قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الخميس، 29 نوفمبر 2012

علي الصيوان: المعضلة في هذا المأزق لا تنحصر في شخص الرئيس مرسي, بل في الذهنية البدائية لقوى الإسلام السياسي

علي الصيوان: المعضلة في هذا المأزق لا تنحصر في شخص الرئيس مرسي, بل في الذهنية البدائية لقوى الإسلام السياسي
29/11/2012
لماذا تتربص الخيبة بالإسلامويين في مصر وسورية؟
علي الصيوان
وكالة انباء الرابطه
لم تنته التداعيات السياسية المترتبة على الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره الرئيس مرسي, بلقائه مع مجلس القضاء الأعلى في 26/11/2012.  
فالجسم القضائي المصري لم يؤخذ بالتطمينات حول أن الحصانة التي منحها الرئيس لقراراته, إنما تقتصر فقط على ما يتصل بالأعمال السيادية. هذه مبهمة, وليس ثمة تعريف لها, يرسم حدودها بما يلغي القلق العام من نصوص الإعلان الدستوري, حسب آراء فقهاء القانون.
وفي اليوم التالي انطلقت فعاليات مليونية «للثورة شعب يحميها», في ميدان التحرير احتجاجا على الإعلان الدستوري ككل, وبصفة خاصة على الحصانة التي يمنحها الرئيس لقراراته من المساءلة والمراجعة والطعن أمام أي مرجعية قضائية.

القشة القاصمة لظهر البعير

وما تجب قراءته في مليونية ميدان التحرير, أنها تتويج لسلسلة مراجعات شعبية وحزبية ونقابية, عمت مصر كلها, ودققت وجوه القصور العام في الأداء الذي أوصل الإسلام السياسي إلى إحراز الأغلبية في انتخابات مجلس الشعب, ثم بتمكين محمد مرسي من الفوز بمقعد الرئاسة, بالأبلسة والفهلوة, وليس بالكفاءة والأهلية.
أبرز هذه المراجعات المؤتمرات الطارئة التي عقدتها النقابات المهنية للمحامين والصحفيين والفنانين, لتحديد موقف من «الإعلان الدستوري».
وقد أظهرت هذه المؤتمرات مدى هشاشة الإسلام السياسي في الحياة العامة المصرية, وافتراقه عن نبض الناس وتطلعاتهم إلى الحرية والعدالة, وتخلفه عن العصر, رغم سجالات رموزه اللفظية في استعارة شعار «الحرية والعدالة» من قاموس القوى التقدمية, ليستر بها حركته الرجعية نحو نظام قروسطي سابق على العصر والمدنية.
وليس أدل على الفكر الظلامي-الرجعي, من الشعار الذي يساجل به الإسلام السياسي التيارات المدنية, قبل وبعد قرار مرسي في 12/11 عزل النائب العام عبد المجيد محمود, واستخدمه صفوت حجازي, القيادي الإخونجي في توصيفه هؤلاء بأنهم «يحاربون الله»(!!!). ثم في اتهام خطباء بعض المساجد للمعترضين على قرارات الرئيس مرسي بأنهم «يعترضون على شرع الله». ثم قول سعد الحسيني عضو مكتب الإرشاد الإخواني: من يعترض على قرارات الرئيس مرسي «مالوش غير الجزمة»!.
والحال, لقد كان قرار الرئيس القاضي بعزل النائب العام من منصبه «القشة التي قصمت ظهر البعير».
ولا ريب في أن البعير الذي يمكن لقشة أن تقصم ظهره, إنما بلغ حدا من التهرؤ, يقال فيه لقد طفح الكيل... وهو ما عاينه المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة في 26/11, بالإشارة إلى أن البيئة النظرية الحاملة لقرارات الرئيس سابقة على العصر, وهو ما عاينه أيضا السيد أحمد دراج, وكيل مؤسسي حزب الدستور, بالقول: «الرئيس صادر السلطة القضائية».. وهدف لقائه مجلس القضاء الأعلى: «أخذ صورة تذكارية, ثم ينفذ ما يريده المرشد العام للإخوان المسلمين».
أما الدكتور محمد البرادعي, فقد قرأ المشهد المصري العام بتلخيص مفاده أن «جيش مصر قلق, وسيتدخل اذا خرج الوضع عن السيطرة».
وقد أجمعت القوى السياسية المدنية, ممثلة بـ 18 حزباً سياسياً حشدت أنصارها في مليونية ميدان التحرير, على أن الإعلان الدستوري أطاح مفهوم دولة القانون.

مأزق الرئيس-مأزق الإسلام السياسي

ومهما تكن تطورات المشهد العام المصري, في تداعيات الموقف من الإعلان الدستوري, بما في ذلك تراجع الرئيس عنه, فإن الرئاسة ومعها الإسلام السياسي: اخوان وسلفيون.. الخ, قد دخلوا مأزقا.
ثمة مراقبون رأوا في إعلان قوى الإسلام السياسي يوم 26/11 تراجعها عن مليونية مضادة لمليونية ميدان التحرير 27/11, تعبيرا عن مأزق مفتوح على الانهزام.
إحدى مقدمات هذا المأزق تكونت في خطوة الرئيس مرسي 8/7 الماضي بدعوة مجلس الشعب للانعقاد, ثم بإرغامه بحكم قضائي صادر عن المحكمة الدستورية العليا 9/7, على إبطال الدعوة, لأن مجلس الشعب ذا الأغلبية الإسلامية, معدوم الوجود شرعا, بحكم قضائي أبطلت محكمة القضاء الإداري فيه شرعية انتخابه.
والمحكمة نفسها ستنظر الثلاثاء القادم 4/12/2012, بالإعلان الدستوري المكمل, موضوع الجدل.
استقالة مستشار الرئاسة سمير مرقص من دور تجميل الإقصائية الراسخة في الفكر الإخواني رسالة إلى جورج صبرا المختار واجهةً لـ «تعددية سياسية وطائفية» في مجلس اسطنبول فأي صدقية لهذا الحكم في عيون المصريين؟
المعضلة في هذا المأزق لا تنحصر في شخص الرئيس مرسي, بل في الذهنية البدائية لقوى الإسلام السياسي, الواقفة خلفه, وهي تتطلع إلى حكم شمولي إقصائي, ليس في مصر وحدها, بل في مختلف ساحات التحالف الإمبريالي-الإسلاموي, من الصومال وأفغانستان وحتى سورية.
وربما كانت تأسيسية الدستور المتكونة من ممثلي الإسلام السياسي والقوى المدنية وشخصيات عامة, عيّنها الرئيس بقرار لصياغة دستور يطرح على استفتاء عام, أوضح بيئة على الإقصائية التي يعتنقها الإسلام السياسي في مجريات عمل التأسيسية, ما أدى إلى انسحاب ممثلي القوى المدنية جميعها من هذه التأسيسية, وإلى استقالة الشخصيات العامة, ورغم ذلك يتمسك بها الرئيس المصري!!!.
أما التشاطر في تلوين الوجه الرجعي-الإقصائي للنواة الإسلامية الصلبة في ممارسة الحكم, فيعبر عنه تعيين الرئيس للسيد سمير مرقص في هيئة مستشاري الرئاسة... إلى أن اكتشف «المستشار» مرقص, بصدور الإعلان الدستوري في 22/11 أنه لا يستشار, فاستقال, مبلورا بذلك رسالة إلى المصير اللاحق الذي يتربص بجورج صبرا, المنتخب رئيسا لمجلس اسطنبول السوري, لتجميل وجه النواة الإسلاموية الصلبة للمجلس بـ»التعددية السياسية والطائفية».

الاستنسابية الأمريكية

على الرغم من أن الولايات المتحدة لم تفوت فرصة لتلويث سمعتها في التحالف مع قوى الإسلام السياسي, ومع الوهابيين أشدها تخلفا, فإنها تمارس الاستنسابية الفظة في النأي بالنفس عن هذه القوى, حين يتعلق الأمر بحسابات تقرر أن هذه القوى الظلامية لا مستقبل لها, ولاسيما في بلدين مثل مصر وسورية.
كان احتضان أمريكا لمجلس اسطنبول في سورية, وللإسلام السياسي في مصر, رهانا على انهيار عام في البلدين, كالانهيار في الصومال وليبيا, يتلوه نظام حكم تابع كما في مملكة السعوديين, والخليج العربي.
لكن المعطيات المادية الموضوعية للتكوين التقدمي في المجتمع السوري والمصري, فرضت نفسها, في قراءات أعضاء في الكونغرس, وجدت طريقها إلى بيانات صدرت عن «البيت الأبيض», وبدت كأنها مراجعة للموقف من «انتهاء الصلاحية في مجلس اسطنبول», ومن «حكم الطاغية مرسي المنتخب ديمقراطياً», على حد تعبير السيناتور كارل ليفين.
زد على ذلك أن الجماهير المصرية التي تقاطرت إلى ميدان التحرير ساخطةً على الإعلان الدستوري, وعلى سياسة أسلمة مصر وأخونة الدولة, كانت تختزن سخطاً على استقواء الإسلام السياسي بالولايات المتحدة, في مختلف ميادين «ربيع» التحالف الإمبريالي-الإسلاموي, وبخاصة في مصر التي تم فيها تهريب 19 متهماً أمريكيا بجناية التجسس, كانوا قيد المحاكمة في قضية الـ43 متهما بقضية تنظيمات المجتمع الأهلي المجهولة التمويل.
وقد بلغ هذا السخط ذروته بسبب دور جماعة الإخوان المسلمين في تهريب الجواسيس الـ19, وتلقت عليه شكر الخارجية الأمريكية.
وعبرت الجماهير عن سخطها بمحاولة اقتحام السفارة الأمريكية, قرب ميدان التحرير, حيث أطلق حماة السفارة الغاز المسيل للدموع, ما أسفر عن استشهاد مواطن, وإصابة آخرين بأذيات متفاوتة.
وما يجب استخلاصه مما يبدو أنه استدراك أمريكي, قد يبلغ مستوى المراجعة, هو أن واشنطن مرتبكة في الرهان على حصان خاسر, لأن شعب مصر, كشعب سورية, ليس قطيعا من النعاج, يؤخذ بالتلفيق الإعلامي المرتكز على فتاوى من نوع «معارضة الرئيس حرام, وطاعته فرض مثل الصلاة, وواجبة كطاعة الله ورسوله», وفق النص الحرفي لما قاله الداعية الإسلامي أحمد المحلاوي, خطيب مسجد القائد إبراهيم في الإسكندرية, ضد مسيرة 24 آب الماضي, المنددة بتجاوزات مرسي الدستورية.

وجه مصر الحقيقي

وبصرف النظر عن النتائج العاجلة للحراك في ميدان التحرير, فإن ملامح وجه مصر الحقيقي, عادت للارتسام بما تستعيد معه العقيدة القومية؛ عقيدة إن «إسرائيل» عدو. وذلك بمنظومة متكاملة من القرائن برزت في خطاب القوى التي نظمت مليونية 27/11, وأبرزها اتهام الرئيس مرسي بالتواطؤ مع واشنطن للإجهاز على المقاومة الفلسطينية في غزة باتفاق التهدئة 21/11, الذي رعته كلينتون.
وهذه رسالة إلى خالد مشعل في خطابه الديماغوجي القائل ان مصر الإخوانية «ستنهي العربدة الإسرائيلية»!.
أما الرسالة الأوضح, فهي خلو المظاهرات التي عمت مصر, استنكارا للتغول الإسلاموي, من أي أثر لعلم الانفصال السوري, الذي كان يرفع في تجمعات أنصار مرسي, إلى جانب علم مملكة السعوديين و«القاعدة».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق