قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الاثنين، 4 مارس 2013

حروب أهلية وطائفية في سماء المالكي


حروب أهلية وطائفية في سماء المالكي

نزار السامرائي
من المعروف أن الحرب الأهلية في لبنان بدأت في 13 نيسان 1975 وانتهت في 13 تشرين الأول عام 1990 بعد عام من اتفاق الطائف الذي توصل فيه النواب اللبنانيون إلى اتفاق، بوساطة من المملكة العربية السعودية بين جميع الفرقاء اللبنانيين، وكان من بين نتائج نهاية الحرب الأهلية اللبنانية، حل جميع المليشيات المسلحة باستثناء مليشيا حزب الله الذي كان يجلس مطمئنا خلف سياج قوي للجيش السوري في لبنان،


وربما فاتت هذه المعلومة على نوري المالكي حينما حذر من أن انتصار المعارضة السورية في الأزمة الراهنة سيؤدي إلى نشوب حرب أهلية في لبنان وانقسام في الأردن وحرب طائفية في العراق، لأنه فقد ذاكرته السياسية والطبيعية بعد أن انغمس في حصاد مكاسب منصبه وإثارة الأزمات السياسية مع جميع مكونات الشعب العراقي وكتله السياسية من دون استثناء، وانصرف إلى تكريس سلطة الاستبداد والطغيان من خلال إتباع أكثر الوسائل وحشية ضد كل معارض أو يشم منه رائحة معارضة مستقبلية، فأصبح كل همه أن يحافظ على مناصبه التي لا تعد ولا تحصى، كي يضمن لنفسه تجديد ولاية ثالثة باسم الديمقراطية، أو انشغل في إنفاق المال العام على شراء الضمائر المستهلكة والتي تجاوزت زمن الصلاحية ولو كان سعرها بالفلسين مردود، من دون أن ينسى تنمية ثروته الخاصة باسم الحاشية المقربة.
المالكي قطعا لا يقرأ وإذا قرأ صدفة فهو لا يحتفظ في رأسه بشيء مما قرأ، فليس في ذهنه معلومات عن الحرب الأهلية التي كان صوت رصاصها وقذائفها على بعد ساعة عن مكتبه في دمشق، ولهذا لم ينتبه أن اللبنانيين شبعوا من الحرب الأهلية حتى التخمة، حسنا أما كان حريا بمكتبه وهو يضم تحت سقوفه عشرات بل مئات المستشارين الأميين من كل العناوين والاهتمامات، ويستنزفون جانبا مهما من ميزانية الدولة، أن يقدموا له المعلومات المطلوبة قبل أن يقع في هذه الفضيحة ويفترض أن لبنان سيعاني من حرب أهلية إذا ما انتصرت المعارضة، أم أنه يقصد العودة إلى الحرب الأهلية؟
لكن للمالكي من يقرع له طبول المصلحة، كما أن له أعداءه وخصومه، ولهذا نراهم يذهبون بعيدا في تفسير ما قاله المالكي عن الحرب الأهلية في لبنان، ويعدونه إشارة إلى أن مليشيا حزب الله هي التي ستكون الهدف الرئيس من انتصار المعارضة السورية، ذلك أن القرار الذي اتخذه مجلس النواب اللبناني في أيار عام 1991 قضى بحل جميع المليشيات ما عدا حزب الله، الذي كان الابن المدلل للنظام السوري وما يزال، وحين تغيب قوة الحماية فإن ظهر المحمي سيبقى مكشوفا ومعرضا لنزع السلاح وقلع الأسنان وخلع المخالب، لاسيما أن إيران لن تستطيع حفر نفق تحت الأرض ليمتد إلى الضاحية الجنوبية، أو تقيم جسرا في الفضاء الخارجي كي توصل لها أسباب قوتها السابقة التي جعلت منه قوة أقوى من جيش الدولة ومتحديا لها مما فرض على البرلمان اللبناني عام 1991 منحه تلك المكرمة.
ما هي دوافع المالكي لاستذكار الحرب الأهلية في لبنان وإعطائها هذا الوصف ولم يصنف ما سيحصل في الساحة اللبنانية كما صنف الحالة المتوقعة في العراق بعد انتصار المعارضة السورية بأنها حرب طائفية، وهل نسي ما شهده العراق في السنة الأولى من حكمه وكم دفع العراقيون نتيجة الجرائم التي ارتكبتها المليشيات الطائفية من قتل زاد على المليونين وتهجير على الهوية زاد على أربعة ملايين في الخارج، مع التأكيد بأن تلك المليشيات كانت تتحرك بساتر كثيف من أشخاص يرتدون البزة الرسمية ومدججين بالسلاح وبحماية سيارات وآليات الجيش والأجهزة الأمنية التابعة لحكومته؟ فعن أية حرب أهلية لبنانية وعن أية حرب طائفية عراقية كان المالكي يتحدث بهذيان دولة القانون؟ وهل كان حديثه مجرد تحذير منطلق من حسن نية يريد به تنبيه دول المنطقة وشعوبها إلى ما يحدق بها من أخطار جراء الاحتقان الطائفي الذي تشحنه حكومته وحزب الله ودولة الولي الفقيه، أم أنه تهديد يريد به إعلان حالة الحرب على المعارضة السورية لمنعها من تحقيق النصر، كما أكد ذلك الدور السيئ الذي اضطلعت به حكومته عن طريق تأمين إمدادات السلاح والعتاد من إيران والوقود من العراق عبر نقطة ربيعة - اليعربية الحدودية بين البلدين، مما يؤكد أن الموقف المعلن سابقا عن سياسة النأي بالنفس عما يجري في سوريا مجرد مانشيتات صحفية يراد بها التدليس على حقيقة الموقف الذي اتخذته حكومته بالتنسيق مع إيران فإطالة أمد الأزمة السورية، ومن ثم توظيفها كنقطة للمساومة بشأن البرنامج النووي الإيراني في استخدام الملفين معا في بورصة التنازلات السياسية، وبذلك يكون المالكي مسؤولا كمسؤولية إيران في سفك المزيد من الدماء السورية وتدمير بنية الدولة فيها بما يؤمن حالة استرخاء إسرائيلي طويل الأمد، وهذا يكشف جانبا من التحالف الذي لم يعد خافيا بين إيران والتحالف الحاكم في العراق والكيان الصهيوني.
يستذكر المراقبون ما حدث في 19/8/2009 من تفجيرات هزت وزارة الخارجية والمنطقة الخضراء، وهو اليوم الذي أطلقت عليه حكومة المالكي اسم الأربعاء الأسود وذهب ضحيته 100 قتيل و600 جريح على أقل التقديرات، حينها أصدر مكتب رئيس الوزراء بيانا ينم عن انعدام بالحدود الدنيا من خبرة القانون الدولي، طلب فيه من مجلس الأمن الدولي بإحالة الرئيس السوري بشار الأسد إلى محكمة مماثلة للمحكمة الخاصة التي شكلت لمحاكمة المسؤولين عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، ومكتب المالكي ومن موقع الأزمة التي كان يعيشها مع الرئيس السوري حدد ابتداءً أنه هو من يقف وراء هجمات الأربعاء الأسود، بدليل أنه طالب بإحالته إلى محكمة دولية، ولم ينتظر تشكيل لجنة محلية أو دولية على الأقل للتحقيق بتلك الأحداث الدامية، من جهتها أصدرت وزارة الخارجية بعد يوم واحد من البيان المنفعل لمكتب رئيس الوزراء طالب بموجبه بتشكيل لجنة للتحقيق بما وقع في محاولة لتتستر على الفضيحة التي نتجت عن بيان مكتب رئيس الوزراء، هكذا نرى إذن أن المالكي لم ينظر إلى يمينه أي إلى إيران ليستطلع وجهة نظرها بهذا الطلب المتعجل والذي يحمل إخفاقا قانونيا وجهلا سياسيا مركبا، فإيران هي التي تحتفظ بأقوى العلاقات مع كل من بغداد ودمشق في استثمارين غير منسجمين، لم تفلح في جمعهما في بيت الزوجية ولو لشهر عسل قصير.
فماذا جرى حتى ينقلب نوري المالكي هذا الانقلاب الدراماتيكي ويغير مساره بـ 180 درجة ويتحول من شاتم ليل نهار لنظام الحكم في دمشق إلى مدافع متين عن أعداء الأمس حلفاء اليوم؟
يرى متابعو أحداث الشرق الأوسط، أن طهران نجحت في دور الخاطبة بعد أن قربت بين الرأسين، وما على الخطيبين إلا المضي في إجراءات الزواج، فللمالكي كما لعلي خامنئي الدوافع نفسها من هذا التحالف، أي الرابطة الطائفية التي تجمع بين الأطراف الثلاثة والتي ترى أن انتصار المعارضة السورية لن يطرق أبواب المنطقة الخضراء فقط، بل قد تمتد آثاره إلى الأحواز العربية والضفاف الشرقية للخليج العربي، ومن يدري لعلها تذهب إلى بلوشستان بعد أن تقلم مخالب الولي الفقيه في بيروت ودمشق وبغداد، ولا نأتي بهذا الحديث من عندنا، بل هو حديث لمسؤول إيراني حينما قال إن سقوط دمشق على حد قوله سيعني خسارة طهران نفسها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق