قرأت في الايام القليلة الماضية تقريرين مهمين وخطيرين يكشفان عن جوانب من تفكير وتخطيط جماعة الاخوان المسلمين في مصر، وخصوصا فيما يتصل بالعلاقة مع ايران.
التقرير الأول، يتعلق ببعض ما جرى في لقاء بين الرئيس الايراني نجاد اثناء زيارته الاخيرة لمصر مع المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين الدكتور محمد بديع وعدد من قيادات الجماعة.
التقرير يذكر ان بديع كان مهتما اثناء اللقاء بان يعرف بصفة خاصة تفاصيل متعلقة بتجربة "مجلس تشخيص مصلحة النظام" في ايران الذي يضع السياسات الاستراتيجية وايضا يبت في صلاحيات المرشحين للبرلمان.
ويذكر التقرير ان بديع كان مهتما جدا بهذ التجربة لأنه يفكر في ان يقترح على مجلس شورى الاخوان، تكوين مجلس مثل هذا، تكون مهمته ان تعود اليه مؤسسة الرئاسة في مختلف القرارات الداخلية والخارجية.
ايضا يشير التقرير الى ان مرشد الاخوان يطمح الى ان تكون له مكانة في مصر شبيهة بمكانة المرشد الاعلى في ايران خامنئي، حيث تكون له الكلمة الأولى في اتخاذ السياسات ولا ترد.
وتقول مصادر التقرير ان مرشد الاخوان في مصر معجب جدا بالتجربة الايرانية من زاوية محددة. من زاوية قدرة هذا النظام على البقاء والصمود والاستفراد بالسلطة طوال هذه السنوات.
اما التقرير الثاني، فنشرته صحيفة آسيوية مؤخرا، ويتعلق بجانب غامض لا نعرف عنه الكثير يتصل بعلاقة الاخوان المسلمين من "حزب الله " اللبناني.
التقرير يرصد موقفا جديدا للاخوان من "حزب الله"، وشكلا جديدا من اشكال العلاقة، يختلف جذريا عن الموقف المصري العام السابق والذي يعتبر ان الحزب يشكل خطرا على الامن المصري.
بحسب التقرير، فان الاخوان يبررون موقفهم الجديد من "حزب الله " بالقول بضرورة السعي الى اقامة علاقات متوازنة مع كل القوى الاقليمية بما يتيح حرية اكبر للحركة في السياسة الخارجية.
ويشير الى انه في اطار هذه الرؤية، يبرر الاخوان التواصل واقامة علاقات جديدة مع القوى التي كانت تعتبر سابقا اعداء لمصر مثل "حزب الله" وايران.
والحقيقة ان هذا جانب خطير يلفت التقرير النظر اليه وغير معروفة ابعاده الكاملة بعد ولا الاسباب والاهداف الحقيقية التي تفسر هذه العلاقات الجديدة التي يتحدث عنها بين الاخوان وحزب الله.
لكن اغلب الظن ان القضية مرتبطة بداهة بالعلاقات الجديدة بين الاخوان وايران بصفة عامة. وبالاضافة الى هذا، قد يكون هدف الاخوان الاستفادة من تجربة حزب الله في كيفية التعامل مع الخصوم والقوى السياسية المتنافسة.
على أي حال، التقريران يكشفان كما نرى عن جوانب خطيرة في تفكير الاخون المسلمين سواء فيما يتعلق بالحكم في مصر وخططهم في هذا الشأن، او فيما يتعلق بعلاقات مصر الخارجية والقضايا التي تتصل بصلب الامن الوطنى المصري.
من جانب آخر، من الخطير جدا ان يكون تفكير المرشد العام للجماعة منصبا على التخطيط لاقامة مجلس او هيئة او ايا كانت التسمية للجماعة تكون هي الموجهة للرئاسة وللسياسات العامة، وان يتطلع الى ان تكون له مكانة شبيهة بمكانة المرشد الايراني.
والحقيقة ان هذا النوع من التفكير ليس مستغربا ابدا. فهذا هو جوهر تخطيط الاخوان بالفعل. هم يخططون لتطبيق ما سبق ان اطلقت عليه "النسخة السنية من ولاية الفقيه" الشيعية الايرانية.
بعبارة اخرى، هذا النوع من التفكير يؤكد ان الاخوان يخططون لاقامة نظام استبدادي باسم الدين بكل ما يعنيه ذلك وما يترتب عليه.
ومن جانب آخر، هذه العلاقات مع ايران ومع جماعة مثل حزب الله، تنطوي على تهديد خطير لأمن مصر الوطني، وعلى تخريب لعلاقات مصر وروابطها العربية.
ومعنى هذا ان الاخوان المسلمين، في سبيل ان يفرضوا حكمهم الكامل وسيطرتهم الكاملة في مصر، لا يجدون بأسا من التعاون مع قوى معادية ومن تعريض امن مصر للخطر، وعلاقاتها العربية للدمار.
وعلى ضوء هذا، ندرك ان المصريين على حق حين يرفعون في مظاهرات الاحتجاج التي تخرج الى الشوارع والميادين شعار " يسقط حكم المرشد"
المصريون على حق لأن " حكم المرشد" هو وبال على مصر، الدولة والمجتمع، وهو تهديد داهم لأمنها الوطني وعلاقاتها العربية.
لم يقم المصريون بثورة، كي يأتي في نهاية المطاف " مرشد" يحكمهم ويفرض عليهم الاستبداد باسم الدين.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق