قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الثلاثاء، 12 يونيو 2012

الأولوية لآسيا والشرق الأوسط في الإستراتيجية العسكرية الأمريكية الجديدة محاولة احتواء بروز الصين كقوة عالمية أولى


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الأولوية لآسيا والشرق الأوسط في الإستراتيجية العسكرية الأمريكية الجديدة
محاولة احتواء بروز الصين كقوة عالمية أولى
شبكة البصرة
عمر نجيب
يوم السبت 2 يونيو 2012 اعلن وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا خلال قمة في سنغافورة أن الولايات المتحدة ستعيد نشر القسم الأكبر من أسطولها البحري باتجاه المحيط الهادئ بحلول العام 2020 في إطار إستراتيجية عسكرية جديدة تتمحور حول آسيا.
وأضاف بانيتا ان قرار نشر مزيد من السفن في المحيط الهادئ بالتوازي مع تعزيز الشراكات العسكرية في المنطقة يندرج في سياق جهد "متعمد" يرمي إلى تفعيل الدور الأمريكي في منطقة حيوية لمستقبل الولايات المتحدة.
وسعى بانيتا خلال عرضه إلى تبديد فكرة أن التحول في التركيز الأمريكي إلى منطقة آسيا والمحيط الهادي جزء من محاولة أمريكية لاحتواء ظهور الصين كقوة عالمية.
واعترف بانيتا بوجود خلافات بين أكبر اقتصادين في العالم بشأن سلسلة من القضايا من بينها الحدود في بحر الصين الجنوبي.
وقال بانيتا امام المؤتمر السنوي الذي شارك فيه زعماء سياسيون وقادة عسكريون من 30 دولة من منطقة اسيا والمحيط الهادي "لسنا ساذجين بشأن هذه العلاقة ولا بشأن الصين.
"كلانا يتفهم أنه لا يوجد في حقيقة الأمر بديل آخر لكلينا للارتباط وتحسين اتصالاتنا ولتحسين علاقاتنا.
وقال بانيتا انه ملتزم ببناء علاقات "صحية ومستقرة وموثوق بها ومستمرة" بين القوات المسلحة للولايات المتحدة والصين ولكنه أكد أهمية ما سماه دعم بكين لنظام قائم على القوانين لتوضيح الحقوق في المنطقة والمساعدة في حل الخلافات سلميا.
واوضح انه "بحلول العام 2020 ستعيد البحرية نشر قواتها من نسبة حوالى 50 في المائة مقابل 50 في المائة حاليا بين المحيط الهادئ والمحيط الاطلسي الى نسبة 60 في المائة مقابل 40 في المائة لصالح المحيط الهادئ بما يشمل ست حاملات طائرات، اضافة الى اكثرية سفننا وغواصاتنا".
وتعد البحرية الامريكية حاليا حوالى 285 قطعة ينتشر نصفها في المحيط الهادئ. كما تحدثت واشنطن عن زيادة عدد المناورات العسكرية في منطقة المحيط الهادئ.
تصريحات بانيتا جاءت أمام مسؤولين عن الدفاع في "شانغري لا"، وهي قمة ينظمها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الذي يتخذ مقرا له في لندن.
ومطلع يناير 2012، قدم الرئيس باراك اوباما الاستراتيجية العسكرية الامريكية الجديدة التي تضع اسيا، لا اوروبا، اولويتها الاستراتيجية الى جانب الشرق الاوسط.
قبل تصريحات وزير الدفاع الأمريكي بأقل من شهر اعلنت البحرية الامريكية يوم الخميس 10 مايو أن أول سفينة ضمن فئة جديدة من الفرقاطات سيتم ارسالها الى سنغافورة في ربيع 2013 على مدى عشرة اشهر، وذلك في اطار مرحلة اولى للقوات البحرية التي تنوي نشر اربع من هذه الفرقاطات في الجزيرة المذكورة.
وقالت البحرية الامريكية في برقية الى عدد من وكالات الأنباء العالمية "سيتم نشر الفرقاطة "يو اس اس فريدوم" في سنغافورة لعشرة اشهر في ربيع 2013".
وتنتمي السفينة الى الفئة الجديدة من "السفن القتالية في المنطقة الساحلية" التي ادرجت ضمن الاستراتيجية الامريكية الجديدة التي تركز على منطقة اسيا المحيط الهادىء ومناطقها البحرية المترامية.
ويتوقع ان تتزود البحرية الامريكية ب55 سفينة من هذا النوع.
وفي اطار هذه الاستراتيجية الجديدة، تستند البحرية الامريكية الى مفهوم "الانتشار المتقدم" لهذه السفن بحيث تتمكن من احتلال المنطقة المعنية والرد في شكل سريع في حال اندلاع ازمة.
وفي هذا السياق، كان وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا قد عرض في بداية ابريل على نظيره السنغافوري نغ انغ هين "ان يتم نشر اربع سفن قتالية في المنطقة الساحلية في سنغافورة".
وستنفذ هذه السفن مهمات مناوبة في سنغافورة حيث للجيش الامريكي بنى تحتية لتلبية حاجات لوجستية وتدريبية.
وتنوي واشنطن ايضا تعزيز انتشارها في الفيليبين وتايلاند.
الملفت أن ليون بانيتا كان قد أدلى يوم 18 نوفمبر 2011 بتصريحات مفاجئة حين اضاف كلا من الهند والصين الى قائمة الدول التي تشكل "تهديدا" للولايات المتحدة، قبل ان تسارع اوساطه الى الاقلال من أهمية هذا الموقف، خاصة وأن الادارة الأمريكية تريد استغلال الهند ككابح للنفوذ الصيني.
فخلال تفقده ورشة في كونيتيكت لبناء الغواصات النووية الهجومية، عرض بانيتا التهديدات المختلفة لأمن الولايات المتحدة والهجمات عبر الانترنت، ثم فاجأ الجميع بإضافة كل من الهند والصين إلى قائمة هذه التهديدات.
وقال بانيتا أمام عمال الورشة "نواجه تهديد قوى ناشئة مثل الصين والهند ودول اخرى. علينا ان نظل يقظين حيالها ونتأكد ان لدينا ما يكفي من القوة في المحيط الهادىء" لمواجهتها.

الحرب الكيميائية
هذه التحولات في مراكز ثقل الجهد العسكري الأمريكي رافقتها كذلك عملية تحديث ضخمة للمعدات العسكرية الأمريكية شبهها بعض المراقبين بما وقع خلال السنوات التي سبقت اندلاع الحرب العالمية الثانية وكذلك قمة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.
المهم هو أن الجزء الأكبر من عمليات التحديث تستهدف مواجهة أو معادلة ما يقدر الخبراء الأمريكيون أنه المقدرات العسكرية الأكثر توسعا في ترسانة كل من الصين وروسيا والمعدة لمواجهة التفوق النسبي في القدرات الحربية البحرية للولايات المتحدة وحلف "الناتو".
وهكذا مثلا قرر سلاح البحرية الأمريكي تجهيز جميع سفنه الحربية بأجهزة (النظام البديل للكشف الموضعي المحسن) الجديد لكشف عوامل الحرب الكيميائية. فهذه الأجهزة تأخذ عينات من الهواء الذي يحيط بالسفينة وتقوم بتقييمها للوقوف على إمكانية تواجد عوامل حرب كيميائية فيها. وفي حال تواجد عامل من هذا النوع سوف يقوم هذا النظام بإنذار البحارة في الوقت المناسب لكي يستطيعوا اتخاذ الإجراءات الاحتياطية المطلوبة".
ويعتمد النظام على رصد حركة الأيونات على جهاز قياس الطيف. وتقوم تكنولوجيا الكشف الكيميائي هذه، بخلق أيونات تنفصل في الوقت الذي يصل التجمع العنقودي لهذه الأيونات إلى منطقة الانتقال نحو حقل كهربائي ثابت.
وتجدر الإشارة كذلك إلى أن شركتا لوكهيد مارتن ورايثيون شكلتا فريقا للتنافس على عقد خاص بالبحرية الأمريكية لتحديث قدرات أسطولها على مهاجمة الصواريخ المضادة للسفن إلكترونيا.
ويسعى سلاح البحرية عبر الإصدار الثالث لبرنامج تحسين الحرب الإلكترونية الخاصة بسفن السطح، إلى تعزيز القدرات الهجومية الإلكترونية للنسختين الثالثة والرابعة من أنظمة الحرب الإلكترونية، للتصدي بكلفة معقولة للتهديدات المتقدمة تكنولوجيا.
تجدر الإشارة إلى أن حاملات الطائرات والطرادات والمدمرات والسفن الحربية الأخرى كافة، التابعة لسلاح البحرية الأمريكية، تعتمد أنظمة أقل كفاءة من النظام الجديد المسمي "سويب".
ويعتبر الإصدار الثالث من برنامج "سويب" آخر التحديثات التي تم تطويرها تباعاً من قبل البحرية الأمريكية لنظامها الخاص بالحرب الإلكترونية، بحيث تضيف كل عملية ترقية المزيد من التكنولوجيات الدفاعية والقدرات العملية.

محاولة لتطويق الصين
ينتقد المسؤولين الصينيين تحول التركيز العسكري الامريكي الى اسيا ويعتبرونه محاولة لتطويق الصين واحباط المطالب الاقليمية لبكين في المناطق البحرية المحيطة بها، ويضيف بعضهم خاصة في الجلسات الخاصة بالأمن أن الولايات المتحدة تسعى لأن تكون في موقف يمكنها من قطع خطوط إمدادات الصين بالنفط وبالتالي هزيمتها.
وكان محللون غربيون قد أشاروا إلى أن واشنطن وفي نطاق صراعها المتعدد الأوجه مع بكين تشجع جيران الصين الذين هم على خلاف معها حول الحدود البحرية على التصلب في مواقفهم لتبقى المشكلة معلقة.
ويشار إلى أن تصريحات بانيتا ثم الجولة التي تبعتها إلى عدد من دول جنوب آسيا والتي استمرت سبعة ايام، جاءت في وقت تجددت فيه التوترات بشأن ادعاءات السيادة المتضاربة في بحر الصين الجنوبي مع مواجهة بين مانيلا وبكين بشأن منطقة قريبة من الساحل الفلبيني، وكذلك بين كل من الصين من جهة وسنغافورة والفيتنام من جانب آخر.
والجزر المتنازع عليها في هذه المنطقة هي ارخبيل باراسيل وسبارتليز جنوبا. وتطالب الصين والفيليبين وتايوان وبروناي وماليزيا وفيتنام بقطاعات من هذه الاراضي.

مخطط متجدد
يذكر أنه يوم السبت 4 يونيو 2011 أي قبل سنة من تحذيرات بانيتا المغلفة بأسلوب دبلوماسي صرح وزير الدفاع الامريكي في ذلك الحين روبرت غيتس في سنغافورة ان الولايات المتحدة ستبقي على وجود عسكري "متين" في آسيا مدعوم بأسلحة متطورة لحماية حلفائها وضمان أمن الطرق التجارية البحرية.
وقال غيتس ان الجيش الأمريكي سينشر بطريقة "تضمن الابقاء على وجودنا في شمال شرق آسيا وتعزيز وجودنا في جنوب شرق اسيا وفي المحيط الهندي".
وأكد غيتس أن التزام واشنطن في المنطقة لن يتراجع بل سيتم توسيع الوجود العسكري عبر تقاسم تسهيلات في المحيط الهندي مع استراليا ونشر سفن قتالية جديدة من نوع "ال سي اس" في سنغافورة.
والممرات المائية حول سنغافورة حليفة الولايات المتحدة، واحدة من الخطوط البحرية التجارية الأكثر ازدحاما في العالم، وتعتمد عليها الصين بشكل أساسي للتزود بالنفط والمواد الخام من منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا وكذلك لتصدير منتجاتها إلى المنطقتين سالفتي الذكر وكل أوروبا الغربية.
خلال الحرب العالمية الثانية دارت أهم المعارك بين اليابان والولايات المتحدة حول هذه الممرات البحرية.
قال غيتس ان الولايات المتحدة تفكر في "تخزين" مؤن لتحسين قدرات الرد على الكوارث. وأضاف ان "الموقف الامريكي من الأمن البحري يبقى واضحا: لدينا مصلحة قومية في حرية الملاحة" لاسباب اقتصادية وتجارية.
وذكر غيتس أن "هناك مخاوف متزايدة. اعتقد انه علينا الا نضيع أي وقت في محاولتنا تعزيز هذه الآليات التي تحدثت عنها لمعالجة المطالب في بحر الصين الجنوبي".
واضاف "اخشى ان تحصل مواجهات اذا لم توضع قواعد للعمل واساليب لمعالجة هذه المشاكل واعتقد ان هذا لا يخدم مصلحة احد".
وفي حديثه عن الوجود الامريكي في آسيا، اشار غيتس الى استثمارات في طائرات رادار خفية وطائرات مراقبة بدون طيار وسفن حربية واسلحة جوية ومعلوماتية، مشددا على ان "واشنطن توظف اموالا في هذه المنطقة في هذا الجزء من العالم وستواصل هذا الجهد".
وقال ان برامج الاسلحة المخطط لها تشكل "قدرات اكثر ملاءمة لحماية امن وسيادة وحرية حلفائنا وشركائنا في المنطقة"، كما تشمل ابقاء "الردع" النووي الامريكي.
وبدون ان يذكر الصين، أكد غيتس ان البرامج الجديدة تشكل "ردا على احتمال ظهور تقنيات واسلحة يمكن ان تمنع قوات الولايات المتحدة من دخول الطرق البحرية الاساسية وخطوط الاتصال في المنطقة".
ومع انه توقع ان تفرض اقتطاعات على ميزانية الدفاع في بعض القطاعات، قدر غيتس ان تبقى الاستثمارات المخصصة لتحديث البرامج بدون تغيير.
وقال ان هذا يؤكد "اننا سنواصل تنفيذ التزاماتنا كاملة في منطقة آسيا والمحيط الهادىء في القرن الحادي والعشرين، بقوات ووجود ملائمين.

الصين ثالث قوة بحرية
يقدر محللون عسكريون أن الولايات المتحدة وفي نطاق محاولاتها للحفاظ على مكانتها كالقوة الأولى المهيمنة في العالم تجرب أساليب متعددة لمنع تحول الصين إلى القوة الإقتصادية الأولى العالم، وفي نفس الوقت تركز على الحد من رقي قدرات بكين العسكرية والحشد البحري في المحيط الشرق الأقصى جزء من هذه العملية.
وكان مسؤولون اميركيون كبار قد تحدثوا مرات عدة عن تعزيز القدرات العسكرية الصينية مؤكدين ان مواصلة بكين لبناء صواريخ مضادة للسفن والطائرات وقدراتها على الحرب الالكترونية تشكل تهديدا للقوة البحرية الامريكية في المنطقة.
جاء في آخر تقارير موسوعة "أساطيل قتالية" الدولية التي تصدر في فرنسا منذ سنة 1897، أن البحرية الصينية أصبحت تتمتع بدور كبير ولابد أن يتعزز هذا الدور في المستقبل. وكانت البحرية الصينية قد أدرجت منذ عام 2006 في جدول القوى البحرية الثمانية الأكبر في العالم ضمن النشرة.
"كانت هذه أول مرة تظهر الصين في هذا الجدول، وستترتب بالتأكيد على هذا المثول مراجعات هامة اليوم، لاسيما أنها وصلت لأول مرة إلى المركز الثالث مباشرة، بعد روسيا، وقبل بريطانيا"، وفق عبارة "برنار بريزلن" المدير الحالي للموسوعة. "ما المدهش في الأمر، فالصين قد أصبحت إحدى القوى العظمى في الكرة الأرضية؟"، يقول مؤلف هذه النشرة المرجعية التي تصدر مرة كل سنتين. ويكشف وصول البحرية الصينية إلى المرتبة الثالثة بين القوى العظمى عن الأهمية الجديدة التي توليها حكومة "بكين" لعملها البحري.

تحول انتباه الإمبراطورية
كتب محلل: تدور العديد من النقاشات في مراكز الأبحاث والدراسات والجامعات ووسائل الإعلام المختلفة في الولايات المتحدة، حول هل قرن المحيط الهادي لن يكون هادئاً؟ سؤال برز عقب تصريح قصير لوزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، نهاية عام 2011، عندما قالت "مثلما كان القرن العشرون هو قرن المحيط الأطلسي، فإن القرن الحادي والعشرين هو قرن المحيط الهادي، بالنسبة للولايات المتحدة"، وقد أثار التحول الاستراتيجي الأمريكي باتجاه أسيا والشرق الأدنى من خلال شراكات أسيوية جديدة، العديد من علامات الاستفهام حول النتائج المترتبة على هذا التحول الاستراتيجي، وتأثير ذلك على منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي.
يرى "جوزيف س. ناي" مساعد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، والأستاذ في جامعة هارفارد، أن الولايات المتحدة بعد أن أهدرت العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، في حربين بائستين في العراق وأفغانستان، بدأت تنتبه لما يحدث في أسيا. مبيناً أن القرار الذي اتخذه الرئيس أوباما بإرسال ألفين و500 جندي من مشاة البحرية الأمريكية إلى قاعدة "داروين" في شمال أستراليا، هو إشارة قوية إلى ذلك التحول الجديد، إذ إن "عودة أسيا إلى مركز الشؤون العالمية هو التحول الأكبر للقوى العظمى في القرن الحادي والعشرين".
ويضيف ناي "رحلة أوباما إلى أسيا في نوفمبر 2011 هدفت إلى أمرين، أحدهما إعادة ترتيب أولويات السياسة الخارجية الأمريكية بما يتفق مع أهمية المنطقة في الأمد البعيد، والآخر تحذير الصين التي اعتقدت خطأ بعد الأزمة الاقتصادية في عام 2008 بأفول نجم الولايات المتحدة كقوة عظمى، وهو ما شجع بكين على الإفصاح عن احتمال استخدامها للقوة لتلبية مطالبها في بحر الصين الجنوبي. وقد أثارت الطموحات البحرية للصين قلق حلفاء الولايات المتحدة، خاصة بعد أن طالب الرئيس الصيني، هو جينتاو، القوات البحرية بـ "تسريع عملية التحديث التي تجريها، والقيام بالاستعدادات الكثيفة للمعركة العسكرية المقبلة، من أجل الحفاظ على الأمن القومي والسلام العالمي".
وأوضح مساعد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق أن اليابان والهند أدركتا أخيرا أن الشراكات الاقتصادية الأكثر استقرارا على مستوى العالم، كانت مبنية على قاعدة متينة من التعاون الأمني، وباعتبارهما بلدين يفتقران إلى الطاقة، ويعتمدان بشدة على واردات النفط من الخليج العربي، يشعران بالقلق البالغ من محاولات سيطرة "الصين" البحرية على إمدادات الطاقة وطرق نقلها، فضلاً عن قوتها العسكرية المتنامية، ولهذا السبب وافق البلدان على البدء في إجراء تدريبات بحرية وجوية مشتركة بداية من عام 2012، بالإضافة إلى التعاون المشترك في مجال الدفاع الصاروخي مع الولايات المتحدة وإسرائيل على التوالي، من أجل الحفاظ على الاستقرار في المحيطين الهندي والهادي.
وحسب مستشار أوباما للأمن القومي، توم دونيلون، فإن هذا التحول باتجاه أسيا والشرق الأدنى معناه أن أجزاء أخرى من العالم لم تعد على الدرجة نفسها من الأهمية، خاصة أن السياسة الخارجية الأمريكية ابتليت على حد تعبيره على مدى العقد الماضي بالحرب في العراق وأفغانستان، فضلاً عن "فوبيا" الإرهاب وتنظيم القاعدة، والانتشار النووي في إيران وكوريا الشمالية.
وشنت قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، معقل الجمهوريين وحزب الشاي، هجوما ساخرا على الديمقراطيين وسياستهم الناعمة، وقدمت نصائح لهم لحماية المصالح الوطنية وقالت، لماذا لا نمنح الإسلأميين الحكم من غزة إلى المغرب؟ وحتى يتم هذا الإنجاز الرائع للسياسة الخارجية الأمريكية، لابد أن نتحرك بسرعة ضد التهديد الحقيقي في القرن الحادي والعشرين، وأن نعمل بسرعة على إعادة نشر قواتنا المسلحة في المحيط الهادي وأستراليا، لأن الخطر يكمن في مضيق "الكنغر"، وليس مضيق "هرمز".
مستشار الأمن القومي الأمريكي، ووزير الخارجية الأشهر في مرحلة الحرب الباردة، هنري كيسنجر، رأى أن تحول موازين القوة في القرن الحادي والعشرين، في المجال الاقتصادي، وربما السياسي العسكري، من الغرب للشرق، يمهد الطريق للحرب العالمية الثالثة، التي سيكون طرفاها روسيا والصين من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى.
وتنبأ كيسنجر في حوار مع صحيفة "ديلي سكيب" اليومية، التي تصدر في نيويورك، بأن هذه الحرب لن يخرج منها منتصرا إلا الولايات المتحدة. رغم أن واشنطن أخطأت عندما تركت الصين تضاعف من قدراتها العسكرية، وروسيا حتى تتعافى من الإرث الشيوعي، وتندمج في الاقتصاد الرأسمالي، وهو الأمر الذي جعل كلاً من الصين وروسيا "قوة عظمى"، إلا أنه أضاف يبدو أن هذا الشعور المبالغ فيه بتلك "القوة" سيكون سببا في سرعة زوالهما.
ويؤكد كيسنجر أيضاً أن أصحاب القرار في الولايات المتحدة أصدروا تعليمات للقوات المسلحة باحتلال سبع دول شرق أوسطية بطرق غير مباشرة، من أجل استغلال مواردها الطبيعية، خصوصاً النفط والغاز، مشيرا إلى أن السيطرة على البترول هي الطريق للتحكم في دول المنطقة، والسيطرة على الغذاء هي السبيل للسيطرة على شعوبها.

حرب سرية
بغض النظر عن تنبؤات كيسنجر بحرب عالمية ثالثة، يقدر خبراء أن حروبا سرية كثيرة تدور أساسا ومنذ مدة ليس بقصيرة بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة والصين وروسيا وحلفائهما من جهة أخرى.
يوم الجمعة فاتح يونيو 2012 نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" عرضا مسهبا لكتاب جديد صدر عن دار "كراون" للنشر عنوانه "واجه واخف: حروب اوباما السرية والاستخدام المفاجئ للقوة الأمريكية".
ويثير العرض الذي نشرته الصحيفة تساؤلات عن هجمات على كوريا الشمالية والبرامج العسكرية الصينية والروسية ودول أخرى.
ولم تقر حكومة الولايات المتحدة رسميا إلا في الآونة الأخيرة بتطويرها أسلحة اليكترونية، كما انها لم تعترف قط باستخدامها. وكانت قد وردت انباء عن هجمات في وقت من الاوقات على اجهزة كومبيوتر شخصية يستخدمها اعضاء "القاعدة"، وعن هجمات يجري التفكير فيها على اجهزة الكومبيوتر التي تتحكم في انظمة الدفاع الجوي في عدد من دول الشرق الأوسط وباكستان، بما فيها هجمات خلال الحرب الجوية بقيادة "ناتو" على ليبيا سنة 2011.
وتقول الصحيفة ان وكالة الأمن القومي الامريكي تعاونت مع الوحدة 8200 الاسرائيلية، التي هي جزء من المؤسسة العسكرية، ولها خبرة واسعة في الحرب الاليكترونية. وجاء هذا التعاون ايضاً بالنظر الى ان اسرائيل تملك استخبارات "عميقة" في مناطق عدة.
وتذكر "نيويورك تايمز" في نهاية عرضها للكتاب ان الرئيس اوباما أبلغ مساعديه ان ثمة خطراً في استخدام الاسلحة الاليكترونية او الافراط في استخدامها. وتقول: "الواقع انه ما من بلد تعتمد بنيته التحتية على اجهزة الكومبيوتر، وبالتالي أكثر عرضة للخطر، من الولايات المتحدة. وما هي إلا مسألة وقت، كما يقول الخبراء، حتى تصبح الولايات المتحدة هدفا سهلا لنفس النوع من الاسلحة التي استخدمها الامريكيون، سراً، ضد عدد من أعدائهم".

سلاح ذو حدين
أفاد تقرير تم إعداده للكونغرس الأمريكي ونشر يوم الخميس 8 مارس 2012 ان مؤهلات الصين في مجال التجسس عبر الانترنت "التجسس الالكتروني" بلغت مستوى يمكنها معه ان تشكل خطرا على الجيش الامريكي في حال نشوب نزاع بين البلدين.
والتقرير الذي اعدته مجموعة "نورثروب غرومان" الامريكية للدفاع لحساب لجنة مراجعة العلاقات الاقتصادية والأمنية بين الصين والولايات المتحدة، يوضح ان الجيش الصيني يولي أهمية كبيرة "لحرب المعلومات".
وقال التقرير ان "قادة الجيش الصيني ادرجوا الفكرة القائلة ان نجاح معركة يستند الى قدرة مراقبة المعلومات والانظمة المعلوماتية للخصم".
واضاف ان "خبراء الجيش الصيني يحددون بطريقة منهجية البنى التحتية اللوجستية وانظمة القيادة والمراقبة ومراكز الثقل الاستراتيجية للولايات المتحدة التي سيهاجمونها بطريقة شبه اكيدة في الدرجة الاولى في حال نشوب نزاع".
ويحذر التقرير بذلك من ان الكفاءات الصينية في هذا المجال "متقدمة جدا الى حد انها تطرح خطرا حقيقيا على العمليات العسكرية الامريكية في حال نشوب نزاع" مع بكين، وعلى سبيل المثال "لحماية تايوان".
وذكر التقرير من جهة اخرى ان الشركات الصينية التي تقيم بعض منها شراكات اجنبية تقدم لها التكنولوجيا، تسمح للجيش الشعبي الصيني ان يكون في المقدمة في مجال الابحاث والتكنولوجيا في هذا المجال.
وراى مايكل فيسيل عضو لجنة الكونغرس ان "هذا التقرير يدل على التطور المثير لكفاءات الصين الالكترونية بهدف التوصل الى تحقيق اهداف السلطات" في البلاد. الى حد "أنه أصبح أكثر صعوبة على المسؤولين الصينيين ادعاء الجهل والبراءة"، كما قال.
وقد انشأ الكونغرس لجنة مراجعة العلاقات الاقتصادية والامنية بين الصين والولايات المتحدة والتي تضم اعضاء من مجلسي النواب والشيوخ، لوضع تقارير حول تداعيات العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين في مجال الأمن القومي.

توجهات أمريكية
ما بين اتجاه يرى ضرورة "الاستيعاب التعاوني" للصين، وآخر يدعو إلى مواجهة قوية لنفوذ بكين المتصاعد، خاصة في آسيا، عرضت مجلة الشئون الخارجية الأمريكية في عدد أغسطس 2011، كتابا "لأرون فريدبرغ"، مستشار السياسة الخارجية الأسبق لنائب الرئيس "ديك تشيني" حول كيفية تعامل الولايات المتحدة مع الصين.
يقول فريدبرغ في كتابه إنه حلل الاستراتيجيات التي تعاملت بها الصين والولايات المتحدة مع بعضهما منذ أوائل 1990، وحاول فك شفرة نوايا الصين في العقود القادمة، وخلص إلى أنه لمواجهة نمو الصين وطموحها المتزايد، يجب على الولايات المتحدة أن تقف بقوة في مناطق النفوذ الصيني.
يتفق فريد برغ مع المنطق "الواقعي الكلاسيكي" بأن التغير في علاقات القوة حتما سيولد منافسة، ولكنه يعتقد أنه من المهم أولا أن نعرف ماذا تريد الصين؟.
ويجيب بأنه لمعرفة ماذا تريد الصين، ينبغي تجميع آراء المفكرين الصينيين الذين يكتبون في المجلات السياسية الصينية التي تشبه تقريبا مجلة "فورن أفيرز"، وكذلك في وسائل الإعلام الأخرى، وكذلك تحليل آراء الضباط العسكريين الذين يعملون في وظائف تسمح لهم بأن يكتبوا مقالات وكتبا للجمهور. وهذه المواد تعكس التيار الأساسي للرأي السائد بين النخبة الصينية.
ومن خلال تحليل هذه المواد، يرى "فريد برغ" أن المسئولين الصينيين يريدون أن تصبح الصين الدولة رقم 1 في العالم، وهناك بعض الكتاب يرون أن التحالف التعاوني المعلن بين الصين والولايات المتحدة هو تحالف كاذب.
ولكن وفق هذا المنظور، فإن التركيز على كتابات المسئولين الصينيين تشوبه ثغرات، لأن الكثير من الكتاب له آراء مختلفة، وبعضهم يكتب للفت الانتباه والشهرة، وبعضهم يكتب بشكل منفعل.
ولكن بعيدا عن وسائل الإعلام ومحاولة التركيز على النوايا، فإن الصين تبدو متعثرة داخليا، ومضطربة آسيويا، فضلا عن أن بكين تكرس أغلب مواردها الهائلة للجانب العسكري.
الصين محاطة بنوعين من الدول، الأول هي الدول غير المستقرة، والتي إذا حدث بها أي تغيير، فسيجعل الحياة أكثر صعوبة على الأوضاع في الصين مثل كوريا الشمالية والدول الضعيفة بآسيا الوسطي، والطرف الآخر هو الدول التي تريد أن تصبح أقوى قوة في المستقبل، وتنافس الصين، مثل الهند واليابان وفيتنام. كما تواجه الصين الوجود القوى للولايات المتحدة، فقيادة المحيط الهادي الأمريكية تعد أبرز مراكز القوة في قيادات الجيش الأمريكي الستة بعد القيادة المركزية.
ويرى فريدبرغ أنه "لو استمرت الصين في نموها، فستصبح علاقاتها بالولايات المتحدة متوترة، ولكن العلاقة ستحكمها قواعد الخلافات والتنافس وليس الصراع.
ولكن الكاتب يرى أنه من غير المرجح أن تثبت صحة هذا الافتراض على المدى الطويل، لأن النموذج الاقتصادي والسياسي للصين يواجه العديد من نقاط الضعف. كما أن الهدف النهائي للاستراتيجية الأمريكية هو التعجيل بالثورة، ولو السلمية في الصين، فمن شأنها أن تمحو الصين دولة الحزب الواحد وبالتالي ينتهي تطلع بكين لتنافس واشنطن.
وحتى لو بقيت الصين على هذا المسار، فإنه لا يمكنها أن تأمل بأي شيء يمكن أن يسمي السيادة أو حتى السيادة الإقليمية، إلا إذا تراجعت الولايات المتحدة بشكل جذري.
ومن غير المعقول، كما تنبأ فريد برغ، أن تختار دول آسيا في النهاية أن تحذو حذو الصين الصاعدة، وبالتالي فإن معظم جيران الصين يسعون لتوازن مع الولايات المتحدة وليس ضدها.
ويدعو فريد برغ واشنطن إلى أن تضع حدودا مناسبة لصعود الصين من خلال الحفاظ علي توازن موات للقوة في آسيا، وذلك يتطلب من واشنطن أن تتعهد بـ"تدابير مكلفة وصعبة" كالحفاظ علي تحالفها مع اليابان وكوريا الجنوبية، وعلاقاتها التعاونية مع معظم جيران الصين الآخرين، والاستمرار في تطوير الموقف العسكري لمطابقة التحديث العسكري الصيني، وموازنة علاقاتها التجارية عبر المحيط الهادي.

التدخل بأساليب مختلفة
خلال شهر فبراير 2011 دعا تقرير اعدته لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الامريكي، الولايات المتحدة الى تعزيز حضورها الثقافي في الصين والتصدي بفاعلية أكبر للرقابة على الانترنت في هذا البلد.
محللون أشاروا أن التقرير اعتراف ضمني من الادارة الأمريكية بأنها تستخدم التعاون الثقافي وشبكة الانترنت ضمن عناوين آخرى كسلاح ضد خصومها.
التقرير أكد تراجع الولايات المتحدة حيال سياسة الصين الهادفة الى التأثير في الرأي العام الخارجي. ودعا التقرير الذي اعد بناء على طلب كبير الاعضاء الجمهوريين في اللجنة ريتشارد لوغار، الولايات المتحدة خصوصا الى افتتاح مزيد من المراكز الثقافية في الصين وارسال مزيد من الطلاب اليها.
وانتقد ايضا وزارة الخارجية الامريكية متهما اياها بانها لا تتحرك بما فيه الكفاية للتصدي للرقابة الصينية على الانترنت.
واورد التقرير "لا شك ان الاعوام الخمسين المقبلة ستشهد منافسة بين بلدينا، على غرار المنافسة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي لايجاد حلفاء وممارسة تاثير عالمي خلال الاعوام الخمسين الماضية".
ولاحظ ان الصين ترسل كل عام 13 الف طالب الى الولايات المتحدة، اي ما يفوق بعشر مرات عدد الطلاب الامريكيين الذين يدرسون في الصين.
وذكر ايضا بان بكين افتتحت سبعين مركزا ثقافيا في الولايات المتحدة تتيح للامريكيين تعلم اللغة الصينية والتعرف على ثقافة هذا البلد، في حين لا تملك واشنطن سوى خمسة مراكز مماثلة في الصين تشتمل على مكتبات عامة.
كذلك، تنتشر وسائل الاعلام الرسمية الصينية بسرعة في الولايات المتحدة حيث افتتحت وكالة انباء الصين الجديدة لتوها مكتبا في تايمز سكوير في نيويورك.
واكد معدو التقرير ان "الصين تستفيد من انفتاح النظام الامريكي لايصال رسالتها بأساليب مختلفة، في حين تلجأ إلى الطابع المغلق أصلا لنظامها للتصدي للجهود الأمريكية".
واعتبروا انه رغم دفاع وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون عن حرية الانترنت في خطاب ألقته في يناير 2010، فان الخارجية الامريكية لم ترصد سوى عشرين مليون دولار من اصل خمسين مليونا اقرها الكونغرس لمحاربة الرقابة التي تمارسها الصين ودول أخرى على الانترنت.
ودعا التقرير الكونغرس الى اعفاء الخارجية من هذه المهمة وان يعهد بها إلى وكالة حكومية أخرى تتولى الإشراف على إذاعة صوت أمريكا وإذاعة آسيا الحرة.
Omar_najib2003@yahoo.fr
شبكة البصرة
الاثنين 21 رجب 1433 / 11 حزيران 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق