هل أنصف دولفر العراق بمعلوماته الفنية والاستخبارية عن فرق التفتيش؟
وجهات نظر
سرور ميرزا محمود
كان كثيرُ من المراقبين ورجال السياسة والاعلام في الدول الغربية يعتقدون بأن مافعلته فرق التفتيش عن أسلحة الدمار في العراق مقبولاً، وكانوا يعتبرون العراق مداناً، نظراً لتأثير وسيطرة القوى الكبرى الغربية على مجريات الأمور، وكان ذلك من خلال الغطاء الاعلامي والسياسي والاستخباري الذي تم الترويج له لسنوات عديدة سبقت العدوان العسكري الفعلي في آذار عام 2003.
ولهذا كنا نقول دوما بأن الحقيقة غائبة بفعل ماكينات القوى المحركة والمالكة لزمام التأثير في المساحة التي كانوا يتحركون عليها ويتحركون منها، في حين كان دور القوى الاخرى كروسيا والصين أشبه بالغائب وغير المؤثر، والدول العربية وجامعتها العتيدة لم تكن بأحسن منها، ولهذا كان العراق يتحرك بمفرده وسط هذه التاثيرات والممارسات.
ولكن عندما غزا جورج بوش وتوني بلير العراق، فهم المراقبون بأن بوش لم يكن مهتماً بالديمقراطية وأنما حلمه ومحافظوه الجدد غزو العالم والسيطرة عليه خوفاً من تنامي الصين وقدراتها التصاعدية، انه حلم من الصعب تقييم نتائجه، ساعدهم بذلك من يحلم للعودة لعالم الاستعمار القديم بأشكال جديدة، وهو بلير وامبراطوريته القديمة، والا كيف نفسر قيامهم بمهاجمة بلد له حضارة قديمة مثل العراق بذرائع بائسة وزائفة حول اسلحة الدمار وإيواء القاعدة ومساندتها، لقد كانوا يعيشون في عالم خيالي، وستتم محاسبتهم بعد أن ظهرت الحقيقة وظهر من ينادي بذلك من كتاب وسياسيون واعلاميون وقانونيون، تحرك وازع الضمير لدى قسم منهم بعد أن صدرت الكتب التي أصدرها من كان مسؤولا أو مشرفاً عن التفتيش في العراق مثل هانز بليكس ومحمد البرادعي وتشارلز دولفر وريتشارد بتلر والقائمة تطول حتى من قبل مخابرات الدول الضالعة في احتلال العراق، وسيستمر ذلك بازدياد حتى تتحقق المحاسبة من خلال ادارة دولية ورجال قانون في اوربا وامريكا لتقديمهما للمحاكمة ليكونوا أمام الحق وأمام التأريخ الذي لن يرحمهما.
كتبنا عن بليكس والبرادعي وبتلر وديفد كاي وريتر وروبرت كالوجي، لنتطرق في مقالتنا الى دولفر مستشار مدير المخابرات المركزية الأمريكية والذي كان يدعي بأنه موظف في وزارة الخارجية بشكل مهني وعلى القارئ معرفة دوره في عمليات التفتيش في العراق لا سيما وأنه من قاد بعد كاي في العام 2004 أكبر عملية للتفتيش والتي خلصت بأن العراق خال من أي نوع من أسلحة الدمار الشامل.
تشارلز دولفر:
المستشار الخاص لمدير الاستخبارات المركزية، عمل نائبا للرئيس التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الخاصة بالعراق (أونسكوم) بعد كالوجي من العام 1993 حتى انتهاء عملها عام 2000. وخلف ديفد كاي المستشار الخاص للشؤون الإستراتيجية المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل العراقية في كانون الثاني 2004 لمجموعة مسح العراق، وكان مسؤولا عن توجيه السياسة العامة للبحث عن أسلحة الدمار الشامل بالعراق، كما عمل دولفر كباحث في السياسة العامة بمركز وودرو ويلسون للدارسين والباحثين الدوليين، شغل قبل 1993 منصب نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون السيطرة على التسلح وشؤون الدفاع المتعددة الأطراف. ومن 1990 إلى 1992 كان مسؤولا عن الشؤون التجارية الخاصة بالدفاع بصفته مدير المركز التجاري للدفاع ونائب مساعد وزير الخارجية لشؤون السياسة العسكرية. وهو خريج جامعة كونيتيكات وحاصل على الماجستير في العلوم من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، رئيس مجموعة مسح العراق التي اجرت التحقيق في نطاق اسلحة الدمار الشامل والتي كانت فريدة من نوعها وأكثر دقة مخابراتية منظمة يمكن لدول عديدة الاستفادة منها وذلك لتنوع تخصصات عامليها، واساليب عملها، التنوع لجنسياتها وخبرة اكثر من جهة استخبارية وعلمية تقنية.
أصدر دولفر كتاباً بعنوان (البحث والاختباء.. البحث عن الحقيقة في العراق) في تشرين اول 2009، يتضمن بعض من ما احتواه تقريره عام 2004 الذي ترأس ما سمي في حينه (مجموعة دراسة العراق) الذي كان يضم 1700 من الخبراء والمفتشين العسكريين والمدنيين من مختلف المؤسسات المتخصصة والمخابراتية وأغلبهم كانوا أميركان، ولنعط صورة واضحة عن مؤلف الكتاب وبالتالي ندخل بالتفاصيل لما استخلصناه وردنا على بعض ما ورد فيه.
سنتناول جانبا من الكتاب الذي أصدره في تشرين ثاني 2009 والمعنون (البحث والاختباء) ومقالة كتبها بعد سنة او اكثر تحت عنوان (العراقي الذي عرف أكثر من اللازم) لماذا وزير النفط لا يزال في السجن؟ وفي حينها كتب كثير من العلميين والكتاب العراقيين والعرب، ومنهم كاتب المقالة، عن سبب عدم إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والسلطة كانت تحت اشراف الأمركيين الذين كانوا لا زالوا يحتلون بلدنا؟.
لندرج ملاحظاتنا بشكل مهني وموضوعي لكوننا عشنا مرحلة التفتيش وعايشناها بكل ابعادها وكما يلي :
1-بصرف النظر عن المواقف التفصيلية التي يتخذها مؤلف هذا الكتاب من الأزمة العراقية وتطوراتها خلال العقدين الماضيين، فإن أهمية المعلومات التي يقدمها من خلال كتابه تتمثل في كشف الكثير من الحقائق التي بدا أن أطرافا عديدة تعمل على طمسها سواء كانت على الصعيد الأميركي، أو حتى على مستوى دول أخرى لعبت دورا فاعلا في تصاعد الأوضاع في العراق ووصولها إلى مرحلة الغزو.
2- ان عنوان الكتاب لايمثل بشطره الأول الا محاولة لتسليط هالة من التشويق للقارئ بعيدا عن جوهر ما احتواه الكتاب من سرد مبرمج وقصصي حيث لم يكن الاختباء الا جزءاً بسيطا ولمرحلة بدايات التفتيش نظراً لضرورات أملتها فترة بداية التسعينات، ولهذا فان الشطر الثاني فيه وجهة نظر مقبولة، وان من يطلع على الكتاب بكل تفاصيليه يراه مليئاً بأساليب الخداع والحسابات الخاطئة في تقدير العراق وقيادته الميدانية، والأفتراضات الخاطئة التي بدورها ساهمت في تقيمات خاطئة لجهل في وزارة الدفاع الامركية وابتعادها عن اساليب العمل المخابراتي واهمال جانب ما يحرك ماكينة وزارة الخارجية، ولهذا يمكن تسمية الكتاب بوجهة نظرنا (الخداع الأميركي للبحث عن الحقيقة في العراق) وليس لعبة الاختباء أو الختيلة بلهجتنا العراقية الدارجة.
3-اِن من يقرأ الكتاب ويتمعن به يرى دولفر في سرده للوقائع من ألمع وأذكى ضباط المخابرات على ارض الواقع ويكيف تحليلاته بما يتلاءم بما يريد أن يقنع به الآخرين، سواء ذلك كان حقيقة أم خداع، وليس ذلك مستغباً، ألم يمض أكثر من 25 عاماً في وكالات الأمن القومي الأميركية؟ انه ضالع في عمليات وضع السياسات والعمليات والمخابرات في الشرق الاوسط، وهنا في هذه الفقرة نتحدث عن حالة مما ذكرها مغالط فيها وهي: ذكر دولفر بأن التفكير بالتجسس ضمن فرق التفتيش واللجنة الخاصة بدأ عام 1995 بعد هروب حسين كامل عندما رفض قبول المترجم السوري الذي يعمل مع اللجنة الخاصة باعتبار ان المخابرات العراقية استطاعت تجنيده، هذه الحالة حصلت أثناء لقاء حسين كامل مع ايكيوس وزفريرو في عمان، وهذا التوقيت غير صحيح لأن المخابرات زرعت عناصرها مع بدايات عمل فرق التفتيش وخير دليل ماقام به كاي وكالوجي في عام 1991 وما بعده، ألم تلتحق بعملك في بداية 1993 ياسيد دولفر بمنصب نائب الرئيس التنفيذي بعد زميلك كالوجي الذي كان يدعي بأنه اكاديمي وتابع لوزارة الخارجية وهو بالحقيقة مستشار للمخابرات الأمريكية؟ ألم تكن تدير عمليات التفتيش وأنت لا تملك أية خلفية علمية تتطلبها مهنية عمليات التفتيش ومناقشاتها العلمية والفنية؟ أليس بوجودك سمحت للأجهزة الاستخبارية الامريكية والبريطانية بازدياد التوغل في فرق التفتيش اضافة الى إدخال عنصر آخر الا وهو استخدام الأجهزة ومعدات التصوير والتنصت، وهذا حدث من عام 1993 – 1994 وبمذكرات مسلمة الى رالف إيكيوس، اسمح لي ان أهنئك لأنك بطل زرع المخابرات في فرق التفتيش، وانت الآن في كتابك تعترف وتؤكد بأن اللجنة الخاصة ساعدت بمعلوماتها المقدمة الى الجانب الأميركي في اعمال العدوان نهاية عام 1998 بعد سحب المفتشين، وما بعدها الغزو الذي حصل في عام 2003.
4-إن سياسة لتشكيك هي أخبث وسيلة في العلاقات الدولية ولكن المخابرات الأميركية وظفتها دائماً بما يتماشى ومصلحتها القومية، وهنا أود أن أتطرق الى ماذكره دولفر، وبأكثر من فصل في كتابه، بأن رموزاً عراقية، قسم منهم توفاه الله والآخر مشتت في بلاد الاغتراب والمهاجر، بأنها صديقة للولايات المتحدة الأمريكية، انها اساليب زرع روح الشك، انها اساليب اعطاء رسالة حول إمكانية وقدرة وجبروت اميركا، انها رسالة لإقناع عناصر للعمل معها ليس في العراق وانما في دول أخرى، انها منهجية عمل لسنين طويلة، وأؤكد انا هنا، وبحكم معرفتي بالعناصر التي ذكرها، أؤكد وطنيتهم، بعض منهم سجن في أعقاب الاحتلال الأميركي، والآخر في المنافي، كم من الأساليب استخدمتها مخابرات بلدك بحق موفدينا، والكاتب منهم، لتغيير مسارات تفكيرهم ولماذا يبقون ثابتين على مواقفهم؟ ألم تحاولوا مع اثنين أو أكثر من قادة برامج ماتسمونه بأسلحة ألدمار الشامل وكيف كانت إجابتهم بالرفض أولاً والإخبار عنها ثانياً، أما من اتجه معكم، خضر عبد الحمزة، الذي جاء إليكم مهرولاً في منتصف التسعينات، وبمساعدة أحمد الجلبي فهو نكرة ومعلوماته كانت سطحية ولم تكن ذا قيمة أكثر من ما تعرفه فرق التفتيش النووية، وبعد الاحتلال تعاون معكم الدكتور مهدي شكر غالي، أذكر لنا غيرهما، وحتما سيكونون نكرة مثلما حدث من فبركات رافد الجنابي حول المختبرات المتنقلة والتي وظفتها مخابرات بلدك ومن ساعدها بذلك وجعلت من كولن باول يطرحها أمام مجلس الأمن في 2003 وهو نادم الآن، حسبما صرح به وكتبه في كتابه.
اننا نعرف من بقى شامخا ومن ظل عن الطريق، وهم قليلون جداً، لهذا انا وزملائي من عمل في برامج العراق نستهجن ولا نؤيد ماذكرته، يا سيد دولفر، ان قصصك رائعة ولكنها غير قابلة للتصديق حول لقائك المستمر بالعراقيين وما أبلغوك به!
5- تؤكد بأنه من الدروس المستفادة لمجتمع الاستخبارات أن هناك عدم رؤية واضحة لما بعد الحرب، والسبب هو إبعاد المشاركة الفعلية لجهاز المخابرات وسيما ان لها عناصر في الداخل في حين ان تقارير المخابرات عام 2002 تفيد (ان العراق واصل برامجه لأسلحة الدمار الشامل متحدياً قرارات مجلس الأمن ولا توجد قيود ما تمنع العراق من التوصل الى سلاح نووي خلال فترة عقد من الزمن، شأنه شأن الصواريخ ذات المدى البعيد) وهنا التساؤل لم لم يختارك بليكس في لجنة الانموفيك؟
الجواب بسبب فضيحة عمل المخابرات في لجان التفتيش التي نشرتها صحفكم مثل الواشنطن بوست وغيرها، وهنا تساؤل آخر لماذا بعد خروجك من اللجنة الخاصة وعودتك بعد الاستقالة منها الى الولايات المتحدة وكان ذلك بعد عام 2000 وضعت خطة وكأنها خارطة عمل للتحرك والاتصال ليس فقط لرموز برامج العراق النووية، الكيميائية، البايولوجية، والصواريخ بل تعداها لتشمل وزارتي الخارجية والنفط والمخابرات وبعض من الدوائر القريبة من الرئيس صدام حسين، حتى شملت خطتك الموفدين الذين يحضرون المؤتمرات العلمية وغيرها؟ ماذا تسم هذا العمل؟ ألم يكن عملا مخابراتيا تجاوز مايسمى بأسلحة الدمار الشامل، استمر عملك هذا منذ 2000 وحتى بعد الاحتلال عندما بدأت باستجواب بعض من الرموز الامنية والعسكرية وغيرها وهم بعيدون كل البعد عن اسلحة الدمار الشامل، وهذا حدث قبل تكليفك بإدارة لجنة مسح العراق عام 2004 بعد استقالة ديفد كاي وتقريرك سمي بتقرير المخابرات المركزية.
6-بالرغم من عدم معرفتي الدقيقة بك الا من خلال الاجتماعات المشتركة مع الجانب النووي والتفيش المشترك واحد اجتماعات نيويورك هذه المعرفة وقراءة كتابك تبينان لي كم انت متمرس كمحقق من ذوي الخبرة ومتابع جيد تشاطر بليكس عندما كان مديرا عاما للوكالة حينما صرح (بأن تدمير الأجهزة والمعدات ليس بذات قيمة، لأن العلم والمعلومات في عقول حامليها) اي ان احتواء وتصفية العقول هو هدف المخابرات الأمريكية، جاء ذلك نتيجة اجتماع باريس عام 1993 للمخابرات الامريكية بحضور قسم من فرق التفتيش ويحتمل انت من حظر هذا الاجتماع والتي نشرته صحيفة لوموند في حينها، لهذا انت مارست شتى انواع التحقيق ما عدا ما ذكرته بأنك لم تقبل بأن يمارس التعذيب بواسطة محاكاة الغرق (هذه حسنة لك ان كانت كما ادعيت) التي امر بها دونالد رامسفيلد مع اسرى الحرب، بضمنهم احد رجال المخابرات العراقية، وادعائك ان امر التعذيب الجسدي فقط مصرح به لعناصر الارهاب الدولي، وهنا نود فقط لتعزيز مبدأ التصفية ان نشير لمقالة كتبها كريستوفر كارسون في 21/6/2005 ما نصه (ان ماغاب عن دولفر بأن ما يقل عن تسعة علماء استجوبوا من قبل مجموعة مسح العراق خمسة منهم اغتيلو والقسم الاخر استطاع الهروب).
7- لماذا لا تعترف بأن خروج اللجنة الخاصة والوكالة الدولية من العراق نهاية 1998 كان خطأ تتحمله الولايات المتحدة بعدما قامت الدبلوماسية العراقية والجهات الفنية دورا بإمكانية اقناع دول عديدة منها اعضاء في مجلس الامن بأن العراق قد اوفى بأكثر متطلبات قرارات مجلس الامن وسريان خطة المراقبة بشكل مستمر، في حين انت تسميها الاستخدام الذكي لرشاوى العراق لصفقات النفط من خلال الامم المتحدة مما حدا بالجانب الامريكي عرقلة اي انفراج للتقليل من شروط الحصار بضمنها ماطرحه الامين العام كوفي عنان حول العقوبات الذكية، وتذكر اسماء بارزة في روسيا على انها استفادت من الرشاوى العراقية دون ذكر اسماء اخرى، منها اوربية، أليس التشكيك صفة مخابراتية يا دولفر؟
8-إحدى انتقاداتك، وهي جديرة بالملاحظة، حيث تقول بأن اميركا خسرت الكثير بسبب عدم وجود سفارة لهم في بغداد بل كان الاعتماد على الأمم المتحدة من خلال لجان التفتيش، مما سبب غياب المتابعة والتحليلات الدقيقة بالاضافة الى امكانية اللقاءات مع الرموز العراقية المؤثرة في الداخل بغية كسبهم، كما انتقدت السياسة الأميركية التي وضعت أموالنا في ايدي المعارضة العراقية، مجموعة الجلبي، التي ثبت افتقارها للمعلومات الدقيقة ولا تتمتع بشعبية تذكر داخل المجتمع العراقي.
9- ألم تعلم مصير اثنتين من المواد الحسّاسة التي كان العراق يمتلكها في السابق المشمولتان بالرقابة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية مخزونة بمخازن منشأة القعقاع، محكمة ومقفلة بختم الوكالة ودائرة الرقابة الوطنية العراقية، وهاتان المادتان هما HMX و RDX مادتان شديدتا الانفجار معروفتان بقوتهما التدميرية العالية، حيث تبلغ قدرتهما التدميرية أو شدة انفجارهما بحدود 10 اضعاف شدة انفجار او القدرة التدميرية لمادة TNT وكميتهما الإجمالية 336 طناً؟ ألم تتأكد حين التحقيق مع أحد كبار مسؤولي برامج العراق في سجن كروبر الأميركي بأن هذه المواد كانت في المخازن قبل الإحتلال، وأنت تعلم أن إيران قد سرقتها، فلماذا سمحت قوات الإحتلال بالتغاضي عن سرقتها؟ ولماذا لم تذكر ذلك في كتابك بصراحة وأنت قد بينت ذلك لمن كنت تحقق معه بأن إيران ربما قد سرقتها لأنها تحتاج لها ولبرنامجها النووي التسليحي؟
(ملاحظة من الناشر: كنا في وجهات نظر، نشرنا بالتفصيل معلومات ووثائق عن هذه القضية هنا).
10-كنت مصيباً بانتقادك لمنهجية عمل الادارة الاميركية من حيث التركيز بأن البنتاغون لا يؤمن بدور وزارة الخارجية، القيادة المدنية في وزارة الدفاع لا تثق في وكالة المخابرات المركزية والبعض لايتحدث للبعض الاخر، بل ان بعضهم يكره البعض الاخر، وان الحرب لم تكن شعبية بالرغم من ان العراق كان محاصراً حتى من قبل جيرانه واشقائه وليس لديه حليف يقف معه.
هنا على المنصفين ممن يبحثون عن الحقيقة الاستفادة من هذه المعلومة المهمة لمحاسبة بوش والمحافظين لما حل بالعراق، وذلك بالاستفادة مما يحويه الكتاب من سرد ووقائع داخل الادارة الامريكية والتي تدين افعالهم.
11-فوجئت بأنك تعتقد بأن بتلر كان دمية بيد الاميركان، ألم تكن نائبه؟ وانت وغيرك من قادة المفتشين كنتم تعلمون بذلك! وبسبب التحرك الدبلوماسي العراقي أمكن إقناع اعضاء دائمين في مجلس الأمن بما كان يطرحه العراق من تبعية بتلر، لكنهم لم يصرحوا بذلك للظروف السائدة في ذلك الوقت، ولكنهم ساعدوا بإزاحته، انت من المؤمنين بمبدأ (الشيطان يكمن في التفاصيل) فكيف تفسر رؤية الخداع؟ ان من يحلل كتابك يتوصل ان الخداع مبدأ اميركي والعراق يشغل حيزاً صغيراً من هذا المفهوم، كما اتعجب بأنك شككت بديفد كاي عندما استقال من منصبه عام 2004 وقال قولته الشهيرة (اننا على خطأ) بما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل، انت توصلت لنفس النتيجة ولكن حجتك لمعرفة الحقيقة، أية حقيقة تعني؟ ألم تشكك بسكوت ريتر الذي ابدى صراحته عندما تجاوزت تعليمات مخابراتكم ما يناط به من مسؤوليات مؤذية للعراق وشعبه وامنه؟
اين الخداع؟
ان الخداع هو تضليل لعمل مخابراتي منظم ابتدأ منذ فترة طويلة ويستمر حتى الان.
لقد حققت ما تبغي اليه بوصولك الى رموز العراق واستطعت بفضل الاحتلال ان تجلس وتحقق معهم بعد ان كنت انت وغيرك يتوسل اللقاء بهم، بقى تساؤل اخير لماذا تأخر اصدار كتابك لمدة تسعة اشهر؟
إنني اتصور ان تأخير ذلك لضرورات قد تؤثر في غايات وعمل مخابراتكم بحيث حذفت معلومات منه.
دولفر يعلن أمام مجلس الشيوخ الأميركي خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل عام 2004 |
ألم تسمع ماقاله ريتر تعليقاً على إعلان البيت الأبيض بعد الإطلاع على تقريرك أمام مجلس الشيوخ (أظهر تقرير دولفر عام 2004 أن العراق كان قد أوقف جميع الأبحاث المتعلقة بالأسلحة النووية في عام 1991، وأوقف كذلك البحوث المتعلقة بالأسلحة الكيميائية والبيولوجية في عام 1995، كما أن أسلحة الدمار الشامل في العراق كانت قد دمرت أو شحنت إلى خارج البلاد)، ريتر الذي شغل مركز رئاسة فرق التفتيش عن الأسلحة العراقية المحظورة، قال ان (إعلان البيت الأبيض إنهاء عمليات البحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق وضع نهاية لأبشع شكل من أشكال الخداع الدولي في الأزمنة الحديثة)، هذا الإقرار الأميركي، بأن العراق لم يكن يحوز أسلحة دمار شامل، لم يكن الإقرار الوحيد الذي بيّن زيف الإدعاء الأميركي، بل عززه أيضاً، اعتراف باول، الذي كان يشغل منصب وزير خارجية أميركا قبيل الحرب وأثناءها وبعدها، بأن الصور والوثائق التي قدمت لمجلس الأمن الدولي وتبرز حاويات قيل أنها تحتوي أسلحة دمار شامل، أو معدات ذات صلة، كانت مركبة ومفبركة.
مثير ما جاء باعترافك بانكم لم تعملوا بمنهجية لمعلومة البحث الا ما يتعلق بالاسلحة الكيميائية ومديات الصواريخ وانكم تصرفتم مثل الاطفال بكرة القدم والمزح مع الجماهير، مجرد لاعبين لمطاردة الكرة.
قلنا بأننا سنكون مهنيين وموضوعين في تطرقنا لما تحدث عنه السيد دولفر، وهنا تجدر الإشارة الى أنه في تقريره المقدم الى مجلس الشيوخ لنتائج التحقيق النهائي لبرنامج أسلحة الدمار الشامل في العراق لمجموعة وكالة الاستخبارات المركزية لمسح العراق عام 2004، قدَّم مرفقاً يفيد بشكل قاطع أنه لم تعد هناك أي جدوى في اعتقال هؤلاء العراقيين الذين اعتقلوا بسبب صلتهم بهذه البرامج ، وأن هؤلاء الأفراد لا يشكلون أي خطر على المجتمع العراقي، بل وكثير منهم تكنوقراط موهوبين للغاية ويمكن أن يساهموا في خدمة بلدهم، وأوصى بإطلاق سراحهم، ومع ذلك لم يتم إطلاق سراح البعض منهم إلا في عام 2006، وعاد وكتب مقالة في عام 2010 في الفورين بوليسي بعنوان (العراقي الذي عرف أكثر من اللازم) لماذا وزير النفط لايزال في السجن وكان الاحتلال لازال في العراق، ومع ذلك أيضاً لم يطلق سراح الدكتور عامر محمد رشيد العبيدي الا في عام 2012 بعد أن قضى أكثر من تسع سنوات في السجن؟
اننا نود ان نؤكد بأن العراق لم يتخطى قرارات مجلس الأمن بل تعايش معها، صحيح كانت فترة قصيرة في اوائل التسعينات للإخفاء لضرورات عدم ازدياد ايذاء العراق بعد ماحصل نتيجة حرب الخليج، ونود هنا ان نبين بأن اساس اخفاء مكونات التخصيب ومكانه وعمله عن فرق التفتيش ليس هدفه العودة للعمل به، وانما لإبعاد العراق عن مزيد من العقوبات والأذى وخشية قرارات جديدة يصدرها مجلس الأمن بحجة عدم إمتثال العراق. ولكنه بعد انكشاف بعض برامجه تعامل بشكل موضوعي وملتزم وما اطول كفاح المسؤولين السياسيين والخبراء العراقيين وصبرهم اللامحدود وسيشهد التاريخ بذلك، ومن الله التوفيق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق