قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

السبت، 28 نوفمبر 2015

أنيس الهمامي : ليبيا والإرهاب: جذور وتداعيات

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ليبيا والإرهاب: جذور وتداعيات
شبكة البصرة
أنيس الهمامي
لا يكاد ينفك تناول ظاهرة الإرهاب وما تشكله من خطر كوني في السنوات الأربع الأخيرة يخلو من ذكر ليبيا وجوبا..
ولا يمكن المرور عن الظاهرة الإرهابية مرورا متسرعا انطباعيا ولا سطحيا؛ فمن الضرورة بمكان تحديد أسباب الإرهاب لمحاربته ولحصر آثاره ونتائجه..
فالإرهاب وليد الاستعمار والاستهتار بسيادة الدول والاستخفاف بحقوق كل الشعوب في الحياة الآمنة والمستقرة واغتصاب إرادتها وممارسة الوصاية عليها ونهب خيراتها..
وما توالد ظاهرة الإرهاب في ليبيا إلا نتيجة حتمية للخطيئة الامبريالية الأطلسية الأعرابية التي ارتكبت بحق ليبيا من خلال العدوان الغادر عليها خارج كل الأعراف والمواثيق..
ولقد شهدت ليبيا تكرار الجرم الذي ارتكبته نفس تلك الجهات بحق العراق شعبا وأرضا وتاريخا وحضارات ونظاما وإن كانت أقل حدة..
لقد أحال العدوان الأطلسي الغادر ليبيا إلى كل عناوين الخراب والدمار؛ وضربت كل مقومات الدولة فيها وانهارت مؤسساتها وخاصة الجيش والأمن.
مكن التدخل الامبريالي البربري كل المجرمين والخونة والقتلة الإرهابيين من إحكام سيطرتهم على ليبيا وعاثوا فيها فسادا مستفيدين من الضخ المالي والغطاء السياسي من طرف صناع القرار الدولي وخاصة الدعم الإعلامي المتآمر غربيا وعربيا.
لقد انتقلت شتى الأسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة لأيدي ميليشيات إرهابية وعصابات إجرامية مارقة أثخنت الجراح في شعب ليبيا؛ وأضحى عتاة المصنفين على رؤوس قوائم الإرهابيين المطلوبين أمريكيا ودوليا فيما مضى قادة وثوارا ووجهاء تتسابق إلى خطب ودهم قوافل الديبلوماسيين؛ وأضحى في غفلة من الشعب والإنسانية والتاريخ أمثال المجرم الإرهابي العميل عبد الحكيم بلحاج رموزا وكذلك المجرم الظلامي علي الصلابي وغيرهما من الضالعين في ترويع الآمنين في أماكن مختلفة من العالم..
غرقت ليبيا بعد ذلك في برك دم لا حد لها؛ وسادت الفوضى وأمسى القتل خبز الليبيين اليومي ونمت النزعة القبلية وخيم شبح تقسيم ليبيا بجدية..
ماذا كان يدور بخلد من خططوا ونفذوا العدوان الجائر على ليبيا؟ وهل ما حدث فيها إلا تكرار سمج لغزو العراق؟
هل فكر أجوار ليبيا في عواقب تذيل ذلك العدوان؟
هل انتظروا أن تتحول ليبيا لجنة يستطاب فيها العيش؟
إن الكميات الهائلة من قنابل الموت التي ضربت ليبيا وصواريخ العنجهية الصهيو أطلسية التي دكت شعبها لم يكن من الممكن انتظار غير تحول ليبيا بفعلها لحاضنة حقيقية لكل التنظيمات الإرهابية وقاعدة خلفية للجريمة المنظمة وغرفة عمليات مفتوحة يتم فيها التخطيط لكل الجرائم المعدة للتصدير الخارجي..
فليس مأمولا وقد سيطرت مجاميع الإرهاب على ليبيا بتآمر دولي مفضوح؛ أن تتوقى الجهات المتآمرة تلك تبعات جريمتها حتما.. وها هي تونس الجريحة تعاني ويلات وتبعات حماقة نظامها في عهد الباجي قايد السبسي إثر هروب المخلوع بن علي حيث سهلت تونس الرسمية العدوان على ليبيا وسمحت بإغراقها بكل الأسلحة عبر موانئها الجوية والبحرية..وما التأكيدات الرسمية التونسية على أن ما يتربص بتونس من إرهاب متأتي حصرا من الأراضي الليبية إلا نتيجة حتمية لتلك السياسات المتسرعة والمستهترة بالأمن القومي.. وينسحب هذا على كل الجوار الليبي الذي يتوجب عليه الوقوف بمنتهى الصرامة ضد نجاح مرتزقة الناتو في تثبيت أنفسهم في المسرح الليبي وعلى أجوار ليبيا تضييق الحصار على تلك العصابات الهمجية وذلك لإجهاض المخطط الخبيث برمته لما فيه من تكفير عن ذنبهم تجاه ليبيا شعبا وأرضا ودولة وكذلك لما له من فوائد جمة تعود بالنفع عليهم حتما..
لقد جعلت غطرسة الأمريكان وحلفائهم وأذيالهم من ليبيا إحدى أكبر بؤر الترهيب في العالم بالنظر لتعمدهم بث كل معالم الفوضى الخلاقة فيها؛ ولم يكتفوا بذلك بل تعمدوا خلق بيئة حاضنة للإرهابيين وملاذا آمنا لخلايا عناصر مختلف تنظيمات الإرهابية وتوجوا تلك السياسات بالتشجيع على ضرب وحدة الصف الليبي بأن شجعوا وهيؤوا كل نزعات تقسيمها وتفتيتها من خلال تعاملهم الديبلوماسي واعترافهم الرسمي بأكثر من جهة وأكثر من طرف يدعي تمثيل ليبيا وحكمها..
إنه ورغم سوداوية المشهد الليبي وضبابيته وتضارب التحليلات لما سيؤول له مستقبل ليبيا؛ فإن ثبات شعبنا العربي فيها وأصالته وتاريخه الحافل بالمآثر وثقتنا في مقدرته على تجاوز المحنة المفروضة وحلقة الخذلان القسرية وسينهض لا محالة لترميم كل آثار الدمار الوافد والتخريب الممنهج..
وإن أحفاد المناضل والمقاوم الخالد عمر المختار ورفاقه قادرون على نحت غد أفضل مفوتين الفرصة على أعداء الخارج وخونة الداخل في تحقيق مكائدهم..
هذا ويتوجب على الليبيين أن يتحدوا في مسعاهم ذاك ويصمدوا بوجه نوائب حينية ستتكسر على ظهر وحدتهم؛ كما ينبغي عليهم تحشيد كل طاقاتهم من أجل ملاحقة كل المجرمين الذين سعوا لخراب ليبيا ومحاكمتهم والتشهير بهم في كل المحافل والمنابر ودفعهم كرها للاعتذار الرسمي عن جرائمهم وصرف كل التعويضات المادية والمعنوية الناجمة عن خطيئتهم الشنيعة..
شبكة البصرة
الجمعة 15 صفر 1437 / 27 تشرين الثاني 2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق