الحزبُ الديني ورأسُ المالِ الوطني
عبدالله خليفة |
تتفجر كلماتُ المعلقين حول أحداث الربيع العربي فيطالبون بالعودة الى الأنظمة السابقة ويصفون ما يجري بأنه فوضى كاملة.
ولا تتضحُ التحولات التي تجري حتى داخل الجماعات السياسية المؤثرة في الربيع العربي، فالوعي الإيديولوجي مسيطر، وخاصة بين المجموعات السياسية الثلاث: الدينية واليسارية والليبرالية.
مقولة الرأسمالية الحرة ونظامها مكروهان، فالعالم منقسم بحدة بين رأسمالية غربية حرة شائخة استغلت الدول النامية طويلا، ورأسمالية دولة شرقية تتحول إلى رأسمالية مفتوحة على شتى الاحتمالات في دول الربيع العربي، فتتطور في زمنيةِ أزمة التشكيلة الرأسمالية العالمية.
الدينيون يريدون رأسمالية مفصلة بحسب الثوب الديني التقليدي، فتُمنعُ الخمورُ والسياحةُ تُحجم، والثقافة الحرة في اللباس والفنون والآداب والعلاقات بين النساء والرجال تتحدد بدورِ الإفتاء ولجان المراقبة القوية وحتى العلاقات المصرفية يتم التدخل فيها.
يريدون رأسماليةً مفصلة أخلاقية مُسيطر عليها من قبل أجهزة الدولة، وهذا يؤدي إلى دكتاتورية أمنية وعسكرية.
وهذه العملية المهيمنة على المجتمع وتحكم الحكومة في الاقتصاد والإعلام والعلاقات الاجتماعية ليست سوى استمرار لرأسمالية الدولة السابقة مع طاقم ديني، فيحدث توجيه الفائض الاقتصادي للحزب الحاكم وجماعته عبر السيطرة على مفاصل الحكم والرأي العام.
لكنهم يرثون رأسمالية دولة مستهلكة رثة، لن ينفع فيها جلب الرساميل من الأصدقاء لكون شبكة الفساد سوف تبتلعها.
لو أن الحزب الديني نسف نفسه وأعتبر أن المجتمع والشعب والاقتصاد حر له قوانين مستقلة مرتبطة بتشكيلة اقتصادية عالمية تاريخية تتمظهر في كل منطقة بحسب تطورها فلا تستطيع القومية والدين وكل جبروت الأرض أن يوقفها، وانها ظاهرة موضوعية، لكن الحزبَ الديني يعتبرُ نفسَه صوتَ الإلهِ المجسد في بيان، وعليه أن يتتبعَ ما نص عليه البيانُ من أوامر وأن تلك الأوامر خالدة، ولا ترتبط بوضع الإنسان في مكان أو زمان.
فهمُ البيانِ الديني في الحزب الديني لا تاريخي، فقد جرى في زمنِ مجتمعٍ إقطاعي، لم يُخترق بعد بالعلاقات الرأسمالية، الحرة، وتجري المقاربة مع هذه العلاقات بشكل متذبذب، وتجريبي، ومنفعي، ويتم تقطيع أجزاء منها لا تناسب الحزب الإقطاعي هذا، فعلى الرأسمالية الحرة الحديثة أن تدخل زجاجةَ التنظيم لا أن يفهم التنظيم الظرف الموضوعي. وهذا جرى لعقود سابقة بالتركيز على الأشكال الخارجية للمجتمع والبشر: عبر اللباس الصارم، وديكور الوجه الخاص، وتحديد لباس النساء، والتركيز على العبادات السهلة التنفيذ، وتغييبُ الفكر والفلسفة، ثم الدخول الأكبر لتحجيم العلاقات البشرية، عبر الفصل وبتر الثقافة الحديثة وما فيها من حرية، وخلق هذه القلعة الاجتماعية العسكرية وكما تضربُ أقساماً من المسلمين فهي تتشكلُ في مواجهات قلاع أخرى: قلاع مسيحية ويهودية واشتراكية وليبرالية.
ولا تجد هذه القلعة نفسها التي تحدد كيفية نمو المال سوى خلق بطانة مستفيدة فيها متضررة خارجها فتحاربُ دفاعاً عن مصالحها.
رأس المال الوطني الذي هو ملك للشعب، ويتنامى عبر السوق الحرة، وهو القانون الأقوى من الجاذبية الأرضية، أما سيطرة الدولة فهي عبر الانتخاب وتحديد أي الطبقات المنتجة القادرة على قيادة السوق بين فترتين، وأي تلاعب في ذلك من قبل الدولة والمعارضة الدينيتين يدفع التطور الاقتصادي السياسي الأثمان الباهظة عنه بعد ذلك، لكن نمط إنتاج رأسمالية الدولة الشمولية المتخلف يعود الى الوجود بسبب سيطرة الدولة، التي دامت سيطرتها عليه عقوداً، والحزب الديني يقوم بوكالة جديدة لإدارته. فيبدل الجداول التي يمشي فيها هذه النهر المالي، وبدلاً من يلف على الحزب الوطني يلف على الإخوان، وهذه تذكرنا بكلمة الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز عن الجداول المنحرفة عن النهر. إن الدستور والقوانين وكلها تلهج بأهمية الدولة الإسلامية تحفرُ بقوة قنوات السيطرة بالإعلام والبيروقراطية والأمن.
إن الخطط الاقتصادية لإيجاد مؤسسات جديدة ومجيء فائض نقدي كبير سوف تحدث في المستقبل البعيد، ولهذا فإن الرأسمالية البيروقراطية الدينية تعمل الآن على تنفيع نفسها وأتباعها، وهو ما جرى سابقاً وكرس الهدر، وهنا لا يحدث تراكم للرأس المال الوطني ومراقبته وتوزيعه بحسب تطور الانتاج بل بحسب هيمنة الاستنفاع التي تأكل رأس المال المنتج، فتغيبُ خططُ الانتاجِ الموضوعية، التي لا تكرس الحداثة والحرية والتصنيع الشعبي لكل السكان، وتتجه بالبلد الى الرأسمالية الحرة الغربية العدوة، مركز الفساد الأرضي!
لقد سلسلَّ الحزبُ الديني نفسه بنص تكرس في شعارات خالدة، تمثل استراتيجية أنظمة وبُنى تاريخية.
النص الوهمي على طريقة الاشتراكية العربية وليد وعي تقليدي ذكوري محافظ على الناس والنساء والمال العام، يتجنبُ الرأسماليةَ الحرة لينتج رأسمالية الدولة الفاسدة، المؤدلجة بحسب المستولين عليها.
هذه كلها تصورات العرب، وأنظمتهم بعضهم لديه وفرة مالية إلى حين وبعضهم بلا وفرة مالية، والكل في عالم التجريب في العصور الوسطى.
لكن على العكس فإن المفاسد تزيد على المستويين المادي الحكومي وعلى المستوى الروحي الشعبي، يعضد ذلك إعلام وثقافة وعلاقات متخلفة.
ولا تتضحُ التحولات التي تجري حتى داخل الجماعات السياسية المؤثرة في الربيع العربي، فالوعي الإيديولوجي مسيطر، وخاصة بين المجموعات السياسية الثلاث: الدينية واليسارية والليبرالية.
مقولة الرأسمالية الحرة ونظامها مكروهان، فالعالم منقسم بحدة بين رأسمالية غربية حرة شائخة استغلت الدول النامية طويلا، ورأسمالية دولة شرقية تتحول إلى رأسمالية مفتوحة على شتى الاحتمالات في دول الربيع العربي، فتتطور في زمنيةِ أزمة التشكيلة الرأسمالية العالمية.
الدينيون يريدون رأسمالية مفصلة بحسب الثوب الديني التقليدي، فتُمنعُ الخمورُ والسياحةُ تُحجم، والثقافة الحرة في اللباس والفنون والآداب والعلاقات بين النساء والرجال تتحدد بدورِ الإفتاء ولجان المراقبة القوية وحتى العلاقات المصرفية يتم التدخل فيها.
يريدون رأسماليةً مفصلة أخلاقية مُسيطر عليها من قبل أجهزة الدولة، وهذا يؤدي إلى دكتاتورية أمنية وعسكرية.
وهذه العملية المهيمنة على المجتمع وتحكم الحكومة في الاقتصاد والإعلام والعلاقات الاجتماعية ليست سوى استمرار لرأسمالية الدولة السابقة مع طاقم ديني، فيحدث توجيه الفائض الاقتصادي للحزب الحاكم وجماعته عبر السيطرة على مفاصل الحكم والرأي العام.
لكنهم يرثون رأسمالية دولة مستهلكة رثة، لن ينفع فيها جلب الرساميل من الأصدقاء لكون شبكة الفساد سوف تبتلعها.
لو أن الحزب الديني نسف نفسه وأعتبر أن المجتمع والشعب والاقتصاد حر له قوانين مستقلة مرتبطة بتشكيلة اقتصادية عالمية تاريخية تتمظهر في كل منطقة بحسب تطورها فلا تستطيع القومية والدين وكل جبروت الأرض أن يوقفها، وانها ظاهرة موضوعية، لكن الحزبَ الديني يعتبرُ نفسَه صوتَ الإلهِ المجسد في بيان، وعليه أن يتتبعَ ما نص عليه البيانُ من أوامر وأن تلك الأوامر خالدة، ولا ترتبط بوضع الإنسان في مكان أو زمان.
فهمُ البيانِ الديني في الحزب الديني لا تاريخي، فقد جرى في زمنِ مجتمعٍ إقطاعي، لم يُخترق بعد بالعلاقات الرأسمالية، الحرة، وتجري المقاربة مع هذه العلاقات بشكل متذبذب، وتجريبي، ومنفعي، ويتم تقطيع أجزاء منها لا تناسب الحزب الإقطاعي هذا، فعلى الرأسمالية الحرة الحديثة أن تدخل زجاجةَ التنظيم لا أن يفهم التنظيم الظرف الموضوعي. وهذا جرى لعقود سابقة بالتركيز على الأشكال الخارجية للمجتمع والبشر: عبر اللباس الصارم، وديكور الوجه الخاص، وتحديد لباس النساء، والتركيز على العبادات السهلة التنفيذ، وتغييبُ الفكر والفلسفة، ثم الدخول الأكبر لتحجيم العلاقات البشرية، عبر الفصل وبتر الثقافة الحديثة وما فيها من حرية، وخلق هذه القلعة الاجتماعية العسكرية وكما تضربُ أقساماً من المسلمين فهي تتشكلُ في مواجهات قلاع أخرى: قلاع مسيحية ويهودية واشتراكية وليبرالية.
ولا تجد هذه القلعة نفسها التي تحدد كيفية نمو المال سوى خلق بطانة مستفيدة فيها متضررة خارجها فتحاربُ دفاعاً عن مصالحها.
رأس المال الوطني الذي هو ملك للشعب، ويتنامى عبر السوق الحرة، وهو القانون الأقوى من الجاذبية الأرضية، أما سيطرة الدولة فهي عبر الانتخاب وتحديد أي الطبقات المنتجة القادرة على قيادة السوق بين فترتين، وأي تلاعب في ذلك من قبل الدولة والمعارضة الدينيتين يدفع التطور الاقتصادي السياسي الأثمان الباهظة عنه بعد ذلك، لكن نمط إنتاج رأسمالية الدولة الشمولية المتخلف يعود الى الوجود بسبب سيطرة الدولة، التي دامت سيطرتها عليه عقوداً، والحزب الديني يقوم بوكالة جديدة لإدارته. فيبدل الجداول التي يمشي فيها هذه النهر المالي، وبدلاً من يلف على الحزب الوطني يلف على الإخوان، وهذه تذكرنا بكلمة الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز عن الجداول المنحرفة عن النهر. إن الدستور والقوانين وكلها تلهج بأهمية الدولة الإسلامية تحفرُ بقوة قنوات السيطرة بالإعلام والبيروقراطية والأمن.
إن الخطط الاقتصادية لإيجاد مؤسسات جديدة ومجيء فائض نقدي كبير سوف تحدث في المستقبل البعيد، ولهذا فإن الرأسمالية البيروقراطية الدينية تعمل الآن على تنفيع نفسها وأتباعها، وهو ما جرى سابقاً وكرس الهدر، وهنا لا يحدث تراكم للرأس المال الوطني ومراقبته وتوزيعه بحسب تطور الانتاج بل بحسب هيمنة الاستنفاع التي تأكل رأس المال المنتج، فتغيبُ خططُ الانتاجِ الموضوعية، التي لا تكرس الحداثة والحرية والتصنيع الشعبي لكل السكان، وتتجه بالبلد الى الرأسمالية الحرة الغربية العدوة، مركز الفساد الأرضي!
لقد سلسلَّ الحزبُ الديني نفسه بنص تكرس في شعارات خالدة، تمثل استراتيجية أنظمة وبُنى تاريخية.
النص الوهمي على طريقة الاشتراكية العربية وليد وعي تقليدي ذكوري محافظ على الناس والنساء والمال العام، يتجنبُ الرأسماليةَ الحرة لينتج رأسمالية الدولة الفاسدة، المؤدلجة بحسب المستولين عليها.
هذه كلها تصورات العرب، وأنظمتهم بعضهم لديه وفرة مالية إلى حين وبعضهم بلا وفرة مالية، والكل في عالم التجريب في العصور الوسطى.
لكن على العكس فإن المفاسد تزيد على المستويين المادي الحكومي وعلى المستوى الروحي الشعبي، يعضد ذلك إعلام وثقافة وعلاقات متخلفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق