قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الأربعاء، 28 يناير 2015

صلاح المختار : الحقائق المتحكمة بالصراع في وحول العراق 2

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحقائق المتحكمة بالصراع في وحول العراق 2
الحلقه 1 هنا
شبكة البصرة
صلاح المختار
صَفحْنا عَنْ بَنِي ذُهْلٍ *** وَقُلْنا الْقَوْمُ إخْوَانُ
وعَسَى الأَيَّامُ أنْ يَرْجعْنَ *** قَوْمًا كَالَّذِي كَانُوا
فلَمَّا صَرَّحَ الشَّر *** فَأَمْسَى وَهْوَ عُرْيانُ
وَلَمْ يَبَقَ سِوَى العُدْوَانِ *** دِنَاهُمْ كَمَا دَانُوا
مَشَيْنا مِشْيَةَ اللَّيْثِ *** غَدَا واللَّيْثُ غَضْبَانُ
بِضَرْبٍ فِيهِ تَوْهِينٌ *** وَتَخْضِيعُ وإقْرَانُ
وَطَعْنٍ كَفَمِ الزِّقِّ *** غَذَا وَالزِّقُّ مَلاْنُ
وَبَعْضُ الْحِلْمِ عِنْدَ الْجَهْلِ *** لِلذِّلَّةِ إذْعَانُ
وفِي الشَّرِّ نَجَاةٌ حِينَ *** لاَ يُنْجِيكَ إِحْسَانُ
الشاعر الفند الزماني (قبل الإسلام)

لذلك فمن الضروري طرح سؤال جوهري وهو : ماذا حصل في العراق بعد غزوه ويقدم الادلة الحاسمة على ان امريكا واسرائيل الشرقية متفقتان على تدمير العراق والامة العربية؟ربما سيقول البعض لقد سبق وعرفنا الحقائق الاساسية الخاصة بغزو العراق وهذا صحيح ولكن الاكثر صحة منه هو ان التذكير المستمر بحقائق الصراع ضروري جدا لابقاء الذاكرة مشتعلة وضمان عدم اهمالها تلك الحقائق عندما نكون في حالة دحر الاعداء.
أ- اسرائيل الشرقية اول داعم للاحتلال : من بين ابرز الحقائق الدامغة التي تثبت ان اسرائيل الشرقية كانت من اهم الذين خططوا لغزو العراق اقدامها وبدون اي تحفظ او تردد على الاعتراف بالوضع الجديد رسميا ودعمه بالكامل سياسيا وامنيا، وكانت اول زيارات لمسؤولين رسميين الى العراق المحتل من اسرائيل الشرقية : وزير خارجيتها يصل بغداد في اول ايام الاحتلال محميا بالدبابات الامريكية ورئيسها يؤدي مراسم الوصول تحت الراية الامريكية وغيرهما وكل هؤلاء وصلوا لدعم الاحتلال رسميا وبطريقة متطرفة.

ب- القاعدة المسلحة للاحتلال ميليشيات نغول فارس : ولكي لايضيع بعض داعمي اسرائيل الشرقية من العرب في مجاهيل الاكاذيب يجب التذكير بواحدة من اخطر ظواهر احتلال العراق وهي ان القوة الاساسية المنظمة التي اعتمدت عليها امريكا في ترتيب الوضع في العراق بعد غزوه كانت الميليشيات والاحزاب التابعة لاسرائيل الشرقية مثل حزب الدعوة والمجلس الاعلى وفيلق بدر وغيره. الجميع يعرف بانه لولا هذه المجاميع لما وجد الاحتلال الامريكي قاعدة شعبية منظمة تدعمه وتديم احتلاله وتدافع عنه. ان اسماء ابراهيم الجعفري ونوري المالكي وهادي العامري وغيرهم كثر تكفي لاثبات ما سبق ذكره، فالوزارات منذ عام 2005 كانت ايرانية الوجوه امريكية الادارة وتداخل المصالح بين امريكا واسرائيل الشرقية لم يظهر التناقض بينهما، لان العدو الاول والاخطر لهما هو العراق القوي والمستقل.
بقيت امريكا حتى انسحاب قواتها في عام 2011 تعتمد مباشرة على اتباع طهران في حربها ضد المقاومة العراقية الباسلة، ومما له دلالات خطيرة تشير الى ما تضمره امريكا للعراق هو انها تعمدت ابعاد كافة العناصر والتجمعات غير التابعة لطهران ممن كانوا يسمون ب(المعارضة العراقية) ولم تسمح لهم باستلام الحكومة رغم فوز احدهم في انتخابات عام 2010 فابعدته امريكا وليس اسرائيل الشرقية فقط عن ممارسة حقه الانتخابي المعلن! فما الذي جعل امريكا تبعد وتضعف تلك العناصر وتدعم الميليشيات التابعة لاسرائيل الشرقية وتشكل منهم الوزارات والجيش وقوى الامن وتسلمهم اموال العراق؟
امريكا كانت تعرف ان ستراتيجيتها العظمى القائمة على تقسيم العراق وتقاسمه لا يمكن تحقيقها بوجود عناصر غير تابعة للفرس في حكم العراق لان الدافع لتقسيم العراق غير موجود لدى الاطراف الاخرى في المعارضة العراقية ومهما كانت ممارسات هؤلاء سياسيا مرفوضة، كان المطلوب امريكيا وصهيونيا وزارات وجيش وامن وميليشيات تدعم تقسيم العراق وتقاسمه ولهذا كانت امريكا وقبل الغزو قد قررت التعاون مع اسرائيل الشرقية لتقسيم العراق وعقدت معها عدة اجتماعات للتمهيد للغزو واحدها كان في سويسرا.
ومن يستغرب من الفساد الشامل والمستمر والمتطرف في العراق المحتل عليه ان لا ينسى ابدا واحدة من امهات حقائق الصراع وهي ان دعم امريكا لنغول الفرس سببه الحقيقي هو انهم اميون او انصاف اميين وفاسدين وبلا هوية وطنية وساقطين اخلاقيا وهذه الصفات هي الشروط المطلوبة لتدمير العراق وتقسيمهفعندما يستلم اشخاص بهذه المواصفات الحكم فان الدولة والمجتمع لابد ان تتفككا وتضمحلا، ولذلك لاحظ الجميع ان التكنوقراط من بين عناصر المعارضة العراقية ابعدوا كليا عن الحكم من قبل امريكا مع انهم معها قلبا وقالبا لان التكنوقراط يعرفون كيفية ادارة الدولة وحل مشاكلها حتى ولو على الطريقة الغربية.

ج- اصرار امريكا على تسليم العراق للفرس : وجاء الانسحاب الامريكي الاضطرار ي من العراق في عام 2011 ليحسم الى الابد حقيقة ان هناك تلاقيا ستراتيجيا رسميا بين امريكا واسرائيل الشرقية، فقد سلمت امريكا العراق الى الفرس المجوس واصرت على استبعاد اي خيار اخر يحرم اسرائيل الشرقية من الدور الاساس في العراق، وكان ضباط عراقيون من الجيش الوطني السابق قد تورطوا في خدعة امريكة قالت ب(ان امريكا تريد دعم ضباط من الجيش السابق لابعاد عملاء طهران وتنصيب العسكر حكاما للعراق، فاندفع البعض من الذين يحلمون بحكم العراق واستخدم هو ومن معه كأداة ضغط على المالكي لتوقيع الاتفاقية الامنية والاتفاقية السرية قبل مغادرة القوات لتكون وسيلة عودة امريكا من الشباك بعد طردها من الباب، لان طهران كانت ضد توقيع اتفاقية تعطي لامريكا حق العودة الى العراق كي تنفرد باستعماره.
اجلس احد جنرالات الجيش الوطني في المنطقة الخضراء وتصاعدت اشاعات تؤكد قرب وقوع انقلاب ضد المالكي وتعمدت امريكا تأكيد ان قائد الانقلاب جلب من عمان الى المنطقة الخضراء وهو فيها استعدادا لاعلان البيان الاول، ومارست المخابرات الامريكية العابا ذكية لتاكيد ان الاشاعات حقيقية ولهذا اجبرت طهران على الموافقة على التوقيع تجنبا لانقلاب عسكري سيخلط كافة الاوراق، وقع المالكي بقرار فارسي الاتفاقيتين وانسحبت امريكا عسكريا وبقيت مخابراتيا تتحكم في اطراف اللعبة العراقية. بعد انتهاء اللعبة اعيد ذلك الجنرال الى عمان خاسرا كل شيء خصوصا ظنه انه ذكي بما يكفي لخداع امريكا او اللعب عليها! وهذا درس لمن لديهم احلام حكم العراق بمعزل عن القوى الوطنية العراقية.
وهنا يجب ان نتذكر حقيقة لها مغزى عميق ولا ننساها ابدا مهما تصرم الزمن وهي ان التكنوقراط من المعارضة العراقية وبعض جنرالات الجيش الوطني الطامعين بالحكم قد وعدوا امريكا بانهم سوف يحولون العراق الى ولاية امريكية ان حكموا! لكن امريكا لم تكن تريد جعل العراق ولاية تابعة لها بل كانت تريد تقسيمه وانهاء هويته الوطنية والقومية الى الابد لذلك كانت بحاجة للحرامية والاميين وهؤلاء وجدتهم جالسين في احضان اسرائيل الشرقية.

د- التطرف الامريكي في قمع اللانتفاضة الوطنية : عندما حصلت الانتفاضة الشعبية ضد حكومة المالكي وقفت امريكا ضدها بقوة وبلا تردد ودعمت المالكي وشجعته على قمع المتظاهرين السلميين ورفض تنفيذ مطاليبهم وكان ذلك هو الموقف الفارسي ايضا : توأمان يعملان ضد انتفاضة شعب العراق، لذلك تحولت الانتفاضة السلمية الى ثورة مسلحة بعد مجزرة الحويجة في صيف عام 2013 عندما خرج جيش النقشبندية (من تحت الارض) ليقاتل جيش المليشيات المجرم ويهزمه شر هزيمة في صيف عام 2013.
ومرة اخرى وقفت امريكا مع المالكي ضد الثورة المسلحة ورمت بكل ثقلها المخابراتي لاجهاضها فاطلقت ما لديها من احتياطيات ستراتيجية ضاربة خصوصا (الجيوش الخاصة) من جهة، ودعمت رسميا وعسكريا حكومة المالكي بمستشارين عسكريين واسلحة ومال وطائرات جنبا الى جنب مع الدعم الفارسي المجوسي من جهة ثانية. وعندما وصلت قوات الثورة الشعبية الى بغداد ودقت ابوابها وفتحت بعض تلك الابواب وكادت تحرر مطار صدام الدولي وانهارت الميليشيات واخذت تهرب من بغداد الى الجنوب دخلت ايران بجيشها وبقياداتها العسكرية الاعلى، وفي مقدمتهم قاسم سليماني وتسلم الاخير قيادة العمليات العسكرية بقرار امريكي - فارسي.
كانت القوات الفارسية تقاتل بالاف المقاتلين المقاومة العراقية وتحاول ابعادها عن مداخل بغداد ومحافظة ديالى لمنع المقاومة من خنق اسرائيل الشرقية بامساك (المقاومة) بخط الحياة، بينما كانت الطائرات الامريكية بلا طيار تقصف الجيوش الوطنية للمقاومة العراقية المتقدمة لتحرير بغداد تماما مثلما نرى الامر الان في اليمن وسوريا حيث تقصف الطائرات الامريكية من يقاتل الحوثيين دفاعا عن اليمن ومن يقاتل الصفوي بشار حماية لعروبة سوريا. ثم اخذت امريكا تعمل على انشاء (جيش سني) في الانبار ونينوى وصلاح الدين تحت غطاء محاربة الارهاب رغم ان الحقيقة هي انه مقدمة لتقسيم العراق،اضافة للقيام بعمليات قصف جوي للثوار ومرة اخرى تحت غطاء محاربة الارهاب بينما الحقيقة الدامغة تقول بان القصف الاساسي كان ضد المدنيين من اجل تهجيرهم وايضا تمهيدا للتقسيم!
من الحقائق التي ينساها البعض من شدة الضغط عليه حقيقة ان امريكا شجعت على اضطهاد العراقيين وتهجيرهم ولم تتدخل لمنع ذلك وهي القادرة لانها كانت تريد ايصال المضطهدين الى حالة يقبلون فيها بانشاء (جيش سني) تحت غطاء حمايتهم لكنه في الواقع مقدمة لابد منها لتحقيق مواجهات مسلحة طويلة جدا بين ميليشيات كلها طائفية الشكل والجوهر واحدة منها تابعة للفرس تقاتل (الجيش السني) وهو قتال لن تنتهي الا بالتدمير الشامل لكل العراق. وفي فترة القتال تزداد معاناة المهجرين ولن تنتهي كما يعتقد البعض.
وهذه الحقيقة تنطبق على الايزيديين فبعد ان طلبت امريكا ترويج معلومة اضطهادهم دفعت هي وطهران، رغم معارضة السيد مسعود البارزاني وتركيا لذلك، حزب العمال الكردي التركي (البي كي كي) لدخول العراق تحت غطاء حماية الايزيديين وسلح بعض الايزيديين ليس لانقاذهم بل لدفعهم الى محرقة كبرى فيما بعد نتيجة مقاتلتهم للعرب العراقيين في الشمال. الخطة الامريكية الصهيونية هي تمزيق كل مكونات العراق -وبقية الاقطار العربية- واشعال الحروب بينهم حتى بين الطائفة الواحدة. لذلك فعلى العقلاء وبعيدي النظر الانتباه ومنع الانزلاق في هذا الفخ القاتل.
هنا سلطت كافة الاضواء على واقعة تداخل خنادق امريكا واسرائيل الشرقية بطريقة من المستحيل على اي انسان ومهما كان ذكيا او غبيا انكارها وظهرت ام الحقائق وهي ان امريكا تعتمد اساسا على اسرائيل الشرقية في تنفيذ الخطوات الاساسية من ستراتيجيتها العظمى القائمة على تقسيم وتقاسم العراق، فجنرالات امريكا يقاتلون المقاومة العراقية جنبا الى جنب مع جنرلات اسرائيل الشرقية الذين اخذت طهران تعلن رسميا عن تساقطهم قتلى في معارك العراق وتؤكد بان معركة العراق هي معركة فارس تماما مثلما فعلت اسرائيل الشرقية في سوريا.
ما الذي يترتب على ماسبق التذكير به من حقائق الصراع؟
يتبع....
Almukhtar44@gmail.com
27-1-2015
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق