قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الأربعاء، 2 سبتمبر 2015

الدكتور محمود خالد المسافر : كيف تم نهب ثروة العراق النفطية

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
كيف تم نهب ثروة العراق النفطية
شبكة البصرة
الدكتور محمود خالد المسافر
لا بد من الأعتراف اولا بان الكتابة في هذا الموضوع شائك ومعقد وذلك انه مرتبط ارتباطا مباشرا وغير مباشر بمتغيرات دولية تتجاوز قضية العراق الى المنطقة والى محيطها الاقليمي والدولي. ولكننا سنخصص هذه المقالة القصيرة لثروة النفط العراقية التي تعرضت للسلب والنهب خلال الاحتلال وبعدها وقبلها خلال الحصار والتقييد ومنذ التسعينات والى اليوم. النفط هذه السلعة العالمية الحيوية وهي داينمو التنمية العالمية برغم كل محاولات التشكيك ومحاولات الإحلال، لم تنجح الى يومنا هذا بايجاد بديل يمكن الأعتماد عليه وفق معيار الموازنة بين التكلفة والمزايا، لذلك كانت وما زالت هذه السلعة محط اهتمام الدول الاستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا التي تلقت ضربات شديدة بقرار تاميم النفط العراقي في الاول من حزيران يونيو 1972 وما لحقها من اجراءات وسياسيات تنموية ذاتية والتي اشرت بوضوح قدرة البلدان النفطية ولا سيما العراق على قيادة تجربة تنموية كبيرة بالأعتماد على الذات ينقلها الى مصاف الدول المتقدمة في عقد او عقدين من الزمان. وهذه المقدمة البسيطة والسريعة تبين بما لا يقبل الشك لماذا جاءت الولايات المتحدة وبريطانيا من جديد ومن غير مسوغ قانوني دولي. جاؤوا ليسيطروا على مفاتيح النفط وليمنعوا العراق من اكمال تجربته التنموية الذاتية ولكي لا يكون العراق قدوة تنموية لجيرانه وكل البلدان النامية.

حرص الأمريكيون عندما قدموا للعراق على تقسيمه الى كانتونات في ظاهرها سياسية ولكن حقيقتها كانتونات اقتصادية متقاتلة. كل خيوط محركاتها مرتبطة بشكل مباشر او غير مباشر بحكومة الولايات المتحدة الأمريكية واجهزتها الأستخبارية المختلفة فآبار النفط في شمال العراق المعروف بكردستان العراق وكركوك فهي بيد العوائل السياسية التي تسيطر على الأحزاب الكردية واعطت امتيازات الاستكشاف والأستخراج لشركات اجنبية وزعت بدقة من قبل العم سام وفي عقود طويلة الأجل تتجاوز احيانا كثيرة الخمسة وعشرين عاما. وآبار النفط في الجنوب العراقي وهي المعول عليها في الأنتاج العراقي للنفط الخام فان بعضها مقسم بين العوائل الدينية من امثال عمار ابن عبد العزيز الحكيم ومقتدى ابن محمد صادق الصدر، في حين ابقى حزب الدعوة الحاكم تحت يده عقود استخراج النفط من افضل واغزر آبار النفط في الجنوب العراقي ليتقاسم الحزب الحاكم مع الشركات البريطانية والفرنسية الهولندية والصينية والماليزية بعقود وقعت بليل وضمت الكثير جدا من الشروط المجحفة التي ستبقى تسيطر على واقع الانتاج النفطي العراقي ما بقيت هذه الحكومات وما بقيت هذه التعاقدات. واما المصافي الكبيرة وبعض الابار الصغيرة في الوسط والتي يسيطر على اغلبها ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية فانها يراد لها ان تنتقل فيما بعد الى كانتون اقتصادي يسيطر على المنطقة ومرتبط حتما بالغرب الاستعماري.

لقد وقعت ما يسمى بالحكومة العراقية عقود استخراج مجحفة فيها الكثير من اللبس وعدم الوضوح مما يجعل ممكنا مضاعفة كلف الاستخراج بشكل غير مسبوق وغير مسيطر عليه. لقد عانت الدول المنتجة للنفط سابقا والعراق واحد منها من تلاعب الشركات النفطية بتكاليف الأستخراج وشروط العقود التي كتبها خيرة خبرائهم ولم يقرأها الجانب العراقي على نحو متأني مما يدعو الى الظن بان المسؤولين في الجانب العراقي متواطؤون مع تلك الشركات الأجنبية. والمهم اليوم ان الأنخفاض الكبير بسعر برميل النفط يجعل الأقتصاد العراقي كريشة في مهب ريح، نظرا اولا لأنخفاض السعر العالمي لبرميل النفط، وثانيا لحقيقة ان النفط العراقي دائما يكون سعره اقل من السعر العالمي بـ 6 الى 8 دولار للبرميل الواحد، وثالثا عدم قدرة القطاع النفطي العراقي على زيادة الأنتاج النفطي لأسباب فنية وتقنية ولانها تحتاج استثمارات كبيرة وقد توفرت فرصة فريدة بعد 2003 تمثلت بزيادة سريعة في اسعار النفط وكان يمكن ان تقوم السلطات النفطية بمساعدة السلطة المالية باستثمار الفوائض النفطية في تحسين اداء الابار النفطية العراقية، لكن الترليون دولار تقريبا المتكونة من بيع النفط لاكثر من اثني عشر عاما منذ احتلال العراق الى اليوم ذهبت إلى حسابات الفاسدين. ونتيجة لهذه الأسباب فأن تدفق النفط العراقي لن يكفي لسد الأحتياجات الرئيسية للعراق وستعاني السلطة المالية خلال الشهرين القادمين من عدم قدرتها على توزيع رواتب الموظفين والذي تضخم مخصصه بالميزانية بشكل غير منطقي في السنوات القليلة السابقة. ان حاصل 6 الى 8 دولار للبرميل الواحد وهو ما يمكن ان يصل الى وزارة المالية نتيجة بيع النفط بعد خصم تكاليف استخراجه المبالغ بها، لن يكون كافيا لسد رمق الشعب فما بالكم بالتعليم والصحة والخدمات الرئيسية مثل الكهرباء والماء وغيرها.

يبقى ان نقول اخيرا، انه في ظل توزيع النفط على الكانتونات العائلية الاقتصادية والتعاقدات النفطية المجحفة مع الشركات النفطية الاجنبية لن يتمكن العراق من استعادة عافيته الاقتصادية، والحل ابعاد المفسدين وتفويت الفرصة على القوى الأستعمارية لتقسيم العراق الى كانتونات اقتصادية. والغاء العقود المجحفة والذي يتطلب حل البرلمان الذي وافق عليها. تعديل الدستور بما يحمي العراق الواحد ويتصدى للاعبين بامنه وسيادته. واعادة الأموال المسروقة اصلا وما نجم وزاد منها وهي في حيازة السارقين والفاسدين وان تلغى كل الدرجات الوظيفية السياسية التي تكونت بعد الأحتلال وبسببه، وان يضع المختصون من الأقتصاديين خطة تاشيرية للخروج من الازمة وايقاف التدهور ومن ثم توضع خطة خمسية يستعيد فيها الأقتصاد العراقي جزءا من عافيته.
شبكة ذي قار
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق