا جزء من قوى الثورة العراقية لا يمكن تجاهله ابدا لانه بندقية فعالة ضد العدو، كما ان اخطاءه مهما كانت حسب ما يوجه له من اتهامات فانها في حدها الاعلى لا تشكل نسبه واحد بالالف من الدمار الذي سيصيب العراق اضافة للدمار الحالي اذا بقي الاستعمار الايراني في العراق بدعم امريكي نراه الان بكامل قوته ووضوحه. لهذا فان من ينتقد وجود ثوار من مختلف الاتجاهات بما فيها تنظيم الدولة الاسلامية هو كمن يكتف شخصا ما ويلقيه في النهر ويقول له انقذ نفسك سباحة!!!
ليس لنا من خيار سوى تحرير العراق اما ما بعد ذلك فالشعب العراق وقواه الوطنية والقومية والاسلامية كفيل بمعالجته وتضميد جروح العراق العميقة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق