قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الاثنين، 4 مارس 2013

حول نقل سجينات امريكيات الى المعتقلات العراقية.. وفضيحة وزراء انتهاك حقوق الانسان واللاعدل في عراق شرعنة الظلم دينيا وأخلاقيا.! - وقائع

حول نقل سجينات امريكيات الى المعتقلات العراقية.. وفضيحة وزراء انتهاك حقوق الانسان واللاعدل في عراق شرعنة الظلم دينيا وأخلاقيا.! - وقائع
المرابط العراقي
prision23
هل يمكن للضحية ان يصبح جلادا؟ هذا ما نراه في اسرائيل يوميا. فاليهودي الذي عانى من قمع الحكومات الغربية ونجا من معسكرات الموت والابادة باعجوبة، اصبحت مظلوميته المتوارثة عبر اجيال، ذريعته المقبولة اخلاقيا، لاحتلال فلسطين وتهجير شعبها وانزال كل انواع الظلم اليومي بابنائها. وهذا ما نراه في العراق اليوم حيث اصبحت المظلومية المتوارثة، التي لم تعد محصورة بجيل واحد، بل تمتد باثر رجعي عبر مئات السنين، ذريعة لانزال الظلم بـ 'الآخر' وشرعنة الظلم اخلاقيا ودينيا بالاضافة الى القانون والدستور.
ان الضحية التي طالما بحثت عن الدعم، ايا كان مصدره وحجمه، للحد من ظلم الجلاد، لتتمكن من مواصلة الحياة، صارت نظاما جلادا ينكر على ضحاياه، حق الحياة والكرامة، ولايجد غضاضة في تبرير ابشع الممارسات من تعذيب وتهجير. فالانتقام، في العراق الجديد، هو سيد الحكم وهو السلطة الوحيدة المفهومة بين ساسته. اللغة السائدة، يوميا، هي لغة انتقام ضحية الأمس (الامس ببعديه التاريخي والمعاصر) وتحوله الى جلاد الحاضر والمستقبل.. 
اثناء محاضرة القيتها، مؤخرا، بلندن، بمناسبة مرور عشر سنوات على غزو العراق واحتلاله، ركزت فيها على جانب واحد هو حقوق الانسان، وقف شاب معترضا على أمثلة التعذيب التي اوردتها وانتهاكات حقوق الانسان في معتقلات 'العراق الجديد'، وهي كلها موثقة من قبل منظمات حقوق الانسان الدولية. قال الشاب، منفعلا، بان ممارسة التعذيب كانت موجودة تحت النظام البائد، وان عمه وخاله قتلا تحت التعذيب.!! ليتهمني، في نهاية اعتراضه، بانني متحيزة للنظام السابق. ومضمون اعتراض هذا الشاب ليس حالة فريدة من نوعها من ناحيتين. اولا في سرد المصاب الشخصي / المظلومية (وانا لا اشكك في صحة حدوث الكثير منها) لتبرير السكوت على الانتهاكات المستمرة في بلد تم غزوه بحجة تحقيق الديمقراطية واحترام حقوق الانسان. وثانيا لتبرير نشر وتنمية روح الانتقام الشامل، بدون التمحيص والصدق، وحسب مقولة العين بالعين والسن بالسن. وهي مقولة تحدث عنها الزعيم الهندي الراحل غاندي قائلا بان تطبيق فكرة 'العين بالعين' الإنتقامية ستحول الشعب كله الى عميان. ثالثا: اتهام كل من يتجرأ على فضح اساليب الانتهاكات الهمجية الشائعة، الى حد تحويل الاغتصاب او التهديد بالاغتصاب الى ممارسة يومية في المعتقلات وبغض النظر عن جنس المعتقل ذكرا كان او انثى، بالتهم الجاهزة، وهي: من ازلام النظام السابق، بعثي، صدامي، تكفيري، وارهابي، ناهيك عن عملاء الاجندات الخارجية. وهي اتهامات تغمض العيون وتخدر العقول فلا ترى او تسمع صراخ المعذبين.
فهل هذا نهج يهدف الى تطبيق واحترام حقوق الانسان؟ واذا كانت لدي مظلومية نتيجة اعتقالي وتعذيبي وتهجيري من قبل النظام السابق، هل يبرر هذا ان اقوم بذات الممارسات تجاه الآخرين ولنفس الاسباب؟ واذا كانت عمتي قد قتلت وخالتي قد اغتصبت، فهل يصبح كل ما اريده وانفذه، واقعا، هو قتل عمات الآخرين واغتصاب خالاتهم؟ وهل من حد يتوقف عنده المنتقم؟ الا يولد الانتقام والظلم انتقاما وظلما مضاعفا، في بلد تغيب فيه القوانين وقضاؤه فاسد؟
ولا يقتصر رشق التهم الجاهزة على الافراد فحسب بل انه يمتد الى منظمات حقوق الانسان الدولية. فالشغل الشاغل لوزير حقوق الانسان محمد شياع السوداني ووزير العدل حسن الشمري هو تكذيب التقارير الحقوقية الموثقة عن انتهاكات حقوق الانسان باعتبارها 'مسيسة' وصادرة عن منظمات أجنبية تتهم 'سلطة قضائية مستقلة في بلد ذي سيادة'. وكانت منظمة 'هيومن رايتس ووتش'، قد اصدرت تقريرها السنوي عن كل دول العالم (31 كانون الثاني المنصرم)، وجاء فيه، بصدد العراق، ان ' الحكومة تتخذ اجراءات شديدة القسوة ضد ساسة المعارضة والمحتجزين والمتظاهرين والصحافيين'. وان قوات الامن تنفذ عمليات مداهمة وحملات اعتقال جماعي وتعذب المحتجزين لانتزاع الاعترافات قسرا بدون أدلة كافية أو بدون وجود أدلة على وقوع جرائم، وهو اقل القليل مما يجري فعلا في 'العراق الجديد'.
أما وزير العدل فقد نبه ممثلة المنظمة الى حقيقة ربما تكون قد فاتتها وهي 'بطلان إدعاءات انتهاك حقوق النزيلات، لان النزيلات في سجون الوزارة يتمتعن باستحقاقات وببرنامج إطعام يفوق ما متوفر في سجون أمريكا'. وأكد الوزير بان 'هذا الامر تم التثبت منه خلال زيارتنا لسجون امريكا'. ومن يدري، فقد تبلغ انسانية الوزير، المتعامية عن تعذيب واغتصاب المعتقلات، حد تطبيق اتفاقية التعاون الاستراتيجي ليطلب نقل السجينات الامريكيات الى السجون العراقية للتمتع بما تتمتع به المعتقلات العراقيات من 'استحقاقات وبرنامج طعام يفوق ما هو متوفر لهن بامريكا'. ولا ادري اذا كانت النزيلات الامريكيات سيطلبن نقلهن الى معتقلات وزارة العدل ليتمتعن ببرنامج طعام الوزير عند اطلاعهن على تقرير البي بي سي العربي (15 كانون الثاني/يناير 2013) حول وفاة 34 معتقلا نتيجة التعذيب، خلال اربعة شهور فقط، او حالات الاغتصاب التي تتعرض لها السجينات.
ولا يقتصر الطعن الرسمي بتقارير منظمة 'هيومان رايتس ووتش' وحدها بل يمتد ليشمل منظمات دولية اخرى، اصدرت كل واحدة منها العديد من التقارير الموثقة والراصدة بشكل دقيق لانتهاكات حقوق الانسان في العراق. من بين هذه المنظمات : منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونسيف)، اللجنة الدولية للصليب الاحمر، منظمة العفو الدولية، صحافيون بلا حدود، المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، لجنة العمل الدولية، بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق، مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان، والمنظمة العالمية ضد التعذيب.
هذه المنظمات كلها مسيسة، حسب تصريحات وزير حقوق الانسان في نظام حزب الدعوة، ولاهم لها غير التهجم على النظام الانساني واعطاء صورة كاذبة عنه. ولكن ... قد يكون من المفيد هنا التذكير بان الساسة، انفسهم، وغيرهم من بقية احزاب النظام، طالما طرقوا ابواب ذات المنظمات واتصلوا بها لتزويدها بمعلومات عن انتهاكات النظام السابق، وصفوها بانها صادقة وموثقة، لتقوم بنشرها في تقاريرها السنوية والخاصة بالعراق. ايامها، كانوا يصفون هذه المنظمات بانها انسانية حقوقية دولية ويتم اقتباس تقاريرها عشرات، ان لم يكن مئات المرات، اعلاميا وفي المحافل الدولية للدلالة على حجم القمع والاضطهاد الذي أصابهم.
ان حقوق الانسان واحدة لايمكن تجزئتها او تفصيلها كالملابس وفق اجندات وادعاءات انظمة واحزاب، كل حسب مقياسه. واذا كان النظام العراقي/ حزب الدعوة/ دولة القانون، برئاسة نوري المالكي، يظن ان ديمومة حكمه ستترسخ من خلال كسر ارادة العراقي وتوقه للعدالة والحقيقة، عبر الترويع والاعتقال والتعذيب، فانه مخطىء تماما لأن هذه الاساليب، انعكاس فاضح لضعف النظام / الجلاد وعقمه، وستؤدي، كما العديد من الانظمة القمعية، الى نهايته.
' كاتبة من العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق