قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الأربعاء، 8 أغسطس 2012

خالد حجار : هل سقط نظام كامب ديفيد أم لبس ثوبا إسلاميا؟

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
هل سقط نظام كامب ديفيد أم لبس ثوبا إسلاميا؟
شبكة البصرة
خالد حجار - فلسطين

ما كان لهيلاري كلنتون الطلب من مبارك التنحي، لولا تأكدها من البديل الجاهز وبالمقاس الذي تريده لمصر، بل ولم تفاجأ امريكا بفوز الإخوان المسلمون بالانتخابات البرلمانية والرئاسية، والنتيجة هي بقاء النظام يدور في نفس المسار مع عملية تجميل بسيطة تتمثل بإلباسه ثوبا إسلاميا في محاولة أمريكية لستر عورته .
الثورة الجماهيرية المصرية المباركة التي قدمت الشهداء لإسقاط النظام، كانت تهدف للنهوض بمصر وإعادة السيادة لها والعدالة والحرية، فهل امريكا تنازلت عن حليفها الاستراتيجي في مصر لتحقيق طموح الشعب المصري من أجل حماية حقوق الانسان ونشر الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية؟ ام انها قامت بمسرحية لاحتواء الثورة المصرية وحافظت على النظام وطبيعته مع بعض التغييرات والتي أهمها إسقاط مبارك وإجراء الانتخابات التي كانت نتائجها شبه مضمونة لصالح الإخوان المسلمين؟؟؟
يقول المثل العامي راحت السكرة وجاءت الفكرة، وحان تسليط الضوء على الواقع المصري قبل الثورة وبعدها، وقبل ذلك ما هو معنى الثورة؟
الثورة هي : التغيير نحو الافضل وما دامت كلمة ثورة غير مضافة إلى مضاف إليه كأن نقول الثورة الاجتماعية أو الصناعية مثلا، فهي تعني التغيير نحو الافضل في المجالات كافة، فهل الثورة المصرية حقيقة أحدثت تغييرا أو تسعى لإحداث تغيير عبر القيادة المنتخبة؟؟؟ وهل شعرَ المواطن المصري بتغييرات ولو بسيطة في واقعه؟؟؟
لقد اقتطعت اتفاقية كامب ديفيد مصر عن تاريخ ثورة يوليو وأهدافها وانجازاتها، فبعد رحيل الزعيم الخالد، قاد السادات ثورة سلبية (معكوسة) لثورة يوليو حيث افقدها مضمونها، وغيّر أهدافها وكلل ثورته هذه باتفاقية كامب ديفيد، ونقل مصر من المعسكر الثوري الاشتراكي إلى الدولة ذات السوق المفتوح والزج بمصر لتدور في فلك الولايات المتحدة الامريكية.
مصر زمن ناصر الذي كان يقول: "إن الخمسين مليون جنيه (حنوفرها عالجزمة) ولن نسمح بالمساس بسيادتنا وقرارنا"، اصبحت زمن السادات ومبارك تنتظر المعونات الامريكية وتضع قرارها بيد أمريكا لتقلّبه كما تشاء لصالح مخططاتها في لمنطقة. مصر كامب ديفيد اصبح اقتصادها مثقل بالديون رغم فترة الاستقرار التي عاشتها من عام 1973 وحتى سقوط مبارك، بينما يسلم ناصر الخزينة المصرية بعد وفاته عام 1970 لمن بعده دون ديون تذكر وبنمو اقتصادي يفوق معظم دول العالم، وذلك رغم الحروب التي خاضتها ورغم المشاريع العملاقة التي اقامتها ورغم التقدم الصناعي والزراعي ورغم الدعم الذي كانت تقدمه لكل الدول العربية الشقيقة والحركات الثورية العالمية الصديقة .
جاءت هبة الجماهير المصرية الأخيرة ضد نظام مبارك لتقول كفى لهذه السياسة الاستسلامية المدمرة للاقتصاد والعدالة، ونعم للتغيير نحو الأفضل، فهل كان الشعب المصري يريد فقط تغيير مبارك وبقاء سياسته ونظامه؟؟؟ وما هي العوامل التي دمرت الاقتصاد المصري وألقت به في غيابة الجب لتلتقطه الدول الاستعمارية؟؟؟
لا شك أن المتتبع للواقع المصري يدرك ان أسباب تدهور الاقتصاد المصري وفقدان العدالة والسيادة والدور المصري العالمي والعربي يكمن في الخطوات التي اتبعها السادات ومبارك وهي تتلخص بالسياسات التالية:
1- سياسة السوق الحر المفتوح وفتح باب الاستيراد دون حساب او رقيب مما ادى إلى إغراق السوق المصري بالمنتجات الاجنبية على حساب الصناعات والمنتجات الوطنية .
2- سياسة الخصخصة ووقف السياسة الناصرية المنهمكة ببناء المصانع وتطويرها والسعي للاكتفاء الذاتي عبر النمو الاقتصادي المحلي .
3- ارتباط القرار المصري العضوي بالولايات المتحدة مما ادى إلى فقدان مصر سيادتها واستقلالها ودورها الطليعي في المنطقة والعالم.
4- اتفاقية كامب ديفيد بشقيها السياسي والاقتصادي مع إسرائيل والذي اجبر مصر لأن تتجه إلى النظام الرأسمالي التابع وفقدان سيادتها الحقيقية على سيناء حيث قسمت هذه المنطقة إلى مناطق ABC تماما كما قسمت الضفة الفلسطينية في اتفاق أوسلو .
5- قبول مصر المعونة الامريكية السنوية المشروطة والتي فرضت على مصر شروطا قاسية تمنع من تطورها الصناعي والزراعي وتجعلها تنتظر فقط المستثمرين الرأسماليين من الخارج وهؤلاء بدورهم حولوا مصر إلى ملكية خاصة لهم فازدادت طبقة الاغنياء غناء فاحشا وازداد الفقراء فقرا فاحشا، وعمت البطالة والجوع من جديد كما كانت زمن الملك فاروق المرتبط ارتباطا عضويا ببريطانيا العظمى، فلا فرق بين السادات ومبارك والملك فاروق من حيث سياستهم سوى أن السادات ومبارك غيروا الارتباط العضوي للاقتصاد المصري بالأمريكي بدل البريطاني.

إذن الثورة المصرية الحقيقة يجب ان تتمحور أولا في تحرير الاقتصاد المصري من الارتباط بأمريكا او أي جهة خارجية والاعتماد على الذات والعودة إلى عملية البناء التي كانت زمن الخمسينيات والستينيات سواء على الصعيدين الصناعي والزراعي أو الاجتماعي والثقافي، فهل سيعمل السيد مرسي على تحرير الاقتصاد والنهوض به أم أنه سيبقى رهينة المعونات الاجنبية مقابل المحافظة على سياسة مبارك في المنطقة والتمسك بكامب ديفيد؟؟؟
بدأ السيد مرسي بإعلانه الصريح لطمأنة الجهات الخارجية بالمحافظة على كل الاتفاقيات السابقة، وطبعا يقصد الموقعة من قبل النظام المصري زمن السادات ومبارك وليس زمن عبد الناصر؛ فمصر الناصرية كانت موقعة عشرات الاتفاقيات مع دول العالم قام السادات بإلغاء معظمها بطريقة او بأخرى لينفذ سياسته الخبيثة، بينما السيد مرسي يلتزم بكل الاتفاقيات التي وقعها السادات للإبقاء على سياسة السادات الخبيثة.

قد يتساءل البعض وهل مصر واقتصادها هو فقط عبارة عن اتفاقيات؟؟؟
اقول بكل ثقة إن الاتفاقيات التي ابرمتها الحكومة المصرية زمن مبارك والسادات لا تدع مجالا للاقتصاد المصري ان يستقل بنفسه ويستطيع بناء ذاته والنهوض بمصر ليمكنها من استعادة قرارها المستقل وسيادتها ومن ثم استعادة دورها الطليعي الوطني والقومي والعالمي.
بصراحة متناهية إن سياسة السيد مرسي هي سياسة الالتفاف على الثورة وبيعها في المزاد العلني، مقابل الجلوس على الكرسي وتمكين الإخوان المسلمين من حكم مصر بموافقة دولية، وهذا يعني أن حركات التغيير التي تقودها اجنحة الإسلام السياسي في المنطقة لا تتعدى تغيير اسماء الزعماء واستخدام الشعارات الدينية الجوفاء التي يطلقونها لشد المواطن العربي البسيط واستقطابه لصالحهم.
إن المتتبع لتاريخ هذه الحركات وسياساتها يجزم بما لا يدعو للشك بان هذه الحركات قد تشكلت لتكون خط الدفاع الأخير للقوى الاستعمارية وسيطرتها على المنطقة، فهي تسير بخطى مدروسة وواضحة ضد أي نهضة عربية حقيقية تقوم على أسس علمية متينة، وهذا ما يفسر وقوف الإخوان المسلمين ضد سياسة مصر الناصرية وتناغمها مع سياسة السادات والعديد من الدول الموالية للهيمنة الأمريكية في المنطقة.
إن استمرار الحراك الجماهيري في مصر الذي حتما سيتطور باطراد مع شعور المواطن المصري بان التغيير الذي طالب به لم يحدث ولم يشعر به على الارض، سيكشف زيف هذه الجماعة بتسارع وذلك لان بداية حكمهم كانت باتفاق مع الولايات المتحدة الامريكية الحليف الرئيسي والمركزي للكيان الصهيوني، وأن امريكا لن تسمح بنهضة الاقتصاد المصري وتحرره من هيمنتها ولن تسمح لأي نظام مصري ان يخرج عن مسارها الذي وضعته له.
لن يستطيع السيد مرسي التحرر من قيود امريكا وأغلال اتفاقياتها طالما أن الاقتصاد المصري موضوع في سلة المخططات الامريكية وينتظر مساعداتها المشروطة ؛ فالدول الرأسمالية لا تمنح المساعدات لأي جهة دون شروط تمكنها من السيطرة على كل شيء في تلك البلد.
إن المطلوب اليوم في مصر لأجل مستقبلها هو استمرار الثورة وتطورها من اجل اسقاط خط الدفاع الأخير للهيمنة الاجنبية في هذا البلد، والعمل فورا على وصول قيادة ثورية تحكمه ضمن مخطط مدروس يعيد لمصر استقلالها الاقتصادي ومن ثم الاستقلال السياسي وحقها في السيادة على كامل ترابها الوطني بما فيه سيناء دون شروط، والعمل على إعادة عجلة الاقتصاد والثورة الاجتماعية والثقافية الثورية إلى ما كانت عليه زمن الخمسينيات والستينيات، وهذا يحتاج لجبهة داخلية قوية متماسكة لا تقوم على اساس مسلم وكافر بل مواطن مصري مخلص وشعب موحد، لأن مصر قد تتعرض لعدوان عسكري مباشر كالعدوان الثلاثي الذي تعرضت له عام 1956 إذا ما سعى السيد مري لتحرير الاقتصاد المصري من الهيمنة الراسمالية العالمية والنهوض به لينافس هذه الدول ويحد من سيطرتها على المنطقة.
شبكة البصرة
الاثنين 18 رمضان 1433 / 6 آب 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق