أصول فن التضليل
بقلم: براندون سمث
الأكاذيب هشة وتحتاج بشكل دائم الى رعاية للابقاء عليها حية حيث ان عرض حقيقة واحدة قد تهد جبلا من الاكاذيب .
في هذه المقالة سوف نستعرض الطرق المستخدمة لتخصيب وانماء التضليل وكذلك كيفية التعرف على جذور التضليل واجتثاثها. طرق التضليل الاعلامي
بعض الاساليب الرئيسية المستخدمة في وسائل الاعلام لتضليل الجمهور كما يلي:
1- اكذب الكذبة بعناوين ضخمة ثم صححها في الصفحات الداخلية: وهذه طريقة متبعة في الصحف المعروفة بأنها تنشر الاخبار الكاذبة وغير الموثوق بها على الصفحة الاولى ثم حين يتضح الكذب تنشر التصحيح في الصفحات الداخلية بعناوين صغيرة لا تجذب انتباه احد. والغرض من هذه الطريقة هو حفر القصة في وعي الناس وحين تتضح الحقيقة يكون الوقت متأخرا و جزء كبير من السكان لن يلاحظوا او لن يقرأوا التصحيح.
2- المصادر غير المؤكدة او المجهولة: تنسب الاخبار عادة الى مصادر غير مسماة ، مصادر حكومية لها اجندة او منحازة بشكل واضح او مصادر (خبراء) بدون تقديم وجهة نظر (خبراء) لهم وجهات نظر مختلفة.
3- الحذف المحسوب: والفكرة هنا هي ان معلومة بسيطة او حقيقة يمكن ان تنسف خبر مضلل بكامله وهكذا بدلا من ذكر تلك المعلومة يتظاهر الناشر وكأنها غير موجودة. وبحذف الحقيقة تبدو الكذبة معقولة تماما. ويستخدم هذا الاسلوب ايضا بكثافة حين ينخرط المضللون والصحفيون المنحرفون في جدل مفتوح.
4- الإلهاء: احيانا تصل الحقيقة الى وعي الجمهور مهما فعل الاعلام لتغطيتها ودفنها. حين يحدث هذا فإن الطريقة الوحيدة للعلاج هو تشتيت تركيز الجمهور عن الحقيقة التي يوشك على التقاطها. وتقوم وسائل الاعلام بهذا عن طريق (زيادة التركيز على موضوع لاعلاقة له بالموضوع الحيوي مثار البحث. مثلا تتناول وسائل الاعلام قصة تافهة وتظل تعيدها وتكررها وتتابعها فيعتقد الجمهور بأهمية القصة طالما أن وسائل الاعلام تزيد وتعيد فيها.
5- اساليب الجدل غير النزيهة: احيانا يتمكن الناس ذوو النزاهة والمصداقية والباحثون عن الحقيقة من الظهور في التلفزيون . ولأن وسائل الاعلام تعرف انها ستفقد مصداقيتها اذا لم تسمح للضيوف ذوي الاراء المعارضة بالظهور بين حين وآخر فلهذا تصمم جلسات جدل تلفزيونية مخصصة وسط بيئة مقيدة تضع الضيف في حالة دفاعية وتجعل من الصعب عليه ان يعرض افكاره او الحقائق التي يملكها بشكل واضح وكامل.
يدرب مقدمو التلفزيون فيما يسمى عادة (تكتيكات الينسكي) وكان شاول الينسكي بطلا في استخدام الكذب كأداة لتحقيق (خير اكبر) يمكن القول انه مكيافيلي العصر الحديث. وكتابه (قواعد الراديكاليين) كان موجها بالاساس الى النشطاء الذين يعارضون المؤسسة ويؤكدون على استخدام اي وسيلة ضرورية لهزيمة المعارضة السياسية. ولكن هل من الممكن حقا هزيمة مؤسسة قامت على اكاذيب بدون استخدام اكاذيب اكثر خبثا، وبالتضحية بالاخلاقيات؟ في الواقع كانت ستراتيجياته هي الصيغة المثالية للمؤسسات والحكومات الفاسدة لتنفير الجماهير من المعارضة. واليوم تستخدم قواعد الينسكي من قبل المؤسسة اكثر مما تستخدمها المعارضة. خطة الينسكي هي : اكسب بأي ثمن حتى لو اضطررت للكذب. وتكتيكات الينسكي استخدمت من قبل الحكومات وخبراء التضليل في انحاء العالم ولكنها اكثر وضوحا في المجادلات التلفزيونية وهي مصممة في الواقع لاجهاض المواجهة النزيهة للافكار المعارضة بحيل خبيثة وتشتيت الانتباه. ويمكن تلخيص الاستخدام المعاصر لها كما يلي (حتى تستطيعوا مواجهتها اذا طلب منكم الظهور في برامج حوارية تلفزيونية)
1- القوة هي ليس ما تملكه ولكن مايظن العدو انك تملكه.
نرى هذا التكتيك في اشكال كثيرة مثلا، اظهار ان افكارك هي السائدة وان افكار معارضيك هامشية. اقناع خصمك ان معركته عقيمة . وقد يتصرف معارضك بشكل مخالف او حتى يتردد في التصرف، اعتمادا على مايظن من قوتك. كم مرة سمعنا هذا القول "الحكومة لديها طيارات بدون طيار ولاشيء يستطيع الشعب ان يفعله الان.." وهذا تهويل لقدرة لاتقهر من اجل بعث اليأس والسلبية لدى الجماهير.
2- لا تتجاوز خبراتك وكلما كان ذلك ممكنا اجعل العدو يتجاوز خبراته .
لا تنجر وراء جدل في موضوع لا تعلم عنه الشيء الكثير . اذا امكن جرهم الى مثل هذه الحالة بدلا من ذلك . ابحث عن طرق لزيادة شعور معارضيك بعدم الامان والقلق والشك. وهذه عادة تستخدم ضد الضيوف في برامج حوارية ممن يراد لهم السكوت. يغمر الشخص المستهدف في مناقشات لاعلاقة لها كما يبدو ويطلب منهم التحدث فيها. في التلفزيون والاذاعة يخدم هذا التكتيك إضاعة وقت البرنامج لمنع الشخص المستهدف من التعبير عن افكاره.
3- ضع العدو في موضع الدفاع عن النفس.
الغرض هو استهداف مصداقية وسمعة المعارض باتهامات النفاق. اذا استطاع المحاور ان يمسك معارضه حتى في أهون خطأ ، فذلك يفتح الباب للمزيد من الهجمات ويشتت الاذهان عن الموضوع المثار.
4- الاستهزاء امضى سلاح
كأن تقول "فلان مجنون" "هذا متطرف اعمى" وهكذا فالاستهزاء الذي لا اساس له لايمكن الرد عليه لأنه غير منطقي. ولكنه يغضب المعارض (اذا كان يمس القدوات التي يحترمها او المباديء التي يلتزمها) فيتصرف تصرفا خاطئا يصب في مصلحتك. وينفع الاستهزاء ايضا كنقطة ضغط لاجبار العدو على تقديم تنازلات
5- التكتيك الجيد هو ذلك الذي يستمتع الناس به
مثلا استخدام المصطلحات البسيطة التي لها شعبية والتي تجعل الناس تكررها بدون ضغط او اجبار.
6- التكتيك الوحيد المطول اكثر من اللازم يصيب بالملل
انظر قاعدة رقم 5 . لا تصبح خبرا بائتا. اذا ابقيت على تكتيكاتك طازجة فإنها تشيع الحيوية. ليس كل عناصر التضليل مدفوعي الاجر، يمكن الاستفادة من "الاغبياء" أيضا بوسائل اخرى. التضليل الرسمي عادة يغير المسار من طريقة الى اخرى ثم يعود وهكذا.
7- داوم على الضغط بطرق وافعال مختلفة
استخدم كل المناسبات لتحقيق اغراضك. داوم على تجريب اشياء جديدة حتى تفقد معارضيك الاتزان. وكلما تمكن معارضوك من استحداث طريقة جديدة اضربهم بشيء جديد. لا تترك هدفك يرتاح، او يعيد تنظيم قواه او يغير خططه. استغل الاحداث الجارية ولابأس من لوي معانيها لتعضيد موقفك. لا تترك اي كارثة جيدة تذهب هباء بدون استغلالها.
8- التهديد عادة يخيف اكثر من تنفيذه
هذا متلازم مع قاعدة رقم 1 . اترك معارضيك يستنفدوا كل قواهم وطاقاتهم في توقع سيناريو فظيع منك. وهذا يمكن ان يصيب معنوياتهم بالانهيار الشديد.
9- الهدف الرئيسي للتكتيكات هو الضغط المستمر على المعارضة.
هدف هذا الضغط هو لاجبار المعارضة على اصدار ردود أفعال مستفزة وارتكاب الاخطاء الضرورية لنجاح حملتك
10- يتعلق ايضا بالنقطة 9، استفزاز معارضيك على القيام بأعمال عنف تصب في النهاية في مصلحتك.
وهذا يعني ان تجبر المعارضين للتصرف بعنف يؤدي الى التعاطف الشعبي مع قضيتك وكمثال على ذلك هو ما استخدم هذه الايام في مايسمى الربيع العربي حيث يقوم الناشطون بأفعال تخريبية او تحرشات ضد مؤسسات الدولة مما يجبر الحكومات على الرد بعنف عليها.
11- ثمن الهجمة الناجحة هو البديل البناء
لاتدع العدو يحرز نقاطا أبدا لأنه ليس لديك حلا لمشكلة. اليوم يستخدم هذا عادة بشكل تعسفي ضد الناشطين الشرعيين . مثلا الشكوى من ان معارضك "يشير الى المشاكل " ولكن لا يجد الحل لها. اصر على انك لا تريد ان تسمع "اي حل" وانما "الحل الناجع" وطبعا لا احد يملك بمفرده "الحل الناجع". وحين يفشل معارضك في الاتيان بالحل السحري ، احكم على كل حججه وكل الحقائق التي قدمها على انها بلا معنى.
12- التقط الهدف، جمده ، شخصه، استقطبه
اقطع عن معارضك شبكة الدعم واعزله من التعاطف معه. وسوف يفضح داعمو الهدف انفسهم. اذهب وراء الافراد وليس المؤسسات والمنظمات. يمكنك النيل من الافراد اكثر من المؤسسات.
في المرة التالية التي تتفرج فيها على نقاش ساخن في القنوات الفضائية ، راقب المقدمين بدقة، على اكثر احتمال سوف ترى الكثير من الخطط اعلاه ان لم يكن كلها وقد استخدمت على بعض الافراد الذين يحاولون قول الحقيقة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق