ثارات الحسين.. دعوة للقتل والكراهية.!.. وما لا تعرفه عن قتلة (الحسين) والدماء والأرواح التي ازهقت بإسمه والرسالة الدموية التي شوهت الإسلام الحنيف.! - ج 2
بسم الله الرحمن الرحيم
"وما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون إلا بالتواضع والخشوع واداء الأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والصبر". تحفة العقول / 285
قد يبدو للوهلة الأولى إنه لابد من تحاشي الخوض في تفاصيل مقتل الإمام الحسين (ع) بسبب تضارب الأخبار واختلاف الروايات والمبالغات التي ألحقت بالمأساة لتضفي عليها تراجيديا عنيفة ومؤثرة لغرض إستمالة القلوب ونزع الدموع من العيون قسرا وغلي المشاعر عند الناس لحد إذاء النفس بالبكاء والنحيب واللطم والتطبير. فقد بنى عدد من المؤرخين روايتهم على رؤية غير نفاذة أو شاملة الوعي تتمكن من تحديد مسارات الحادث بصورة جلية بالتجرد عن النزعات الإنفصالية، واستنبطوا بموجب ذلك نتائج مغلوطة، لكنها بالتأكيد تتناسب مع نوزاعهم وأهوائهم الشخصية فقدموها لنا كثوابت تأريخية غير قابلة للفحص والتمحيص، كإنها تعاليم سماوية لا جدال فيها وليست قصص تأريخية خرجت عن إطارها الحقيقي وتعدته للخيال المفرط. وهو ما فطن له الشاعر القائل:
وما كتب التأريخ في كل ما روت لقـــــرائها إلا حديث ملــفق
نظـرنا لأمر الحــاضرين فــرابنا فكيف لأمر الغابرين نصدق
لذا ليس من المستغرب ان يتحدث البعض عن أسد هصور يلطم على الإمام الشهيد وشجرة في ايران تنزف دما في عاشوراء وغيرها من الأساطير كأننا نحتاجها لتشحن عواطفنا بمحبة السبطين. الحسين (ع) ظُلم حيا وظُلم أكثر ميتا! والظالمين في الحالين هم نفس الفئة الباغية التي بغت عليه حيا وميتا. فالكثير من الشعائر والممارسات الحسينية في عاشوراء مثلا تتعارض مع الدين وبعضها تُعد جرائم كإذاء النفس التي حرم الله. كما إن الكثير من التجاوزات على الذات الالهية والملائكة والرسل تتم تحت شعار حب الحسين! وعدد هائل الجرائم ترتكب ضد بقية الطوائف بإسم ثارات الحسين! وعدد غير قليل من الأحزاب الإسلامية ترتكب كل الكبائر والموبقات تحت أبط الحسين.
حتى جعلوا من الإمام الحسين علة الإسلام والمسلمين، والسبب الرئيس لفرقتهم وتناحرهم وتنابزهم ومصدرا دائما للحقد والضغينة. بل أختزلوا الدين الإسلامي كله بحب الحسين فإن تحب الحسين مارس كل الرذائل والكبائر وإحل كل المحرمات التي حرمها الله لأن زيارة واحدة لقبر الحسين كافية وكفيلة بمحي كل الأخطاء الماضية والحاضرة والقادمة. حب عجيب يحل كل المنكرات والمكروهات فأي حب هذا؟ هل من يحب الحسين فعلا يحمله دم الأبرياء ويلطخ إسمه الطاهر بالعار والشنار؟
هل من سمات الحب الغل والضغينة والإنتقام وزرع الشرور والفساد؟ إن كان هذا من فعل المحبين فأي كارثة ستكون من المبغضين؟ ولا نظن هناك من يبغض الأمام فيكفي انه ريحانة رسول الله فمن أحبه أحب جده المصطفى والعكس صحيح.
تحت شعار مقيت ومخزي (ثارات الحسين) ترتكب الآلاف من الجرائم الطائفية، وأمست دماء مئات الآلاف من الأبرياء برقبة الحسين. بعد (14) قرنا من مأساة كربلاء لم يشف البعض من داء الضغينة والكراهية! والأنكى ان من ينتقم للإمام الحسين ليس من نسلة ولا من قومه ولا من عشيرته ولا من بلده! والضحايا الأبرياء ليسوا من نسل قتلته ولا علاقة لهم به. وبالطبع فإن الشعوبيين سيما الفرس الصفويين هم من ينفخ في رماد الفتنه كلما خمدت. ولا نعرف إن كان الفرس من أهل قريش ليطالبوا بدم الحسين ويرفعوا شعار ثارات الحسين؟ أم إن أهل مكة هم أحق بالثأر لقتيلهم؟ وهل الامام الحسين من العراق ليطالب اهل العراق بدمه، أم هم من خذلوه وعليهم دفع الدية لأهل مكة؟
من قتل الحسين؟
من المثبت تأريخيا إن أهل الكوفة أرسلوا أكثر من (500) كتابا الى الحسين يبايعونه فيها، ويحثونه على القدوم الى الكوفة.، وذكر محسن الامين في كتاب اعيان الشيعة ق1 /41" بايع الحسين من أهل العراق (120000) وغدروا به وخرجوا عليه، وبيعتهم في أعناقهم وهم قتلوه".
ويضيف كاظم الاحسائي النجفي في كتاب عاشوراء/ 89 بأنه" الجيش الذي خرج لحرب الحسين (300000) كلهم من أهل الكوفة". وحذر الفزدق الإمام الحسين من أهل الكوفه بقوله" قلوبهم معك وسيوفهم عليك". وجاء في كتاب الارشاد للشيخ المفيد /241 بأن الامام الحسين دعى على أهل الكوفه" اللهم إن متعتهم إلى حين ففرقهم فرقا، وإجعلهم طرائق قددا، ولا ترضى الولاة عنهم أبدا، فإنهم دعونا لينصرونا، ثم عدوا علينا فقتلوونا".
وأضاف الطبرسي في الإحتجاج ج2/24 " لكنكم إستسرعتم إلى بيعتنا كطيرة الدباء، وتهافتم كتهافت الفرش، ثم نقضتموها. سفها وبعدا فسحقا لطواغيت الأمة". و جاء في تأريخ اليعقوبي ج1/ 235 وإحتجاج الطبرسي ج2/29 عن الامام زين العابدين مخاطبا أهل الكوفة" كتبتم الى أبي وخدعتموه، واعطيتموه من أنفسكم الميثاق، ثم قاتلتموه وخذلتموه" ويستهزأ من بكائهم على الحسين بقوله" إن هؤلاء يبكون علينا فمن قتلنا غيرهم"؟ وهناك الكثير من الخطب والشواهد تحمل أهل الكوفة مسؤولية قتل الأمام بخذلانه والتخلي عنه. ورغم إن بعض الروايات تشير أن قتله هم الشيعة فنجد إن في ذلك تجني على الشيعة عموما. فأهل الكوفة لم يكونوا جميعا من الشيعة، وحتى مصطلح الشيعة لم يكن قد تبلور آنذاك كايدلوجية ومذهب. وإنما مجرد أهواء كان يقصد منها مشايعة الإمام علي(رض) وخلفه رضوان الله عليهم والأقرار بإمامتهم.
وقد أختلف المؤرخون في نشأة التشيع - كمصطلح وليس كفرقة- فمنهم من بالغ فيها من القدامى كالنوبختي-فرق الشيعة/39 ومن المحدثين محمد حسين كاشف الغطاء-أصل الشيعة/118 - واعتبروا نشأته كانت في عهد النبي(ص). والبعض الآخر كالمقدسي يرجعها إلى أواخر حكم الخليفة عثمان بن عفان(رض). وآخرون كإبن النديم –الفهرست/249- يربطونها بمعركة الجمل. وآخرون من علماء الشيعة يربطونها بمعركة صفين كأبي حاتم- الشيعة والتشيع/25- في حين يرى كامل مصطفى الشيبي ان التشيع نشأ بعد مقتل الإمام الحسين(ع). ونستنتج من هذا إن اهل الكوفة وليس الشيعة كفرقة هم من يتحمل مسؤولية خذلان وبالتالي موت الإمام الحسين.
كل هذه الدماء ولم يؤخذ بثأر الحسين بعد؟
تختلف الروايات التأريخية في تحديد قتلة الحسين لكنها تتفق بأنه قُتل وعمره 58 سنة، وقُتل معه (72) رجلا. كما قتل من اصحاب عمر بن سعد (88) رجلا. تأريخ الطبري ج5/ 455 والكامل في التأريخ لإبن الأثير ج4/80 . وتشير بعض المصادر بأن سنان بن أنس النخعي هو الذي قتل الحسين. وأجهز عليه، كما قام خولي بن يزيد الأصبحي بحزٌ رأسه. وفي روايات اخرى الشمر بن الجوشن. أما الذي قتل العباس بن ابي طالب فهو زيد بن رقاد الجبني وحكيم السنبسي من طيي. اما الذي قتل جعفر وعبد الله اولاد علي بن أبي طالب فهو هاني بن ثبيت الحضرمي. وسنتحدث عن مصير قتلة الحسين ومن نهب بعض حاجاته بعد موته، ومصير من كان في جيش عبيد الله. بل حتى أناس ابرياء لا علاقة لهم بالمأساة كما سنلاحظ.
أورد المجدد الثاني الامام الشيرازي في كتيب (قتلة الامام الحسين والجزاء الدنيوي) بأنه عند قيام ثورة التوابين رفعت راية (يا لثارات الحسين) وأقتص من قتلة الحسين على أيدي المختار الثقفي وقائد جيشه ابراهيم بن مالك الاشتر. حيث أقسم المختار" لا يسوغ ليُ طعام ولا شراب حتى أقتل قتلة الحسين وأهل بيته، وما من ديني ان أترك أحدا منهم حيا".
فعبيد الله بن زياد قُتل وحُز رأسه وأرسل الى المختار الثقفي مع رؤوس حصين بن نمير و وشرحبيل بن ذي الكلاع واعيان اصحابهم. كما قتل عمر بن سعد وحُز رأسه وتأسف إبنه حفص على قتله وتمنى لو كان مكانه! فالحقه المختار بأبيه قائلا" عمر بالحسين، وحفص بعلي بن الحسين". وجاء في بحار المجلسي بأن المختار طلب شمر بن الجوشن- من بني كلاب ومن رؤساء هوازن كان من شيعة الامام علي وشارك في معركة صفين- وارسل نفرا لقتله وقد التقاهم في البادية فقاتلهم قتالا شديدا حتى أثخنته الجراح فأخذوه أسيرا الى المختار فحز عنقه، ورماه في قدر مغلي من الدهن. وفي رواية أخرى رميت جثته للكلاب. وفي رواية أخرى قتل على يد كنان أبو عمرة الذي قطع رأسه وأرسله الى المختار.
يذكر المجلسي في سفينة البحارج1/714 عن الشمر" هو من قبيلة بني كلاب ومن رؤساء هوازن، كان رجلا شيعيا شجاعا شارك في معركة صفين الى جانب أمير المؤمنين(ع) ثم سكن الكوفة ودأب على رواية الحديث". وفي كتاب(في رحاب ائمة أهل البيت) للسيد محسن الأمين الحسيني العاملي جاء" زحر بن قيس هذا شهد مع علي(ع) الجمل وصفين، كما شهد صفين معه شبث بن ربعي وشمر بن ذي الجوشن الضبابي، ثم حاربوا الحسين(ع) يوم كربلاء- هم من شيعة أمير المؤمنين علي- فكانت لهم خاتمة سوء" ج1/9. جاء في كتاب الإرشاد للشيخ المفيد ج2/95 الآتي" ثم حدثت خيانة الشيعة المجرمين الذين بايعوا الحسين ثم قتلوه".
كما قطع الاشتر أيدي وأرجل أبحر بن كعب وأحرقه بالنار. كذلك قتل الاشتر ابو الاشرس وكان من أعيان جيش عبيد الله بن زياد وحز رأسه وارسله إلى المختار. وقتل المختار أسود الأوسي واحرق جسده بالنار. وكانت جريمة الاوسي إنه نهب نعال الحسين بعد موته! كما قتل المختار أسود بن حنظلة- من بني نهشل- واحرق جسده بالنار. وكان أسود قد اخذ سيف الحسين. وقتل بجدل بن سليم الكلبي بقطع رجليه ويديه بدعوة نهبه خاتم الحسين. وقتل بحير بن عمرو الجرمي بقطع رجليه ويديه بدعوة اخذه سروال الحسين. وقتل عثمان بن خالد ويسر بن ابي سمط وكانا قد اشتركا بسلب الحسين. كما قتل ابن حوشب وابن ضبعان وابن مالك، وكانوا من أعيان جيش عبيد الله بن زياد كما قتل اياس بن مضارب وحز رأسه. كما قتل عدد هائل من جيش عبيد الله.
إذن هل بقى للحسين من ثأر بعد أن قُتل ومُثل بجثث من قتله ونهبه ومن شارك في جيش عبيد الله؟
ألم يأخذ المختار بثأر الحسين وانتهى المشهد الإنتقامي منذ ثورة المختار ومقتله عام 67 هجري؟ وهل سيستمر الأبرياء بدفع ضريبة الدماء لزمر من المجرمين والجهلاء؟
هل من الإسلام تجديد مشهد القتل؟ اليست التشابيه وممارسات عاشوراء السادية هي تذكير بثارات الحسين وحث على القتل؟
أهذه هي رسالة الحسين التي خطتها ثورته وآفاقها الإنسانية ومنهجها الصحيح المفعم بالإيمان الحي؟ أم هذه رسالة دموية يقرأ فيها مفرادات القتل والغدر والحقد والنهب والبلاء؟ لم ترحموا الحسين حيا فإرحموه على الأقل ميتا! وكفاكم قتلا بإسمه. فوالله إنكم لأبشع من جيش عبيد الله بن زياد وأبشع من جيش المختار.
لماذا يحملون السبط دماء الأبرياء؟ وكيف يكون موقفه أمام قوافل مستمرة من الشهداء قتلوا بسببه؟
الا توجد مراجع دينية شريفة تسمو بنفسها وعلى نفسها بل وتعرف الله وتخشاه؟ أو مؤسسات دينية وثقافية واعية ونزيهة تفهم جمهور الرعاع بأن الثأر من قتلة الإمام الحسين قد أنجز على أكمل وجه وببشاعة تزيد عن بشاعة مقتل الإمام نفسه! ألا تدعي مصادر الصفوية بأن المهدي المنتظر هو الذي سيأخذ بثارات أهل البيت! فلماذا لا يتركوا المهمة إذن لصاحبها؟ أم هم يعرفون إنها شخصية إسطوريه لا تلبي تعطشهم الأبدي للدماء؟ أيهما أكثر أهمية الإمام علي أم إبنه الحسين؟ إذن لماذا لا يرفعون شعار( يالثارات علي)؟
وأخيرا! هل ستكون مأساة الحسين هي مشكلة المصير الإنساني الأبدية، والعقبة الكؤود أمام نهضتنا وموضعنا الطبيعي الفعال في الحضارة العالمية؟ أهي مشكلة المشاكل التي إستعصت على (14) قرنا دون حلها؟ وبصراحة أكبر هل مأساة كربلاء ثورة أم مؤامرة على الإسلام؟
المصدر هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق