قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

السبت، 7 أبريل 2012

بيان حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي في الذكرى ( الـ ٦٥ ) لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي



بيان حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي في الذكرى ( الـ ٦٥ ) لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي 
شبكة المنصور
يا جماهير أمتنا العربية ،
أيها المناضلون في لبنان وعلى مساحة الوطن العربي الكبير
عشية السابع من نيسان، لخمس وستين سنة خلت، كانت الأمة العربية على موعد مع حدث عظيم، جاء الإعلان عنه ليشكل إيذاناً ببداية مرحلة جديدة من حياتها، ولتستحضر في تلك اللحظة التاريخية كل المحطات المضيئة في ماضيها، وما عانت منه من استلاب لشخصيتها، وما هو منتظر منها في استعادة متجددة لدورها الرسالي على الصعد الوطنية والقومية الإنسانية.

في مثل هذا اليوم لخمس وستين سنة، تفتحت شرايين الأرض العربية، وتفجرت ينابيعها وانسابت جداولها لتصب في حوض واحد، بُعثت الحياة على جوانبه، وورد إليه كل ظمئً يرتوي من سلسبيله ويعود إلى حيث مُستَقرُه، مشبعاً بروح الحياة الجديدة، مشدود العزيمة، مقدام الفعل، ممتلئاً فكرياً، منطلقاً في رحاب الفكر وبين الجماهير مبشراً بالولادة الجديدة للأمة، التي انتظرت طويلاً قبل أن تكحل عيناها برؤية المنبعث من أحشائها، مجسداً كل معالم مكونها القومي ببنية تنظيمية ومنظومة فكرية.

في ذلك اليوم المجيد، أعيد التأكيد، بأن العرب أمة واحدة، ومهيؤون لحمل رسالة خالدة، شكلت أهدافها الثلاثية في الوحدة والحرية الاشتراكية عناوين النظرية الثورية العربية، التي تستطيع نقل الأمة من حال الوجود بالقوة إلى حال الوجود بالفعل.

لقد جاء تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي في الوقت الذي كانت فيه الأمة العربية تتعرض لهجمة استعمارية جديدة، بلغت ذروتها آنذاك باغتصاب فلسطين، وتبدل مواقع التقرير في النظام الاستعماري، وأنه منذ تلك اللحظة وحتى تاريخه، فإن الأمة ما تزال تخوض صراعاً متعدد الأوجه مع أعداء الداخل والمداخل وحماتهم المتعددي المشارب والمواقع.

وإذا كان اغتصاب فلسطين، شكل الحلقة الأكثر خطورة على المصير القومي وما أفرزه ذلك الاغتصاب عبر الرعاية والحماية الاستعمارية له من أعمال عدوانية متكررة ومآس إنسانية، وأزمات اقتصادية واجتماعية، فإن العدوان على العراق واحتلاله لتسع سنين خلت، شكل الحلقة الثانية من حلقات المشروع الصهيوني- الاستعماري، الهادف إلى فرض سيطرته على الوطن العربي ورسم خارطته السياسية مما يخدم أهدافه البعيدة والقريبة.

لقد وعى التحالف الصهيوني-الاستعماري، أن أمن الكيان الصهيوني لا يستقيم إلا بتكريس نهائية التقسيم للمكون القومي العربي، وتفريغ المحتوى الفكري للأمة من مضمونه القومي، وجعل المكون الشعبي العربي، مجموعة من المكونات المذهبية والطائفية والعرقية، بحيث لا تجمعهم وحدة أهداف ولا وحدة مصير.

وإنه بقدر ما وعى هذا التحالف المتقاطع بالمصالح مع قوى الإقليم التي تريد مد نفوذها وتأثيرها في الداخل القومي، عبر إسقاطات سياسية على بعض المكونات المجتمعية العربية اهدافه، فإن الثورة العربية التي جسد حزب البعث، أهدافها في ثلاثيته، وعت أيضاً، بأن الرد على هذا الحلف المعادي لا يكون إلا عبر المنطلقات النقيضة، على المستوى النظري وعلى مستوى الأداء العملي. ولهذا اعتبر الحزب، أن ضعف الأمة يكمن في تجزئة كيانها القومي، وفي تفسخ وحدة نسيجها الاجتماعي، وأن قوتها تكمن في وحدتها وفي تماسك نسيجها الاجتماعي، ولهذا كانت المقولة التي أطلقها القائد المؤسس الأستاذ ميشيل عفلق، أن الوحدة هي طريق فلسطين، وفلسطين هي طريق الوحدة، هي السبيل لخلاص هذه الأمة، لانه بوحدتها تستطيع تأكيد حضورها كقوة فاعلة في خضم هذا الصراع المتهافت على الوطن العربي، وبالوحدة تنصهر الإمكانات العربية، وتأخذ طريقها للتوظيف في المشروع النهضوي الذي يضع الأمة على طريق التقدم في كل مجالات الحياة.

وإذا كان الحزب قد تعرض لأشكال مختلفة من الاستهدافات، من التخريب التنظيمي، إلى تشويه الدور والسمعة الوطنية، إلى العدوان المادي المباشر والذي كانت أبرز تجلياته العدوان على العراق، فلأن الحزب كان وسيبقى يشكل صمام الأمان لأهداف لأمة، ولأنه المؤهل لقيادة المشروع القومي النقيض لمشروع الاستلاب القومي.

إن الذين حشدوا قواهم ضد الحزب، ومرتكزاته الوطنية، إنما حشدوها عن سابق تصور وتصميم، لضرب هذه الحركة التاريخية، التي نقلت الحراك الشعبي من العشوائية إلى التنظيم المبرمج والممنهج، وكان مناضلوها سباقون للانخراط في كل فعل نضالي وفي كل ساحة عربية اقتضت الضرورة ذلك.

ففي ميدان، العمل الوحدوي، تشهد لهم تجربة وحدة 1958 والدور الذي اضطلع به الحزب آنذاك، وفي العمل المقاوم، كانوا في طليعة الذين انخرطوا في جيش الإنقاذ في مواجهة العصابات الصهيونية، وفي طليعة الذين انخرطوا في صفوف الثورة الفلسطينية بعد انطلاقتها عام 1965، ودون أن تكون إشكالات الانتماء التنظيمي عائقاً أمام طليعيتهم في العمل المقاوم، عندما اختبرتهم ساحات فلسطين ولبنان وأخيراً في العراق، حيث استطاع الحزب أن يقود تجربة رائدة في المقاومة الوطنية ضد أعتى آلة حربية عسكرية، ويفرض عليها الانسحاب بعدما كانت تمنِّي النفس لبقاء طويل وطويل جداً.
 يا جماهير شعبنا في لبنان وفي كل ساحة عربية
بعد خمس وستين سنة من ميلاد حزبكم العظيم، يعود هذا الحزب ليأخذ موقعه الطليعي في حركة الجماهير العربية التواقة للتحرر والتقدم والوحدة، وأن المقولة التي أطلقها القائد المؤسس بأن أمتي موجودة حيث يحمل أبناؤها السلاح، ترجمها واقعاً حسياً على الأرض، ولعل في دحر الاحتلال الأميركي شاهد حي على ذلك. وأنه في أشد اللحظات حراجة وصعوبة، لم ينس أبداً، بأن فلسطين، هي قضية العرب الأولى، هي القضية المركزية، هي القضية، التي بها اتخذ الصراع مع التحالف الاستعماري-الصهيوني بعداً جديداً، وبها ينتهي هذا الصراع، لأنه صراع بين مشروعين نقيضين، حد التناقض الوجودي، وعندما يوفر العراق وهو يخوض صراعاً شاملاً، ضد تحالف متعدد الطرف، حضناً دافئاً للقضية الفلسطينية، وعندما تبقى فلسطين الحاضر أبداً، في كل مفردات خطاب الحزب وأدبياته، وعندما يقرن قائد العراق العظيم وشهيده الأكبر الرفيق صدام حسين، توجيه التحية لفلسطين مع النطق بالشهادتين،عندئذ يعرف الجميع الموقع الذي تتبوأه القضية الفلسطينية في نفوس البعثيين.
 أيها البعثيون في لبنان
إن الحزب عندما انطلق ليتبوأ موقعه الطليعي في قيادة الحركة الجماهيرية العربية، لم يأت إلى الحياة بقرار سلطوي بل جاء في سياق الإفراز الطبيعي للمخاض الشعبي العربي، ومصدر قوته هي الجماهير، لأنها هي حاضنة الشرعية، وهي مرضعته الطبيعية، وبالتالي فإن وجوده النضالي غير مرتبط بوجوده في السلطة، فالحزب الذي يشكل بقرار من السلطة، يذهب مع السلطة التي شكلته، أما الحزب الذي تفرزه الحركة الجماهيرية، فإن استلم السلطة، وسقطت، فإن بقاءه ليس مرهوناً بها، وهذا ما أثبته على أرض العراق، عندما تمكنت قوى التحالف الاستعماري الصهيوني، المتقاطع مع النظام الإيراني، إسقاط السلطة في العراق، إلا أنها لم تستطع النيل من الحزب ورغم كل حملات الاغتيال والاعتقال والضغط المادي والمعنوي ولو استطاعت ذلك لما تحرر العراق من الاحتلال الأميركي، ولما واجهت وتواجه إفرازات الاحتلال التي تنفذ أجندة إيرانية مأزقاً في احتواء وضع العراق لمرحلة ما بعد الاحتلال، من هنا نقول، بأن الأمة العربية، ورغم الغيوم المتلبدة في سمائها، فإن مستقبلها مفتوح على بقعة ضوء واسعة. وهذه البقعة تجسدها المقاومة الشعبية للعدوان والاحتلال الأجنبي وحيث يضطلع الحزب بدور مركزي فيها، من خلال مركزية الموقع الذي تصدى من خلاله للهجمة الاستعمارية الجديدة بحلتها الأميركية،
 وعلى أساس هذ المعطيات، نقول بكل الثقة بالنفس، أن المرحلة الحالية، تنشد بالعودة إلى الينابيع الفكرية الأصيلة، لإعادة طرح منظومة الفكر القومي، كمنظومة فكرية متكاملة، لتشكل دليلاً نظرياً للحراك الجماهيري ولتحول دون انشداده إلى منظومات فكرية وسياسية لا تتلاءم وأهداف الأمة في التحرير والتوحد والتقدم.

من هنا، فإن الحركة القومية العربية، أمام تحدٍ جديد، شبيه بالبدايات الأولى التي أعقبت التأسيس، انه تحدي إعادة الاعتبار لدور الجماهير في إنتاج نظمها السياسية، بعيداً عن التعليب والاستلاب، وانه تحدي إعادة الاعتبار للديموقراطية كناظم للحياة السياسية في المجتمع العربي في مختلف مكوناته الوطنية، وانه تحدي إقامة نظام المساءلة الشفافية وتحقيق العدالة الاجتماعية، وانه تحدي استحضار قضية الوحدة، كشعار مركزي في كل حراك سياسي وشعبي وبالموازاة استحضار قضية فلسطين، كقضية مركزية في النضال العربي، لأنه مع فلسطين كانت البداية، ومعها تكون النهاية للاغتصاب والظلم والاستلاب وهي التي تكشف من هم مع قضية فلسطين قولاً وعملاً ومن هم مع استغلال شعاراتها لتحقيق مآرب وأهداف خاصة ولو كانت على حساب القضية الفلسطينية.
 في هذه المناسبة، مناسبة الذكرى الخامسة والستين لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي، نقول بأن الصراع مع المشروع الصهيوني لا يقوده إلا المشروع القومي العربي، ومن يريد خيراً لفلسطين، يجب أن يصب جهده في إطار المشروع القومي، ولا يقدم نفسه بديلاً، عبر الاختراق التخريبي. ونقولها إن كل من يكون ضد الوحدة العربية، إنما يخدم المشروع الصهيوني، أدرك ذلك عن وعي أم لم يدركه، وهذه حقيقة ترتقي حد البديهة.

وإذا كنا نؤكد على أهمية العودة إلى الينابيع الأصيلة، فلأن الحزب الذي انطلق إلى الحياة في ربيع عام 1947، يعتبر أن لكل مرحلة عربية ربيعها، وأنه إذا ما تعرضت الأمة لبعض الانكسارات في مسيرتها النضالية الطويلة، فإن الإفرازات السلبية لهذه الانكسارات لا يمكنها أن تحجب المعطيات الإيجابية والتي تبرز من خلال حضور الفعل المقاوم، حيث توفرت الظروف الملائمة، والحراك الشعبي الذي انطلق في أكثر من ساحة عربية بعضها دخل مخاض المرحلة الانتقالية وبعضها الآخر يواجه بتعقيدات كثيرة وتداخل مؤثرات عديدة في تحديد مسار اتجاهاته.

هذا الحراك الشعبي، نحن معه على قاعدة سلميته، ووطنيته، وديموقراطيته، وحرصه على وحدة كل قطر في مواجهة المخطط التقسيمي ورفضه لكل أشكال التدخل الأجنبي، وعدم الانزلاق إلى صراعات مذهبية وطائفية واثنية، ونحن إذ نقف دائماً في صفوف الجماهير، فلأننا وكما يقول القائد المؤسس، إنما نصبوا إلى الحرية، ونطلب الاستقلال والحرية، وإننا لا نقود في الصباح مظاهرة ونأكل في المساء على طاولة الظالمين.

وإذا كانت القوى الوطنية والديموقراطية، تواجه تحدي عدم القدرة على استيعاب الشارع، فلأنها تفتقر إلى التنظيم وإلى التوحد في ما بينها وعدم وضوح في الربط الجدلي بين أهداف التغيير الديموقراطي وأهداف التحرر الوطني ومواجهة التحديات القومية وفي الطليعة منها الاغتصاب الصهيوني لفلسطين.

ولهذا فإننا وفي هذه المناسبة، مناسبة الذكرى الخامسة والستين لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي، ندعو كافة القوى الوطنية والقومية من مختلف أطيافها، إلى التوحد كي تستطيع أن تقدم بديلاً تغييرياً جديداً، على مستوى المفاهيم، وعلى مستوى الأداء العملاني، وإلا فإن المرحلة الانتقالية ستطول، وستكون فاتورة التكلفة مرتفعة جداً. وان الحزب سوف يمد يده لكل القوى الوطنية المخلصة، لأجل إنجاز إصلاح جدي وفعلي في بنية النظام اللبناني، وبما يحقق عدالة متقدمة على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ومدخله إلغاء الطائفية السياسية، وعلى المستوى العربي، فإن المطلوب حماية إنجازات المقاومة العربية، واحتضان فعالياتها ضد أعداء الخارج ومخربي الداخل، وندعو القوى العربية المنخرطة في الحراك الشعبي، لأن تكون شديدة الحرص على ديموقراطية التعبير وعلى توحيد رؤيتها الوطنية، وعدم ترك الساحة مفتوحة للقوى الظلامية وتلك التي تقدم نفسها على أنها تمثل الحقيقة بكليتها.

إننا في هذه المناسبة، الذكرى الخامسة والستين لتأسيس الحزب نوجه التحية للرفيق القائد المؤسس الأستاذ ميشيل عفلق، ونقول له أن الحزب بخير، طالما بقي ينهل من معين الفكر البعثي الأصيل.
ونوجه التحية لشهيد الأمة، وقائد العراق العظيم، الأمين العام  للحزب الرفيق صدام حسين الذي قال أن أميركا ستندحر على أسوار بغداد وقد اندحرت، وأنه سيبقى دائم الحضور في الذاكرة الشعبية لشعب العراق والأمة، وسيبقى محجة سياسية لكل أبناء العراق أين استقر ضريحه على أرض العراق.

ونوجه التحية إلى الرفيق عزت إبراهيم الدوري الأمين العام للحزب وقائد جبهة الخلاص الوطني للتحرير والجهاد.
تحية للمقاومة العراقية
وتحية للمقاومين العرب أينما ناضلوا في مواجهة كل محتل وغاصب،
تحية لفلسطين وانتفاضة جماهيرها
تحية للمعتقلين في سجون ومعسكرات الاحتلال الصهيوني ومعسكرات إفرازات الاحتلال الأميركي في العراق
تحية لكل شهداء الأمة العربية
وعهداً أن تستمر مسيرة حزبنا حتى تحقيق أهداف أمتنا في الوحدة والحرية والاشتراكية

حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي
السابع من نيسان / ٢٠١٢

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق