قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الاثنين، 23 يونيو 2014

د. أبا الحكم : أين موقع "داعش" في الإستراتيجية الأمريكية المعدلة؟

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أين موقع "داعش" في الإستراتيجية الأمريكية المعدلة؟
شبكة البصرة
د. أبا الحكم
·        الإستراتيجية الأمريكية قد عُدِلَتْ.. من تغيير نُظُمْ إلى تدمير دول.
·        الإستراتيجية المعدلة.. تعتمد مجاميع معولمة مسلحة كأداة للتدمير.
·        الإستراتيجية هذه لا تخرج عن إستراتيجية محاربة الإرهاب الدولي الكبرى.
·        "داعش" هي بيضة القبان في سياسة (لا غالب ولا مغلوب)!!

لا يجب النظر عند التحليل الموضوعي الرصين والمنصف إلى الحقائق إلا من جميع زواياها، وإلا فقدَ التحليلُ منطقه وبات يتمسح بأذيال الأحداث عرضاً وطولاً.. كما هو النظر إلى الهرم من ظلع واحد والنتيجة هي القصور في رؤية أظلعه الأخرى لكي تكتمل الصورة، كما يتوجب أن لا ننسى قاعدته ابداً :
1- الهدف المركزي للإستراتيجية الأمريكية، هو تنفيذ مشروع امبريالي اطلقت عليه (مشروع الشرق الأويط الجديد أو الكبير).. وهي عازمة على تنفيذه بمراحل أو تطبيقه على وفق النتائج التي تتمخض عن طبيعة الصراع على الساحة العامة.. صراع قوى محلية، وصراع قوى اقليمية، فضلاً عن احتكاكات وتنافسات تلك القوى ومصالحها المتشابكة على مسرح الصراع وساحاته في المنطقة.

2- كيفية تنفيذ هدف المشروع الأمريكي اتخذ مسارين تجريبيينالأول : تغيير النظم السياسية في المنطقة العربية بأدوات داخلية، هي اساساً مشحونة بالضد من النظم القمعية والفاسدة، وتشجيع اسقاطها جماهيرياً دون أن تكون لهذه الجماهير قيادة مركزية ولا منهج سياسي لكي تتولى قيادة الدولة بعد سقوط النظام.. واللغم المزروع في هذا المسار، هو إحداث (فراغ أمن) يتساوق مع (فراغ سياسي)، يجمعهما فراغ الفوضى في حلقة مفرغة ليست لها بداية وليست لها نهاية.. اطلق على هذه التجريبية بـ(الربيع العربي)، ويمكن الأطلاع على اوضاع الأقطار العربية التي عاشت هذه التجريبية المرة والمأساة التي حلت بالشعب العربي في تلك الساحات حتى هذه اللحظة.

3- تجريبية تغيير النظم السياسية هذه قد صادفت مشكلات وجابهت محددات داخلية وخارجية غير جامعة مع خط إستراتيجية محاربة الإرهاب الدولي.. عمدت أمريكا على تعديل بعض مضامين إستراتيجية محاربة الإرهاب الدولي.. وهنا أيضاً : يجب أن لا ننسى، من صنع الإرهاب ومنظمات الإرهاب وعناصر الإرهاب واحتضن الإرهاب ودرب الإرهاب في (غوانتانامو) وقواعد التدريب في بعض العواصم الأوربية وفتح السجون في هذه الدول، وانشأ الخلايا الإرهابية ووزعها على بعض البؤر في اماكن مختلفة في المنطقة، حيث تنتعش هذه الخلايا في بيئات (حاضنة) مثل المغرب العربي على وجه الخصوص... فبدلاً من تغيير النظم السياسية، باتت التجريبية الثانية : تدمير الدول عن طريق ترك الصراع مع النظام السياسي إلى الزمن تنفيذاً لسياسة (لا غالب ولا مغلوب).

لماذا هذه السياسة؟ لأنها :
أولاً- لا تتطلب تدخلاً عسكرياً يظهر إشكالات دولية تكرس (الفيتو) في مجلس الأمن، كما أن هذه السياسة لا تتطلب حشداً استراتيجياً عسكرياً، كما حصل عند العدوان على العراق عام 1991 وكذلك العدوان الأمريكي على افغانستان، والعدوان الأمريكي على العراق عام 2003.

ثانياً- أنها سياسة غير مكلفة مادياً ولا تحتاج إلى انفاقات عسكرية ولا حشود جنود ولا استخدامات للقوات المسلحة النظامية.. إنما تحتاجه، وحسب واقع الصراع، إلى طائرات بدون طيار إذا ما اقتضى الحال، كما تحتاج إلى رصد إستخباراتي متنوع جوي وأرضي لأغراض القتل والتدمير واختطاف العناصر المرصودة.

ثالثاًهذه السياسة، وهي تكرس تدمير عناصر القوة لدى كل الأطراف وتفكك قوى الصراع في تناحرات داخلية وخيمة على كل القوى وعلى الشعب.. وتتمثل هذه الحال بما يسمى (خلق النقائض) وتهيئة اجواء الإحتكاكات والصراعات، الأمر الذي ينتهي إلى إجهاض قوى الثورة الحقيقية.. (انظروا ماذا حصل ويحصل في سوريا.. سياسة لاغالب ولامغلوب قائمة على قدم وساق بعد أن دخلت داعش ميدان الصراع في سوريا.. النظام في دمشق دعم داعش، وعناصر هذه الجماعة قد تم تبنيها من تنظيم القاعدة المقيمة على الأراضي الإيرانية وبقرار امريكي عام 2006.. والهدف هو تخفيف الإستنزاف وابقاء النظام اطول فترة ممكنة).

رابعاً- هذه السياسة، وهي تدمر الدولة وتهدم البنى التحتية فيها وترجع مناهجها إلى الوراء اكثر من خمسين عاماً، تتمثل بإبعاد الصراع، تحت ذرائع مختلفة يتم صنعها لهذا الغرض، عن الحسم وابقاء الموقف متأزماً.. لأن حسمية الصراع من هذا النوع في عرف الإستراتيجية الأمريكية المعدلة هذه غير وارد إطلاقاً.. الهدف هو التدمير من اجل اعادة تشكيل الموقف دون حسم.!!

4- سياسة محاربة الإرهاب الدولي التي اعلنتها أمريكا منذ الحادي عشر من سبتمبر- ايلول عام 2001، كانت منصبة على محاربة (القاعدة) وحاضناتها (الدول المارقة).. ولما كانت أمريكا بكل قوتها وامكاناتها الكبيرة غير قادرة على مطاردة (أشباح القاعدة وتجفيف منابعهم التمويلية).. وعلى اساس التجريبية الواقعية للسياسة الإستراتيجية، عمدت أمريكا إلى تعديل هذه اإستراتيجية، كما اسلفنا، واستبدلت أداة التصادم النظامي المباشر مع القاعدة والأنظمة العربية حصراً بأداة تصادم غير نظامية مماثلة، والدفع بالصراع لكي يكون صراعاً يعتمد على (خلق النقائض).. هذه السياسة تحدثنا عنها في مقالات سابقة نشرتها مواقعنا الوطنية.

5- والمعنى الدقيق لفلسفة (خلق النقيض) : هو، في سبيل تجنب التصادم العسكري الأمريكي النظامي المباشر مع قوى المقاومة وقوى الثورة وكافة القوى المناهضة، العمل على خلق تنظيم مدرب وممول ومسلح وتسهيل عمله وحركته على امتداد الساحة الوطنية، لكي يقوم بمهمة اساسية وهي عرقلة جهود الثورة.. وتمزيق صفوفها.. وكشف خططها.. ومن ثم اجهاضها. (وما حصل في سوريا هو اجهاض للثورة السورية من خلال (داعش) التي قاتلت قوى الثورة لصالح نظام دمشق، ولسبب استراتيجي جوهري أمريكي وهو إبقاء الحالة في سوريا كما هي (أي الإبقاء على التدمير البطيئ في ضوء سياسة (لا غالب ولا مغلوب).. والسياسة الأمريكية هذه ما تزال قائمة في سوريا.

6- اراد الأمريكيون استنساخ هذه السياسة الإستراتيجية في العراق، بعد أن شعرت بأن الشعب العراقي قد تحرك بقيادة قواه الوطنية والقومية والإسلامية الوطنية لإسقاط حكومة الطائفيين الفاسدين الفاشلين الموالين لإيران.. كان لـ(داعش) حظوراً في بيئة عراقية وطنية ثائرة منذ عام 2006، استغلت (داعش) هذه البيئة كحاضنة اجتماعية لها في حركتها وتحركاتها الواسعة، التي تصب في صلب السياسة الإستراتيجية الأمريكية، وهي (خلق النقيض) من اجل التصادم مع الثورة ومن ثم اجهاضها.

7- وكما حصل في سوريا وهو ابقاء الصراع مستمراً من اجل تدمير الدولة واستنزافها وتفكيك وانهاك قوى الشعب العربي السوري، تحت سياسة (لا غالب ولا مغلوب).. تظهر ملامح قوية لهذه السياسة الإستراتيجية الأمريكية في العراق، لهدف اجهاض الثورة واشعال الإحتراب الطائفي، وابقاء الحالة تحت سياسة (لا غالب ولا مغلوب).!!
إذا كانت هذه السياسة الإستراتيجية الأمريكية قد نجحت في سوريا، فهل تنجح في العراق؟ ما هي المشتركات والمفترقات الكائنة بين الساحتين؟ وهل ينجح العملاء الطائفيون والذين معهم في العملية السياسية الأمريكية لتمرير اجندة امريكا من اجل تنفيذ استراتيجية (لا غالب ولا مغلوب) وابقاء حرب الإستنزاف إلى ما لا نهاية؟
هذا ما سنبحثة لآحقاً.
للمقال بقية..
21/6/2014
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق