بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
مدينة القدس في ثورة 1936 ـ 1939
|
شبكة البصرة
|
اعداد : عبدالعزيز أمين عرار
باحث ومشرف تاريخ
|
بعد نجاح الثورة في الريف وتوسعها وسيطرتها على المناطق الجبلية. نشطت عمليات الثوار داخل المدن وراحت تشن حملاتها على المراكز والمعسكرات في داخلها مدعومة بتنسيق بين داخل وخارج المدن.وبدأت أولى المعارك حينما احتل الثوار الخليل في شباط 1938 واحتلوها مرة ثانية في أيار من نفس العام،واحتلوا جنين في آذار واحتلت بيسان في نيسان وبئر السبع في 9أيلول، ورام الله في تموز، والقدس القديمة في 13ـ 20 أيلول،وطبريا في تشرين أول.وكان الثوار يتجولون في نابلس دون أن يعترضهم أحد. وجرت حرب شوارع في يافا وحيفا وقد سهل رجال البوليس العربي الفلسطيني هذه الهجمات(بهجت أبو غربية،في خضم النضال العربي الفلسطيني،ص119 و120)
معركة تحرير رام الله:
وفي أواخر تموز 1938 استطاع فريق من المجاهدين يقوده القائد محمد لعمر النوباني أن يحتلوا مدينة رام الله لمدة ثمان وأربعين ساعة وأن يخرجوا منها القوات الانجليزية ولكن الجنود البريطانيين عادوا وتدفقوا من جهتي القدس ونابلس،وتدفقت النجدات فاشتبك المجاهدون معهم في معركة دموية،وقد استطاع الثوار اسقاط طائرة واستشهد منهم 25 ثائرا وعدد غير قليل من الجرحى وثلاثة من الأسرى الذين نفذ فيهم حكم الاعدام ومنهم المجاهد الجرئ جورج الصاع من أبناء رام الله وكان حصيلة القتلى ضابط بوليس واحد و87 جنديا(عيسى الناعوري،بطولات عربية من فلسطين،ص65 وص66).
وقد أشرف على المعركة القائد عارف عبدالرازق وكان دخوله واستقباله في رام الله استقبالا حافلا.
تحرير مدينة القدس لبضعة أيام:
نجح الثوار في بسط نفوذهم في المناطق الجبلية وبلغ من قوة الثورة أنها منعت أبناء القرى الذهاب للمحاكم وشكلت بدلا منها محاكم شعبية ونجحت في حل الخصومات بين الناس،كما أنها أمرت بوقف المطالبة بسداد الديون،ومنع الملتزمين من التعهد للحكومة بشق الطرقات العامة أو تعبيدها أو بناء مراكز البوليس،وأمرت الثورة بعدم الاستجابة لطلب الحكومة من الأفراد بالحصول على الهويات الخاصة،وأنذرت أبناء المدن بلبس الكوفية والعقال بدلا من الطربوش حتى يختفي الثوار ولا يسهل القبض عليهم،واستفحلت الروح الوطنية والقومية لدرجة عبر فيها قائد الجيش الجنرال هايننغ الذي حل محل الجنرال ويفل بتاريخ 9نيسان 1938 إلى" أن روحا ثورية عميقة الجذور اكتسحت العرب وحفزتهم إليها الدعوة إلى حرب مقدسة"(في خضم الثورة،ص119).
اهتم القائد عارف عبدالرازق بتحرير القدس التي ينظر لها كل عربي ومسلم بمهجة القلب وتراثه الروحي وعنوان حضارته وهو الذي خاض معارك عديدة في جبال وأودية فلسطين،وأمام اشتداد الثورة ونجاحها في احتلال عدة مدن وخوض معارك فيها.جاء قرار الثوار بتتويج عملهم باحتلال القدس لبضعة أيام.
ولم يعبأ الثوار ولا شعبنا بأحكام الشنق والتعذيب ونسف البيوت والتفتيش والتطويق،وقد تقلصت سلطة الحكومة في هذه السنة إلى حد كبير حتى بات الثوار قادرون على اقتحام المدن وخوض معارك باسلة إلى درجة أن الانجليز أخلوا المدن،ومع أن خبير العصابات تيجارت قام ببناء نحو خمسين عمارة كبيرة(مقاطعات) وعرفت باسمه وبنيت عند أطراف المدن،ونقلت إليها جميع دوائر الحكومة وجميع سكن الشرطة والبوليس والموظفين العرب ؛وذلك كي تكون قوة متجمعة جاهزة للعمل والهجوم وزودت كل منها بسجن كبير بقي العدو الصهيوني يستعملها،وزاد على ذلك بعمل سور واقي من الأسلاك الشائكة لفصل فلسطين عن سوريا ولبنان وسمي سور تيجارت(في خضم النضال،ص108).
بدأ الثوار في داخل المدينة بشنون هجمات على رجال المباحث وقتلوا عددا منهم حتى خلت البلدة القديمة من مظاهر السلطة فيها،وكان هؤلاء الثوار أيضا يطلقون النار على أية دورية تحاول دخول البلدة فأصبحت البلدة القديمة بلدة محررة خصوصا في الفترة 13 ـ 20 أيلول سبتمبر 1938(المرجع نفسه،ص108).
ومع أن المناضل بهجت أبو غربية لم يتطرق لدور ثوار جبل نابلس ولا عيسى الناعوري إلا أن فيصل عارف عبدالرازق تناول دور أبيه ومجموعة من قادة الفصائل التابعة له.وهذا يؤكد التزام الثوار فيما تم اقتراحه في مؤتمر دير غسانة.
كتب فيصل عبدالرازق نقلاً عن الثائرين اللذين شاركا في معركة تحرير القدس وبقيا على قيد الحياة وقابلهما في عام 1967، وهما: حمد زواتا (زواتا ـ نابلس) و سعيد الناشف (طيبة المثلث). إتفق الثوار وعلى رأسهم القائد العام عارف عبدالرازق ومجموعة الفصائل التابعة له ومعهم الفدائيون الموجودين في المدينة،وغيرهم على أن ينقسموا قسمين. يقوم فيها القسم الأول بمهاجمة القشلة (مركز البوليس)، بينما يهاجم الآخرون المدينة، ويدخلونها عبر منطقة السور.
وفي سياق الخطة التي أعدها القائد عارف عبدالرازق، وبناءَ على ذلك طلب من فصيل حمد الزواتي "أبو فؤاد"،وفصيل فارس العزوني "أبو معروف"، وفصيل محمد عمر النوباني " أبو شوكت"،وفصيل عارف عبدالرازق "أبو فيصل" العمل على تحرير القدس و نظمها عارف وجهزها لاحتلال القدس القديمة، وأمر كلا من القائد فارس والأخوين حافظ ومحفوظ عبدالمجيد من كفرالديك أن يدخلا سراً إلى المدينة لترتيب الفصائل الثائرة تحت إمرتهم، ووضع فصائل على مقربة من الطرق المؤدية للخارج لتقف في وجه أي قوات تجلب لداخل الأسوار، وتم معرفة أسرار مركز الشرطة في المدينة من خلال ضابط الشرطة العربي جميل العسلي،وكان الفدائيون داخل المدينة ينسقون جهودهم مع الثوار من خارجها والذين عرفوهم بجغرافية القدس القديمة وشوارعها وهم : بهجت أبو غربية وفوزي القطب، وشكيب القطب، نجح الثوار في تحرير المدينة لمدة تزيد عن ثلاثة أيام وسيطروا فيها على مركز الشرطة وهرب من فيه واستولى الثوار على معداته. مرت ثلاثة أيام والأعلام الفلسطينية ترفرف في سماء المدينة وعلى أسوارها وفوق المآذن ومراكز الشرطة والسكان يهللون ويهتفون بالنصر.(7)(فيصل،عبدالرازقـ، أمجاد ثورية ص 177و178).
لم يبق في القدس بيد السلطة الانجليزية غير مركز الشرطة الصغير في الحي اليهودي القشلة (البناية التركية القديمة) بالقرب من بوابة يافا (أمجاد ثورية،ص178).
وحول الطريقة التي استردت بها القوات البريطانية زمام الموقف واسترداد السيطرة يذكر المناضل بهجت أبو غربية وهو أحد فدائيي المدينة آنذاك. وساروا في عدة مراحل بدأت الأولى: باقامة مواقع عالية وقريبة من السور واطلاق نيران الرشاشات الثقيلة ليلا ونهارا على أي شيئ يتحرك،ورغم ذلك استمر الثوار في ادخال البنادق والرشاشات من بعض مناطق السور،وفي المرحلة الثانية استخدمت الطائرات التي حلقت واستخدمت الرشاشات والقنابل مما ساعد الجيش على السيطرة على بعض الشوارع وأوقع عديد القتلى والجرحى وخاصة الفقراء الذي خرجوا باحثين عن طعام،وفي المرة الثالثة ابتداء من 18أيلول ألقيت المنشورات من قبل الطائرات وحذرت وتوعدت معلنة أنها ستقتحم المدينة وتقتل كل من يواجهها وجرى اتصال هاتفي بين كبار رجال الحكومة والثوار وكان جواب شكيب القطب لن نستسلم (في خضم النضال،مرجع سابق، ص110)
واستغرقت عملية الدخول حتى سوق العطارين ثلاثة أيام بينما بقيت أحياء أخرى غير محتلة وأعلنت القيادة العسكرية كذبا فتح المدينة، فخرج الناس من بيوتهم وتدفقوا لرؤية بعضهم وفي وسط الزحام دخل الجيش محميا بالناس المزدحمين في الشوارع وتفرق الثوار بينما قام الجيش بحملة اعتقالات واسعة وقبضوا على الشيخ شكيب القطب وتعرض لتعذيب مهين في سجن عكا وسجن المزرعة وترك به عاهات دائمة(في خضم النضال،مرجع سابق،ص 111).
خاتمة:هذه دلالة على أن القدس كانت دوما حاضرة في ذاكرة وتراث ونضال الأجيال، وستبقى كذلك حتى تتحرر ان شاء الله من ربقة الاحتلال الصهيوني وقيوده.
|
شبكة البصرة
|
الاربعاء 20 رمضان 1433 / 8 آب 2012
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
الخميس، 16 أغسطس 2012
إعداد عبدالعزيز أمين عرار : مدينة القدس في ثورة 1936 ـ 1939
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق