عزة الدوري كان في بغداد وغادرها الى العراق
هارون محمد
تهرب سامي العسكري النائب عن ائتلاف دولة القانون ومستشار نوري المالكي من ذكر الحقيقة، وتعمد ان يكذب ويقول ان عزة الدوري غادر اربيل في طريقه الى السعودية، وهو يعرف أكثر من غيره ان (ابا أحمد) كان في بغداد وأمضى فيها اسبوعا تنقل خلاله في أغلب أحيائها ومناطقها دون ان تتمكن أجهزة نوري المالكي من تحديد مكانه بعد ان استشعرت بوجوده، وعقد سلسلة اجتماعات وندوات ولبى عدة دعوات، وقد عتب عليه آهالي قضاء المدائن لانهم سمعوا انه كان قريبا منهم في (الزعفرانية) وفي حي الامين، ولم يزرهم لانشغاله بأمور وشؤون منعته من الاجتماع بهم وتفقد مناطق لم تغب عن باله يحمل لها حبا وتقديرا بالغين، ولكن للضرورة أحكامها وظروفها، وسيأتي اليوم عاجلا أم آجلا ويكون فيها وسط أهله وشعبه في كل مكان من العراق الكبير، يلتقي بهم ويتحدث معهم ويأم صلواتهم بعد ان يتحرر البلد من الافاقين والطائفيين والشعوبيين تلاحقهم الاقدام العراقية الخشنة تضرب مؤخراتهم الوسخة.
وصحيح ان الدوري غادر بغداد وليس اربيل ولكن الى العراق وليس الى السعودية كما صرح (المرعوب) سامي العسكري عضو المكتب السياسي لحزب الدعوة السابق الذي باع معلومات واسرارا عن حزبه المتهالك بحفنة من المال، واسألوا منظر الحزب ومفكره القديم غالب الشابندر، واستفسروا من ابراهيم الجعفري الذي وقع قرار فصله من الحزب عند افتضاح (عورته) عساه يكشف ما حصل عام 1996 وماذا حدث للعسكري والى اين سافر من لندن وبمن التقى وكم قبض؟!
ولان الدوري قائد ميدان يمتد من الموصل الى البصرة ومن ديالى الى الانبار، فان المسؤوليات الملقاة على عاتقه تحتم عليه ان يتحرك وينشط ويقاوم ويقود في اكثر من مكان، وقد منحه الله تعالى عزيمة لا تهدأ وقدرة لا تتوقف على التنقل والتفقد والتزاور ولقاء الاحبة والرفاق والاهل والاخوة في الوطن.
ولا نكشف سرا لان مخابرات نوري المالكي لديها معلومات عن زيارة عزة الدوري الاخيرة لبغداد أكثر منا ولكنها معلومات متأخرة، وتحصل عليها في الوقت الضائع، عندما نقول ان الدوري أمضى ليلة كاملة في مدينة الثورة لا نعرف اين أقام واين بات ليلته، على عكس ما توهمته أجهزة المالكي التي داهمت بيت شيخ جليل واعتقلته بتهمة ايواء الدوري، ولولا تدخل احد سادة الكاظمية لراح هذا الرجل البريء ضحية افتراء شخص معروفة سيرته وسمعة واخلاق بعض افراد اسرته منذ كان يقطن في القطاع 44 قبل ان ينتقل ويسلب دارا لاحد القادة العسكريين السابقين في حي (زيونة) غادر بغداد الى الخارج مغاضبا منتصف عام 1996 والمفارقة ان هذا الوضيع يرفع على الدار التي اغتصبها لافتة باللون الاخضر تشير الى انها – اي الدار - مكتب لحزب الدعوة في حي المثنى بالرصافة لصرف الانظار عن فعلته القبيحة والايحاء بان الحزب الحاكم هو صاحبها.
والمعلومات القليلة المتوفرة عن زيارة الدوري الاخيرة لبعض أحياء ومناطق العاصمة بغداد تفيد انها حققت غاياتها في حشد المواطنين ورفع مستوى تعبئهم الوطنية خصوصا وانها جاءت وسط تخبط نوري المالكي في سياساته الداخلية والخارجية وتزايد معدلات الفساد بين شلته وحاشيته، وثمة تسريبات شعبية تفيد بان القائد الدوري ناقش مع من اجتمع بهم من القيادات والكوادر البعثية الجديدة الغير المكشوفة والشخصيات الوطنية والقومية والديمقراطية والدينية التي تراسل معها خلال زيارته مشروعا وطنيا (عملياتيا) كبيرا من شأنه اذا تحقق بعون الله ودعم الاحرار والشرفاء، فانه ينقذ العراق من البطانة الحاكمة ويعيد اليه مزيدا من الامن والاستقرار بعد سنوات الخراب والدمار، وينعش اقتصاده والمستوى المعيشي للاغلبية الساحقة من مواطنيه الذين يتضورون جوعا وحرمانا ويتعرضون الى الاذلال والقهر يوميا.
وبالتأكيد فان مثل هذا المشروع سيحظى بقبول وترحيب اكثرية الشعب العراقي التي عانت من جرائم وانتهاكات الطغمة الحاكمة الفاسدة وستهب الملايين من العراقيين للوقوف معه والدفاع عنه، ولن تقدر المليشيات الطائفية وقوات (الدمج) العسكرية، حتى لو اجتمعت كلها على مقابلة فصيل وطني واحد لان النصر سيكون لاهل الارض واصحاب الحق وليس للمستوطنين والوافدين والغاصبين، وسواء صحت هذه المعلومات او انها مجرد استنتاجات، الا ان الحقيقة التي لا يمكن اخفاءها تتمثل في ان نوري المالكي الان في أضعف حالاته السياسية وان أي حركة تستهدفه سيكتب لها النجاح منذ اول صفحات المواجهة معه، خاصة وان تقارير حكومته – لا غيرها - تؤكد ان المنطقة الخضراء التي يقيم ويعمل فيها أقطاب السلطة غير محصنة بما يكفي لصد اي هجوم وطني يتوجه اليها او يحاصرها، وان القوات العسكرية والامنية فيها تفتقر الى ابسط مقومات الصمود في وجه من يستهدفها لان قياداتها وصولية ومرتشية ومراتبها وافرادها يئنون من العذاب اليومي والسهر المضني والمحاسبة والعقوبات اللئيمة التي حولت حياتهم الى جحيم ولو اتيحت لهم ظروف عيش وعمل أفضل لما بقي واحد منهم في وحدته وموقعه.
ان نوري المالكي واهم بالتأكيد اذا اعتقد ان بمقدوره تأجيل موعد التغيير الكبير المنتظر في العراق، وهو يقع في خطأ كبير اذا ظن ان ترحيل أزمته السياسية الخانقة الراهنة من بغداد الى كردستان، كفيل بتغيير موقف السنة العرب أزاءه وتأييد تحريك قوات دجلة في كركوك، لمعرفتهم بان المالكي يهدف من هذا التحريك المفتعل، التقرب اليهم ودغدغة مشاعرهم، وهم لا ينسون ان من أتاح الفرصة للاحزاب الكردية بالتمدد في كركوك هو نفسه لا غيره، وهو نفسه لا غيره كان يقول لمن يراجعه من عرب كركوك ويشتكي من هيمنة الاكراد على المدينة، بانه متفق مع (الاخوة) الاكراد على تهميش العرب والتركمان في كركوك لان اكثريتهم من السنَة، حتى انه ابلغ شيخا من عشيرة (آل بدير) الشيعية كان قد انتقل مع جزء من عشيرته من الديوانية الى كركوك في سبيعنات القرن الماضي وجاءت قوات البيش ميركة الكردية واجبرته مع افراد عشيرته على مغادرتها بالقوة وتحت تهديد السلاح في عام 2006 بحجة انه (غريب) عن المدينة ومنتفع من نظام صدام، يا شيخ (عوف) كركوك، أي اتركها، ولا تعد اليها، (قابل) هي كربلاء او النجف حتى تحن اليها! وقابل في اللهجة الشعبية العراقية تعني (هل..؟) . وبالمناسبة فان النائب عمر الجبوري وزملائه النواب العرب في كركوك يجب ان ينتبهوا الى الاعيب المالكي ولا ينخدعوا بكلامه المعسول عن حرصه المزعوم على كركوك، ولا يشطبوا على تضحياتهم في صد الزحف الكردي على المدينة ولا يصدقوا إدعاءات المالكي الذي تذكر الآن ان كركوك عراقية وهو صاحب اعلى دور في مساعدة الاكراد للسيطرة عليها، وعلى الجبوري وعرب كركوك تشديد نضالهم وترصين صفوفهم ضد المالكي والاحزاب الكردية معا، والا ينحازوا الى هذا الطرف أو ذاك، لان الطرفين هما (سرطان) واحد يستهدف الاول (تشييعها) ويخطط الطرف الثاني الى (تكريدها) ، وفي المحصلة النهائية فان الطرفين الشيعي المتمثل بالمالكي والكردي الذي يقوده مسعود بارزاني وجلال طالباني تجمعهما أجندة تخريبية واحدة للاستيلاء على المدينة والاستحواذ على ثرواتها النفطية ومواردها الوطنية على طريقة (المحاصصة) التي يتفنن الشيعة والاكراد في التربح والانتفاع منها.
ان الاكراد الذين حصلوا على اعظم المكاسب القومية والسياسية والحقوق الثقافية والاجتماعية من السنة العرب وفي مقدمتها الحكم الذاتي الذي يعد انجازا تاريخيا للاكراد في معايير السبعينات من القرن الماضي، ليس أمامهم طريق للخلاص من سياسات الاحتواء الشيعي التي يقودها ضدهم حزب الدعوة ورئيسه المالكي، غير العودة الى السنة العرب والتعاون معهم لمواجهة مؤامرات التحالف الشيعي المسمى بـ(التحالف الوطني) وهذا يستدعي من احزابهم وقياداتهم التحلي بالشجاعة واسقاط الاكذوبة المسماة بـ(المناطق المتنازع) عليها، لان هذه الاكذوبة افتعلها حزب الدعوة ومجلس آل الحكيم بهدف نشر الفتنة بين الاكراد والسنة العرب ليتسنى لشيعة قم وطهران الاستفراد بالطرفين واحدا بعد الآخر، واذا كانت الزعامات الكردية قد انطلى عليها هذا الخبث الشيعي المتأصل في نفوس نوري المالكي وهمام حمودي وخضير الخزاعي وابراهيم الجعفري وهادي العامري وباقر صولاغ وعلي الاديب في السنوات السابقة، فان التجربة المرة التي تعيشها اليوم وهي تتعرض الى التهديد والوعيد من طرف حزب الدعوة القائد السياسي للشيعة، تفرض عليها ان تفكر وتقلب التفكير في احسن الحلول والمعالجات للتخلص من مأزق التحالف الهش مع الشيعة، وعليها ان تتخلى عن جلال طالباني (لان الحمى تأتي عادة من القدمين) وطالباني هو الحمى والصداع اللذان يضربان دائما الجسم الكردي، وقد ارعبته تلك الانباء التي تحدثت عن اجتماع كان يستعد بعض القيادات السنية لعقده في اربيل بمبادرة من احزاب كردية اسلامية معروفة، وكان أول سؤال وجهه الى الدكتور عدنان الدليمي عند لقائهما في السليمانية قبل عيد الاضحى الفائت هل الشيخ حارث الضاري سيحضر الاجتماع؟ ولما نفى الدليمي علمه بذلك بانت الكآبة على وجه جلال، لانه يدرك تماما ان أي لقاء بين مسعود بارزاني مع حارث الضاري أو عزة الدوري او غيرهما من الرموز الوطنية ان حصل، فان المتضرر من هذه الاجتماعات هو نوري المالكي وتحالفه الشيعي الطائفي وايران، وهو سعى بالضغط على طارق الهاشمي للعودة الى بغداد من السليمانية وتسليم رقبته الى سلطات المالكي ولولا مبادرة مسعود بارزاني الذي استشعر بالخطر يحيق بالهاشمي في السليمانية ودعوته للاقامة في اربيل لما توانى جلال عن تسليم الاخير الى حزب الدعوة او مساعدة الايرانيين على خطفه سرا ونقله الى طهران للانتقام منه.
نعم.. عزة الدوري زار المنطقة الكردية أكثر من مرة وسيزورها لاحقا وفي اي وقت يشاء اذا دعت الحاجة الوطنية الى ذلك، ولكن ليس صحيحا انه غادر من مطار اربيل الى السعودية او غيرها كما يزعم سامي العسكري، لانه ببساطة لا يستغني عن سيارة (اللاندكروز) التي اعتاد على ركوبها في تنقلاته وتحركاته، وهي التي رافقته في اوقات الشدة والايام الصعبة، ثم ما حاجته الى استخدام المطارات والطائرات في السفر الى الخارج وعزة الدوري آل على نفسه ان يبقى في العراق ويموت على ارضه ويدفن في تربته، وهو الذي ولد وعاش فيه طيلة عمره وصار العراق بالنسبة اليه انتماء وولاء وحاضنة وماض وحاضر ومستقبل وأم وأب وأهل وعشيرة ووطن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق