الليبيون مضطهدون في بلادهم.. و لا أحد يبالي
بقلم ميل فرايكبيرغ/وكالة إنتر بريس سيرفس
طرابلس, أغسطس (آي بي إس) - النساء الحوامل يجهضن بسبب سوء المعاملة، والمعتقلين- وغالبيتهم من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى- يحرمون من الطعام والماء الكافي. وغرف السجون الصغيرة تكتظ بما بين 80 إلى 100 من المعتقلين الذين تعرضوا للعدالة التعسفية من الميليشيات الليبية.
وفي غضون ذلك، يتم ترحيل الصوماليين المضطهدين سياسياً بشكل قسري إلى مقديشو، ويموت مئات الناس أثناء محاولتهم الفرار بالقوارب من ليبيا سعياً لحياة أفضل في أوروبا.
هذه هي ظروف الأشخاص النازحين داخليا في ليبيا ما بعد الثورة، والذين يصل عددهم لحوالي 80,000 نازحاً. هؤلاء اللاجئون يشملون ليبيين تم تطهيرهم عرقياً من البلدات والمدن بسبب دعمهم للدكتاتور السابق معمر القذافي، وأخرين فروا من القتال المتواصل بين الميليشيات المتنازعة في انحاء البلاد.
ويشمل هذا العدد المهاجرين لأسباب اقتصادية وانتقالية، وأولئك الذين يطلبون اللجوء السياسي من دول الجوار، وكلهم محتجزين في 25-30 مركز إعتقال ومخيمات اللاجئين التي تديرها الحكومة والميليشيات والجيش والشرطة. وتتلقى العديد من هذه المراكز مساعدات من منظمات غير حكومية ليبية ودولية ولكن مواردها محدودة.
ويقول صموئيل تشيونغ من المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في طرابلس لوكالة إنتر بريس سيرفس، "في شهر مايو وحده قتل 100 شخصا وهم يحاولون العبور من ليبيا إلى أوروبا على متن قوارب مكتظة وغير صالحة للإبحار. وفي كل شهر هناك الآلاف من اللاجئين الذين يقومون بهذه الرحلة الخطرة لأنهم في حاجة يأس شديد".
ويضيف تشيونغ أن "الأشخاص الأكثر عرضة للخطر على القوارب هم النساء الحوامل والرجال الذين يعانون من آثار طلقات نارية لأنهم غير قادرين على الحصول على الرعاية الطبية الكافية".
وهناك ما يقارب 20,000 -من أصل 35,000- من الطوارق (البربر) المشردين داخليا، وكثير منهم كانوا من أنصار القذافي، ويملئون عدد من مخيمات اللاجئين في طرابلس وبنغازي بعد أن تم تطهيرهم عرقياً من تاورغا ومصراتة خلال الثورة.
وكانت بلدة تاورغا قد استخدمت كقاعدة للهجوم للقذافي على معقل مصراتة الذي يبعد 38 كيلومتراً.
منزل نفيسة محمد مكتظ الآن، فالغرفة الخانقة في المبنى السابق التجهيز بموقع البناء التركي السابق تقع على طريق المطار في طرابلس.
أما محمد، 31 عاما، وهو سكرتير سابق في جامعة مصراتة، فلديه "ترف" الإحتفاظ بالغرفة له وحده، وذلك بعكس معظم ال 400 عائلة من المشردين الطوارق الآخرين في مخيم فلاح للاجئين، الذين يجبرون على النوم على فرشات رقيقة على الأرض.
ويقول محمد لوكالة إنتر بريس سيرفس، "قتل ولدي وعمره سنة خلال القتال في مصراتة بين مؤيدي الثورة المتمردين وانصار القذافي في تاروغا. كما توفي اثنان من اخوتي في الحرب، واحد خلال القتال، والآخر، وكان من المدنيين، اختطف في مطار بنغازي من قبل ميليشيات مصراتة وتعرض للضرب حتى الموت في غضون يوم من وصوله إلى مركز الاعتقال بمصراتة".
كذلك فقد قتل ابن عم محمد عندما كان مع مجموعة من المقاتلين الموالين للقذافي وقام المتمردون المؤيدون للثورة بملء الشاحنة بالبنزين، وأضرموا فيها النار.
وقاموا بعد ذلك بإرسال أشرطة فيديو للجثث المشوهة لأفراد أسرة كل قتيل. وقيل إن ذلك كان ثمن الجرائم التي ارتكبها أنصار القذافي ضد المدنيين في مصراتة أثناء حصار المدينة.
أما هناء جاب الله (25 عاما) وهي جارة محمد، فقد فرت من مصراتة خلال القتال مع زوجها وبناتها الصغار. وبناتها يقضين أيامهن في اللعب الآن بين القمامة والحصى التي تحيط بصفوف المساكن السابقة التجهيز التي تملأ مخيم فلاح.
وقبل شهر كان زوجها قد اختطف من قبل رجال الميليشيات مصراتة بينما كان يقوم بمهمة في أحد البنوك بوسط مدينة طرابلس.
وتقول جاب الله لوكالة إنتر بريس سيرفس، "زرت زوجي قبل شهر واحد في مركز اعتقال في مصراتة. كانت كتفه مكسورة وكان قد تعرض للضرب المبرح، وليس لدي أي فكرة متى سيطلقون سراحه".
أما مفتاح فهو منسق مخيم فلاح للنازحين. ولم يذكر اسم عائلته لأسباب أمنية. وقد نجا هو أيضا من تورغا خلال الحرب لكنه يخشى مغادرة المخيم الآن خوفاً من تعرضه للخطف من قبل ميليشيات مصراتة التي تقوم بالإغارة على المخيمات بشكل منتظم، واختطاف الشبان الذين لا يعود العديد منهم مرة أخرى.
ويقول مفتاح لوكالة إنتر بريس سيرفس، "على الرغم من أن لنا مطلق الحرية في مغادرة المخيمات، فإن معظم الشباب لا يفعلون ذلك. ونعتمد على النساء في جلب الغذاء والضروريات الأخرى الى المخيم".
هذا ويفيد تشيونغ إن النازحين "في ليبيا يشملون أيضاً الأشخاص الذين فروا من قراهم ومدنهم بسبب القتال الدائر بين الميليشيات المتناحرة. وتعود بعض جذور القتال إلى التوترات في عهد القذافي مع بعض أعمال العنف التي تدور حول النزاعات على الأراضي القبلية، والتي أصبحت الآن نقطة توتر شديد في أعقاب الحرب".
وتشعر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالقلق بشأن الإنتهاكات التي يتعرض لها المشردين داخليا في ليبيا، وعدم وجود عملية قضائية المناسب.
فيقول تشيونغ، "لقد فر العديد من اللاجئين من الإضطهاد السياسي في بلدانهم الأصلية، وجاءوا إلى ليبيا هربا من القمع، ولكن يجري الآن إعادة الكثير منهم قسراً بما في ذلك الصوماليون الذين يواجهون احتمال الموت عند عودتهم".
وشرح أن "هناك آخرون قدموا إلى ليبيا لأسباب اقتصادية، لأن الاقتصاد الليبي كان في السابق مصدراً لفرص العمل للكثير من الأجانب".
كذلك فإن ظروف احتجاز اللاجئين الانتقاليين والإقتصاديين والسياسيين من الدول المجاورة تشكل أيضاً مصدر قلق كبير للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
فيقول تشيونغ، "كثير من هذه الظروف هي أدنى بكثير من المعايير الدولية، ويزداد هذا الوضع سوءاً بسبب عدم وجود التمويل الدولي مما يؤدي لزيادة حرمان المراكز من الموارد اللازمة لرعاية المعتقلين وتقديم الرعاية الطبية الكافية لهم وتمكينهم من الحصول بشكل مستمر علي الغذاء والماء".(آي بي إس / 2012)
بقلم ميل فرايكبيرغ/وكالة إنتر بريس سيرفس
المشردون داخل بلادهم, خارج مخيم في الكفرة بجنوب ليبيا. Credit: UNHCR. |
طرابلس, أغسطس (آي بي إس) - النساء الحوامل يجهضن بسبب سوء المعاملة، والمعتقلين- وغالبيتهم من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى- يحرمون من الطعام والماء الكافي. وغرف السجون الصغيرة تكتظ بما بين 80 إلى 100 من المعتقلين الذين تعرضوا للعدالة التعسفية من الميليشيات الليبية.
وفي غضون ذلك، يتم ترحيل الصوماليين المضطهدين سياسياً بشكل قسري إلى مقديشو، ويموت مئات الناس أثناء محاولتهم الفرار بالقوارب من ليبيا سعياً لحياة أفضل في أوروبا.
هذه هي ظروف الأشخاص النازحين داخليا في ليبيا ما بعد الثورة، والذين يصل عددهم لحوالي 80,000 نازحاً. هؤلاء اللاجئون يشملون ليبيين تم تطهيرهم عرقياً من البلدات والمدن بسبب دعمهم للدكتاتور السابق معمر القذافي، وأخرين فروا من القتال المتواصل بين الميليشيات المتنازعة في انحاء البلاد.
ويشمل هذا العدد المهاجرين لأسباب اقتصادية وانتقالية، وأولئك الذين يطلبون اللجوء السياسي من دول الجوار، وكلهم محتجزين في 25-30 مركز إعتقال ومخيمات اللاجئين التي تديرها الحكومة والميليشيات والجيش والشرطة. وتتلقى العديد من هذه المراكز مساعدات من منظمات غير حكومية ليبية ودولية ولكن مواردها محدودة.
ويقول صموئيل تشيونغ من المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في طرابلس لوكالة إنتر بريس سيرفس، "في شهر مايو وحده قتل 100 شخصا وهم يحاولون العبور من ليبيا إلى أوروبا على متن قوارب مكتظة وغير صالحة للإبحار. وفي كل شهر هناك الآلاف من اللاجئين الذين يقومون بهذه الرحلة الخطرة لأنهم في حاجة يأس شديد".
ويضيف تشيونغ أن "الأشخاص الأكثر عرضة للخطر على القوارب هم النساء الحوامل والرجال الذين يعانون من آثار طلقات نارية لأنهم غير قادرين على الحصول على الرعاية الطبية الكافية".
وهناك ما يقارب 20,000 -من أصل 35,000- من الطوارق (البربر) المشردين داخليا، وكثير منهم كانوا من أنصار القذافي، ويملئون عدد من مخيمات اللاجئين في طرابلس وبنغازي بعد أن تم تطهيرهم عرقياً من تاورغا ومصراتة خلال الثورة.
وكانت بلدة تاورغا قد استخدمت كقاعدة للهجوم للقذافي على معقل مصراتة الذي يبعد 38 كيلومتراً.
منزل نفيسة محمد مكتظ الآن، فالغرفة الخانقة في المبنى السابق التجهيز بموقع البناء التركي السابق تقع على طريق المطار في طرابلس.
أما محمد، 31 عاما، وهو سكرتير سابق في جامعة مصراتة، فلديه "ترف" الإحتفاظ بالغرفة له وحده، وذلك بعكس معظم ال 400 عائلة من المشردين الطوارق الآخرين في مخيم فلاح للاجئين، الذين يجبرون على النوم على فرشات رقيقة على الأرض.
ويقول محمد لوكالة إنتر بريس سيرفس، "قتل ولدي وعمره سنة خلال القتال في مصراتة بين مؤيدي الثورة المتمردين وانصار القذافي في تاروغا. كما توفي اثنان من اخوتي في الحرب، واحد خلال القتال، والآخر، وكان من المدنيين، اختطف في مطار بنغازي من قبل ميليشيات مصراتة وتعرض للضرب حتى الموت في غضون يوم من وصوله إلى مركز الاعتقال بمصراتة".
كذلك فقد قتل ابن عم محمد عندما كان مع مجموعة من المقاتلين الموالين للقذافي وقام المتمردون المؤيدون للثورة بملء الشاحنة بالبنزين، وأضرموا فيها النار.
وقاموا بعد ذلك بإرسال أشرطة فيديو للجثث المشوهة لأفراد أسرة كل قتيل. وقيل إن ذلك كان ثمن الجرائم التي ارتكبها أنصار القذافي ضد المدنيين في مصراتة أثناء حصار المدينة.
أما هناء جاب الله (25 عاما) وهي جارة محمد، فقد فرت من مصراتة خلال القتال مع زوجها وبناتها الصغار. وبناتها يقضين أيامهن في اللعب الآن بين القمامة والحصى التي تحيط بصفوف المساكن السابقة التجهيز التي تملأ مخيم فلاح.
وقبل شهر كان زوجها قد اختطف من قبل رجال الميليشيات مصراتة بينما كان يقوم بمهمة في أحد البنوك بوسط مدينة طرابلس.
وتقول جاب الله لوكالة إنتر بريس سيرفس، "زرت زوجي قبل شهر واحد في مركز اعتقال في مصراتة. كانت كتفه مكسورة وكان قد تعرض للضرب المبرح، وليس لدي أي فكرة متى سيطلقون سراحه".
أما مفتاح فهو منسق مخيم فلاح للنازحين. ولم يذكر اسم عائلته لأسباب أمنية. وقد نجا هو أيضا من تورغا خلال الحرب لكنه يخشى مغادرة المخيم الآن خوفاً من تعرضه للخطف من قبل ميليشيات مصراتة التي تقوم بالإغارة على المخيمات بشكل منتظم، واختطاف الشبان الذين لا يعود العديد منهم مرة أخرى.
ويقول مفتاح لوكالة إنتر بريس سيرفس، "على الرغم من أن لنا مطلق الحرية في مغادرة المخيمات، فإن معظم الشباب لا يفعلون ذلك. ونعتمد على النساء في جلب الغذاء والضروريات الأخرى الى المخيم".
هذا ويفيد تشيونغ إن النازحين "في ليبيا يشملون أيضاً الأشخاص الذين فروا من قراهم ومدنهم بسبب القتال الدائر بين الميليشيات المتناحرة. وتعود بعض جذور القتال إلى التوترات في عهد القذافي مع بعض أعمال العنف التي تدور حول النزاعات على الأراضي القبلية، والتي أصبحت الآن نقطة توتر شديد في أعقاب الحرب".
وتشعر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالقلق بشأن الإنتهاكات التي يتعرض لها المشردين داخليا في ليبيا، وعدم وجود عملية قضائية المناسب.
فيقول تشيونغ، "لقد فر العديد من اللاجئين من الإضطهاد السياسي في بلدانهم الأصلية، وجاءوا إلى ليبيا هربا من القمع، ولكن يجري الآن إعادة الكثير منهم قسراً بما في ذلك الصوماليون الذين يواجهون احتمال الموت عند عودتهم".
وشرح أن "هناك آخرون قدموا إلى ليبيا لأسباب اقتصادية، لأن الاقتصاد الليبي كان في السابق مصدراً لفرص العمل للكثير من الأجانب".
كذلك فإن ظروف احتجاز اللاجئين الانتقاليين والإقتصاديين والسياسيين من الدول المجاورة تشكل أيضاً مصدر قلق كبير للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
فيقول تشيونغ، "كثير من هذه الظروف هي أدنى بكثير من المعايير الدولية، ويزداد هذا الوضع سوءاً بسبب عدم وجود التمويل الدولي مما يؤدي لزيادة حرمان المراكز من الموارد اللازمة لرعاية المعتقلين وتقديم الرعاية الطبية الكافية لهم وتمكينهم من الحصول بشكل مستمر علي الغذاء والماء".(آي بي إس / 2012)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق