قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الجمعة، 12 أبريل 2013

يوم التاسع من نيسان.. يوم "نحر وطن".. وترسيخ "السلوك الغوغائي " لمن لا تربطهم بالعراق صلة ويحملون ولاء لإيران بالدرجة الأولى والضغينة للعراق.. وتنصيب منتحلي الجنسية العراقية ممن اقاموا وليمة الشيطان للمحتلين .! - وقائع


يوم التاسع من نيسان.. يوم "نحر وطن".. وترسيخ "السلوك الغوغائي " لمن لا تربطهم بالعراق صلة ويحملون ولاء لإيران بالدرجة الأولى والضغينة للعراق.. وتنصيب منتحلي الجنسية العراقية ممن اقاموا وليمة الشيطان للمحتلين .! - وقائع

المرابط العراقي
bol1
التاسع من نيسان عام 2003 ليس يوما عاديا في تاريخ العراق منذ أن نشأت فوق أرضه أولى حضارات بلاد ما بين النهرين وحتى اليوم، ربما هناك ما يشابهه من حيث الاستحضارات أو من حيث النتائج أو من حيث النوايا التي كان سيف القانون يقطعها لحظة بروزها، ولكن الخشية من القانون لم تتحول إلى التزام أخلاقي أو إلى سلوك متحضر يتماهى مع سلوك شعوب العالم التي انتقلت من الخوف من القانون إلى حالة الخوف عليه، بيد أن ما حصل في هذا اليوم في عصر ثورة الاتصالات، حيث كانت الصور تنقل إلى جهات الأرض الأربع، كان محنة حقيقية لكل إنسان شريف يحب وطنه ويظن أنه نضح قطرة عرق على طريق بنائه،
وذلك حينما كانت قطعان الغوغاء والهمج الرعاع وهي تستغل ضياع منظومة الدولة، وتسارع للسطو والسلب والنهب لكل ما يصادفها، ولكل ما كان متوفرا في أبنية الدولة حتى الأبواب والشبابيك، سواء كان ذلك الشيء نافعا أو لا يصلح إلا لاستخدامات الدولة نفسها، مثل الوثائق والمستندات التي تتعلق بحقوق الأفراد وممتلكاتهم أو حقوق الدولة وممتلكاتها، بل وصل النهب إلى براميل كانت مركونة في مباني منظمة الطاقة الذرية وكانت قد تعرضت للإشعاع الذري قبل تدمير البرنامج النووي العراقي في الغارة الجوية الإسرائيلية على مفاعل تموز في حزيران 1981.
ومرد الحزن العميق الذي انتاب العراقيين على ما حصل في مثل هذا اليوم، ليس أن تسبب لهم بفضيحة على مستوى الرأي العام العالمي فقط، وإنما لأن شعبا علم الإنسانية الحرف الأول وأعطاها أعظم التشريعات التي ما كان للإنسان إلى يصل إلى ما وصل إليه اليوم في مجال التشريع لولا إبداعات العراقيين وانجازاتهم في مختلف العصور في حقول القوانين الجنائية والمدنية والشخصية، لهذا كانت صدمة العراقيين بحجم ما علّقوه من آمال على أن مواطنيهم جميعا متساوون في حب العراق والحرص على سمعته وممتلكاته ودم أبنائه وأعراضهم.
لكن هذا النمط من السلوك الغوغائي الذي لم يكن فعلا عراقيا صرفا وإنما هو فعل مارسه مستوطنون لا تربطهم بالعراق صلة ما، غير أن ذلك لم يكن حدثا استثنائيا يخص ما وقع في العراق لوحده من دون كثير من المجتمعات التي تعرضت لهزة سياسية بهذا الحجم أو حتى أقل منها، بما فيها الولايات المتحدة زعيمة الغزو والاحتلال نفسها حينما تعرضت لوس أنجلس في عقد التسعينات من القرن الماضي، لاضطرابات عرقية نتيجة سياسة التمييز العنصري التي كانت تعصف بالمجتمع الأمريكي من الداخل فكشفت عن أقبح وجه يمكن أن يتعرف فيه العالم على بلد أنزل أول إنسان على سطح القمر ولكنه عجز عن النزول إلى أعماق النفس البشرية وما تعنيه انتهاكات حقوق الإنسان وامتهان كرامته من جرح عميق لا يندمل مهما مر الزمن عليه، فشهدت هذه المدينة الأمريكية الكبيرة بكل المقاييس المعتمدة لتصنيف المدن في عالم اليوم، عمليات سلب ونهب كبرى يمكن مقارنة ما جرى في العراق بعد الاحتلال بها من دون أدنى مبالغة، وعلى الرغم من أن كثرة الانحرافات لا تعطي للسلوك الشاذ جواز مرور بأي حال ولا تعطيه شرعية البقاء، لكن هذه الظاهرة وإن كانت ليست أول حالة انقطاع لحبل الأمن في العراق منذ قيام الدولة العراقية الحديثة ولا أول انهيار لمنظومة الدولة منذ أن قامت أول سلطة للدولة في العراق عبر تاريخه الطويل، إلا أن ما جرى وبالصورة التي حصلت كان صدمة كبرى هزت الوجدان العراقي الذي افترض أن عصر انهيار منظومة القيم والأخلاق قد طويت صفحتها نهائيا بحكم ما كان قد مر على العراق من كوارث يفترض بها أنها أعطت الدروس البالغة للعراقي بحب وطنه وأن تدفع بالمواطن إلى التحلي بأعلى درجات المسؤولية الأخلاقية والحرص على الممتلكات العامة باعتبارها ملكا له بالدرجة الأولى، ولهذا فقد تركت الأحداث التي رافقت اليوم الأول للاحتلال آثارا نفسية مدمرة على العراقيين الذين فوجئوا بأن مجتمعهم الذي ظنوه قد لفظ من بين صفوفه الكثير من الممارسات المنحرفة والسلوك الغابوي، هو كسائر المجتمعات التي ينقطع بها حبل الأمن وتهتز قبضة القانون عليه، فتكشف عورات السلوك الشائن والمنحرف للصوص لم يكونوا يعرفون شيئا من القيم الأخلاقية، غير أن سطوة القانون وحدها هي التي كانت تضبط سلوك الأفراد والجماعات وتخفى وراء جدران شاهقة من المظاهر الخادعة كل نوازع الشر المخبوء، ولما رفعت سلطة القانون عن المجتمع ظهروا على حقيقتهم عراة حتى من ورقة التوت، حينما كانوا يتسابقون على سرقة ما ينفع وما لا ينفع، لمجرد اكتناز أكبر قدر من موجودات الدولة المستباحة بما في ذلك الكراسي المهترئة والأثاث البالي الذي لا يصلح إلا للمواقد.
إن العدوان الذي تعرض له العراق من دول يفترض أنها تمتلك رادعا أخلاقيا عن تلفيق الأكاذيب، بحكم ما تطرحه هي عن نفسها في كل المحافل، لم يخرج بشيء عما سارت عليه الدول الاستعمارية منذ بدء عصر الإمبراطوريات الأوربية وتسابقها للسيطرة على ثروات الأمم والشعوب وخاصة في آسيا وأفريقيا إلا ببشاعة العدوان ووحشية ما استخدم من أساليب القتل والترويع وحجم القوة النارية التي تلقاها العراقيون، ولكن تكرار المزاعم المستندة على تلفيقات وأكاذيب تمت صناعتها في دوائر الاستخبارات لتسويغ العودة إلى عصر الفتوحات الاستعمارية الكبرى هو الرابطة الوحيدة بين كل الأفعال القبيحة التي تشكل قاسما مشتركا بين قوى التوسع والهيمنة الاستعمارية، غير أن ما حصل للعراق هذه المرة من جانب الولايات المتحدة وبريطانيا وإسبانيا واليابان وكوريا الجنوبية ودول سارعت وهي مغمضة العيون لتسهم بنحر بلد كان على الدوام مهدا لكل عطاءات الإبداع والابتكار، كان استثناء عن كثير من التجارب السابقة له، فقد اضطلعت قوى غريبة عن العراق ودخيلة عليه وباعت نفسها لأجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية بثمن بخس، انطلاقا من عقدة متأصلة لديها في كره العراق وكره أن تراه حرا مستقلا، فكانت تصف نفسها تارة بقوى المعارضة وتارة يصف بعض رموزها أنفسهم بأنهم منشقون عراقيون، ولكن حينما انزاح غبار المعركة وتلاشى دخانها تأكدت هوية هؤلاء بأنهم يحملون ولاء لإيران بالدرجة الأولى ويحملون للعراق ضغينة لا يستطيعون تجاوزها لأن العراق ألحق هزيمة بإيران نفسية وعسكرية لا يمكن لها أن تنساها أبدا، فقد جرع العراقيون الخميني كأس السم الذي لن تنساه إيران جيلا بعد جيل.
حينما يستذكر العراقيون هذا اليوم المشؤوم من تاريخهم فماذا تراهم يستذكرون منه؟
بعض منتحلي الجنسية العراقية أقاموا وليمة الشيطان للمحتلين وبشروا بأن التاسع من نيسان سيكون عيدا وطنيا، ولكن الفكرة ولدت ميتة متفسخة وذات روائح كريهة، فغاب مَنْ طَرَحها هو وعمامته السوداء لونا ومجازا فأصبح لا يذكر إلا وهو قرين لكل فعل قبيح.
بعض آخر من العراقيين وانطلاقا من عقد سياسية رأوا فيما حصل بداية عهد جديد، فكان عهدا جديدا من دم مراق في كل المدن والأزقة، فأرادوا استدراك خطيئتهم ومحو ما قالوا ولكنهم سقطوا في حفرة اللحظة الأولى فهيهات هيهات أن يخطأهم التاريخ عندما يتحدث عن مسارات هذا اليوم الأسود.
وبعضهم امتشقوا سلاحهم وتنادوا لمجاهدة المحتل، فألحقوا به هزيمة هي الأكبر إذا ما قيست بما توفر لهم من دعم هو أقل من الصفر المئوي، أو بحجم قوات الاحتلال التي لم يعرف تاريخ الدول قوة عسكرية بحجمها وفتك أسلحتها، فبرهنوا على أن إرادة الشعوب هي أكبر من أمريكا وبريطانيا وكل قوى الشر والعدوان في الأرض ولو اجتمعت، فخرجت تجر أذيال الهزيمة واتخذت قرارا إستراتيجيا بألا تخوض حربين في وقت واحد أبدا، وبهذا فإن من حق العراقيين أن يفخروا بأنهم قاتلوا نيابة عن الإنسانية جمعاء، لأنهم كانوا خط الصد الأول، وكانوا أول من تجرأ أن يقول لأمريكا لا ولكن ليس بالفم المليان فقط وإنما بالمدفع المليان أيضا.
نعم لقد دفع العراقيون ثمنا باهظا ولم يكونوا يودون أنهم يقدمونه، ولكنهم حينما وجدوا أن المروءة التي نمت وترعرعت فوق أرضهم تأبى عليهم إعلان الهزيمة مهما بلغت التضحيات، سارعوا إلى تقديم القرابين الغالية عليهم ولكنهم استرخصوها من أجل الوطن، فخلدهم التاريخ في أولى صفحاته ألقا وفخرا.
ما يشهده العراق اليوم هو صورة مصغرة لما كان مقررا تطبيقه من نظريات جديدة عليه بهدف تطبيقها على مجتمعات أخرى، ولهذا حينما يصل الحراك الشعبي ذروته ويستمد من تجارب مقارعة المحتلين دروسا في مواجهة حكومة طائفية قمعية فاشلة بكل المقاييس من أجل الانطلاق نحو المستقبل، فإن مرارة الهزيمة التي لحقت بالمحتلين، ستبقى كابوسا مرعبا يؤرق حكام بغداد المستوردين من كل أصقاع الأرض ولا تربطهم به إلا الأموال التي يحصدونها من تسلطهم على رقاب الشعب العراقي، ويحولونها إلى أرصدة متخمة في بنوك المنطقة وأوربا استعدادا ليوم سيكون حسابهم فيه كحساب القوات التي جاءت بهم إلى كراسيهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق