من أنقى وأنصع الأيام الخالدة هذا اليوم التاريخي العظيم الذي رحل فيه آخر جندي بريطاني وتطهرت الأرض اليمنية من دنس الاحتلال الذي استمر قرابة قرن ونصف القرن، ومن وجهة نظري الخاصة أننا ظلمنا هذا اليوم أو تجاهلناه ولم نعطه ما يستحقه من احتفاء واحتفال فقد كان في حقيقته التاريخية خلاصة الثورات اليمنية والمحطة التي أرست عندها تلك الثورات المجيدة بكل ما قدمته من شهداء وجرحى، وما حفلت به من بطولات، وفي كل عام يمر وتتوقف مواكب التاريخ عند هذا ا ليوم معلنة انتصار إرادة الشعب في طرد الاحتلال والخلاص من آثاره يتذكر كثيرون كم نحن مدينون لهذا اليوم وبانتصاره العظيم وكيف ينبغي ان نتوقف عنده بإجلال وإكبار، ولا يكفي بأن يكون يوم عطلة فحسب بل عيداً تاريخياً لكل اليمنيين.
ويضاف إلى مجد هذا اليوم وإشراقته المجيدة انه ارتبط بتوقيع وثيقة الوحدة، هذه الوثيقة التي كانت بداية جديدة في تاريخ هذا الشعب وصفحة من صفحات تتويج النضال اليمني الذي استمر عقوداً طويلة كان اليمنيون على اختلاف مشاربهم ورؤاهم السياسية والفكرية ينشدون إعادة اللحمة التاريخية الى هذا الوطن الذي مزقته الحروب الداخلية وبددت ثرواته وقدراته الخلافات القائمة على الاستشعار بالسلطة ولو في قرية واحدة من قراه.
يرافق ذلك كله قدر كبير من قصر النظر واعتبار الوطن ملكاً للأفراد لا وطناً للجميع، ومكاناً نفخر به ونعتز بالانتماء إليه والعمل على تطويره والارتقاء بمرافقه.
إن مرور خمسة وأربعين عاماً على الإستقلال كانت كافية لكي يتحول هذا الوطن الخالي من العرقيات وتعدد الديانات الى واحة عربية والى جنة على وجه الأرض للتضامن والاخوة وبذل اقصى الجهود في بناء الوطن النموذج، الوطن الذي كان الشهداء يتمثلونه وهم يقدمون أرواحهم دفاعاً عن حريته ووفاء لحاضره ومستقبله ولن نتساءل اليوم اين هو ذلك الوطن المأملول وماذا تحقق منه على الواقع، وإنما نهيب بالجميع ان يعودوا الى تلك الاحلام والى التصورات الجميلة التي صنعتها الثورة في النفوس بعيداً عن التفكير الوصولي والطموح الى السلطة التي أكلت عشاقها ودمرت الرجال الانقياء الذين حاولوا تجنبها والابتعاد عن إغراءاتها الشيطانية.
أتمنى في هذه المناسبة الوطنية العظيمة، نعم العظيمة بكل المقاييس، ان نتجرد من انانيتنا ولو للحظة واحدة وننظر بعين الوطن الى زمن التضحيات وما كانت تدور في الاذهان من احلام التحرير والحرية والإحساس الكبير بالانتماء الى وطن واحد يسوده العدل والديمقراطية والمواطنة المتساوية.
واجزم اننا عندما نستعيد تلك المشاهد والاحلام ستنكسر حدة الخلافات وتتقارب الرؤى وتذهب تصوراتنا جميعاً نحو المستقبل الذي يتم فيه تصحيح كل الاختلالات والابحار صوب الغد الجميل
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق