حكومة طائفية عدتهم متمردين وتركتهم يعانون الدمار والأمراض السرطانية بعد أن استخدام اليورانيوم من قبل قوات الأحتلال كأخر الحلول للقضاء على أبطالها..الفلوجة أسطورة المقاومة العراقية
المرابط العراقي
الفلوجة أكبر مدن محافظة الأنبار بعد الرمادي مركز المحافظة، تتوسط المسافة ما بين العاصمة بغداد شرقا ومدينة الرمادي غربا، تبعد 60 كيلومترا عن كل منهما، تتكئ على شاطئ الفرات الأيسر، تقطنها عشائر عربية سنية كبيرة البوعيسى والبوعلوان، والمحامدة، والفلاحات، وزوبع، والحلابسة، والبونمر، والبوفهد، والجميلة، والكبيسات، والعزة، ملتزمون بقيم الإسلام الحنيف وتعاليمه، ويطلق عليها "مدينة المساجد" فتضم نحو 500 مسجد، لقببها ومناراتها روعة وبهجة بطابعها الإسلامي وزخارفها الأخاذة، الجامع الكبير، وجامع الخلفاء، وجامع الصديق، وجامع الخطاب، وجامع عثمان، وجامع علي بن أبي طالب، وتعني الفلوجة لغويا الأرض الخصبة الصالحة للزراعة تتفتح تربتها في الغيث بخيرات الأرض، ازداد عدد سكانها وأصبحت مدينة تجارية صناعية على الطريق الدولي السريع الرابط لجنوب العراق وشماله ووسطه بالأردن وسوريا والسعودية.
تاريخ الفلوجة موغل بالقدم وإن لم يوثق تاريخيا بأدلة مادية، أسست على أنقاض مدينة الأنبار التي فتحها خالد بن الوليد. واتخذها العثمانيون محطة استراحة لقوافلهم على الطريق الصحراوي، وفي أعقاب الحرب العالمية الأولى احتلت بريطانيا العراق، وفصلته عن الدولة العثمانية وحكمته بالانتداب، فشهدت الفلوجة عام 1920 اضطرابات اثر مقتل الضابط الانجليزي ليجمان في مكتبه بطلقات مسدس على يد الشيخ ضاري أحد شيوخها إثر مشادة كلامية بينهما، وحاولت بريطانيا الانتقام من أهلها فاستبسلوا بالدفاع عنها ودحروا المعتدين، فالمدينة معروفة بقوة شكيمة أهلها وصلابتهم.
ازدهرت الفلوجة على أيام الرئيس صدام، خرج منها علماء فكر وقادة عسكريون، ومع ذلك حدثت فيها حركة احتجاجات قوية على الحكومة بعد إعدام أحد أبنائها الضباط محمد مظلوم أواسط التسعينات. وبعد احتلال بغداد في أوائل ابريل 2003م كانت المدينة الوحيدة التي لم تطلها أعمال السلب والنهب، فاوض أهلها الأميركان مشترطين عليهم الهدوء مقابل عدم دخول قواتهم المدينة، وعدم التعرض لأبنائها الضباط وأفراد الجيش بسوء، ولكن الأميركان حنثوا الوعد وخانوا العهد ونقضوا ميثاقهم ودخلوا بقواتهم ليلا على حين غرة بعد عشرين يوما، واتخذوا مباني المدارس والمؤسسات ومقرات حزب البعث مواقع، داهموا البيوت سرقوا واعتقلوا، فتظاهر الفلوجيون احتجاجا، فجوبهوا بالعنف والقوة المفرطة فسقط منهم 17 شهيدا وثلاثة آخرين بعد أيام، مما أوقد شرارة عمليات المقاومة ضد الاحتلال مبكرا ولم يعد يمضي يوم بلا عمليات انتحارية جريئة.
في 2 أكتوبر 2003 أسقطت مروحية أميركية بضاحية الكرمة وقتل 16 أميركيا وجرح 26. وفي 31 مارس 2004 قتل أربعة من قوات المارينز الأميركية وسحلت جثثهم في الشوارع، وأحرقت وعلقت على الجسر القديم، غطتها وكالات الأنباء بكثافة، وأرادت القوات الأميركية إذلال المدينة بقوة السلاح ومساعدة أفواج الحرس الحكومي العراقي فتصدى لهم 400 مقاتل تطوعوا للمنازلة وكبدوا المرتزقة خسائر جسيمة في قتال شرس قاده ضباط الجيش العراقي السابق وأجبروا الأميركان على مغادرة الفلوجة أذلة صاغرين يجرون أذيال الخيبة ويضمرون في نفوسهم العودة للانتقام. ولم يتوقف الكر والفر بأطراف الفلوجة طيلة عام كامل فاضطر الأميركان إلى عقد هدنة وسحب قواتهم بعد أن قتل وجرح لهم نحو ثلاثة آلاف قتيل واثنا عشر ألف جريح، ولم تتجاوز خسائر المقاومة بحفظ الله عشرات الشهداء ونحو مئتين من المدنيين و700جريح. وظل العلوج يدفعون كل يوم خسائر بالأرواح.
ضاق الأميركان ذرعا بخسائرهم وبيتوا دخول الفلوجة وكسر شوكتها، فجهزوا 700 دبابة و15000جندي لمعركة الفلوجة الثانية للفترة من 7 نوفمبر - 23 ديسمبر 2004 واستعانوا بعملاء الحكومة العراقية وفرق جيشها قدموا لهم معلومات عن أماكن المسلحين وملاجئ السكان، وقطعوا التيار الكهربائي والمياه وحاصروا المدينة وقصفوها طيلة مئة يوم بالطائرات والأسلحة الثقيلة والكيماوية المحرمة دولياً، قنابل الفسفور والنابالم الشديدة الاحتراق والغازات السامة، ودارت معارك حامية من بيت لبيت فاستشهد 120 مقاوما وقتل 1500مدني دفنوا في مقبرة الشهداء بملعب المدينة، وجرح الآلاف حتى سيطروا على المدينة، وسمح للنازحين الأهالي بالعودة إلى منازلهم ببطاقات شخصية من القوات الأميركية. وقدرت شبكة (NBC) الإخبارية الخسائر بتدمير 9000 منزل عوض منهم ثلث المتضررين.
ومن 2005م حتى 2007م لم تشهد مناطق الفلوجة استقرارا، وتعددت خسائر الأميركان وتنوعت، طائرات ومروحيات وتفجيرات وضحايا حتى سحبوا قواعدهم في أيار سنة 2008م من المحافظة كلها بعد يأس وخيبة.
لم تقدر لهم حكومة المالكي الطائفية بطولاتهم وعدتهم متمردين، وتركتهم يعانون آثار العدوان المدمر وانتشار الأمراض السرطانية والتشوهات بآثار الغازات الكيماوية واستخدام اليورانيوم المنضب. ولم يكن العرب السنة في الفلوجة وسائر المحافظات يؤمنون بعملية سياسية ودستور وانتخابات في ظل الأميركان، وصمتوا حفاظا على وحدة العراق الوطنية، فاستغلت الحكومات الطائفية سكوتهم وجارت عليهم بالتمييز والتهميش واعتقال النساء والأطفال فضلا عن الرجال واعدم منهم الكثير، فتفجرت التظاهرات والاعتصامات القائمة منذ شهرين ومازالت لتشمل عدة محافظات تضامنا، والمقاومة سجال لك وعليك، فالحرية تؤخذ ولا تعطى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق