قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

السبت، 15 نوفمبر 2014

السيد زهره : انتحار زينب المهدي ومأساة جيل عربي

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
انتحار زينب المهدي ومأساة جيل عربي
شبكة البصرة
السيد زهره
زينب المهدي، فتاة مصرية شابة انتحرت شنقا قبل يومين. كانت في السنوات الماضية ممن يطلق عليهم الناشطون السياسيون.
على الرغم من ان انتحار هذه الفتاة هي بالطبع مأساة وحالة شخصية، لكنها تلفت النظر الى محنة ومأساة جيل عربي كامل.
المعلومات التي نشرت بعد رحيل الفتاة عن حياتها وتحولاتها تشير الى انها كانت تمر بأزمة عنيفة تتعلق اساسا بتمزقها الفكري والشخصي والانساني بين افكار وتيارات مختلفة.
الفتاة كانت عضوة ناشطة معروفة في جماعة الاخوان المسلمين، وبعد ان ترشح عبدالمنعم ابوالفتوح للرئاسة انضمت الى حملته الانتخابية وكانت من انشط اعضائها، فقامت جماعة الاخوان بفصلها. من الواضح ان هذا الفصل سبب لها اولى ازماتها الكبرى. فقد كتبت في ذلك الوقت تقول: "حدثتني مسئولتي في الهاتف وقالت لي: زينب انت لست معنا، جاء امر معمم على الشعب من مكتب الارشاد بفصل أي شخص في الجماعة منتم الى الحملة" واضافت : "ثرت بعد ان اغلقت معها الهاتف.. كيف يحدث هذا كيف يربط شخص ما حياتك الدعوية، جماعتك، لحمك دمك روحك فكرك الاسلامي، مشروعك بقرار سياسي بمشاركة في حزب".
ما حدث بعد ذلك للفتاة حسب المعلومات المنشورة انها نشطت في صفوف تيار يضم قطاعا من الشباب المنشقين عن الاخوان. وبعد فوز مرسي انضمت الى معارضيه وشاركت في 30 يونيو، لكنها بعد ذلك تعاطفت مجددا مع الاخوان وشاركت لبعض الوقت في اعتصام رابعة.

اصدقاؤها كتبوا بعد وفاتها ان تحولات وصفوها بالغريبة حدثت لها بعد ذلك، فقد خلعت الحجاب، واقتربت كما يقولون من مجموعة شبابية اعلنت الحادها، ثم اصابتها موجات اكتئاب وبدات تردد افكارا غريبة وسيئة بحسب اصدقائها. وفي غضون ذلك، انصرف عنها كثير من اصدقائها وواجهت من البعض اتهامات واساءات، الى ان وجدت قبل يومين وقد شنقت نفسها في غرفتها.
مأساة هذه الفتاة، وان كانت مأساة شخصية، الا ان تحولاتها ونهايتها على هذا النحو تدق كما قلت ناقوس الخطر لمأساة يعيشها جيل عربي شاب وفي كل الدول العربية.
جيل الشباب العربي اليوم هو بطبيعة الحال جيل مفعم بالحيوية والنشاط كما هو حال الشباب دوما. وهذا الجيل، وخصوصا المتعلمين والمثقفين فيه، لديهم رغبة عارمة في ان يفعلوا شيئا من اجل بلادهم. وجاءت الأحداث التي شهدتها الدول العربية في السنوات الماضية بعد اندلاع احداث الاحتجاجات في اكثر من بلد عربي لتدفع هذا الجيل الى الشوارع والى المشاركة الفاعلة في هذه الاحتجاجات.
لكن ماساة هذا الجيل انه جيل ممزق بين الأفكار والرؤى، ويتعرض لهجمة شرسة تستهدفه من جهات شتى. وفي مواجهة ذلك عجزت الدول العربية عن ان تحصنه وتحميه وتؤمن له دورا وطنيا يلعبه بشكل صحي وسليم.
هذا الجيل يتعرض لهجمة معروفة من قوى اجنبية. هذه القوى الاجنبية بأجنداتها التخريبية المعروفة في دولنا العربية تتسابق كي تزرع لدى ابناء هذا الجيل افكارا تخريبية وتدميرية تحت لافتات براقة مثل الديمقراطية والمشاركة السياسية والاصلاح وما شابه ذلك.
وجاءت ثورة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لتجعل هذا الجيل اكثر عرضة للوقوع في اسر هذه الأفكار والأدوار التي يراد له ان يلعبها.
في نفس الوقت، فان جماعات وقوى طائفية او دينية متخلفة متطرفة استفحل دورها في السنوات الماضية، وتسعى لتكريس واشاعة فكرها الطائفي والديني المتخلف، وتستهدف بدورها هذا الجيل من الشباب في الأساس.
وفي الوقت الذي يجد فيه ابناء هذا الجيل انفسهم ممزقين بين هذه الأفكار والأدوار، لا يجدون عونا من الدولة، ولا يجدون حماية ولا حصانة من الدولة.

ثلاثة جوانب كبرى عجزت عن تحقيقها الدول العربية في اغلبها وقادت الى محنة ومأساة هذا الجيل:
1 – ان الدول العربية عجزت عن ان تكرس ثقافة وطنية جامعة في المجتمع تصل الى كل قطاعاته وخصوصا الشباب، وتشكل وعيهم وقناعاتهم.
الدول العربية لا تملك أي تصور اساسا كي تفعل هذا على الرغم من كل الهجمات الشرسة التي تتعرض لها مجتمعاتنا من الأفكار الأجنبية، والطائفية، والأفكار المتطرفة.
2 – الدول العربية عجزت في اغلبها عن ان تطرح مشروعا وطنيا للتقدم والنهضة يلتف حوله المجتمع، ويعطي الشباب املا في المستقبل.
3 – انه بالنسبة للشباب بالذات، عجزت الدول العربية عن ان تستوعبهم وعن تجنيد طاقاتهم المتفجرة لخدمة الوطن في الاتجاه الصحيح. الدول العربية في اغلبها لا تملك أي برامج مدروسة لاستيعاب الشباب واشراكهم فعلا بشكل بناء في مسيرة العمل الوطني.

على ضوء كل هذا، ليس غريبا ان نجد اعدادا كبيرة من ابناء هذا الجيل يعيشون هذا التمزق. ليس غريبا ان نجد اعدادا منهم تقع في براثن، اما القوى الاجنبية، واما القوى الطائفية والقوى الدينية المتطرفة.
ليس غريبا ان نجد اعدادا كبيرة من ابناء هذا الجيل يشعرون بالضياع وفقدان الأمل والياس، ولا يعرفون بالضبط أي دور يجب ان يلعبوا وماذا عليهم ان يفعلوا بالضبط.
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق