إحقر الناس الذين قابلتهم في حياتي هم أولئك الذين ساعدوني على إحتلال أوطانهم
هتلر
خونة اوطانهم لا يستحقون مصافحتي وحقهم هو الذهب فقط
نابليون
ردا على جنرال ساعده على احتلال بلده وطلب مصافحته
حينما ادعت جهات امريكية ان ايرانجيت كانت خطأ مسؤولين وليست سياسة ثابتة قلنا كلا انه تمويه لاخفاء الحقيقة فالذي حصل كان نتاج خط ستراتيجي ثابت ومدروس ولم يكن خطئا بأي شكل، لان السياسة الامريكية لا يتولاها هواة او ناقصي تجربة، او ذوي الرؤوس الحارة الذين يقررون فجاة ما يجب عمله بدون دراسة شاملة ومن قبل متخصصين وخبراء، فهي تخضع اولا لتخطيط بعيد المدى وتدقيق استخباري وبعد ذلك تعرض على الكونغرس لاقرارها قبل البدء باي خطوة جوهرية خصوصا الحرب او التدخل في حرب، وحتى صلاحيات الرئيس الامريكي تخضع لضوابط تجعله لا يقدم على خطوة تتناقض مع ما اقر من سياسات عامة. وحينما جاء غزو العراق (2003) وظهرت (عراقجيت) وهي الابن الشرعي لايرانجيت وامتداد طبيعي لها، وعراقجيت تعني التعاون الامريكي – الايراني في انجاح غزو العراق، قالوا في واشنطن وطهران انها خطة انتهازية طارئة، ولكننا كررنا القول : كلا انها خط ستراتيجي ثابت وهي امتداد طبيعي لايرانجيت.
والان ونحن نشهد بعيوننا وليس في الكتب فضيحة بحرينجيت والتي تتمثل في دعم امريكا للسياسة الايرانية في البحرين وتوافقهما حول اسس الدعاية والعمل لتدمير الهوية الوطنية والانتماء القومي للبحرين وليس ضد النظام فقط، يقول البعض من المشبوهين تعليقا على الموقف الامريكي ان امريكا لم تغير موقفها ومازالت تتأمر على حقوق شعب البحرين وتدعم النظام ضد المعارضة، يقول هذا وكأنه لم يرى ولم يسمع ما يقوله السفير الامريكي ولا ماتصرح به الخارجية الامريكية والرئيس الامريكي تجاه البحرين، ولذلك نكرر القول انه تضليل فاضح لدرجة ان من يقوله لا يستطيع النظر في المرأة لرؤية صفرة وجهه وهو يقوله! فالذي يراه الجميع الان وبلا اي تزويق هو دعم امريكي مباشر لعملية التهميد لضم البحرين لايران وما يقوله ويفعله السفير الامريكي في البحرين كاف كليا لتشخيص الموقف الامريكي الحقيقي والفعلي والرسمي، فهو يبدو كأنه عضو قيادي في حزب الدعوة البحريني (جمعية الوفاق) ويصرح بنفس اقوال هذا الحزب ويطرح نفس مواقفه.
ما حكاية شراكة العدوين اللدودين امريكا وايران؟ ما قصة الحب والكراهية بينهما والتي سادت مسرح الاحداث الاقليمية منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي وتواصلت في القرن الجديد؟ لننظر بعين مفتوحة وعقل متجرد من العاطفة لما جرى ويجري ونقرأه بدقة وتأن.
حتى عام 1979 كانت ايران الشاه احد اهم عمودين رسميين للستراتيجية الامريكية تجاه الوطن العربي ومحيطه الاقليمي، وكانت اسرائيل العمود الثاني ولذلك سميت تلك السياسية بسياسة العمودين، وكانت مهمة ايران في اطارها هي قمع حركة التحرر الوطني العربية، لكن ايران تحولت بعد وصول خميني للسلطة في عام 1979 الى العمود والعماد الستراتيجي الاول والاهم للستراتيجية الاقليمية الامريكية وانزلت مرتبة وادوار اسرائيل ومصر السادات وحسني مبارك وغيرهما الى مستوى أدنى كداعم للطرفين الاساسيين في المعادلة الستراتيجية الاقليمية وهما امريكا وايران الملالي. هل نخالف الواقع حينما نقول ان ايران خميني هي الشريك الستراتيجي الاخطر لامريكا في منطقتنا منذ عام 1979؟ قبل الاجابة دعونا نتناول الوقائع كما حصلت على الارض.
1 – كان نظام الشاه معزولا عربيا ومحسوبا بحق على المعسكر الاستعماري لذلك لم يكن وطني عربي واحد يفكر بدعم نظامه، وهكذا اصبح شركاءه هم الرجعيون العرب التابعين للغرب فقط. وكتحصيل حاصل عجز الشاه لهذا السبب وبسبب نزعته القومية الفارسية الصريحة في ترويج الطائفية في الوطن العربي، وبقي قوة اقليمية عظمى تقمع حركات التحرر العربية كما حصل في عمان، او تستنزف انظمة التحرر الوطني كما حصل مع مصر عبدالناصر ومع العراق بعد ثورة تموز عام 1968.
2 – بعد اقصاء الشاه بقرار امريكي - اوربي – صهيوني مشترك برزت الخمينية، ومن رحمها ولد امتدادها القومي الفارسي الخامنئية، كابرز واهم شريك لامريكا. ولنثبت ونثبّت هذه الحقيقة من الضروري التذكير بما كان قائما في الوطن العربي قبل خميني وما حصل بعد ان بدأ عمله لان العبرة في الاعمال ونتائجها وليس في النيات، والتغيير الجذري في الاوضاع الذي حصل بفضل دور الخمينية في المقام الاول دليل حاسم وقاطع على صحة ما قلناه، فما هو هذا التغيير الجذري والستراتيجي الذي احدثته الخمينية في الوطن العربي؟
كلنا نعرف جيدا انه قبل عام 1979 كان الوطن العربي يعد الصراع العربي – الصهيوني هو الصراع الرئيس ولم يكن هناك اي صراع يفوقه اهمية، وكان الوطن العربي لا يواجه تحدي الفتن الطائفية ولم نعرف ولم نسمع بفتنة طائفية، وكنا نستغرب وندين بشدة طائفية الوضع الاستثنائي والفريد في لبنان بصفته وضع محاصصات طائفية رسمية ودستورية، وكانت المواطنة المتساوية، وبغض النظر عن الانتماء الديني والاثني، هي القاعدة الاساسية المعتمدة في الدول العربية. ونحن نطلب من كل من يعترض ان يدلنا على حالة واحدة غير لبنان كانت فيها مشاكل طائفية بارزة. باختصار شديد لم نكن قبل خميني نسمع بفتن شيعية – سنية، ولا بصراع مسيحي - اسلامي، ولا بصراع عربي مع الاقليات القومية او الاثنية باستثناء بعض الزعامات الكردية في شمال العراق وفي جنوب السودان، وكنا نرى ونعيش الصراع مع الكيان الصهيوني وداعميه فقط وكنا نناضل ضد الديكتاتوريات والفساد والتبعية للغرب والتطبيع مع الكيان الصهيوني، وفي العراق كنا منصرفين لبناء انموذج النهضة القومية وانجزت الكثير من المهام الوطنية والاجتماعية والقومية، ومنها محو الامية والفقر وانهاء التخلف وبدء دخول العراق نادي الدول المتقدمة وامتلاكه العلم والتكنولوجيا...الخ.
الخمينية والخامنئية حققتا الحلم الصهيوني الامريكي الكبير بنشر الفتن الطائفية وتحويل ولاء بعض العرب من الولاء الراسخ لهويتهم الاصلية والثابتة وهي الهوية القومية العربية، ومن الولاء للوطنية القطرية وهي المرجعية التي صنعتها سايكس بيكو الاولى، الى الولاء للطائفة، وهكذا لبننت ايران الكثير من الاقطار العربية، اي جعلتها على شالكة لبنان تعاني من الفتن الطائفية سواء كانت صغيرة او كبيرة، بدل تقويم لبنان، اي جعل معياره في تحديد وضع المواطن هو الهوية القومية وليس الطائفية في علاقاته الداخلية. مضطرون بسبب التزييف المتعمد والتعتيم المنظم على هذه الحقيقة لنقول : نتحدى من يقول العكس وليقدم من لديه الدليل على عكس ما نقول. وفي معمعمة الفتن الطائفية وبسبب اصرار ايران على اسقاط النظام الوطني في العراق وبدء غزوها له اشتعلت الحرب بين البلدين والتي اوقفت عملية بناء انموذج النهضة القومية الناجح واجبرت العراق على التوجه بموارده كافة لمواجهة الخطر الايراني الداهم.
نكرر بقوة لاهمية التكرار الاستثنائية : كنا نعتز بعروبتنا وبهويتنا القومية، وكنا نتمسك بهويتنا القطرية الوطنية بصفتها حجر من احجار بناء التعبير الواقعي عن هويتنا القومية وهو الوحدة العربية، لذلك نظرنا لهويتنا القطرية ليس كما ارادت سايكس – بيكو الاولى كاطار نهائي عازل بين الاقطار العربية بل كحجر من احجار البناء القومي، اي ان القطرية هوية فرعية تابعة للهوية الام القومية العربية. اما بعد خميني وخامنئي فقد وجدنا بعض العرب يشهرون ولاءهم لايران ويحشدون كل قواهم لدعمها، ولم يكن هذا الدعم ضد طرف ثالث، لكنه مع الاسف كان ومازال ضد وطنهم وضد هويتهم القومية وضد جذورهم!
ان وقاحة حسن نصرالله، مثلا، في اعلان الولاء المطلق لايران هو قمة الخيانة القومية والوطنية، فهذا الرجل وحزبه حققا لايران ما عجز الشاه عن تحقيقه وما لم يتجرأ موسى الصدر الايراني الجنسية على قوله وفعله والذي جاء الى لبنان لتحويل الولاء من ولاء للامة العربية والهوية القومية العربية الى ولاء للطائفة، ومن ثم الولاء للفرس كامة، تحقيقا لوعد فارسي قديم بتدمير ملك العرب اقسمت عليه النخب الفارسية بعد فرض الاسلام بالقوة على بلاد فارس وتحطيم اخر امبراطورية فارسية. ولحساسية الموضوع لابد من التذكير بحقيقة تاريخية يعرفها ابناء لبنان وهي ان الضاحية الجنوبية من بيروت، وسكانها عرب اغلبهم شيعة، كانت من اهم مراكز القومية العربية في لبنان وكانت صور عبدالناصر وشعارات البعث القومية تتصدر المخازن والبيوت والمقاهي وقبلها قلوب ابناء الضاحية، كان كل ذلك قبل خميني وقبل ظهور الوكيل الرسمي لايران في لبنان حسن نصر الله.
لكن هذه الضاحية ذاتها، وقبل واكثر من غيرها، اصبحت اخطر اوكار ايران ومراكز خدمتها وخدمة خططها الاستعمارية والتوسعية على حساب العرب، وحلت الصور العملاقة لخميني وخامنئي، بل وحلت صور من يسمون ب(شهداء ايران)، محل صور عبدالناصر والشعارات القومية العربية وغزت فضاء الضاحية الجنوبية التي اصبحت خالية من اي اشارة الى انها منطقة من لبنان العربي، وكان اول انطباع للزائر اليها هو انطباع انها حي من احياء طهران، وهذا الانطباع تكوّن لدي فورا دخولي الضاحية، وهنا تكمن وقاحة ايران وتحديها لمشاعرنا وهويتنا كعرب! والسؤال الكبير هو : من حقق هذا التحول النوعي؟
ان اخطر انقلاب ستراتيجي في الوطن العربي والعالم الاسلامي لم يتحقق بفضل قوة امريكا واسرائيل بل بجهد ايران خميني وخامنئي، وهو الانتقال من مرحلة الصراع الوطني والقومي التحرري مع الاستعمار والصهيونية، وهو الصراع الاصلي والطبيعي، الى مرحلة الصراعات الطائفية ضمن القطر الواحد بين ابناء الشعب الواحد، وهو صراع مصطنع ويخدم امريكا والصهيونية. وهذا الانجاز الستراتيجي وكما هو واضح على الارض ومن خلال الوقائع والمواقف الرسمية نجحت في تحقيقه ايران الملالي فقط وفشلت في تحقيقه بريطانيا وفرنسا وبعدهما فشلت امريكا واسرائيل، وهذه الحقيقة العيانية والمشاهدة على الارض تنسف من الجذور ادعاء بعض الكتاب والساسة العرب، خصوصا في سوريا وفلسطين والبحرين، القائل بان الفتن الطائفية من صنع امريكا واسرائيل ويبرءون ايران منها صراحة او ضمنا. واترك للقارئ الكريم تقدير دوافع هذا الانكار الساذج لدور ايران في هندسة ونشر الفتن الطائفية ولا اتهم احدا بالعمالة او الارتزاق.
ثم جاء التطور الاخطر المكمل في سياق المخطط الامريكي الصهيوني وهو رفع الصراع الطائفي الى مستوى اخطر واعلى بجعله صراعا اقليميا بين البلدان الاسلامية بعد صعود، او للدقة والامانة تصعيد، حزب اردوغان الاسلاموي وتسليمه الحكم في تركيا العلمانية. لقد اوصلت امريكا المنطقة، بالتعاون مع الاسلامويين الفرس وبعدهم الترك، الى تحقيق هدف ستراتيجي خطير وهو ثنائية التمركز الاقليمي ببروز مركز تركي قومي طوراني يتستر بالاسلام يدعي انه يمثل السنة ويحميهم، ومركز ايراني قومي صفوي فارسي يدعي انه يمثل الشيعة ويحميهم! هذا الانقلاب كان من صنع امريكا ولمصلحة اسرائيل، وهذا صحيح بالتأكيد ولكن الاصح هو ان ايران الملالي هي من حققت هذا الحلم الصهيوني العتيق والخطير وليس نظام الشاه العلماني، واكمل عملية النجاح رجب طيب اردوجان الاسلاموي وليس النظام العلماني التركي السابق، فتحققت مقدمات الحلم الصهيوني بانهاء الوجود العربي تحت غطاء اسلمة المنطقة وتوزيعها ما بين سني طوراني تقوده تركيا وشيعي فارسي تقوده ايران.
ولذلك وبسبب هذا الدور فان امريكا هي من لجمت العسكر الاتراك ومنعتهم من اسقاط اردوجان الذي تبنى شعارات اسلاموية تتعارض مع الاتاتوركية مع انهم كانوا سادة تركيا بلا منازع وكان هدف حماية الاتاتوركية الهدف الاول لتركيا العلمانية، وكان العسكر هم حماة الاتاتوركية خلال العقود التسعة الماضية وغيب عدنان مندريس وغيره لتحديه الاتاتوريكية رغم انه كان تابعا للغرب مثل زميله نوري السعيد. كما ان استاذ ومعلم اردوغان وعبدالله غل وهو الدكتور نجم الدين اربكان زعيم حزبهما اصلا غيبه العسكر ومنعوه من الحكم رغم انه فاز بانتخابات ديمقرلاطية.
ولكن، ودون اي عجب من نجاح رجب، هؤلاء العسكر الاتراك الشرسين والمتحكمين في الدولة والمجتمع التركي انفسهم صاروا قططا وديعة عندما جاء تليمذ اربكان غير النجيب لانه غدر باستاذه وباعه بثمن بخس، وهو ادروجان للحكم وتحدى العسكر واعتقلهم وقدمهم للمحاكمات وهو المدني غير المدعوم حتى من بضعة ضباط، فلم يحدث انقلاب توقعه كثيرون! فهل صمت الحملان الذي يبدو على عسكر تركيا هو بسبب عضلات (السوبرمان) اردوجان؟ ام انه بسبب (الرعاية) الامريكية له وتكليفة بدور كبير في اعادة تشكيل الاقليم كله؟
نذكّر، وللتذكير فائدة لمن ينسى بعد ساعة ما قرأه، بان لجم امريكا لعسكر تركيا العلمانيين ومنعهم من سحق اردوغان الاسلاموي سبقه امر مطابق له لا يجوز نسيانه لقيمته الكبيرة في تفسير الغاز الحاضر، وهو لجم امريكا لعسكر ايران العلمانيين، وكانوا عماد نظام الشاه، ومنعهم من سحق الملالي الاسلامويين والقضاء على الانتفاضة الشعبية ضد الشاه، والذي حدث قبل لجم عسكر تركيا العلمانيين باكثر من ثلاثة عقود من الزمن، وكانت نتيجة ذلك اللجم الحازم وصول خميني وبدء اكبر كوارث العرب : الفتن الطائفية.
وما سنرويه ورد في اقوال، وكذلك في كتابات واعترافات، الجنرال روبرت هويزر وبريجنسكي والشاه وجنرالات ايران، ففي بداية عام 1979 حينما قرر عسكر ايران تنفيذ اوامر الشاه بسحق الانتفاضة الشعبية ضده قام مستشار الامن القومي الامريكي زبجنيو بريجنسكي بارسال الجنرال روبرت هويزر قائد القوات الامريكية في اوربا الى ايران لمنع الجنرالات من سحق الانتفاضة وطلب منهم عدم تنفيذ اوامر الشاه، وبالفعل لم ينفذ هؤلاء اوامر الشاه بعد تقديم هويزر ضمانات لهم بان النظام الجديد لن يعدمهم، كما قال الجنرال ربيعي اثناء محاكمته في ايران بعد سقوط النظام، لكن خميني لم يوفي بوعده لامريكا واعدم الجنرالات بلا تردد رغم انهم ساعدوه في اسقاط الشاه، ولولا ذلك لكان الشاه قد قمع الانتفاضة بالدم والنار.
هل ترون الان كيف خططت امريكا منذ السبعينيات لاعداد المسرح الاقليمي لايصال الاسلامويين للسلطة وحمايتهم وتدرجت في بناء سلم صعودهم، وكان التسلق الاسلاموي الاول هو تسلق جبال ايران ببغل امريكي اسمه (الثورة الاسلامية في ايران) وبنفس الوقت تسلق بغل امريكي ثان جبال افغانستان واسمه (المجاهدين الافغان). هل يمكن فصل هذا التطور المزدوج عن تطور اخر سبقه وهو القضاء على نظام عبدالناصر القومي في مصر وايصال السادات الذي وضع الاسلامويين في مراكز التأثير؟
من اجل نشر الفتن الطائفية وشق المسلمين والعرب دعمت امريكا خميني وساعدته على سرقة (الثورة الايرانية) قبل اكثر من ثلاثة عقود، ومن اجل اكمال تلك الخطوة، التي صارت قديمة ولا يتذكرها كثيرون وان تذكروها لا يربطون بينها وبين ما يجري الان، نجد ان امريكا ساعدت اردوجان على الوصول للسلطة ومنعت العسكر من اسقاطه لينفذ دوره في لعبة الامم، وهو اكمال عملية انشاء استقطاب تركي – فارسي في الاقليم ينهي اي دور للعرب ويجعل بقاياهم، بعد التقسيم والشرذمة، عبارة عن كيانات قزمة ومقزمة تدور في افلاك الغير لا حول لها ولا قوة! اللعبة الامريكية الصهيونية في احد اساليب امرارها تقوم على ترك فاصلة زمنية، قد تطول لتصل الى عقود من الزمن، بين خطوة وخطوة اخرى مكملة لها، اولا لانضاج الظروف لتقبل التغيير، وثانيا لطمأنة الضحية واخماد رد فعله بمنعه من التوصل الى يقين بان الخطوة التالية ستكون استهدافه.
لقد غيّب العرب عمدا وتخطيطا من مسرح الاحداث الخطيرة مع انها ستقرر مستقبلهم، ومن المستحيل اخفاء صلة الانتقام الايراني من القادسية الاولى والقادسية الثانية بما يحصل، مثلما انه من المستحيل اخفاء الانتقام الطوراني التركي من العرب على ما اتهموا به وهو خيانة الدولة العثمانية، انه الانتقام القومي المزدوج الفارسي التركي، وقبل هذا وذاك انه تقدم الشعوبية القديمة بمركزيها الفارسي والتركي للتحكم ببقايا العرب!
تأكيد لابد منه : لمن يقول لا مصلحة لنا في معاداة الترك والفرس بل يجب كسبهم الى جانبنا، كما فعل محمد حسنين هيكل وغيره، نقول له نعم والف نعم لا مصلحة لنا في معاداة الفرس والترك، ولا نريده وهو ليس من مصلحتنا خصوصا نحن في العراق حيث اننا نجاورهم، ولكن ب(اربابكم) ياعبدة (الهة التمر) من هو الذي يشعل الفتن والحروب والعدوانات؟ العرب ام الفرس؟ العرب ام الترك؟ العرب لم يحتلوا ارضا فارسية، وايران تحتل اراض عريية في الاحواز والجزر العربية والعراق وتؤمن بان العراق ودول الخليج العربي كانت فارسية لذلك فاسترجاعها هدف قومي، اما الترك فهم يحنون للايام الخوالي للسلطنة العثمانية التي اهلكت العرب وجردتهم من هويتهم وانسانيتهم بجعلهم فقراء واميين وتابعين لنخب امية بلا حضارة، وضمت الاسكندرون السورية وغيرها وتناضل بلا هوادة لضم الموصل وكوكوك وشمال سوريا اليها، اما نحن العرب فلم نحتل ارضا تركية. فمن الذي يمارس الاستفزاز اذن؟
ان واقع الحال منذ مطلع القرن العشرين يقول بان العرب كانوا دائما مدافعين وكان الفرس والترك دائما مهاجمين ومعتدين على العرب، فاين ومتى كان العرب هم من يطلبون الحرب ويشعلون الازمات مع ايران او تركيا؟ دلونا ب(ارباكم) الكثيرة فلربما (الهتكم) تخبركم بما لانعلمه، لان الذي نعلمه ونعاني منه هو ان ايران تحتل اراضينا وتواصل احتلالها وتتدخل في شؤوننا بوقاحة وتقتل وتبيد العراقيين بلا رحمة، فمتى اعتدينا عليها؟ اما تركيا فانها لا تخفي مطامعها ولا تتورع النخب التركية عن الاعلان عن كرهها للعرب وتأكيد مطامعها في كركوك والموصل والان بشمال سوريا، وهي من قامت بتعطيشنا بتقليل كميات المياه الواردة الينا من دجلة والفرات.
وربما يقول البعض ولكنكم تستفزون تركيا وايران بكتابة مقالات ودراسات فيها استفزاز لهما! ولهذا البعض نقول : اخجلوا من انفسكم اذا كانت لديكم بقية خجل او ضمير فهل تريدون منا ان نصمت ونحن نباد ونذبح بالالاف يوميا ويشارك في ذبحنا فرس واتراك مباشرة ولا نقوم حتى باطلاق صرخات التنبيه والتحذير لاجل نشر الوعي باسباب ودوافع كوارثنا ومن يخططها ومن يشارك فيها؟ نذكركم حتى النعاج تصرخ حينما تذبح فهل تريدون منا ان لا نصرخ ونترك الحق الشرعي الاول والاقدم وهو الدفاع عن النفس؟ من كان نظيفا ومخلصا عليه اولا ان يطلب من الجلاد وهو ايران وتركيا التوقف عن المساهمة الفعالة في تدمير حياتنا ووطننا وهويتنا والتوقف عن اتهام الضحية وادانتها وشيطنتها واحترامهما الجيرة و(الدين المشترك).
يتبع..........
3/8/2012
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق